مجتمع

محتوى موبايل

علي جواد

اختراع الهواتف الذكية أدى لارتفاع عدد مستخدمي شبكة الإنترنت من ملايين إلى مليارات البشرالمدمنين على لمس شاشات الهواتف الذكية وأصبح استخدام شبكة النت هو روتين الحياة اليومية لمستخدمي هذه الهواتف، ومؤخرا بدأت حكومة الولايات المتحدة الامريكية تعطل وتماطل في اعطاء الموافقات والتراخيص لأعداد مهولة من براءات الاختراع الخاصة بتكنولجيا وتقنيات الواقع الافتراضي واستخدامات الذكاء الصناعي والسيارات الكهربائية ، وكل هذه التكنولجيا حتى تطبق وتصبح في متناول الناس ورخيصة تحتاج الحكومات لتوفير أضعاف مضاعفة من ماهو مستخدم حاليا من الطاقة الكهربائية في هذه الدول ، وبما ان هناك نقص حاد وشديد في الطاقة عالميا ، وعلى الرغم من استخدام بعض الدول المفاعلات النووية لتوليد الطاقة لكن تبقى هناك مناطق صعب توفير الطاقة الازمة لها والتوزيع المناسب نظرا لارتفاع كلف نقل الطاقة.

ولفهم طبيعة استخدام الطاقة في مجال الانترنت نتناول مثال بسيط وهو المعدل اليومي للمس الشاشة بحسب الإحصاءات 2167 ضغطة يوميا للمستخدم الاعتيادي وبما أنه يوجد أكثر من 6.84 مليارهاتف ذكي يتم استخدامه يوميا أذن يصبح العدد الكلي للمرات التي تلمس فيها الشاشات الذكية لإجمالي البشر يقارب 180 تريليون ضغطة أو لمسة أي يعني 2.07 مليار طلب أو أمر إلكتروني يجري تنفيذه لمستخدمي الهواتف النقالة في الثانية الواحدة ، وهذا الرقم للهواتف فقط ماعدا الحواسيب المكتبية والأجهزة الذكية الأخرى في السيارات والأجهزة الطبية والآلات المصرفية وحواسيب الطيران وخدمة خرائط النقل وشاشات العرض التلفزيوني …إلخ أي ممكن ن نقول إن شبكة الإنترنت تنقل من المستخدمين إلى المصادر وترجع بالإجابة أو الموافقة أو الرفض من المصادر إلى المستخدمين في الثانية الواحدة وبرقم تقريبي ولصعوبة الوصول للرقم الدقيق ممكن تقدير رقم تقريبي أن يكون 16 إلى 27 مليار إيعاز إلكتروني يتم نقله عبر شبكة الإنترنت في الثانية الواحدة
وتختلف الاستخدامات أو الأوامر التي ينفذها المستخدمون على شاشات هواتفهم مآبين التسوق أو اللعب أو البحث عن أجوبة في محركات البحث أو استخدام الخرائط أو التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي أو الاتصالات الصوتية والمرئية أو استخدام التطبيقات في الأعمال وهي كلها فعاليات ترفيه أو تواصل أو عمل ودراسة أو تعلم وتوثيق وخزن للمعلومات

وعليه اوضح هنا صورة مختصرة جدا عن حجم وضخامة البنية المطلوب توفرها لكي يتمتع مليارات البشر بخدمة التفاعل على الإنترنت، ومن يستطيع تأمين التعامل مع 16-27 مليار إيعاز في الثانية الواحدة.
الفكرة هي في تأمين هذه الإمكانية يجب توفر ملايين السيرفرات تعمل على مدار أربع وعشرين ساعة ولمدة تصل إلى سنوات دون توقف أو أعطال وان حصل توقف يتم العمل على إصلاحها وإعادتها للخدمة وكل سيرفر يحتاج طاقة كهربائية من 500 إلى 1200 واط/ الساعة، ويختلف الاستهلاك حسب الاستعمال لهذا السيرفرات والأحمال المضافة عليها، وكمعدل يكون الاستهلاك 850 واط / ساعة أي الاستهلاك اليومي لكل سيرفر يكون 20.4 كيلواط / ساعة يوميا ولو لدينا مليون سيرفر نحتاج الى 20400 ميكاواط
وتسمى البنايات التي تحوي هذه السيرفرات بمراكز خزن المعلومات وكل مركز يستهلك طاقة بمعدل 1000 كيلواط لكل متر مربع واحد ، ويحتاج كل مترمربع الى تبريد وهذه أحمال مضافة على الطاقة المستخدمة ، اي بمعنى ان كل متر مربع واحد يستهلك طاقة كهربائية تعادل استهلاك 10 مرات استهلاك بيت امريكي نموذجي واحد ، اي كل مركز بيانات واحد يستهلك طاقة يعادل مدينة صغيرة
وللعلم أن إنتاج كل محطات العراق الكهربائية لا يتجاوز ال22,000 إلف ميكاواط أي أن لو كان لدينا مليون سيرفر لتخزين وحفظ بيانات لوزارة واحدة أو أكثر من وزارة وإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية توفر الدعم لخدمة بيانات 40 مليون عراقي وللشركات أو بيانات ورواتب موظفين وطلاب ومرضى وتخزين قاعدة معلومات أمنية للسيارات والجوازات و …إلخ سوف يحتاج العراق إلى ضعف كمية الطاقة الكهربائية المنتجة حاليا، ومعضلة الكهرباء في العراق ليس لها حل منذ أكثر من ربع قرن، أي أن كل تصريح ومشروع عمل لإنشاء قاعدة بيانات دون تأمين الطاقة الكهربائية الأزمة هو ضرب من الخيال وكذب واستهزاء بالناس.

العالم اليوم يواجه أزمة طاقة حقيقية وجادة، مثلا الصين تعمل على مشروع عملاق جدا وهو بناء منظومة إنترنيت كاملة منفصلة ومستقلة عن شبكة النت العالمية المسيطر عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والمشروع الصيني يرصد مليارات السيرفرات المفروض أن تشغل هذه المنظومة، الصين ترضخ تحت أزمة قلة الطاقة خصوصا بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتأثير هذه الحرب وقلة مصادر الطاقة النفطية والغازية، والولايات المتحدة تواجه صراعا مع شركات إنتاج الطاقة والسيطرة على تصاعد إنتاج الطاقة حيث معظم قطاعات الإنتاج الحالي لا تستطيع تلبية كل احتياجات الطاقة المطلوبة في داخل أمريكا وخصوصا الشركات العملاقة مثل الامزون وكوكل حيث تم إعلام هذه الشركات عدم قدرة متابعة تجهيز الطاقة بهذا الشكل المتصاعد، ويتم العمل الآن في الكونجرس الامريكي لمناقشة استحداث ضوابط قانونية لاستهلاك الطاقة في المجال الصناعي والتقني وفرض قيود على توليد الكهرباء
والصراع الأقوى بين الدول العظمى حول من سوف يمتلك ويسيطر على الإنترنت ومن استطاع ذلك أصبح يمتلك الأسواق العالمية ويسيطر ويتحكم بالأسلحة واكتسب الأفضلية للاستخدام الذكاء الصناعي والشيء الأهم والأخطر هو التحكم بالعملات النقدية إلكترونية المشفرة أي بمعنى من يتحكم بالانترنت يمسك زمام الاقتصاد العالمي وهذه هي القوة الحقيقية في امتلاك حق احتكار ضغطة شاشة الموبايل.

امريكا تمتلك كل منظومة الانترنت وبالتالي تسيطر على كل قطاعات الاسواق والاقتصاد والبنوك والاسلحة وقطاعات انتاج الطاقة بكل انواعها ومصادرها سواء بترولية او حجرية او نووية ، امريكا عبارة عن تكتل مجموعة من الاقتصادات المتنوعة لبنوك وشركات عملاقة ومراكز بحوث ومستثمرين وملاك أصول الاموال كل هؤلاء لن يقفوا متفرجين وعديمي الحيلة امام التنافس على امتلاك موازين القوى العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى