العالمفي الواجهة

ماذا يحدث في تركيا الآن

شارك عشرات الآلاف في احتجاجات في إسطنبول العاصمة و55 محافظة أخرى، تنديدا بسجن أوغلو، أحد أبرز وجوه المعارضة. وفي ظل صدامات متكررة مع الشرطة، أعلنت السلطات توقيف أكثر من 1300 شخص منذ الأربعاء، بينهم 43 متظاهرا مساء الاثنين وحده، إضافة إلى عشرة صحفيين أوقفوا فجرا في إسطنبول وإزمير.

بعد أن أثار اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إإمام أوغلو، أبرز منافس سياسي للرئيس أردوغان، يوم الأربعاء الماضي أكبر احتجاجات في شوارع تركيا منذ أكثر من 10 سنوات، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين بأن احتجاجات المعارضة على احتجاز أوغلو تحولت إلى “حركة عنف”. وأضاف أن حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، مسؤول عن أي ضرر بالممتلكات أو أذى يلحق بأفراد الشرطة خلال الاحتجاجات.

وقضت محكمة تركية أمس الأحد بحبس إمام أوغلو على ذمة المحاكمة بتهم فساد ينفيها. ويصف حزب الشعب الجمهوري اعتقال إمام أوغلو بأنه مسيس ويتنافى مع مبادئ الديمقراطية. وتنفي الحكومة الاتهامات وتقول إن القضاء مستقل.

ورغم حظر التجمعات في شوارع العديد من المدن، خرجت مظاهرات مناهضة للحكومة لليلة السادسة على التوالي أمس الاثنين وكانت سلمية في الغالب رغم مشاركة مئات الألوف فيها. ودعا أوزجور أوزال زعيم حزب الشعب الجمهوري المواطنين في أنحاء البلاد إلى مواصلة احتجاجاتهم في الشوارع.

“حركة عنف”
وقال أردوغان، عقب اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، إن على حزب الشعب الجمهوري التوقف عن “تحريض” المواطنين.

وقال الرئيس البالغ من العمر 71 عاما “تابعنا بدهشة كأمة الأحداث التي وقعت بعد دعوة زعيم حزب المعارضة الرئيسي للنزول إلى الشوارع عقب عملية فساد في إسطنبول، مع تحول (الاحتجاجات) إلى حركة عنف”.

وأضاف “حزب المعارضة الرئيسي مسؤول عن (الجرحى) من أفراد الشرطة وتحطم نوافذ متاجر وتضرر ممتلكات عامة. سيُحاسب على كل هذا، سياسيا في البرلمان، وقانونيا أمام القضاء”.

وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا في وقت سابق أمس إن السلطات اعتقلت 1133 خلال خمسة أيام من الاحتجاجات، وأصيب 123 من أفراد الشرطة. واتهم بعض المتظاهرين “بإرهاب” الشوارع وتهديد الأمن القومي.

والتقى وفد من حزب الشعب الجمهوري مع حاكم إسطنبول لمناقشة حملة القمع التي تشنها الشرطة على المحتجين. وقال رئيس فرع الحزب في إسطنبول أوزجور جليك إن تحركات الشرطة الليلة الماضية كانت الأعنف حتى الآن، إذ نُقل العديد من المحتجين إلى المستشفى.

وفي كلمة ألقاها أمام مئات الآلاف من الأشخاص أمام مقر بلدية إسطنبول في ساراتشانه مجددا، كرر زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزال دعوته لمقاطعة وسائل الإعلام والعلامات التجارية والمتاجر التي وصفها بأنها مؤيدة لأردوغان، مضيفا أن جميع التهم الموجهة إلى إمام أوغلو لا أساس لها من الصحة ولا دليل عليها.

وأضاف أوزال “من يسجنهم طيب أردوغان ظلما فإن هذه الساحة تدافع عنهم، من أجل الديمقراطية ومن أجل تركيا”. ودعا إلى مواصلة الاحتجاجات فيما لوح المحتشدون بالأعلام ورددوا شعارات تطالب باستقالة الحكومة.

وأردف أوزال قائلا إن حزبه سيطالب أيضا بالإفراج عن إمام أوغلو لحين محاكمته، وببث محاكمته عبر هيئة البث الحكومية (تي.آر.تي). وعرض على أردوغان إجراء مناظرة تلفزيونية بينهما، داعيا المتظاهرين إلى الحفاظ على النظام العام وتجنب الاشتباكات.

وقبيل كلمة أوزال، أوقفت مجموعة من المحتجين حركة المرور في الاتجاهين على جسر غلطة التاريخي في إسطنبول، فيما تجمع آخرون في أماكن أخرى من المدينة وفي أنقرة ومدن أخرى.

وبعد لحظات من انتهاء أوزال من إلقاء كلمته، أطلقت الشرطة كرات معدنية والغاز المسيل للدموع واستخدمت مدافع المياه لتفريق المتظاهرين في إسطنبول واعتقلت عدة أشخاص. وفي أنقرة، وقف متظاهرون أمام الشاحنات المزودة بمدافع المياه، وطالبوا الشرطة بالسماح لهم بالتظاهر بسلام.

اتساع دائرة الاحتجاجات
واتسعت دائرة الاحتجاجات في تركيا مساء الإثنين مع خروج عشرات آلاف المتظاهرين في إسطنبول و55 محافظة أخرى، رفضا لسجن رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز وجوه المعارضة. وفي ظل صدامات متكررة مع الشرطة، أعلنت السلطات توقيف أكثر من 1300 شخص منذ الأربعاء، بينهم 43 متظاهرا مساء الإثنين وحده، إضافة إلى عشرة صحافيين أوقفوا فجرا في إسطنبول وإزمير.

سياسيا، رأى سونر كاغابتاي من “معهد واشنطن” أن الرئيس رجب طيب إردوغان “يشعر بالتهديد” من إمام أوغلو الذي يحظى بشعبية واسعة في أوساط اليمين والوسط واليسار، مضيفا أن “تركيا تتحول إلى سلطة استبدادية”، مستغلا تركيز الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على شؤونهما الداخلية.

واقتصاديا، استعادت بورصة إسطنبول بعض المكاسب بعدما فقدت أكثر من 16,5% من قيمتها الأسبوع الماضي. ونفى وزير الاقتصاد محمد شيمشك الشائعات حول استقالته، مؤكدا عبر منصة إكس أن الحكومة “تتخذ كل التدابير لضمان استقرار الأسواق”.

وقد حظرت السلطات التجمعات مؤقتا في إسطنبول وأنقرة وإزمير، بينما واصل المتظاهرون تحركهم متحدين القرار. ونُقل عن مراسلين ميدانيين أن سكان حي بشكتاش، أحد معاقل المعارضة في إسطنبول عبروا عن دعمهم للشبان المحتجين من خلال التصفيق وقرع الطناجر أثناء مرورهم في الشوارع.

ويتهم إمام أوغلو، الذي علقت مهامه رسميا الأحد، السلطات باحتجازه “من دون محاكمة” بتهم فساد نفاها بشدة، وقال في رسالة نقلها محاموه: “أرتدي قميصا أبيض لا يمكنكم تلطيخه. معصمي قوي ولن تتمكنوا من ليه. لن أتراجع قيد أنملة. سأنتصر في هذه الحرب”.

وقد أمضى ليلته الأولى في سجن مرمرة (سيليفري) غرب إسطنبول، فيما أعلن حزب الشعب الجمهوري اختياره مرشحا للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028، بعد أن حصل على 15 مليون صوت في انتخابات تمهيدية كان المرشح الوحيد فيها.

وفي خضم الأزمة، أدانت فرنسا وألمانيا واليونان والاتحاد الأوروبي توقيف إمام أوغلو، معتبرين ذلك “هجوما على الديمقراطية”. كما دعت “منظمة العفو الدولية” و”مراسلون بلا حدود” إلى وقف “القمع الأمني” والإفراج عن الصحافيين المعتقلين، محذرة من الانتهاكات ضد المتظاهرين السلميين.

وجاءت الاحتجاجات بعد ترحيل السلطات نحو 50 مسؤولا من بلدية إسطنبول، بينهم رئيسا دائرتين بلديتين، بتهم “الفساد” و”الإرهاب”. وقد جرى استبدال بعضهم بمسؤولين تعينهم الحكومة، بحسب الصحافة التركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى