أحوال عربيةتقارير

هل ستنجح خطة ترامب لتهجير الغزيين؟

هل ستنجح خطة ترامب لتهجير الغزيين؟

كاظم ناصر

أعلن الرئيس الأمريكي العنصري المتصهين دونالد ترامب عن سيناريو أمريكي – صهيوني لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول عربية، خاصة الأردن ومصر، بعد ان تسببت حرب الإبادة الجماعية التي شنتها دولة الاحتلال بدعم ومشاركة أمريكية أوروبية، وصمت عربي وإسلامي مشين في استشهاد عشرات آلاف الفلسطينيين وجرح ما يزيد عن 110 آلاف وتدمير ما لا يقل عن 70% من المساكن ومعظم المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والبنية التحتية.
قال ترامب بوقاحة منقطعة النظير، تظهر نواياه العدوانية ودعمه اللامحدود لدولة الاحتلال، واستهتاره بالأمتين العربية والإسلامية قادة وشعوبا أجريت اتصالا يوم السبت 25/ 1/ 2025 مع العاهل الأردني الملك عبدا لله قلت له ” إنني أود منك أن تستقبل المزيد (من الفلسطينيين) لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية.” وأضاف بانه سيتحدث مع الرئيس المصري يوم الأحد 26/ 1/ 2025 ويطلب منه أن تستقبل مصر مهجرين فلسطينيين. وعندما سئل عن عدد الذين يطالب بتهجيرهم قال ” نتحدث عن مليون ونصف، لنخلي المكان بالكامل .. وكما تعلمون، شهد المكان على مر القرون العديد من الصراعات، ويجب أن يحدث شيئا ما.” هذا الصهيوني الذي لا يخفي عداءه للفلسطينيين يريد تفريغ غزة من سكانها وتسليمها للصهاينة بقبول ومباركة عربية .. فهل سينجح في ذلك؟
تصريحات ترامب غير المستهجنة التي تتماشى مع ما تقوم به دولة الاحتلال من نهب للأراضي الفلسطينية لتوسيع الاستيطان وفرض الاحتلال كأمر واقع والقضاء نهائيا على فكرة حل الدولتين جاءت بعد أقل من أسبوع لتسلمه سلطاته الدستورية، وبعد ان رفع في يومه الأول كرئيس الحظر الذي فرضه سلفه جو بايدن على توريد قنابل تزن الواحدة منها 2000 رطل لإسرائيل وإلغاء العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على جماعات وأفراد من المستوطنين الإسرائيليين لارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وكشفت عن تخطيط وتنسيق إسرائيلي – أمريكي لتهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء والأردن، وفلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن وتصفية القضية الفلسطينية.
ترامب معروف بولائه لإسرائيل، ومن المتوقع أن يكون الرئيس الأمريكي الأكثر دعما للصهاينة لتحقيق هدفهم المعلن بتصفية القضية الفلسطينية وإقامة إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر خلال ولايته الثانية التي ستنتهي في نهاية عام 2028. فما الذي شجعه على المطالبة بتهجير الغزيين خلال الأسبوع الأول من ولايته الثانية؟
هناك عدد من العوامل التي أوصلت القضية الفلسطينية والمنطقة العربية إلى هذا الوضع المأساوي وشجعت ترامب على المطالبة العلنية بتهجير الفلسطينيين من أهمها: عجز وفشل الدول العربية والإسلامية في الوقوف إلى جانب غزة والتصدي للنفوذ والإملاءات الصهيونية الأمريكية وموقف الغرب الداعم والمشارك في العدوان الإسرائيلي، والانقسام الفلسطيني وإخفاق الفلسطينيين في توحيد صفوفهم، وتزايد الانقسامات العربية وغياب موقف عربي موحد فاعل من القضية الفلسطينية، وهيمنة الأنظمة العربية على الشعوب وكتم أنفاسها ومنعها حتى من التظاهر بحرية دعما للفلسطينيين، وفشل دول التطبيع وفي مقدمتها دول الجوار مصر والأردن في الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، وفشل دول النفط التي قدمت مئات المليارات من الدولارات لترامب خلال ولايته الأولى، وستقدم له مئات المليارات لدعم اقتصاد بلاده خلال ولايته الثانية في تقديم العون اللازم للفلسطينيين وكأن المليارات الخليجية .. حلال زلال على أمريكا وحرام ورجس .. ليس فقط على الفلسطينيين، بل حتى على “منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين .. الأونروا ” التي تعاني من البطش الصهيوني، ومن الإفلاس بسبب تخلي أمريكا وبعض الدول الأوروبية عن دعمها ماليا، وتستجدي دول العالم لمساعدتها ومنع أمريكا وإسرائيل من إنهاء خدماتها الهامة للفلسطينيين وصمودهم وتصديهم للاحتلال والتصفية.
فهل سترضخ الدول العربية، خاصة الدول المطبعة وفي مقدمتها مصر والأردن للإملاءات الصهيونية الأمريكية وتوافق على تهجير الغزيين؟ الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري أعلنا أكثر من مرة عن رفضهما للتهجير واعتبراه خطا أحمر وتهديدا لسيادة وأمن بلديهما، ونأمل ان يستمرا في موقفها هذا وألا يرضخا للضغوط الأمريكية والصهيونية، وان يتخذا هما وقادة دول التطبيع الأخرى إجراءات حقيقية لردع ترامب والحكومة الإسرائيلية بتقليص علاقات بلادهم السياسية والتجارية مع إسرائيل والتهديد بتجميد اتفاقيات السلام معها.
وعلى الرغم من هذه الصورة الداكنة المحبطة للواقع العربي، فإن الشعب الفلسطيني العظيم صمد وقدم للعالم الدليل تلو الآخر على بسالته وتضحياته في مقاومة الاحتلال واصراره على البقاء في غزة والضفة. والدليل الحي على ذلك هو خروج عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة للاحتفال بوقف إطلاق النار، وليثبتوا للعالم أجمع أن القتل والتدمير والخراب الهائل الذي احدثه العدوان الإسرائيلي لن يكسر شعبنا، وليؤكدوا للمجرمين الصهاينة أننا كمواطنين ومقاتلين فلسطينيين ما زلنا وسنظل هنا في وطننا، ولن نغادر ولن نستسلم، وسنعيش ونعمر هنا، ونقاوم ونموت هنا، وسنفشل مخططات التهجير كما أفشلنا سابقاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى