نمط الحياة و الأجور
مظهر محمد صالح
——————-
لذا فان قبولها المبكر في طرازات الحياة وانماطها أمر يجعل التعليم الجامعي كتكيف مسبق بالغ الصعوبة …وحتى اسواق العمل نفسها هي ليست على استعداد لقبول من استثمر مجهوداته في التدريب، ولكي تقام مؤسسات السوق ويتحقق التدريب المؤثر فان الامر ياخذ اكثر من عقد من الزمن حتى ينتفع العمال العاديين من مهاراتهم التي تجاري التكنولوجيا الحديثة ويرتفع الاجر بما يتناسب والانتاجية،وهذا مايطلق عليه:بدورة حياة التكنولوجيا. لقد دخلت التكنولوجيا الرقمية وبشكل مفاجئ بكيانات تنظيمية وتجمعات تمزج بين الريادة والابتكار والانتاج واستقطاب المهارات وهي مايطلق عليها اليوم بـ: التغير الجذري الخلاق disruptive.
وهو مزيج بين الريادة الادارية والقدرة على الابتكار والمواهب لتوليد منتجات جديدة واسواق جديدة ضمن نظام اقتصادي ايكولوجي، وبهذا غدا التغير الجذري الخلاق قوة مؤثرة قوامها مجموعات عنقودية تكنولوجية منتجة تتركز في مناطق جغرافية مثل وادي سليكون في اميركا وتنتشر حول العالم والتي اصبحت مجال خبرة موفرة لفرص العمل في التكنولوجيا الجديدة ولاسيما الرقمية منها والتي تجني اليوم ارباحاً طائلة.
التكنولوجيا والعمل
———————-
على الرغم من ان التكنولوجيا لا تحل محل العمل ولكنها تولد طلباً على فرص عمل جديدة بمهارات جديدة، ولكن غالبية القوى العاملة لم تكن مهيئة للتكنولوجيا الحديثة وان الجامعات هي ليست الرافد الوحيد لتلك المهارات كما يعتقد الكثير، وهو الامر الذي ادى بغالبية العمال الاعتياديين بان يكونوا في حالة ركود اوعلى حافات البطالة او القبول باجور عمل متدنية في وقت يشكو فيه ارباب العمل بانهم لا يرغبون الا بعدد محدود جداً من العمال من الذين يتمتعون بمهارات عالية.
وقد اختلفت البلدان في رغبتها بتزويد العاملين بالحوافز للحصول على المعارف التقنية اثناء العمل وتمكين الاقتصاد من تحقيق مكاسب اجمالية لبلوغ القوة الاقتصادية، لقد سمح التذبذب بالرغبات في التصدي الى الدورات التكنولوجية وركود الاجور لبعض الامم بالانتفاع من التكنولوجيا الحديثة التي اخذت على عاتقها تبني سياسات ادت الى تنمية درجات عالية من الغنى وتقليل اللامساواة في الدخول والثروات. في حين انتفعت الدول الاخرى على نحو اقل ويلحظ على سبيل المثال ان الولايات المتحدة كانت من اكثر دول العالم تصدياً للدورات التكنولوجية في العصور الصناعية السابقة للعصر الرقمي الراهن ذلك من خلال اشاعة برامج تعليمية وتدريبية واسعة، اذ عُدت اميركا بموجبها الدولة الاولى في العالم بتبني سياسات فاعلة لمواجهة الركود التكنولوجي.
حيث وفرت سياسات التعليم والتدريب في الولايات المتحدة قوة عمل مؤهلة شجعت الطلب التقني الميسر لمقارعة البطالة التكنولوجية، الا ان قيام التشكيلات العنقودية الانتاجية في العصر الرقمي الراهن وولادة مايسمى اليوم بالتغير الجذري الخلاق كما اشرنا سلفاً وعده كقوى انتاجية تكنولوجية مُحتكرة كبيرة قد زاد من مشكلات ركود الاجور مرة اخرى وعَمق مايسمى بالدورة التكنولوجية بعد ان تغيرت السياسات نحو الاسوأ، مفضلة بذلك اقامة الشركات والمصالح الخاصة التي تبحث عن مهارات محدودة العدد بدلاً من دفع التكنولوجيات المتقدمة ومزاوجتها بقدر من تقليص اللامساواة عن طريق تحسين الاجور للعاملين العاديين من خلال برامج تطوير المهارات والتعليم اثناء العمل.
ختاماً، فالتلازم بين ركود الاجور وتعاظم الارباح امسى بحاجة ماسة الى سياسات حكومية تساعد على تطوير المهارات التقنية ذات الاساس الواسع وعد هذه السياسات واحدة من البرامج الاقتصادية في تحقيق المساواة في الدخول الثروات وتقليل الفوارق الداخلية والاجرية وباتجاهين:اولهما،تطوير مهارات العاملين الاعتياديين ولاسيما التعليم اثناء العمل، وثانيهما رسم وتطوير السياسات الحكومية المتصدية للدورات التكنولوجية وتضييق مساراتها وعد مثل هذه البرامج الحكومية وسائل جديدة في السياسة الاقتصادية المتجهة نحو تحسين توزيع الدخول والثروات من خلال تقليص فترة الدورة التكنولوجية ومقاومة ركود الاجور الذي يتعرض اليه الاقتصاد العالمي.