هل انتهى زيلينسكي؟

خالد بطراوي

على مدار تاريخ العالم الحديث ، لم نعهد من الغرب، وتحديدا من الولايات المتحدة الأمريكية إلا تبديل بين الفينة والأخرى لحرسها واذنابها في هذه الدولة أو تلك.
فأمريكا هي التي تصنع هذا القائد أو ذاك وتلمعه أيما تلميع وعندما ينتهي دوره إما أن تقوم بتدبير عملية اغتيال له أو إستبداله بانقلاب عسكري أو أن تتركه ( عبر صمت جيشه) لقمة سائغة في أيدي أبناء شعبه الذين عانوا الأمرين في فترة حكمه.
وفي حالة الإتحاد السوفياتي، بدأ الأمر أول ما بدأ بتوفير الأجواء والأرضية كي يبرز آخر زعيم للاتحاد السوفياتي وهو ميخائيل غورباتشوف الذي أسميته آنذاك ” خرباتشوف”، إذ قام بـ ” خربشة ” خارطة الاتحاد السوفياتي تحت شعار الأصلاح ” البريسترويكا” والشفاقية “جلاسنوست” ما أدى الى إنهيار الاتحاد السوفياتي وتشتت الجمهوريات مع تعزيز روح العداء بين تلك الشعوب التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي، الى أن توّطد العداء بين الأوكران والروس عبر ضخ الأموال والدعم اللامحدود للأوكران من النازيين الجدد وليس للأوكران للحقيقين الذين يفخرون بقوميتهم لكنهم لا ينصبون العداء لغيرهم من القوميات.
وعلى إمتداد العشرين عاما المنصرمة، غرقت أوكرانيا وغرقت عاصمتها كييف بعناصر المؤسسة الاستخبارية الأمريكية التي وظّفت كل طاقاتها وسخرت امكانياتها لجعل كييف وأوكرانيا قاعدة تواجد أمريكية وغربية متقدمة متاخمة لروسيا على نحو تهدد أمنها القومي.
لم يغفل الروس عن ذلك كله، وظلوا يراقبون الى أن ” إستوى العدس” كما يقولون في الأمثال الشعبية، وحصل ما حصل جراء ضرب أوكرانيا وقادتها بعرض الحائط بكل التحذيرات الروسية.
الى أن جاء في العام 2019 عبر صندوق الإقتراع فلاديمير زيلينسكي ليصبح رئيسا لجمهورية اوكرانيا صاحب الخلفية القانونية وفي ذات الوقت القادم من عالم السينما متوهما أنه سيجيد الدور المناط به في خدمة الإمبريالية، وبالفعل فقد أجاد الدور وورط أوكرانيا في حرب هو ورؤساؤه يعلمون تمام العلم أنها مدمرة لأوكرانيا ولشعبها.
وكان الرد الروسي قاسيا، بل قاسيا جدا، مفاده أنكم قمتم بالتصعيد، تلقوا إذا … يا اهلا بالمعارك …. يا بخت مين يشارك، كما غنى عبد الحليم حافظ ذات يوم.
تدمرت أوكرانيا …. ضربت البنى التحتية لمعظم مدنها، تعطلت مصانعها، قلّت مصادر الطاقة لديها، تضررت مزارعها، فقدت من شبابها من فقدت، وخلفت الجرحى وأصحاب الإعاقات …. و ” الحبل على الجرار” ما زالت أوكرانيا تتكبد الخسائر البشرية والمادية، وما زال ألامريكان على إستعداد للتضحية حتى ولو بآخر مواطن أوكراني.
حاول زبانية زيلينسكي من القادة العسكريين والسياسين ( صف تمهيدي) الذين تعيش عائلاتهم بآمان في بلاد الغرب، أن يقدموا على فعل توريطي لبولندا وللغرب بإطلاق صاروخين على الأراضي البولندية عملا بمقولة ” كرمال عيون أوكرانيا تكرم مرجعيون” والزعم بأن الصاروخين تم أطلاقهما من قبل الروس،لكن سرعان ما نفى الغرب ذلك حتى ولو كانت أكذوبة أوكرانيا صحيحة، فهم لا يريدون إقحام بولندا أو غيرها في الحرب الطاحنة بين الروس والأوكران، فذلك سيقود الى حرب عالمية ثالثة.
صحيح أن روسيا تكبدت خسائر بشرية ومادية، لكن المعركة لم تكن على أرضها وإنما على أرض الغير ولم تتأثر البنى التحتية لديها أو نشاطها الإقتصادي إلا قليلا وهي ماضية في أستراتيجيتها العسكرية دون هوادة.
والان، ما هي صورة الوضع القائم؟
أمريكا ومن لف لفها يدركون تمام الإدراك أن روسيا التي لم تستخدم بعد عتادتها الحربي المتطور … منتصرة، وباتوا يبحثون عن ” خروج آمن” ستكون مقدمته هو إنهاء دور زيلينسكي إما بقتله وإتهام روسيا بذلك أو بالإطاحة به وتنصيب “حرس جديد” يخدم مصالح أمريكا والغرب والترجيحات تفيد باحتمالية تنصيب وزير الدفاع الأوكراني الأمر الذي ترفضه روسيا وستسعى الى تنصيب شخص هو ” كامل الأوصاف” بالنسبة لها، كيف لا وهى طرف رئيسي في المعادلة.
دعونا ننتظر الأيام القادمة ، وكما يقول بيت الشعر ” ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزود”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى