ماذا يحدث في الأردن والى أين يتجه ؟
الدكتور خيام الزعبي
تقف زيادة نسبة التضخم في أنحاء الأردن وراء موجة الاحتجاجات والإضرابات المعبرة عن تنامي الغضب، أمام ارتفاع أسعار الوقود والذي فاقم من ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية مجهزة على ما بقي من مداخيل الأردنيين المنهكة بتراجع قدرتها الشرائية وتغطية الاحتياجات الأساسية للأسر، فيما تلحق تكاليف التمويل العالية أضراراً بالعقارات التي تشهد إحجاماً عن الطلب وتهديد بحالة انفلات للاضطرابات المدنية والسياسية.
منذ عام 2011، يصدر الأردن تعرفة شهرية لأسعار المشتقات النفطية، عبر لجنة تشكلت لهذه الغاية، وخلال الفترة الممتدة ما بين 2020، وحتى العام الجاري، شهدت أسعار المحروقات بالأردن زيادات متباينة، سجلت فيه ارتفاعاً كبيراً تجاوزت نسبته 40%.
تشكلت مسيرات شعبية شلت مدينة معان في الجنوب عطلت حركة المرور، وأسفرت عن مقتل عقيد في قوات الأمن الأردنية بـ “رصاص مخربين”، ومهاجمة مقاراً حكومية في المدينة، وهي أحداث تأتي بعد تواصل إضرابات متفرقة نفذها سائقو الشاحنات احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود وللمطالبة بخفض أسعار وقود الديزل، وسبق أن شهدت الأردن احتجاجات سلمية خلال السنوات الماضية، وتضمنت مطالب بإصلاحات ديمقراطية ودعوات للحد من الفساد
هذا وكان الوضع مشابهاً في شمال البلاد، على الحدود مع سورية، فرغم تواضع عدد المتظاهرين وحدة الاحتجاجات إلا أن الأسباب والنتائج كانت متشابهة، فالهم واحد، والاحتجاج سيد الموقف في مواجهة غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف المشتقات النفطية والطاقة.
وفي الوقت الذي يتابع فيه العالم هذه التحركات الشعبية والإضرابات العمالية يغيب عنهم وجهها الآخر، فمثل هذه الأحداث تسبب في تعطيل الحركة الاقتصادية وتباطؤها كما يساهم بشكل مباشر في تراجع وتيرة الإنتاج و إيقافها في بعض الأحيان، وهو ما يؤدي الى شح المواد والسلع الحيوية في الأسواق ويزيد الأمر سوءاً بما يصعب تجاوزه، وفي هذا الاطار شهدت بعض المناطق الأردنية إغلاق طرق وتجمعات لمحتجين كما توقفت حركة الشحن لأيام في ميناء العقبة، وتكدست كميات كبيرة من السلع والبضائع.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة، الى أين يتجه الاردن الى انفراج أم انفجار في ظل الأوضاع الراهنة؟
مما لا شك فيه، إن البلاد مقبلة على احتمالات خطيرة قد تضيّع فيها كل فرص الوصول إلى بر الأمان إذا ما استمر التشنج والاتهامات التي ستطيح بكافة الفرص المتاحة لتعزيز الأمن والاستقرار وتفاقم أزمة الإضراب في الاردن، لذلك يبقى الرهان الحقيقي على حكمة القيادات والسعي لسحب فتيل الاضراب عبر تخفيف حدة الخطاب وسط دعوات للتراجع عن رفع أسعار المحروقات والعودة عن آلية تسعيرها المعتمدة على إيرادات ضريبة ثابتة، أو إننا قد نرى مزيدا من الاضطرابات المدنية والمخاطر المختلفة، وانعدام الاستقرار الحكومي.
وأختم مقالي بالقول: كان الاردن منذ سنوات بلد الأمن والأمان، فقد قدم نفسه لعدة سنوات نموذجاً للوطن والأمن والأمان ، فلم يعد سراً على الاطلاق ان هناك محاولات مستمرة طوال السنوات الماضية وحتى يومنا هذا من ان بعض القوى تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة وخلق مناخ يسوده التوتر والاحتقان والاضطراب واللعب على أوتار الخلافات بين أبناء الشعب الواحد وتصعيدها والعمل على تحويلها الى صراعات ملتهبة ومستمرة تهدد أمن المنطقة العربية بأكملها، كل هذا يعمل على تقويض الامن والاستقرار والانزلاق بالأردن رويداً رويداً نحو الهاوية، وإشعال حرب طاحنة لن يكون فيها منتصر سوى أعداء الوطن الذين يطمحون الى إيصال الأردن الى الدمار والخراب كما فعلوا في دول عربية شقيقة وذلك من اجل تحقيق مصالحهم الشخصية.
في إطار ذلك أدعو الجميع، أن ينظروا إلى مصلحة الوطن كون الأردن أمانة في أعناق الجميع ويجب أن يتشكل حالة من الإيمان بأن الاستقرار والأمان هو المناخ الملائم هناك، وأن يتعامل الجميع بمسؤولية وصبر وحكمة والتعامل مع متطلبات المرحلة والأيدي بعيدة عن الزناد لأن أي محاولة للفتنة في هذا الظرف تخدم أجندات خارجية.