موسى عزوڨ صلاة الاستسقاء والجمعة والمنكرون؟
” مؤمن أنا ولأصليَّنَّ صلاة الاستسقاء غدا بإذن الله في المكان الذي يأذن به الله ، فموعدكم غدا وان يجمع الناس ضحى .”
بين المطرقة والسندان :
في ظل التشكيك من فائدة الطقوس الدينية ويسمونها بالية ويدعون في العلم فلسفة ويستخفون بالمعلوم من الدين بالضرورة ! من بني علمان فرع الالحاد المبطن والتقية من جهة , وتوقيت اقل ما يقال عليه غير مناسب من وزارة الشؤون الدينية حيث تختار يوم السبت وداخل المساجد ؟ وتترك يوم الجمعة وفي الساحات العامة ونفس الوجوه تصلي ؟ بل ويتزامن ذلك مع اعلان الارصاد الجوية بسقوط الثلج ؟! ويزيد المشهد سوءا ان يتوقف سقوط الثلج المتوقع ؟
فعشنا بين المطرقة والسندان « من هنا حامية ومن هناك تحرق! » ، أما وقد زال ذلك والموعد الجمعة ( ربما استجابت الوزارة جزئيا للطلبات ). والأرصاد الجوية تنفي إمكانية سقوط المطر, وهذا هو الوقت . فموعدكم يوم الجمعة وان يجمع الناس ضحى , نصلي ونتضرع الى خالقنا ان يغيثنا ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا فان جاء الغيث فرحمة من ربي نرجوها وان لم يحدث ذلك فرحمات ربي في دار البلاء , ولن يتزعزع إيماني بربي وخالقي ابدا, وذلك امر المومن كله خير يشكر ويصبر . قال تعالى :” { وَهُوَ اَ۬لذِے يُنَزِّلُ اُ۬لْغَيْثَ مِنۢ بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُۥۖ وَهُوَ اَ۬لْوَلِيُّ اُ۬لْحَمِيدُۖ }[سُورَةُ الشُّورَىٰ: ٢٦] صدق الله العظيم , ستقرأ معي أن الغيث ليس المطر!(المترقب نزوله حسب آخر تحديثات ما يسمى الأقمار الصناعية ) . بل هو المطر غير المتوقع نزوله بعد قنوط ووتأكيدات الارصاد الجوية السلبية وهنا المعجزة والتي لن تزيد المؤمن الا ايمانا والكافر كفرا وطغيانا (١).
الاستسقاء كلمه مشتقه من “السقي” اي هو طلب سقي ، يلجأ الناس بهذه الصلاه منذ القدم كي ينعم الله عليهم بالمطر، ويتقرب الجميع إلي الله ويتضرعون له بطرق مختلفه، خاصه في الديانات السماوية الثلاث، بالصلاه طلبا من الاله ان يسقط المطر، يريد الله ليبين لكم , حلاله وحرامَه ” وَيهديكم سُنن الذين من قبلكم “، سُبل من قبلكم من أهل الإيمان بالله وأنبيائه، ومناهجهم , وحتي الآن تقام صلاه المطر من قبل كافه الطوائف لطلب نزول المطر، وتتم من خلال تراتيل من التوراة و الإنجيل ، تركز علي مراجعه الذات ونبذ المعاصي. وهي واحده من الصلوات الاعتيادية في الدير والكنيسة ، هدفها دعاء الرب بان يهطل المطر لتروي الأرض كون المطر احد معالم الخير.
كتبت من قبل انه قبل ذكر آية ” الغيث” أعلاه , يذكر الله سبحانه قبلها أنه هو من يقبل التوبة عن عباده . وان الرزق يبسطه بقدر معلوم، ثم أنه سبحانه يعقبها بتذكير : (وَمَاۤ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِیبَة. فَبِمَا كَسَبَت أَیدِیكُم وَیَعفُوا عَن كَثِیر.) ، بل وأكثر من ذلك : (..وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیّ. وَلَا نَصِیر.) . و بعد تتبع الأحاديث الواردة في الاستسقاء ومشروعيته والتوسل ومنها :
1- أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه كانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بالعَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ عليه السلام ،ويذكر : ” اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إليكَ بعَمِّ نَبِيِّنَا فاسْقِنَا، قالَ: فيُسْقَوْنَ.”
2- ما قاله رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم عَلى إثْرَ سَماءٍ كانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَقالَ: أتَدْرُونَ ماذا قالَ رَبُّكم ؟ قالَ: أصْبَحَ مِن عِبادِي مُؤْمِنٌ بِي وكافِرٌ بِي: فَأمّا مَن قالَ: مُطِرْنا بِفَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وأمّا مَن قالَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا ونَوْءِ كَذا فَذَلِكَ كافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ.( طبعا يمكنك بسهولة ان تلاحظ ان الكافر بالله يجب ان يؤمن بغيره ؟ سواء بالكوكب او بمن دونه أقمار صناعية ؟ ترصد الكوكب ؟؟؟ ويزيد الوضع فضاعة ان تجده لا يفقه في التقانة شيء وقد تجد خالق القمر الاصطناعي متواضع عنه ومؤمن بالله .
ومع مراجعة بعض كتب التفسير تجد من الضروري الرجوع إلى الآيات التي قبلها (23) وبالضبط الى قوله تعالى : ” …قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ” .وبعد أن يصاب القوم باليأس والقنوط ، وبفتنن المؤمن خصوصا وهو يدعوا ولا يستجاب له ! ويزيد المتنطعين جهلا واستعلاء وهم يبثون نار الفتنة
الكيفية والطريقة :
صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، يصلي ركعتين يكبر في الأولى سبعًا وفي الآخرة خمسًا، يكبر تكبيرة الإحرام وستًا بعدها، ثم يستفتح، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يركع ثم يرفع ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم إلى الثانية فيصليها مثل صلاة العيد، يكبر خمس تكبيرات إذا اعتدل ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يقرأ التحيات ويصلي على النبي ﷺ ثم يدعو ثم يسلم، مثل صلاة العيد.
ثم يقوم فيخطب في الناس خطبة يعظهم فيها ويذكرهم، ويحذرهم من أسباب القحط ، يحذرهم من المعاصي؛ لأنها أسباب القحط وأسباب حبس المطر وأسباب العقوبات؛ فيحذر الناس من أسباب العقوبات من المعاصي والشرور وأكل أموال الناس بالباطل والظلم وغير ذلك من المعاصي، ويحثهم على التوبة والاستغفار ويقرأ عليهم الآيات الواردة في ذلك والأحاديث. ثم يدعو ربه رافعًا يديه، ويرفع الناس أيديهم يدعون، يسأل ربه الغوث، و من الدعاء الذي دعا به النبي ﷺ: اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركاتك، ويلح في الدعاء ويكرر في الدعاء: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، مثلما فعل النبي ﷺ. ثم يستقبل القبلة في أثناء الدعاء، يستقبل القبلة وهو رافع يديه يكمل بينه وبين ربه وهو رافع يديه ثم ينزل، والناس كذلك يرفعون أيديهم ويدعون مع إمامهم، وإذا استقبل القبلة كذلك هم يدعون معه …. بينهم وبين أنفسهم ويرفعون أيديهم.
والسنة أن يحول رداءه في أثناء الخطبة عندما يستقبل القبلة ويقلبه ، قال العلماء: ( في رمزية او كناية ) تفاؤل بأن الله يحول القحط إلى كسب.. يحول الشدة إلى الرخاء؛ لأنه جاء في حديث مرسل عن محمد بن علي الباقر “أن النبي ﷺ حول رداءه ليتحول القحط”، يعني: تفاؤل.وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد “أن النبي ﷺ حول رداءه لما خرج .. لما صلى بهم صلاة الاستسقاء”. ولفظ الرداء هنا بعموم اللفظ لا بخصوصه
– لكن إذا صلى بهم ركعتين خرج بهم إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين كالعيد فإنه يخطب بعد ذلك ويدعو ويحول رداءه كما فعله النبي ﷺ عند استقباله القبلة،وهو الأصح والأرجح عند المحققين من أهل العلم ،ثم قرأ التحيات وصلى على النبي ﷺ ودعا، ثم لما سلم خطب الناس وذكرهم، وبين لهم أحكام الاستسقاء وبين لهم عقوبات الذنوب والحذر منها، وبين لهم أنه ينبغي لهم الصدقة والإحسان والإكثار من ذكر الله واستغفاره، وهكذا ينبغي لأئمته …… والخطباء أن يذكروا الناس وينبهوهم كما فعل النبي ﷺ.
وفي الختام نسأل الله ربنا الذي نؤمن به ايمانا يقينيا : ” صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا، اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك،اللّهُمَ انّا نسّتَغفِرّك من كلّ ذَنّب، يَعّقِبُ الحَسّرَة، ويورث النَدّامَة، ويحبس الرِزّق ويرد الدّعَاء، اللّهُمَ افتَحّ لنا ابواب رَحَمّتِك وارزقنا مِنّ حَيّث لا نحتَسّب، اللّهُمَ نور لنا دَرّبِنا واغفر لنا ذَنّبِنا ۆحَقِقّ لنا منانا ، اللّهُمَ طَهِرّ قَلّوبنا ، ۆاشّرَح لنا صُدّرورنا ، وأسّعِدّنِا ، ۆتَقَبّل صَلاتِنا،…اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين. والسلام
——— نقل ——-
(1)
من تفسير الشيخ الطاهر بن عاشور الله يبارك ( متعة ) : وهْوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِن بَعْدِ ما قَنَطُوا ويَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وهْوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿ولَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ﴾ [الشورى: ٢٧] فَإنَّ الغَيْثَ سَبَبُ رِزْقٍ عَظِيمٍ وهو ما يُنَزِّلُهُ اللَّهُ بِقَدَرٍ هو أعْلَمُ بِهِ، وفِيهِ تَذْكِيرٌ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ العَظِيمَةِ عَلى النّاسِ الَّتِي مِنها مُعْظَمُ رِزْقِهِمُ الحَقِيقِيِّ لَهم ولِأنْعامِهِمْ.وخَصَّها بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِها مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِأنَّها نِعْمَةٌ لا يَخْتَلِفُ النّاسُ فِيها لِأنَّها أصْلُ دَوامِ الحَياةِ بِإيجادِ الغِذاءِ الصّالِحِ لِلنّاسِ والدَّوابِّ، وبِهَذا يَظْهَرُ وقْعُ قَوْلِهِ: ﴿ومِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَثَّ فِيهِما مِن دابَّةٍ﴾ [الشورى: ٢٩] عَقِبَ قَوْلِهِ هُنا ﴿وهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ﴾ .واخْتِيارُ المُضارِعِ في (يُنَزِّلُ) لِإفادَةِ تَكَرُّرِ التَّنْزِيلِ وتَجْدِيدِهِ.والتَّعْبِيرُ بِالماضِي في قَوْلِهِ: ﴿مِن بَعْدِ ما قَنَطُوا﴾ لِلْإشارَةِ إلى حُصُولِ القُنُوطِ وتَقَرُّرِهِ بِمُضِيِّ زَمانٍ عَلَيْهِ.
– والغَيْثُ: المَطَرُ الآتِي بَعْدَ الجَفافِ، سُمِّيَ غَيْثًا بِالمَصْدَرِ لِأنَّ بِهِ غَيْثَ النّاسِ المُضْطَرِّينَ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ يُغاثُ النّاسُ﴾ [يوسف: ٤٩] في سُورَةِ يُوسُفَ.
– والقُنُوطُ: اليَأْسُ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا تَكُنْ مِنَ القانِطِينَ﴾ [الحجر: ٥٥] في سُورَةِ الحِجْرِ. والمُرادُ: مِن بَعْدِ ما قَنَطُوا مِنَ الغَيْثِ بِانْقِطاعِ أماراتِ الغَيْثِ المُعْتادَةِ وضِيقِ الوَقْتِ عَنِ الزَّرْعِ.
– وصِيغَةُ القَصْرِ في قَوْلِهِ: ﴿وهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ﴾ تُفِيدُ قَصْرَ القَلْبِ لِأنَّ في السّامِعِينَ مُشْرِكِينَ يَظُنُّونَ نُزُولَ الغَيْثِ مِن تَصَرُّفِ الكَواكِبِ وفِيهِمُ المُسْلِمُونَ الغافِلُونَ، نُزِّلُوا مَنزِلَةَ مَن يَظُنُّ نُزُولَ الغَيْثِ مَنُوطًا بِالأسْبابِ المُعْتادَةِ لِنُزُولِ الغَيْثِ لِأنَّهم كانُوا في الجاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أنَّ المَطَرَ مِن تَصَرُّفِ أنْواءِ الكَواكِبِ.
وذِكْرُ صِفَتَيِ ﴿الوَلِيُّ الحَمِيدُ﴾ دُونَ غَيْرِهِما لِمُناسَبَتِهِما لِلْإغاثَةِ لِأنَّ الوَلِيَّ يُحْسِنُ إلى مَوالِيهِ والحَمِيدَ يُعْطِي ما يُحْمَدُ عَلَيْهِ. ووَصْفُ (حَمِيدٍ) فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ.
عزوق موسى محمد