أحوال عربيةأخبار

ماذا لو فتح الطريق الدولي بين تركيا وحلب

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

يبدو أن قطار العلاقات السورية التركية قد انطلق في الاتجاه الصحيح، فأنقرة تدرك جيداً أن موافقتها على القطيعة مع سورية كانت متسرعة وغير مجدية، وهي تحاول الآن بشكل أو بآخر أن تستعيد مواقفها وإعادة النظر بالسياسة التي أدت إلى القطيعة معها، وتنبع أهمية عودة العلاقات بين البلدين من أجل مكافحة الإرهاب، وتحصين أمن البلدين وكذلك المصالح المشتركة.

وفي مفاجأة أخرى أكد الرئيس أردوغان، انفتاحه على فرص إعادة علاقات بلاده مع سورية، مضيفاً، أنه كما التقى في السابق بالرئيس الأسد فهو مستعد للقائه مجدداً ، ومن جانبه قال الرئيس الأسد إن “سورية منفتحة على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سورية وتركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى”.

تبدو الظروف حالياً مناسبة أكثر من أي وقت مضى لدفع المفاوضات السورية التركية إلى الأمام، حيث أجرت روسيا مفاوضات مع تركيا لإعادة فتح الطريق الدولي حلب-غازي عنتاب المعروف بـ”طريق الشط” عبر بوابة باب السلامة بريف حلب الحدودي مع تركيا، بعد إعادة افتتاح معبر أبو الزندين-بشكل تجريبي ، تمهيداً لتطبيق اتفاقٍ سابق بين الطرفين وفق مباحثات أستانا للسلام في سورية، ويُعتبر هذا الطريق صلة الوصل بين الحدود التركية وطريق حلب – دمشق الدولي.

الحديث عن فتح الطريق لم يقتصر على أهميته الاقتصادية فحسب، وإنما شهد تحليلات تدور في فلك أن فتح الطريق مرحلة جديدة أمام عودة العلاقات بين سورية وتركيا، ثم السعي لأجل إعادة ترميم العلاقات وبناء الشراكة، في ظل مرحلة جديدة قد تشهد إعادة التأسيس الاستراتيجي للعلاقات بين الطرفين.

انطلاقاً من ذلك، يعتبر هذا الطريق استراتيجي وكان شرياناً حيوياً مهماً ورئيسياً من شرايين التجارة بين سورية وتركيا قبل الازمة، وخاصة عقب توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين في 2004 التي تسمح بتدفق البضائع في الاتجاهين وإقامة مشاريع مشتركة، إضافة إلى اتفاقات التوأمة بين تجار حلب وتجار غازي عنتاب، وإعلانهم خلال اجتماعهم في غازي عنتاب في 2009 عن محاولتهم لإيصال حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى خمسة مليارات دولار.

وبالتالي إن فتح طريق حلب -عينتاب من جديد سيمكن المدنيين والتجار من السفر بين مختلف المناطق السورية، والوصول إلى عاصمة الاقتصاد “حلب”، والاستفادة منها تجارياً واقتصادياً، وتقوية اقتصاد المعنيين بهذا الاتفاق، فتركيا ستستفيد من تصدير منتجاتها وعبور القوافل التجارية الأوربية من أراضيها، والأطراف المقابلة ستستفيد من تشغيل المصانع وزيادة التبادل التجاري وعبور الترانزيت، كما  يعد طريقاً رئيسياً لتنقل المسافرين ونقل الخدمات والسلع الغذائية والمستلزمات الطبية والبضائع.

وفي نفس الإطار، طريق حلب – عينتاب هو نفسه “طريق الحرير” سابقاً  لما له من أهمية دولية في التجارة الخارجية، امتداداً من أوروبا وصولاً بدول الخليج ومصر ودول آسيا، ومن هنا إن فتح هذا الطريق سيؤدي لفتح الطرقات الدولية المربوطة به إلى خارج الحدود السورية، وسيكون له أثراً اقتصادياً كبيراً يعود نفعه على كافة الأطراف.

مجملاً… إن إعادة العلاقات السورية التركية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة حالياً،  وبإختصار شديد يمكنني القول، إن  فتح الطريق الدولي الواصل بين مدينة عينتاب التركية وحلب السورية سيمهد لعودة العلاقات الاقتصادية التركية- السورية، مما سيسهم في تنشيط الحركة التجارية وتعزيز الوضع الاقتصادي وبالتالي تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى