ماساة جيل!
سليم نزال
كنت افكر اليوم كم تبدو المسافة بين ما نراه من واقع الان و بين ما كنا نفكر فيه فى السابق .و لو اردت ان اضع المفردات التى كان جيلى يستخدمها مطلع الشباب و قارنتها بالمصطلحات الحالية لما صدقنا انفسنا .اذ لا اكاد ارى شيئا واحدا كنا نقوله الا و تغير .
.اعتقد اننا نعيش الان فى عالم تحطمت فيه حتى مصطلحات اليمين و اليسار .انظر فقط الى فرنسا و الى امريكا مثلا .ماكرون خبرته السياسية لا تتتعدى ثلاثة اعوام و لا يمكن لاحد ان يصفه لا ياليسار و لا اليمين .اين صار اليمين الفرنسى العريق الذى انجب اشخاصا من اليمين مثل شيراك او من اليسار مثل بومبيدو.
انظر الى امريكا الذى وصل فيها رجلا حتى اليمين التقليدى من الحزب الجمهورى يصفه بالبهلوان .
جيلنا الان منهمك بتحدد موقعه فى هذا العالم الذى تغير الى درجة لا تصدق .من يصدق اننا كنا منهمكين بقراءة تروتسكى و الان صرنا فى زمن البغدادى ؟ و فى زمن الفوضى العالمية ايضا .بحيث بات علينا ان نعيد تعريف الكثير من المفاهيم .
فى مرحلة ما طلب منا التكيف مع الاسلام السياسى و لم اكن يوما فى قرارة نفسى اعتقد بهذا لكنى على الاعتراف بالامر الواقع .فلا احد يقاتل اسرائيل سواهم و لا يمكننا سوى الوقوف معهم
و قد كنت فى احدى المرات فى مؤتمر للقوى القومية و الاسلامية و كان ذلك قبل ربيع الخراب و الدمار .سالت منظم المؤتمر لماذا اضافة تعبير القوى الاسلامية .قال لانهم موجودين على الساحة .جوابه لم يضف لى جديدا .كنت احتج من خلال سؤالى على ما اراه .كنت موقنا ان كل هذا يقود تدريجيا الى هيمنة القوى الدينيه .و كان هذا امر ليس من الصعب معرفته .
اما الان فقد وقعنا جميعا فى النفق المظلم .المشكل كيف نستطيع الخروج منه ان كان ذلك ممكنا .ما هى اللغة البديلة عن تلك اللغة الدينية المتخلفه التى نسمعها ؟و كيف يتم تكتيل قوى بديلة وسط هذا التشظى الرهيب .و ايه افاق يقدمها المستقبل .كل هذا جزء من اسئلة من الصعب الان الاجابة عليها .لقد بات علينا ان نعيش واقعا لا ادرى كم هى مسوؤليتنا فى وقوعه .
الطريق ملىء بالالغام من كل جانب .و قلبى ينزف و انا افكر باطفالنا .لانى اعرف تماما حجم الاعباء التى سيتحملونها .انها ماساة جيلنا .بل ماساة الاجيال اللاحقه !