ماذا يعني عدم رفع معدلات الفائدة المصرية ؟

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .
(Ahmad Hamdy Sabbah)

بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لمعدلات الفائدة على الدولار الأميركي بنسبة 0.75% ليصل معدل العائد الحالى الى مستوى 1.75% لمواجهة معدلات التضخم الكبيرة في أميركا ، فماذا يعني عدم قيام البنك المركزي المصري برفع نعدلات الفائدة على الجنيه المصري مجددآ ؟

١ عود بعبع الدولرة ولو بشكل أقل (وربما بشكل أقوى) من السابق ولكن الوضع الحالي ووصول الجنيه لمستويات متدنية لا يتحمل مزيدآ من انهيار قيمة الجنيه .

٢ ستنخفض الجاذبية الاستثمارية لادوات الدين المصرية الحكومية من اذون وسندات أمام الأموال الساخنة التي ستفضل الذهاب لملاذات أكثر أمانآ أولدول أخرى ستقوم برفع معدلات الفائدة لديها ، وهذا في حد ذاته سيخفض الطلب على الجنيه بل وقد يدفع الى مزيد من المعروض من الجنيه وطلب الدولار او اليورو للتخارج من الاستثمارات الحالية مما يعني دورة مركبة من مزيد من انخفاض الجننيه وتدهور القوة الشرائية .

٣ ارتفاع معدلات الفائدة على الدولار في أميركا يعني مزيدآ من الضعف في قدرة الشركات المحلية في الحصول على تمويلات وشراكات خارجية وكذلك خوف المستثمرين المباشرين الأجانب من دخول السوق المصرية تحسبآ لمزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه او حتى انخفاضه بمعدلات أكبر في حالة عدم قيام البنك المركزي يرفع العائد على الجنيه .

٤ عدم رفع الفائدة وتدهور قيمة الجنيه سيدفع الكثيرين من المودعين الى سحب أموالهم من البنوك والتوجه للعقارات والذهب مما سيدفع بأسعار العقارات (الذهب أكثر ارتباطآ بالسوق العالمي وان كان هذا ممكن أن يتسبب في ارتفاع جانبي له في السوق المحلية) الى مستويات فلكية تدخل في فلك فقاعة عقارية خطيرة ستنفجر ان آجلا أم عاجلا مسببة لخسائر فلكية لمختلف القطاعات الاقتصادية والانتاجية خاصة وأن القطاع العقاري يرتبط مع عشرات القطاعات الانتاجية والخدمية الأخرى ويتزايد الخطر في ظل حالة الركود العقاري الحالية مما يعني في النهاية خسائر اقتصادية عميقة تعمق من مآسي الحالة الاستثمارية و الاقتصادية والمعيشية مسببة ساعها مزيدآ من الانهيار في قيمة الجنيه .

٥ صحيح ان رفع معدلات الفائدة يزيد من كلفة خدمة الدين العام ، اإلا أن عدم رفع معدلات الفائدة سيزيد بشكل أكبر من خدمة الدين العام نتيجة حدوث تدهور اضافي في قيمة الجنيه مما سيرفع من كلفة الدين العام الخارجي ، بل وسيفرض على مصر معدلات اقراض أعلى لقروضها الجديدة لمواجهة مخاطر انخفاض قيمة العملة المصرية .

٦ يستطيع السواد الأعظم من القطاع الخاص المصري على اختلاف مستوياته امتصاص ارتفاع الفائدة نتيجة تمتعه بأصلآ بهوامش ربحية مهولة لا تقارن أبدآ بنظيراتها في الأسواق الخارجية خاصة المتقدمة التي تعمل وفقآ لآليات أكثر احترامآ للمستهلك المحلي دون مبالغة فلكية في هوامش الربحية لذلك تصبح أكثر انكشافآ وتأثرآ بارتفاع معدلات الفائدة هناك لانخفاض هوامش ربحيتها أصلآ .

خاصة وأنها تعمل وفق أنظمة رقابية تمارسها الحكومة ومنظمات المجتمع المدني وحماية المستهلك عبر تطبيق الضرائب التصاعدية والغرامات الباهظة لمكافحة الاحتكار والاستغلال في هذه الدول ، وهو الدور الذي تنجح فيه حكوماتنا المتتالية بشكل منقطع النظير في الفشل فيه وتشاركها الفشل أغلب منظمات المجتمع المدني وأغلب جمعيات حماية المستهلك لدينا .

واذا أضفنا لذلك انخفاض الأجور والمرتبات لمستويات متدنية في مصر في معزوفة مشتركة بين الحكومة والقطاعين العام بنوعيه والخاص ، وعدم اهتمام الحكومة بشكل حقيقي بهذا الملف واستمرار السواد الأعظم من القطاع الخاص المصري في استغلال موظفيه وعماله ومنحهم أقل قدر ممكن من المرتبات والاجور التي تفنتح البيوت على الفقر والعوز والاحتياج فيما يكدس أصحاب الأعمال الثروات المهولة على حساب الشعب مما يكرس الفوارق الطبقية بشكل بغيض ، فاذا أضفنا التوفير المهول الذي يجنيه القطاع الخاص من هذه المرتبات الضعيفة فان ذلك يدعمه بشكل اضافي وقوي على تحمل ارتفاع معدلات الفائدة .

ومن ناحية أخرى فان ارتفاع معدلات الفائدة على الجنيه يوفر لكثيرين من أبناء الطبقات المختلفة وأصحاب المغاشات عوائد أعلى على مدخراتهم تعينهم على تمويل نفقاتهم وشراء احتياجاتهم خاصة في ظل ضعف الأجور والمرتبات والمعاشات مما يجعل من رفع معدلات الفوائد على الايداعات في النهاية رافدآ مهمآ لدعم الحركة الاقتصادية في مصر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى