أحوال عربية

أمريكا تغرق بعد اصطدامها بصمود سورية

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

منذ اليوم الأول للحرب على سورية والجميع يدرك جيداً أن أمريكا هي من تقود هذه الحرب على سورية، وهي من تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفه من الجماعات المسلحة الإرهابية ، وبدأ المراقبون السياسيون  والمحللون الاستراتيجيون يظهرون على القنوات ويتنبأون بقرب سقوط سورية وكل واحد منهم يعطي مهلة لا تتجاوز الأشهر، ولم يكن في حسبانهم أن دمشق ستكلفهم خسائر مهولة وستذيقهم طعم الهزيمة.

والآن بعد مرور أكثر من 12 عام من الحرب باتت دمشق تتحكم بخيوط اللعبة بعد أن غرقت واشنطن في المستنقع السوري، وفي نفس الوقت تدرك عواقب فشلها في مغامرة غزو سورية، وتعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على قواتها المتواجدة فيها وفي المنطقة التي تعددت فيها مغامراتها اللامسؤولة، بالتالي سيبتلع بايدن مرغما ما تلقاه من هزائم حتى الآن، وسيتقبل  بحدود الدور المقرر له بعد التطورات الميدانية في سورية، كما يعرف أن القادم أصعب بالنسبة له كونه يدرك أن التراجع في سورية يعنى الهزيمة الصعبة التي وصلت إليها مغامراته في سورية.

بالمقابل يبدو أن التحركات الأمريكية العدائية في منطقة الجزيرة السورية لن تنتهي، حيث بدأت أمريكا، مؤخراً، تحركات مريبة هناك، على أمل تعزيز نفوذها في شرق الفرات ومن جملة هذه التحركات قيامها بتدريب إرهابيين في قاعدة التنف العسكرية، بعد تسليحهم لشن هجمات على مواقع الجيش السوري في البادية السورية والمعابر الحدودية مع العراق، وبذلك يعود من جديد استمرار ذريعة بقاء القوات الأمريكية في سورية بحجة محاربة هذه التنظيمات المسلحة.

بالتالي إن استهداف حافلة مبيت عسكرية  في ريف‌ دير الزور الشرقي ” على طريق المحطة الثانية (تي 2) في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي” قبل عدة أيام هو إشعار بعودة الجماعات الارهابية، ومقدمات لظهورها من جديد، وهي رسالة أميركية واضحة أنها غير راضية عن الوجود السوري- الروسي –الإيراني شرقاً.

مما لا شك فيه، إن رهان الولايات المتحدة الآن على الجماعات المسلحة هو لعب في الوقت الضائع،  ولم تعد تخبّطاتها وسلوكياتها لتجدي نفعاً، ولا لتحقق هدفاً، فصمود هذه المجموعات لن يستمر طويلاً، كما سقوطها لم يأخذ كثيرا من الوقت، لأن سورية أوشكت أن تطوي صفحة هذه الجماعات وإرهابها، لذلك هي تترنح وترقص رقصة الموت بعد أن بلغ بها اليأس من الاستمرار في مواجهة الجيش السوري، فهي أصبحت تدرك أن نهايتها وشيكة بعد التقدم الكبير للجيش في مختلف الجبهات، وهو الانتصار الذي تحاول واشنطن وتركيا وتل أبيب وحلفاؤهما عرقلته دون جدوى.

إن الرهان على إضعاف سورية وإسقاطها فشل وهي ترفع شارة النصر، فالتطورات الميدانية والسياسية تفيد بأن خطاب النصر الذي سيلقيه الرئيس الأسد قد بات قريباً  جداً بغض النظر عن التوقيت، فالمؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أن التنظيمات المتطرفة المسلحة ومن ورائها على عتبة النهايات. لذلك من المأمول آن تدرك القيادة الأمريكية  حجم مغامرتها اليائسة في سورية، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع  السوري.

تأسيساً على هذه الوقائع، إن استمرار الاحتلال الأمريكي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكي نفسه أمام مقاومة شرسة يعجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم بصدورهم العارية.

يمكن تلخيص الأمر بأن الصواريخ التي قصفت القاعدة الأمريكية في حقل العمر، ما هي إلا البداية، وأول الغيث قطرة، والأيام والأسابيع القادمة قد تكون حافلة بأمثِالها على القواعد الأمريكية اللاشرعية ، ومن هنا فأن الوجود العسكري الاحتِلالي الأمريكي في سورية سينتهي عاجلاً أو آجلاً، بالقُوة أو بالمفاوضات.

وأختم بالقول: أمريكا لا تريد حلاً للأزمة السورية، بل إنَها تريد أن تظل سورية ساحة استنزاف مالي و سياسي وعسكري للقوى الإقليمية و الدولية، ومن هنا إن كل هذه المناورات لن تنفع الولايات المتحدة، ولن تفلت من المقاومة الراغبة بطردها من المنطقة. ولعل كلام الرئيس الأسد أثناء  مقابلته مع سكاي نيوز عربية حول ضرورة خروج القوات الأمريكية من شرق سورية خير دليل على ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى