مقارنة بين بلماضي و رابح سعدان
يريدون جرّي إلى إحداث مقارنة بلماضي وسعدان
كلما تحدثت عن بلماضي وفشله الذريع في النصف الثاني من عهدته الماضية، إلا ويحاول البعض جري إلى المقارنة بينه وبين المدرب السابق رابح سعدان.
حسب وجهة نظري لا تصلح المقارنة بينهما لعدة اعتبارات منها.
أولا: إن بلماضي هو تلميذ سعدان أحب بلماضي أو كره.
ثانيا: مسار سعدان تم على مراحل ويختلف في نسقه عن مسار بلماضي الذي تم في نسق واحد مستمر.
ثالثا: بلماضي نال كأس أمم إفريقيا 2019 وسعدان وصل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا 2010.
رابعا: سعدان أهل المنتخب الوطني إلى كأس العالم 3 مرات (اثنتان بصفته مدرب رئيسي) وبلماضي فشل في تحقيق هذا المبتغى بعد نكسة فاصلة المونديال أمام الكاميرون.
خامسا: حين نتحدث عن الجانب الفني نجد أن بلماضي حقق مكسبين مهمين، الأول ملموس وهو التتويج بكأس أمم إفريقيا والثاني معنوي وهو تحطيم سلسلة النتائج الايجابية المتتالية، علما أن سعدان هو صاحب ثالث أحسن سلسلة بعد بلماضي والمرحوم كرمالي.
سادسا: بلماضي توفر ولا يزال يتوفر على جميع إمكانات النجاح، فهو صاحب أعلى راتب شهري، ويملك تعداد ثريا مقارنة بسنوات سابقة، ويحظى بثقة شعبية ورسمية غير مسبوقة لم يحظ بها قبله سوى خاليلوزيتش، بينما سعدان كانوا يجلبونه مرغمين ويوظفونه كرجل مطافئ، ورغم ذلك كان يترك بصمته ويرد ميدانيا على المتلذذين بتهميشه وتقزيمه.
سابعا: سعدان بتشكيلة من كارتون قام بترسيم التأهل إلى “كان 2000″، وبتشكيلة من بلاستيك ساهم في تاهيله إلى “كان 2004” والأكثر من هذا فرض التعادل على الكاميرون وحقق فوزا تاريخيا أمام مصر ب 10 لاعبين وكاد يتجاوز عقبة المغرب لولا سوء التركيز وقوة هذا الأخير هجوميا ومجموعاتيا. في حين حقق بلماضي مسارا استثنائيا في “كان 2019” بمصر ومني بمهزلة مدوية في “كان 2022” بالكاميرون.
ثامنا: تحتفظ الكرة الجزائرية بمباريات تاريخية تحت قيادة بلماضي المدعم بلاعبين متميزين وبإمكانات مادية نوعية، خاصة ما حدث في “كان 2022” وفي بعض الوديات مثل كولومبيا والمكسيك.. كما أن سعدان صنع بصمته بلاعبين متواضعين وبتعداد من شوينقوم، ورغم ذلك صنع بصمته في “كان 2004” وأعاد المنتخب الوطني إلى واجهة “الكان” في 2010 بعدما غاب عن نسختي 2006 و2008، مثلما أعاد المنتخب الوطني إلى واجهة المونديال بعد غياب دام 24 سنة، وبتشكيلة من شوينقوم ركبها بالسكوتش، ورغم ذلك أطاح بمصر بثلاثية في تشاكر وأفحمها بصاروخية عنتر يحي في ملحمة ام درمان ضد أقوى جيل عرفته الكرة المصرية، ناهيك عن تجاوزه مباريات صعبة بفضل بمصته النية، من ذلك مواجهة رواندا وزامبيا في عقر الديار، وفوزه في زامبيا على حساب رونار.
تاسعا: يقولون أن سعدان خواف يلعب ورقة الدفاع، ويتجاهلون انه كان يصنع العجب العجاب بتعداد متواضع جدا، وحين كان له هجوم قوي سحق تونس بسباعية ذهابا وإياب في اللقاء الفاصل المؤهل إلى مونديال مكسيكو 86، هذا كمثال فقط، وحتى دون هجوم قدم دروس في الكرة لمدريين كبار ومنتخبات عريقة، مثلما حدث مع كوت ديفوار عام 2010 الذي كان يقوده خاليلوزيتش علما انه تجاوز الدور الأول في ذات النسخة (2010) بهدف يتيم أمثر فوزا ثمينا ضد مالي، وجيل منتخب مصر بقيادة حسن شحاتة والأمثلة كثيرة.
عاشرا: يقولون أنه ضعيف الشخصية، والجميع يعرف كيف أزاح دزيري من المنتخب الوطني خلال مباراة ليبيريا نهاية التسعينيات بقيادة جورج ويا، وفاز أبناء سعدان برباعية في عنابة بقيادة المتألق مراكشي. والبعض يريد أن يشكك في بصمته الفنية وهو الذي يحسن قراءة اللعب وله نظرة عميقة للأمور، وهو الذي أسال العرق لمنتخبات كبيرة مثل البرازيل بقيادة تيلي سانتانا وانجلترا بقيادة كابيلو وسحق مصر وأطاح بكوت ديفوار، مثلما يتذكر الجميع كيف توج بكأس إفريقيا للأندية البطلة مع الرجاء البيضاوي عام 1989 مباشرة من الباهية وهران على حساب مولودية وهران بجيل قوي تحت قيادة المدرب القدير رواي ونجوم كبار مثل بلومي وكريم ماروك ومشري ومراد مزيان والقائمة طويلة، مثلما يتذكر الجميع كيف ساهم في حصول وفاق سطيف على كاس العرب عام 2007 على حساب الفيصلي الأردني بفوز خارج الديار متجاوزا التعادل الذي فرض عليه داخل القواعد خلال نهائي الذهاب.
آخر كلمة، بلماضي كثيرا ما كان يقصف سعدان في تصريحاته الصحفية، من ذلك ما أدلى به بعد مونديال 20210، حين قال “أختار كيف لمدرب يفرح بالتعادل أمام انجلترا”، وتمنيا لو اعترف مرة في حياته وقال على سبيل المثال “إن إخراجي من طرف سعدان في مباراة مصر عام 2004 كان عاملا مهما في فوزنا على مصر بفضل هدف اللاعب حسين عشيو الذي أقحمه سعدان بديلا في مكاني”، لكن للأسف في بلادنا يصعب قول كلمة الحق، في زمن الرداءة والموالاة السلبية والتكتلات التي حطمت كل من يسعى إلى العمل في خدمة البلاد كرويا وفي جميع القطاعات.
ربما أطلت في المنشور، لكن لكم تلحق في مناقشته ونقده، ولكم واسع النظر، فأنا لست مطبلا ولن أكون مقزّما.. أحب أن اسمي الأسماء بمسمياتها فقط..
صالح سعودي