معلومات دقيقة حول أكرم إمام أوغلو خصم أردوغان

تُشبّه مسيرة إمام أوغلو كثيراً بمسيرة أردوغان نفسه، فكلاهما تولى رئاسة بلدية إسطنبول قبل التوجه للسياسة الوطنية، وكلاهما واجه قضايا قضائية أثناء صعوده، لكن الفارق أن إمام أوغلو يجد نفسه اليوم في معركة ضد نفس النظام الذي كان أردوغان قبل 25 عاماً يصفه بـ”الاستبدادي”، وفقًا لـ bbc
بينما تهتز تركيا على وقع الاعتقالات والمظاهرات، يبرز اسم أكرم إمام أوغلو كأحد أهم الأسماء التي تتصدر المشهد السياسي التركي في الوقت الراهن، بعدما اعتقلته السلطات قبل أيام من إعلان ترشحه الرسمي لرئاسة الجمهورية.
حيث شهدت عدة مدن تركية، وعلى رأسها إسطنبول، موجة من الاحتجاجات والاحتشاد الشعبي، إثر إعلان القرار القضائي الذي اثار الجدل بحق أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول وأبرز خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان. وقد اعتبر أنصار إمام أوغلو، بالإضافة إلى طيف واسع من المعارضة التركية، أن الحكم الصادر بحقه يحمل طابعًا سياسيًا يستهدف إقصاءه من المشهد السياسي قبيل الانتخابات المقبلة، خاصة بعد تصاعد شعبيته كأحد أبرز منافسي أردوغان المحتملين. هذه الاحتجاجات أعادت للأذهان أجواء التوتر والانقسام السياسي الذي تشهده تركيا في السنوات الأخيرة، وسط اتهامات للسلطة بتضييق الخناق على المعارضة، وفقًا للتقرير الصادر عن رويترز.
من هو إمام أوغلو الذي أثار اعتقاله كل هذه العاصفة السياسية والشعبية؟
وُلد أكرم إمام أوغلو عام 1971 في مدينة طرابزون المطلة على البحر الأسود، وهي مسقط رأس تشترك مع الرئيس أردوغان في الجذور الساحلية المحافظة. نشأ إمام أوغلو وسط عائلة تنتمي لليمين الوسط، ودرس إدارة الأعمال في جامعة إسطنبول قبل أن يلتحق بأعمال العائلة في قطاع الإنشاءات.
عُرف عن إمام أوغلو منذ شبابه حبه لكرة القدم، حيث كان لاعباً في دوري الهواة مع نادي طرابزون سبور، وهو إرث رياضي آخر يجمعه بأردوغان الذي لطالما تغنّى بماضيه كلاعب.
دخل إمام أوغلو العمل السياسي عبر بوابة حزب الشعب الجمهوري المعارض، وانتُخب رئيساً لبلدية منطقة بيليك دوزو في إسطنبول عام 2014، قبل أن يصبح في 2019 عمدة لإسطنبول، العاصمة الاقتصادية والثقافية لتركيا. لم يكن هذا الفوز عادياً؛ إذ أنهى به هيمنة استمرت ربع قرن لحزب العدالة والتنمية على أكبر مدن البلاد.
في ذلك العام، فاز إمام أوغلو بانتخابات بلدية إسطنبول مرتين، بعد أن أُلغيت نتائج الجولة الأولى بضغط من حزب أردوغان، لكنه عاد وانتصر بفارق أكبر في الإعادة، ليصبح بذلك أول من يهزم أردوغان انتخابياً في إسطنبول مرتين.
إمام أوغلو، الذي يوصف بالسياسي “الهادئ والمرن”، نجح في توسيع قاعدة حزب الشعب الجمهوري العلماني، وجذب أصواتاً من القاعدة المحافظة التي لطالما صوتت لحزب العدالة والتنمية، وذلك عبر لغة تصالحية وخطاب بعيد عن الاستقطاب الحاد. حتى أن زياراته للمساجد الشعبية ومشاريعه لترميم التراث الديني في إسطنبول أكسبته احترام فئات واسعة من المجتمع التركي.
ويُشاد بإمام أوغلو بسبب أسلوبه الناعم والفكاهي في السياسة، الذي يتناقض مع العديد من السياسيين الآخرين، في المشهد السياسي التركي، بحسب BBC.
ونجح إمام أوغلو في توسيع القاعدة العلمانية لحزب الشعب الجمهوري، ونجح في استقطاب بعض الناخبين الأتراك الأكثر تديناً ومحافظة، الذين كانوا يصوتون تقليدياً لحزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان وذلك من خلال تنظيم زيارات للمساجد في حملاته الانتخابية، وإعلانه مؤخراً عن ترميم مسجد تاريخي، في منطقة قره كوي الشهيرة في إسطنبول.
كما أصبحت زوجته ديليك إمام أوغلو شخصية مشهورة بحضورها النشط على وسائل التواصل الاجتماعي، وعملها الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة، وظهورها إلى جانب زوجها، لدعمه خلال حملته الانتخابية.
وولدت ديليك إمام أوغلو أيضاً على ساحل البحر الأسود، وتسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراة، ولدى الزوجين ولدان وابنة واحدة.
اعتقال سياسي أم ملف جنائي؟
اعتقال إمام أوغلو جاء وسط اتهامات له بالفساد ومساعدة “منظمة إرهابية”، مع مزاعم بتورطه في دعم حزب العمال الكردستاني عبر عقود بلدية، وهي اتهامات ينفيها وحزبه جملة وتفصيلاً، ويراها كثيرون محاولة لـ”قص أجنحة” الرجل الذي يُنظر إليه كأبرز مرشح لخلافة أردوغان.
اللافت أن اعتقاله جاء أيضاً بعد يوم واحد من قرار جامعة إسطنبول إلغاء شهادته الجامعية بسبب “مخالفات مزعومة”، وهي خطوة قد تمنعه قانونياً من الترشح للرئاسة وفق الدستور التركي.
كان إمام أوغلو قد واجه تحقيقات قضائية عدة خلال السنوات الأخيرة، وصدر بحق إمام أوغلو حكماً بالسجن لعامين وسبعة أشهر، مع حظر مزاولته الأنشطة السياسية عام 2022، لإدانته بإهانة أعضاء اللجنة الانتخابية العليا، واستأنف إمام أوغلو هذا الحكم.
“اللص في القصر، وإسطنبول في الشوارع”..شعار رفعه الآلاف من أنصار إمام أوغلو في شوارع إسطنبول وأنقرة، متحدّين حظر التظاهر الذي فرضته السلطات. فبينما شددت الشرطة قبضتها في إسطنبول وفرضت قيوداً على الإنترنت ووسائل التواصل، كان المحتجون يملأون الساحات مرددين شعارات تطالب بإطلاق سراح الرجل الذي بات رمزاً للمعارضة الديمقراطية في تركيا.