نتنياهو فقد السيطرة
الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري
في وقت قريب راهن نتنياهو على إسقاط حماس واحتلال غزة وإدارتها واكتشف أن الرهان خاسر، فلا غزة استسلمت ولا الكيان الصهيوني انتصر، وأمام هذا الفشل الإسرائيلي تظاهر آلاف المستوطنين الإسرائيليين في «تل أبيب» وأمام مقر إقامة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مطالبين بإقالته من منصبه وإجراء انتخابات مبكرة، والضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل الموافقة على صفقة جديدة للإفراج عن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.
في هذا السياق وصفت هذه التظاهرات بأنها الأكثر اتساعاً حيث قام المتظاهرون بإغلاق مفارق مركزية شلت الحياة في معظم البلدات، رافعين شعارات تُندد بنتنياهو ، قائلين: إن نتنياهو ارتكب خطأ استراتيجيا ، في رسالة واضحة للنظام الإسرائيلي، برفضهم القاطع الاستمرار بهذه الحرب.
ووسط هذه التطورات فقدت العملة الإسرائيلية الشيكل جزءاً كبيراً من قيمتها وعلقت الرحلات الجوية في مطار بن غوريون، وبالمقابل تلقت السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم تعليمات بالانضمام إلى الإضرابات المقررة ضد حكومة نتنياهو، كما أغلق المستوطنون الإسرائيليون الذين تخطت أعدادهم مئات الآلاف طرقاً وتقاطعات رئيسية، كما اشتبكوا بعنف مع الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرت السلطات إلى فتح خراطيم المياه عليهم لتفريقهم، هذا بالإضافة الى إشعال المتظاهرين النار في بعض الطرق والمحاور الرئيسية داخل تل أبيب.
نتنياهو يعلم أنه لو تمت التسوية السياسية فهو فاشل في حرب أعلنها بهدف واضح وهو القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى، وفي ظلّ حماقاته وإجرامه ضحى بحياة الكثير من الأسرى والرهائن في سبيل تنفيذ الوهم الذي يتمسك به وهو القضاء على المقاومة الفلسطينية، لذلك ليس قادراً على التراجع أو الانسحاب رغم دخوله في مرحلة نهائية من التصعيد أشبه بالمقامرة.
ومن هنا سيكون العنوان الأبرز للمرحلة الحالية هو عدم الاستقرار في إسرائيل ، حيث تزداد ورطة نتنياهو وسط انتقادات كبيرة يواجهها خاصة بعد صمود المقاومة في غزة، الذي خلّف صدمة في اسرائيل، هذا ما يعد أخطر تحد يواجهه نتنياهو حتى الآن خلال فترة حكمه، كما سيسرع التحقيقات في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب والاستقالات المتوقعة لكبار مسؤولي الدفاع.
باختصار شديد: إسرائيل تحفر قبرها بيدها هذا ما يعد أخطر تحد يواجه نتنياهو حتى الآن خلال فترة حكمه، بالتالي يمكن النظر إلى هذه التظاهرات في إسرائيل أنها إشارة واضحة بأن إسرائيل وحلفائها تعيش حالاً من تراجع القوة والنفوذ والتفكك الشديد ، كما أن إسرائيل حالياً على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في تل أبيب، ومن هذا المنطلق يجب على اسرائيل أن تتأهب لمرحلة جديدة، والتي ستنعكس آثارها بطبيعة الحال على منطقة الشرق الأوسط وربما على الحالة الدولية.
وأختم بالقول، إن إسرائيل العدوانية ستزول لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب العربي … وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك ففناء الكيان العبري باتت وشيكة وأقرب ما يكون، فغزة اليوم بمعادلة المقاومة قوية وعزيزة وتحمل جراحها لتصنع الانتصار التاريخي، فغزة اليوم تخوض معركة الأمة العربية، ويتحتم على الجميع الوقوف الى جانبها لتلقين العدو الصهيوني الدروس في الصمود و الثبات.