ماذا لو خرج المهدي المنتظر ؟
ماذا لو خرج المهدي المنتظر ؟
صادق جبار حسين
في تاريخ الأمة الإسلامية ، شكلت فكرة المهدي المنتظر رمزية للخلاص والعدل المطلق ، شخصية يأتي بها الزمن لتعيد للناس حقوقهم وتقيم دولة الحق وتزيل الظلم .
ولكن عند النظر بتمعن إلى حال المجتمعات التي تنتظر المهدي، وخاصة المجتمع العراقي ، تبرز تساؤلات ملحة : هل سيكون الشعب ، والقيادات الدينية والسياسية التي تدّعي الانتساب للإمام ، مستعدين لنصرته حقًا أم أنهم سيقفون في وجهه ؟
جاء في كتاب دلائل الإمامة ص 241 ، عن أبي الجارود أنه سأل الإمام الباقر: (متى يقوم قائمكم ؟ قال: يا أبا الجارود لا تدركون . فقلت : أهل زمانه ؟ فقال: ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحق بعد إياس من الشيعة يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد، فإذا كان اليوم الرابع تعلق بأستار الكعبة ، فقال: يا رب انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الذين نصروا رسول الله يوم بدر ولم يحطوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم ، فيبايعونه ، ثم يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا! يسير إلى المدينة فيسير الناس…. ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفا من البترية شاكين في السلاح ، قراء القرآن فقهاء في الدين، قد قرحوا جباههم وسمروا ساماتهم وعمهم النفاق ، وكلهم يقولون : يا بن فاطمة إرجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر إلى العشاء، فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل ولا يصاب من أصحابه أحد! دماؤهم قربان إلى الله ! ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله تعالى ) الحديث يشير أن المهدي المنتظر سيواجه رفضًا شديدًا حتى من قِبَل من يُفترض أنهم أتباعه الأوفياء .
حيث يذكر النص أن المهدي حين يخرج ويدعو الناس إلى مبايعته ، سيجد مقاومة من فقهاء الكوفة أي مراجع الشيعة وهم قادة دينيون كبار – الذين سيطلبون منه ” الرجوع “.
هذه الرواية تشير إلى أن الممانعة لا تأتي فقط من أعداء المهدي المعلنين، بل من داخل المجتمع الذي يدّعي انتظاره ونصرته .
هذا الرفض ينبع من تعارض دعوته للإصلاح مع مصالح الطبقة الحاكمة ورجال الدين الذين بنوا سلطتهم وثرواتهم على استغلال الدين واسمه .
العراق اليوم يعاني من أزمة فساد متجذرة في كافة مؤسسات الدولة. من سرقة المال العام ، المحسوبية ، بيع المناصب الانحلال الخلاقي ، ونهب الموارد التي أصبحت السمات الأساسية لنظام الحكم .
في الوقت نفسه ، يدّعي المسؤولون ورجال الدين أنهم ممثلون للإمام المهدي ، وينفقون الأموال الطائلة على بناء صورة زائفة لأنفسهم كمدافعين عن إرث آل البيت .
لكن هذه الصورة الزائفة تتناقض بشكل صارخ مع أفعالهم . فهم يستخدمون الدين كغطاء لتعزيز نفوذهم ، واستغلال الشعب ، وتعميق الانقسامات الطائفية التي تدمر النسيج الاجتماعي .
الروايات تشير إلى أن المهدي المنتظر سيشترط على من يبايعه شروطًا صارمة ، أبرزها الالتزام بالعدل وترك الفساد والظلم . هذه الشروط ، إذا طُبقت ، ستقضي على المصالح الشخصية للفاسدين من رجال الدين وسياسيين الذين يتاجروا باسمه لعقود طويلة .
من هنا ، تتضح الإجابة : أن هؤلاء الذين انتفعوا من اسم المهدي وهو غائب ، لن يرحبوا به عند خروجه. بل سيتصدون له بكل الوسائل ، لأن دعوته للإصلاح ستفضحهم أمام الناس وتُنهي نفوذهم وتقضي على مصالحهم .
لكن الخذلان الأكبر يأتي من جانب الشعب العراقي ، الذي يعاني من الظلم والفقر وتردي الخدمات منذ عقود طويلة ، والذي يتشبث بفكرة المهدي كأمل للخلاص لكنه في الوقت ذاته خاضع لتأثير رجال الدين والسياسيين الذين يسيطرون على وعيه ويوجهونه لخدمة مصالحهم ، ويسير خلف أوامرهم كانه نائم مغناطيسي ، بحجة قدسية المرجعية الدينية وتمثيلها للمذهب .
لذا حتى لو خرج المهدي وواجه رموز الفساد وطالبهم بإرجاع الحقوق لأصحابها ، سيجد بعض أبناء الشعب أنفسهم – بإرادتهم أو نتيجة التوجيه – في صف أعدائه .
كما حدث مع الإمام الحسين حين تآمر أهل الكوفة عليه ، رغم أنهم كانوا أول من دعاه لنصرتهم .
فالكارثة الحقيقية في العراق ليست فقط في فساد المسؤولين ، بل في أستخدام الدين كغطاء لهذا الفساد . وأصبح الدين وسيلة لتبرير الظلم ، وتخدير الناس ، وتثبيت سلطة الفاسدين . المسؤول الذي يرفع شعار أنتظار المهدي هو نفسه الذي ينهب المال العام ، ويقمع الأصوات المطالبة بالإصلاح ، ويؤسس منظومات فساد تحميه من المحاسبة .
إذا خرج المهدي اليوم ، فإنه لن يهادن ولن يجامل . بل سيطالب بالعدل الحقيقي ، الذي يخشاه الفاسدون أكثر من أي عقاب . هؤلاء الذين اعتادوا نهب الثروات العامة وقتل الأبرياء وإفساد المجتمع لن يسمحوا للعدل أن يقترب منهم .
فهل السيستاني و أبنه و عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي ومقتدى وغيرهم من يدعون إنهم إتباع المهدي سوف يبايعون المهدي وهم أقطاب الفساد و كهنته وركائزه واستفادوا من الفوضى والفساد والتسلط على رقاب الناس ؟
المهدي المنتظر، في حقيقته ، ليس فقط شخصية غيبية ، بل رمز لكل صوت يطالب بالحق ويعمل على الإصلاح . على الشعب العراقي أن يدرك أن أنتظار المهدي لن يكون مجديًا إذا لم يبدأ كل فرد بإصلاح نفسه ومجتمعه ، ومواجهة الظلم بدلًا من الركون إلى الشعارات الزائفة التي يرفعها الفاسدون الذين ينتفعون ويتاجرون باسمه غائبًا وليس حاضر
يقول الصرخي : ((من يقول للإمام ارجع ؟ أهل الكوفة أهل العراق، الشيعة ! من يقول؟ منتحلو التشيع ! منافقو التشيع !…، فهؤلاء يقولون للإمام ارجع تربوا على انتظار الإمام وسرقة أموالهم واستأكل القوم أموال هؤلاء ارتزقوا على أموال هؤلاء باسم الإمام وفضائيات الإمام والتحشيد للإمام وعصائب الإمام وسرايا الإمام وجيوش الإمام وبعد هذا يأتي الامام “سلام الله عليه” ماذا يقال له ؟ أرجع من حيث جئت ))