في الواجهة

منظمة الصحة العالمية تعلن حالة طوارئ عالمية

أعلنت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء ١٤ اغسطس جدري القرود Monkeypox حالة طوارئ صحية عامة على الصعيد العالمي لثاني مرة خلال عامين، وذلك عقب امتداد تفشي الوباء الفيروسي من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى دول مجاورة. ما يزال المصدر الأصلي لجدري القرود غير معروف، ولكن يُعتقد أنه من المحتمل أن يكون مصدره من القوارض. يثير تفشي جدري القرود الحالي القلق أكثر هذه المرة من التفشي السابق لأنه ينطوي على متحور جديد من المرض، يقول الخبراء إنه أكثر التحورات التي رأوها على الإطلاق. توجد آلاف الحالات ومئات الوفيات بسبب المرض كل عام مع إصابة الأطفال دون سن 15 عاما بشكل أسوأ. وتوجد سلالتان رئيسيتان متداولتان من الفيروس. “الفئة الأولى” متوطنة في وسط أفريقيا. وهذه “الفئة” هي النوع الجديد الأكثر ضراوة من الفيروس، الذي يشارك في تفشي المرض الحالي.
وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا أنه كانت توجد أكثر من 14500 إصابة، وأكثر من 450 حالة وفاة بسببه بين بداية عام 2024 ونهاية يوليو. وهذا يمثل زيادة بنسبة 160 في المئة في الإصابات وزيادة بنسبة 19 في المئة في الوفيات مقارنة بنفس الفترة في عام 2023. وبينما تظهر 96 في المئة من حالات الإصابة بجدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأخذ المرض ينتشر إلى العديد من البلدان المجاورة، مثل بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا حيث لا يكون متوطنا عادة. وتسببت سلالة أخف من جدري القرود تسمى “كليد 2” Kaid 2 وتوجد في غرب أفريقيا، في تفشي عالمي في عام 2022. وانتشر المرض إلى ما يقرب من مائة دولة، من بينها دول في أوروبا وآسيا، لا ترى الفيروس عادة، ولكن سيطر عليه من خلال تطعيم الفئات الضعيفة. وهناك ضعف في الوصول إلى لقاحات وعلاجات جدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويشعر مسؤولو الصحة بالقلق إزاء انتشار المرض.

ينتمي فيروس جدري القرود إلى فصيلة فيروسات الجدري Smallpox وتشمل أعراضه الحمى والصداع والانتفاخ وآلام الظهر وآلام العضلات والخمول وطفحاً جلدياً غالباً في راحة اليدين وباطن القدمين. وتختفي العدوى دون تدخل طبي بعد أن تستمر الأعراض حوالي 14 إلى 21 يوماً.

انتقال العدوى يحدث بشكل رئيسي من خلال القطيرات التي تحتوي على الفيروس ولكن الاتصال المباشر بالطفح الجلدي أو سوائل الجسم من شخص مصاب أو الاتصال غير المباشر عبر الملابس أو البياضات الملوثة يمكن أن يؤدي أيضا إلى انتقال العدوي. يمكن لأي شخص الإصابة بجدري القرود، ولكن تم الإبلاغ أن نسبة ملحوظة من الحالات المصابة مؤخرًا بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال. لا يُعد جدري القرود من العدوى المنقولة جنسيًا بالمعنى المعتاد، ولكنه يمكن أن ينتشر من خلال الاتصال الحميمي. احتمال وجود بعض الحالات غير المكتشفة تغذي القلق بشأن مقدار انتقال العدوى.

جدري القرود له أعراض مشابهة للجدري ولكنه أكثر اعتدالا منه مع العلم أن الجدري البشري تم الإعلان عن القضاء عليه منذ عام 1980، بالإضافة إلى الأعراض الشبيهة بالأنفلونزا تؤدي العدوى إلى طفح جلدي مميز وخاصة على راحة اليدين.
لا توجد أدوية أو لقاحات خاصة بجدري القرود ولكن تم استخدام لقاح الجدري Smallpox vaccine في الماضي للمساعدة في وقف انتقال جدري القرود كما هو الحال خلال تفشي عام ٢٠٠٣ في الولايات المتحدة الذي يعود إلى الحيوانات المستوردة من غرب أفريقيا حيث أصيب ٧١ شخصًا في ست ولايات بجدري القرود.
يشير اسم الفيروس إلى أنه ينتقل من القرود، ولكن هذا ليس هو الحال في الواقع. في حين أن المرة الأولى التي شوهد فيها الفيروس يسبب تفشيًا للمرض كانت في عام 1958 في مستعمرة من قرود الأبحاث ولكن لا يزال الخازن الحقيقي للفيروس غير معروف.
من المعروف أن عددا من أنواع القوارض الأفريقية عرضة للفيروس وقد تكون متورطة في انتقاله. وتتراوح فترة حضانة المرض، الوقت من التعرض لظهور المرض، من خمسة إلى 21 يوما.
إن خطر الإصابة بجدري القرود في البلدان التي يوجد فيها قد يكون أكبر لدى الأشخاص في منتصف العمر والأصغر سنا، الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم ضد الجدري في مرحلة الطفولة.
جدري القرود مختلف عن كوفيد-١٩ فبينما كوفيد-١٩ لم يكن معروفًا قبل ٢٠١٩ فإن فيروس جدري القرود تم اكتشافه من خمسينات القرن الماضي ولذلك فالكثير من المعلومات متوفرة عنه وكانت هناك فاشيات سابقة تم السيطرة عليها. ومن الجيد أيضا أن لدينا لقاح الجدري وهو ذو فعالية كبيرة ضد فيروس جدري القرود. ولدينا كذلك طريقة التلقيح الحلَقي (بفتح الحاء) للسيطرة على فاشيات جدري القرود حيث يمكن تطعيم الأفراد الذين تعرضوا لشخص مصاب بجدري القرود بعد هذا التعرض وبعد ذلك أولئك الذين كانوا على اتصال بهم وهكذا مما يخلق “حلقات” من المناعة حول كل حالة، مما يحد من الانتشار المحتمل للفيروس. وكذلك يعد تتبع المخالطين طريقة حاسمة لإبطاء انتشار فيروس جدري القرود لأنه يمكن تطعيم المخالطين حتى بعد التعرض وبالتالي منع إصابتهم بالمرض. وهناك مضادات الفيروسات التي اختبرت سابقًا وأجيزت للاستخدام مثل tecovirimat، ولذلك فالعالم في وضع أفضل للسيطرة على هذ المرض بإذن لله.

د. محمد ابراهيم بسيوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى