نفوذ المال والسلطة
خالد الخفاجي
الجمع بين نفوذ المال والسلطة وباء من أوبئة الرأسمالية والديمقراطيات الزائفة… وهو أسوا ما يمكن أن تصل إليه أنظمة الحكم الفاسدة حينما تدمج مابين السياسية والاقتصاد معا, وينتج عنهما نظاما (اوليغاركيا) تتداخل فيه مصالح النخب بمصالح الدولة.
يترجم المال إلى سلطة بطرق شتى, منها تمويل الحملات الانتخابية والتأثير على قرارات السلطة, وهذا ما يظهر جليا في الانتخابات ودعم الشركات أو رجال الأعمال لإيصال أطراف سياسية مساندة او ممثلين عنهم او حتى الاشتراك مباشرة في العمل السياسي والسعي لتعزيز نفوذ المال بنفوذ السلطة, لذلك تلعب الأموال دورا كبيرا في تشكيل اللوبيات الضاغطة لقولبة الرأي العام نحو هدف معين والترويج له, أو تلك الأموال الموزعة على وسائل الإعلام والمؤسسات البحثية والاستبيانية لخداع الرأي العام, بالإضافة إلى ارتباط المال بعلاقة مطردة مع الفساد ترتفع أسهمه في السياسة بارتفاع مؤشرات الفساد ليبلغ ذروته عندما يتم شراء وبيع المناصب في بورصة خاصة حالها كحال أي صفقات تجارية أخرى.
ومن الواضح إن أصحاب رؤوس الأموال ما كانوا لينجذبوا نحو السلطة ما لم تكن توفر لهم سلطة إضافية تفوق تلك التي اكتسبوها من خلال نجاحهم المالي أو أي نجاح مهني آخر, إن كسب مركز سياسي أو امتلاك قدرة التأثير على قرارات سياسية أو امتلاك أساس من الدعم السياسي يقوي الأفراد بشكل مباشر … ويعتبر مصدر السلطة المتعددة الأوجه, انه يعني سلطة المؤسسات التي يتسلم الفرد فيها القيادة, وقوة توزيع الحصص ووضع برامج العمل لهذه المؤسسات, وتعني قوة التأثير في سن القوانين وأنظمة جديدة توفر الإمكانية لجعل الأفكار الخاصة مؤسساتية رسمية, انه سلطة الهوية القانونية والشرعية المرتبطين بهذه المؤسسات, وهو القدرة المتأتية من امتلاك دعم قابل للقياس ضمن شعب دولة أو منطقة ما, حيث ينظر إلى الخدمة الحكومية على إنها سلطة تشريعية وتنفيذية تسعى لخدمة الشعب, كما ينظر الى المناصب العليا على إنها قمة الحياة المهنية, بالرغم من إنها غالبا ما توفر مزيدا من إمكانية الولوج لعالم المال والأعمال وشبكات المعارف الإضافية, ومن شانها أن توفر مزيدا من الفرص لحصد الأرباح أثناء وبعد الحكم, وهذا ما يغري الكثير من صفوة رجال الأعمال ببذل الجهود المضنية للوصول الى قمة السلطة.
يتجاوز المال الحدود الجغرافية والهيمنة على نظم سياسية لدول أخرى والعبث باقتصادياتها, فإحدى نقاط القوة الهائلة التي تمتلكها طبقة النخبة المالية العالمية هي القدرة على بناء نفوذ سياسي عابر للحدود والقيام بذلك مع النخب المعولمة التي تعمل ضمن النظام الاقتصادي العالمي, ويكمن التعقيد هنا هو في ارتباط المؤسسات السياسية بحكومات دول مستقلة, لذلك فان السعي الى كسب وتطويع السلطة السياسية لتلك الدول يكمن في الاختيار ما بين العمل من خلال مؤسسات دولية أنشأت لهذا الغرض مثل منظمة التجارة الدولية – صندوق النقد الدولي – البنك الدولي- ومجموعة كبير من التكتلات الدولية والإقليمية الأخرى, أو التنافس مع مجموعة واسعة من الأنظمة السياسية الغير منضبطة وغير المنسجمة. حيث غالبا ما تكون منقسمة على نفسها وتعصف بها الأزمات السياسية والاقتصادية, فتعمد الشركات او رجال المال على زج ممثليهم في الحياة السياسية لتلك الدول خاصة أولئك المنحدرين من أصولها (مزدوجي الجنسية) وإيصالهم الى مراكز صنع القرار, واستخدام إستراتيجية سياسية فعالة لحصد القرارات الاقتصادية المقلوبة سياسيا, وسعي هؤلاء المجنسين في التأثير على المؤثرين وتطويع نفوهم لخدمة النخب ورأس المال المعولم.
رئيس الرابطة الوطنية للمحللين السياسيين