ما بعد عسكرة الفضاء
كاظم فنجان الحمامي
تسعى الولايات المتحدة والصين وروسيا إلى تنفيد مشاريعها الإستراتيجية لبناء قواعد ومحطات حربية فوق سطح القمر، وتضعها كأولويات مستقبلية. .
تتخذ قوة الفضاء الأمريكية الآن خطوات جادة لرسم صورة القواعد المستقبلية على القمر. وربما يؤدي ذلك إلى قيام قوى أخرى مثل الصين أو روسيا أو اليابان بتصعيد أنشطتها العسكرية أيضاً. .
سوف تحلق بنا الاستوديوهات الهوليودية بعيداً في فضاءات الخيال العلمي لتنتج لنا أفلاماً عن معارك تدور رحاها خلف الكثبان القمرية، حيث يتتبع الجندي الفضائي أثر الأقدام الرمادية المطبوعة فوق الرمال الباردة، فيكون تعقبها أسهل على القمر، لأن علامات الإطارات لا تندثر ولا تتلاشى. .
تعد هذه المشاهد في الوقت الحالي من وحي الخيال العلمي بعيد المنال. لكن المعطيات المتوفرة في المرحلة الراهنة تؤكد إصرار الخبراء الحربيين على تنفيذ مشاريعهم القمرية بخطوات ثابتة. .
لدى الولايات المتحدة وروسيا والصين (وهي القوى المتنافسة على الأرض) طموحات لإرسال بعثات إلى القمر في العقود المقبلة. وأغلب الظن انهم سيختارون المكان نفسه، وعلى وجه التحديد في المنطقة القطبية الجنوبية للقمر المعروفة بمواردها الثمينة، آخذين بعين الاعتبار ان هذه الدول كانت ترسل دفعات من الأقمار الصناعية لتمهيد الطريق لمشاريعها. ومع تلك الدفعات المتجددة لدراسة القمر، فإن مراحل التنفيذ ستكون أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى. .
فالولايات المتحدة تدرك تماماً أن القمر يمكن أن تكون له إمكانات اقتصادية هائلة على المدى الطويل. وهي بطبيعة الحال لا تريده أن يكون محطة استيطانية مهددة بسبب عدم وجود سلطة مهيمنة تبسط نفوذها هناك. .
لم يعد هذا الحديث ضرباً من ضروب الخيال، ولا رجماً بالغيب، فلا زالت تلك المشاريع قيد الدراسة، لكنها تعبر عن نواياهم وأهدافهم وطموحاتهم. فقد وضعت القوى العظمى نصب أعينها منذ الآن الذهاب إلى القمر لنقل خلافاتها وحروبها ومعاركها التوسعية هناك. .
وقد كشفت ناسا عن خطتها لاستكشاف القمر بشكل دائم (NASA’s Plan for Sustained Lunar Exploration and Development)، بتلخيص الرؤية التي وضعتها لتبرير وتحقيق عملية الهبوط المحتملة على القمر المقررة عام 2024. لكنها تتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تبحث عن متطلبات التواجد الدائم على القمر. .
وربما يكون معسكر قاعدة آرتيمس (Artemis Base Camp)، هو المعسكر الاول، الذي قد يتم إنشاؤه في فوهة شاكلتون ( Shackleton Crater ) عند القطب الجنوبي للقمر. وسيكون المعسكر نفسه بمثابة منشأة قمرية حربية أو تجسسية. . .