من حكايات الدولار !
أحمد فاروق عباس
جاءت جلستى مع إثنين من كبار أساتذة الاقتصاد فى إحدى الجامعات ، وواحد منهما كان يتولى منصبا اقتصاديا كبيرا فى السابق ، وكان الحديث بالطبع فى موضوع الساعة ؛ وهو قصة الدولار والجنيه والذهب ..
ودخل أحدهما في ماراثون بخصوص سعر الجنيه المتوقع بالنسبة للدولار في الأيام القادمة ..
وأحسست اننى في مزاد ، فقد ذكر أحدهما أن السعر سيقفز إلى ٣٠ جنيه للدولار ، وآخر الجلسة نفسها وصل بسعر الدولار إلى ٣٥ ، ليرد الآخر .. عليا ب ٤٠ !!
ليس هناك مشكلة فى توقع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ، ولكن ما ألمنى هو روح الشماتة في الحديث ، والضحك الصاخب ، والفرحة في العيون !!
وكأن ما يحدث يخص بلدا آخر غير ما نعيش فيها ، وكأن بشرا آخرين هم من سيتأثرون بذلك غيرنا !!
وقال واحد منهما .. إن صندوق النقد الدولي طلب من دول الخليج وضع وصايتها على الاقتصاد المصرى !!
أعرف أن لكليهما آراء غير صديقة لحكم الرئيس السيسي ، ولكن الرئيس السيسي يحكم من تسع سنوات ، وهذه الاضطرابات في سوق النقد لم تحدث إلا فى الشهور التسعة الأخيرة ، وهى بالضبط شهور الحرب فى أوربا ، والتى تشغل العالم كله ، وفى ضوء نتيجتها النهائية ستتضح صورة عالم الغد ..
ثم إن الرئيس السيسي جاء فى أصعب لحظات مصر ، وأعاد تأهيل البنية التحتية في مصر ، وأطلق مشروعات اجتماعية وصحية مهمة ، وفى ضوء ظروف مصر وظروف هذه الحقبة شديدة الاضطراب من تاريخ العالم قدم الرجل كل جهده وأعصابه ..
وفوق كل ذلك وقبله فقد أنقذ الرجل مصر من دوامة الجحيم العربى – الذى يسمى تدليلا الربيع العربي – وانقذ مصر من أقوى موجة إرهاب في تاريخها ..
ووقف في وجه غضب دول كبرى ، ونجا بمصر من فخاخ أعدت ببراعة للإيقاع بها ، من بينها ، ترتيب حرب بين مصر وإثيوبيا تغرق فيها مصر لعقود فى رمال وخماسين ومجاهل أفريقيا ، وترتيب حرب مع تركيا فى ليبيا ، واسقاط طائرة سياح روسية ، مما قضى على السياحة لسنوات بعدها … وغيرها .
والآن ..
الكل يعلم أن حرب روسيا وأوكرانيا رفعت أسعار الطاقة وأسعار المواد الغذائية ( القمح والذرة والزيوت … إلخ ) ومصر مستوردة لهذه السلع ، زاد عليها رفع أسعار الفائدة فى أمريكا ، مما أدى إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية من مصر وغيرها من الأسواق الناشئة ، وقد أدى ذلك إلى شح الدولار فى مصر ..
هذا من البديهيات ..
ولكنها السياسة !!
الميول السياسية هى هنا من يتكلم ، وليس رجل الاقتصاد ..
تحدثت طبعا وشرحت ..
مع اننى نويت ألا اتكلم فى هذه الأجواء الصاخبة ، التى حولها بعضهم إلى مناحة وسرادق عزاء ، وما علينا سوى أن نلطم الخدود أو نشق الجيوب ..
هى فرصتهم على العموم ، وكان متوقعا ألا يتركونها تضيع ..
وعلى الرغم من أن السنة القادمة – مع توقع استمرار الصراع العالمى الحالى فى صورته الأوكرانية – سوف تكون صعبة على الجميع ..
ولكن .. للقصة مازالت بقية ، والكلمة الأخيرة لم تقل بعد ..
ومن يضحك اخيرا .. يضحك كثيرا .