ماذا كشف الارشيف عن حروب أمريكا !
سعيد مضيه دول الامبريالية اجرت تجاربها النووية على البشر
حوت الأراشيف الوطنية في واشنطون وثائق تفيد ان اليابان شرعت عام 1943 تبعث رسائل سلام ، لم تلق الاستجابة”. كانت الإجراءات الأميركية تجري لضرب اليابان “وهم يتطلعون الى ما بعد فترة الحرب التي شرعوا يشكلونها ’ حسب تصوراتنا‘، وكما طرحها مخطط الحرب الباردة جورج كينان المشهور- اوضحوا انهم اعتزموا ’ترويع الروس بالقنبلة [الذرية] بدلا من التفاوض معهم والقنبلة في حضننا ‘ حسب تعبير وزير الحرب الأميركي ترويعا للاتحاد السوفييتي”.. “لم يتم إخلاء السكان لدى تفجير القنبلة الهيدروجينية الأميركية في جزر مارشال عام 1954. السماء اسودت وأظلمت، وبدأ يتساقط شيء بدا ثلجا؛ تسممت الأغذية والمياه، وسقط الناس ضحايا أمراض السرطان ، وما زال الأمر على حاله حتى اليوم”… “التقطْتُ تقارير صحفية من خمس ’ تفجيرات أرضية‘ نووية في العالم – اليابان ، جزر مارشال ، نيفادا، بولينيزيا في أستراليا؛ علمني هذا عن الانحطاط الخلقي والقسوة الفظة للقوى العظمى : قوى الامبريالية”. مقتطفات من تقرير صحفي أعده صحفي التقصي، البريطاني من أصل استرالي، جون بيلغر،عنوانه “هيروشيما ثانية إن لم نتحرك قبل فوات الأوان” . يستعرض بيلغر افلاما توثيقية اخرجها عن جرائم الامبريالية العالمية. ضمت مؤسسة الفيلم البريطاني الى محتوياتها فيلمه الوثائقي ” عام الصفر: الموت الصامت لكمبوديا”، وهو من بين أهم عشر وثائق تسجيلية للقرن العشرين. كما التقط افلاما توثيقية عن اماكن التجارب النووية لدول الغرب الامبريالية، حيث ترك السكان الأصليون يعانون امراض السرطان وتشوهات الأطفال، دليلا على نزعتهم التدميرية اللاإنسانية، وان حربا نووية يشنونها احتمال واقعي. تلك التصرفات الهمجية تجاه شعوب مسالمة لاتشكل تحديا للولايات المتحدة، تدفع الصحفي صاحب الضمير لأن يستنتج أسوأ العواقب للحملة التحريضية الجارية حاليا لشيطنة الصين شعبا وحكومة، وذلك، حسب تعبير بيلغر، ” حرصا على دوام ” وجهة النظر المريضة نفسيا -السايكوباثية- التي كونتها أميركا عن نفسها ، والتي لا تقبل التحدي ، باعتبارها الدولة الأغنى والأكثر نجاحا ولا يمكن للبشرية الاستغناء عنها”.
جاء في تقرير جون بيلغر:
لدى أول زيارة قمت بها عام 1967 الى هيروشيما قابلني رجل اسمه يوكيو، على صدره انطبعت معالم القميص الذي كان يرتديه عندما أسقطت القنبلة الذرية. وصف وهجا ضخما غمر المدينة ” ضوء أزرق شيء أشبه بتماس كهربي “، بعد ذلك هبت ريح مثل الإعصار وبدأ مطر أسود يسقط. ” طُرِحْتُ على الأرض ولم ألحظ سوى عروق أزهار كنت احملها ؛ كل شيء ساكن وهادئ ، وعندما نهضت شاهدت الناس عراة ، ولا ينبسون بشفة. بعضهم بدون شعر أو جلد. تأكدت اني ميت.”
“بعد تسع سنوات عدت لأبحث عنه وعلمت انه مات بسرطان الدم.”
لتضييع هذه الحقيقة ،”حملت صحيفة نيويورك تايمزعلى صدر صفحتها الأولى يوم 13 أيلول / سبتمبر مقالة عنوانها بالخط العريض ’لا يوجد إشعاع نووي في هيروشيما‘ ؛ صيغة كلاسيكية من الأخبار الزائفة. نقل ويليام لورنس عن الجنرال فاريل ’رفضه المطلق أن (القنبلة النووية)أنتجت إشعاعا مستداما خطيرا‘. مراسل واحد فقط، هو الأسترالي ويلفريد بورتشيت قام برحلة مخاطرة الى هيروشيما في الفترة القصيرة بعد إلقاء القنبلة ، متحديا احتلال القوات المتحالفة التي سيطرت على ’النشر الصحفي‘، فبعث الى صحيفة (لندن ديلي إكسبريس) ’ اكتب كتحذير للعالم‘ نشرته يوم 5 أيلول 1945، وكان يجلس مع آلته الطابعة ، هيرمس، يصف ممرات المستشفى مليئة بأناس لايحملون إصابات مرئية ، يموتون مما وصفه ’وباء نووي‘. عوقب الصحفي الأسترالي على رسالته ، سحبت منه وثائقه الصحفية ، تعرض لحملة من المطاعن وتشويه السمعة ، لم يتسامحوا مع شهادته على الحقيقة”.
كان قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنبلة الذرية جريمة قتل مدبرة تفضح الجوهر الإجرامي لصانعيه ومستخدميه. جرى تبريره بالأكاذيب ، التي استُهِلت بها دعاية الحرب الأميركية منذ بداية القرن الواحد والعشرين وهي تستهدف عدوا جديدا هو الصين. وخلال 75 عاما منذ إلقاء القنبلة كانت أعظم اكذوبة مستدامة تزعم أن القنبلة النووية القيت من أجل إنهاء الحرب في المحيط الباسيفيكي وإنقاذ الأرواح.
” حتى بدون الهجمات بالقنبلة الذرية فإن السيطرة على الجو الياباني كافية لممارسة ضغوط كافية على اليابان كي تستسلم بدون شروط وتجنب الحاجة لغزو اليابان .” هذا ما استخلصته دراسة مسحية أميركية للقصف الطيراني عام 1946؛ مستندة الى تحريات دقيقة لجميع الحقائق ومدعومة بشهادة قادة يابانيون على قيد الحياة. تقول عملية المسح أن اليابان كانت لتستسلم حتى لو لم يتم إلقاء القنبلتين النوويتين، وحتى لو لم تدخل روسيا الحرب ضد (ضد اليابان)، وحتى لو لم تخطط عملية الغزو.
حوت الأراشيف الوطنية في واشنطون وثائق تفيد ان اليابان شرعت عام 1943 تبعث رسائل سلام ، لم تلق الاستجابة. وفي 5 أيار 1945 حملت برقية ارسلها السفير الألماني في طوكيو واعترضتها الاستخبارات الأميركية ، اوضحت ان اليانانيين كانوا على احر من الجمر لمقايضة السلام، بما في ذلك ” الاستسلام حتى بشروط قاسية ” ؛ ولم يتم اي عمل في هذا السبيل.
وزير الحرب الأميركي ، هنري ستيمسون، أبلغ الرئيس ترومان أنه “خائف ” من أن قصف اليابان بالقانبل سوف يحرم السلاح الجديد من” إظهار قوته”. واعترف ستيمسون في وقت لاحق ” انه لم يُبذَل مجهودٌ وما من خيارات أخرى جرى النظر فيها لتحقيق استسلام لمجرد عدم اللجوء الى القنبلة [النووية ]”.
زملاء ستيمسون بوزارة الخارجية – وهم يتطلعون الى ما بعد فترة الحرب التي شرعوا يشكلونها ” حسب تصوراتنا” ، وكما طرحها مخطط الحرب الباردة جورج كينان المشهور- اوضحوا انهم اعتزموا “ترويع الروس بالقنبلة [الذرية] بدلا من التفاوض معهم والقنبلة في حضننا ” حسب تعبير وزير الحرب الأميركي. وفي شهادة قدمها الجنرال ليزلي غروفس، مدير مشروع مانهاتن الذي صنع القنبلة الذرية ، قال:” لم يخامرني ادنى وهم أن روسيا هي عدونا ، وأن المشروع جرت إدارته بناء على هذه القاعدة”.
البشر لتجارب فاعلية السلاح النووي –عالم الامبريالية شديد القسوة وانحطاط خلقي
في اليوم التالي لمسح هيروشيما عبر الرئيس ترومان عن رضاه عن ” النجاح الكاسح” ل ” التجربة”. تواصلت ” التجارب” لمدة طويلة بعد انتهاء الحرب. وما بين عامي 1946 و1958 فجرت الولايات المتحدة 67 قنبلة ذرية بجزر مارشال بالمحيط الباسيفيكي : بما يعادل قنبلة هيرشيما في كل تجربة طوال اثني عشر عاما. وجاءت النتائج كارثية على البشر والبيئة؛ أثناء تصوير الفيلم الوثائقي الذي انتجْتُه ” الحرب القادمة ضد الصين” استأجرت طائرة صغيرة في رحلة تشارتر الى بيكيني في جزر مارشال. هناك فجرت الولايات المتحدة أول قنبلة هيدروجينية في العالم. بقيت الأرض مسممة. لا طيور، وأشجار النخيل لم تكن بحالتها القائمة، وسجل حذائي ” غير سالم” على جهاز غيغر الذي احمله.
سلكت دربي عبر الحرش نحو قبو من الاسمنت المسلح من هنا تم الضغط على زر التفجير الساعة 6 و45 دقيقة من صبيحة الأول من آذار 1954 . كانت الشمس بازغة توهجت من جديد وتبخرت جزيرة بأكملها في الفراغ، تاركة حفرة سوداء ضخمة ، تراها من الجو مشهدا يهدد باوخم العواقب : فراغ مميت في بيئة من الجمال. بسرعة انتشرت المواد المشعة فوق سطح الأرض وبصورة “غير متوقعة” يزعم التاريخ الرسمي أن ” ان الريح غيرت اتجاهها بغتة” . كانت الكذبة الأولى من أكاذيب عديدة كشفت عنها الوثائق المصنفة وشهادات الضحايا.
تم تعيين عالم الأرصاد الجوية ، جينيه كيرباو، لمراقبة موقع التجارب، قال : “علموا مسبقا أين ستتجه المواد المتساقطة ، حتى في يوم التفجير كانت لديهم الفرصة لإخلاء البشر ، لكن[الناس] لم يرحّلوا؛ ولم يتم ترحيلي… كانت الولايلت المتحدة بحاجة ألى خنازير غينية لإجراء التجارب عليها ودراسة تأُيرات الإشعاع النووي عليها.” .
مثل هيروشيما جرى حساب جزر مارشال على حيوات عدد كبير من البشر . كان هذا مشروع رقم 4.1.الذي بدأ دراسة علمية على الفئران وتحول الى تجربة على ” البشر المعرضين لإشعاعات السلاح النووي. جزر مرشال التي وجدتها عام 2015 – مثل الأحياء ممن أجريت معهم مقابلات في هيروشيما في الستينات والسبعينات – كابدوا أمراض السرطان ، وبصورة مشتركة سرطان ثيرويد؛ والأطفال الذين كتبت لهم الحياة مشوهون بصور مرعبة. خلافا لبيكيني ، قرب رونغلاب لم يتم إخلاء السكان لدى تفجير القنبلة الهيدروجينية . السماء اسودت وأظلمت، وبدأ يتساقط شيء بدا ثلجا؛ تسممت الأغذية والمياه، وسقط الناس ضحايا أمراض السرطان ، وما زال الأمر على حاله حتى اليوم..
التقيت بماري جوزيف التي أرتني صورة لها وهي طفلة في رونغلاب؛ عدة حروق على الوجه ومعظم شعرها تساقط. ” كنا نستحم في بئر يوم تفجير القنبلة ؛ بدأ يتساقط من السماء غبار أبيض، ذهبت وتلقفت المسحوق ، استخدمناه كصابون غسلنا به شعرنا . مضت بضعة ايام وبدأ الشعر يتساقط.” وقالت ليموفو أبون ، ” البعض منا كن في حالة ضيق شديد ، أخريات بدا عليهن إسهال شديد . كنا خائفات . اعتقدنا ان ذلك يجب أن يكون نهاية العالم”.
في فيلم أميركي رسمي ، اقتبست منه في فيلمي ، تحدث عن سكان الجزيرة ” كائنات قابلة للتوحش”. في أعقاب التفجير ظهر مسئول وكالة الطاقة الأميركية يتفاخر أن رونغلاب ” باتت اكثر مناطق العالم تلوثا “، وأضاف، “سوف يكون مثيرا للاهتمام الحصول على قدر من الاستغلال البشري حين يعيش الناس في بيئة ملوثة “
ابتكر العلماء الأميركيون ، ومنهم أطباء مهنا مميزة لدراسة ال” استغلال البشري”؛ هناك ظهروا في أفلام فليكر يرتدون معاطف بيضاء شديدو الانتباه لما سجلوه من ملاحظات . ولما مات شاب في سن المراهقة من الجزيرة بعثوا بطاقة تعاطف من العالم الذي كان يدرس حالته. التقطْتُ تقارير صحفية من خمس ” تفجيرات أرضية ” نووية في العالم – اليابان ، جزر مارشال ، نيفادا، بولينيزيا في أستراليا؛ أكثر حتى من خبرتي كمراسل حربي . علمني هذا عن الانحطاط الخلقي والقسوة الفظة للقوى العظمى : قوى الامبريالية ، شراستها، هي العدو الحقيقي للإنسانية!صدمني بقوة حين التقطت مناظر فيلم في تارانسكاي غراوند زيرو في مارالينغا في صحراء أ ستراليا. على حائط بشكل صحن لوحة كتب عليها :” تمت تجربة سلاح نووي بريطاني هنا يوم 9اكتوبر 1957″ وعلى طرف الإعلان كتب :
تحذير : خطر الإشعاع مستويات الإشعاع على بعد بضع مئات الأمتار
في محيط هذه النقطة ربما اعتبرت سليمة للاحتلال الاستعماري الدائم.
على مد النظر وما يتجاوزه كانت الأرض مغطاة بطبقة بلوتونيوم متناثرة مثل بودرة التلك . والبلوتونيوم شديد الخطورة على البشر ، بحيث ان ثلث مليغرام يحمل احتمالا بخمسين بالمائة في التسبب بمرض السرطان. والوحيدون الذين شاهدوا إشارات الخطر هم سكان أستراليا الأصليون؛ لم يجر تحذيرهم بالمرة . وطبقا لتسجيل رسمي فالمحظوظ بينهم “يهرب مثل الأرانب”.
الخطر المستدام
حملة لا سابق لها في هذه الأيام تطاردنا جميعا ؛ ولا يقصد منا مساءلة التيار اليومي للدعاية المناهضة للصين، الذي ينحرف سريعا لأخذ روسيا في تدفقه . كل ما هو صيني رديء ؛ دنس، خطر يهدد: ووهان … هوواي ! كم هو مربك عندما يصدر ذلك عن أكثر قادتنا بذاءة..
لم تبدأ المرحلة الراهنة من هذه الحملة عن ترامب؛ لكن من باراك اوباما ، الذي زار عام 2011 أستراليا كي يعلن اعظم حشد للأسطول البحري شهدته منطقة آسيا – الباسيفيكي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. بغتة غدت الصين مصدر “خطر” . كان هذا كلام تافه بالطبع . فما تعرض للخطر هو وجهة النظر السايكوباثية التي كونتها أميركا عن نفسها ، والتي لا تقبل التحدي ، باعتبارها الدولة الأغنى والأكثر نجاحا والأكثر ضرورة للبشرية لايمكن الاستغناء عنها. وما لا يُختلَف بشأنه هو قدراتها كمصارع-ازيد من ثلاثين دولة عضو بالأمم المتحدة تتعرض لعقوباتها وشلال دم يجري عبر دول ضعيفة تقصف بالقنابل ، ويطاح بحكوماتها ، ويجري التدخل في انتخاباتها، وتنهب مواردها.
شرع إعلان، أوباما باسم ” منطلق نحو آٍسيا” ؛ وكانت إحدى المنادين به وزيرة الخارجية ، هيلاري كلينتون، التي ، كما كشفت ويكيليكس ، أرادت تسمية محيط الباسيفيكي ” بحر أميركا”.
وبينما لم تخف كلينتون ولعها بالحروب ، فقد كان اوباما مايسترو تسويق. قال عام 2009، لدى تسلمه الرئاسة،” أعلن بوضوح وبقناعة تامة ان أميركا ملتزمة بالبحث عن السلام والأمن للعالم كله بدون أسلحة نووية”. زاد أوباما الإنفاق على الرؤوس النووية باسرع من أي رئيس سبقه منذ انتهاء الحرب الباردة. جرى تطوير قنبلة نووية ” قابلة للاستعمال”؛ عرفت باسم بي 61 موديل 12، ويعني ذلك ، حسب الجنرال جيمز كارترايت، نائب سابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة ، ” أن صغرها [ يحيل استعمالها ] قابلا أكثر للتفكير به”.
الصين هي الهدف، واليوم ازيد من 400 قاعدة عسكرية اميركية تحيط الصين بالصواريخ وقاذفات القنابل والسفن الحربية والأسلحة النووية ، تمتد من أستراليا شمالا عبر الباسيفيكي الى جنوب شرقي آسيا ، ثم اليابان وكوريا وعبر أوراسيا وافغانستان والهند ، تشكل القواعد ، كما أفادني أحد الاستراتيجيين الأميركيين، ” الأنشوطة المكتملة”.
ما لا يقبل التفكير به
في دراسة أجرتها مؤسسة راند- التي منذ فييتنام خططت لحروب أميركا- عنوانها : ” الحرب مع الصين التفكير في ما لايقبل التفكير به” اشرف عليها الجيش الأميركي، استحضر كاتب الخطة الصيحة البائسة للاستراتيجي الرئيس للحرب الباردة ، هيرمان كان –” التفكير في ما لا يقبل التفكير به”. شرح كان، في كتابه ” الحرب النووية الحرارية”، خطة من اجل حرب “يمكن كسبها “.
يشارك كان في وجهة نظره وزير خارجية ترامب ، بومبيو، انجيلي متعصب يعتقد ب ” نشوة النهاية”. ربما يكون أخطر إنسان على قيد الحياة، فقد تفاخر بالقول،” كنت مدير المخابرات الأميركية؛ حيث الخرافات والفبركات حول الصين كما كانت الأكاذيب حول العراق.الدعاية المضادة للصين تستند الى العنصرية المتعصبة ، يصنفون بالعرق “الأصفر” حتى لو كانوا بيضاً، والصينيون هم الجماعة العرقية الوحيدة التي منعت ، بموجب “قانون استثنائي” من دخول أميركا ، فقط نظرا لكونهم صينيون.اعتبرتهم الثقافة الشعبوية عرقا مجرما لا يجوز الثقة به ” متسلل( كطائرة شبحية) لا يرى”، بلا أخلاق . كرست مجلة “ذا بوليتين” الأسترالية صفحاتها لترويج الخوف من “الخطر الأصفر”، كما لو أن أسيا جميعها توشك أن تسقط بقوة الجاذبية على استعمار البيض فقط. وكما كتب المؤرخ مارتين باورز ، معترفا بتحديث الصين ، أخلاقيتها العلمانية و” إسهاماتها في للفكر الليبرالي شكل خطرا يهدد الوجه الأوروبي ؛ فبات من الضروري قمع الدور الصيني في الحوار التنويري … طوال قرون تهديد الصين لخرافة التفوق الأوروبي جعل منها هدفا سهلا للهجوم العنصري.
أطلق بيتر هارتشر ، المتمرس في مهاجمة الصين، في صانداي مورنينغ هيرالد، نعوتا تبخس كل من ينشر النفوذ الصيني في أستراليا مثل ” الفئران والبعوض”. يود هارتشر ، المغرم بالنقل عن الديماغوجي الأميركي ، ستيف بانون ، ثمة “أحلام” النخب الصينية الحالية، التي من الواضح انه يتتبع أسرارها. هؤلاء يستلهمون التوق ل ” انتداب السماء” لما قبل ألفي عام.
لكي تقاوم هذا ” الانتداب” فإن حكومة سكوت موريسون، التي كانت أكثر البلدان امنا على وجه البسيطة ، ومعظم تجارتها الخارجية مع الصين، فقد ألزمت بلادها بما قيمته مئات بلايين الدولارات من الصواريخ كي تضرب بها الصين. وما بين إبريل وحزيران حدث ما يقرب من 400 هجوم عنصري على استراليين من أصل آسيوي.
قال لي أحد كبار الاستراتيجيين في الصين : ” لسنا أعداءكم، لكنكم[في الغرب]إ ن قررتم اننا أعداء فيجب ان نحضّر بلا تأخير. ” تعتبر ترسانة الصين صغيرة بالمقارنة مع الترسانة الأميركية ، لكنها تتنامى بسرعة ، خاصة تطويرصورايخ بحر –بحر المصممة لتدمير أساطيل السفن.
كتب غريغوري كولاسكي من اتحاد العلماء ذوي الاهتمام ،” الصين تبحث وضع صواريخها النووية على اهبة الاستعداد القصوى ، بحيث يمكنها إطلاقها بسرعة لدى التحذير من هجوم …” وهذا من شأنه أن يحدث تغييرا هاما وخطيرا في سياسة الصين”.
في واشنطون التقيت ب أميتاي إتسيوني ، بروفيسور متميز في الشئون الدولية، بجامعة جورج واشنغتون ، كتب أن “هجوما على الصينيين يعميهم” قد وضعت خطته، ” بضربات يتصورها الصينيون ، خطأ ، محاولات وقائية لخطف أسلحتهم النووية ، وبذلك يحشرونهم في معضلة- [أستخدمه أو تفتقده] من شأنها ان تفضي الى حرب نووية”.
في العام 2019 دشنت الولايات المتحدة أضخم مناورات عسكرية بمفردها منذ الحرب الباردة. ومعظم عملياتها بسرية تامة . تم حشد أرمادا السفن ومدى طويل من قاذفات القنابل كانت مقدمة “معركة جو- بحر ضد الصين “(أيه إس بي) –أغلقت الممرات البحرية في مضائق مالاقا وقطعت الصين عن مصادرها من الغاز والنفط وغيرهما من المواد الخام القادمة من الشرق الأوسط وإفريقيا.
انه الخوف من إغلاق كهذا ما دفع الصين لتطوير حزامها ومبادرة الطرق على طريق الحرير الى اوروبا وعلى جناح السرعة بنت ممرات جوية على الجزر الصغيرة والضفاف البحرية في جزر سبراتلي.
في شنغهاي التقيت بليجيا زانغ ، صحفية في بيكين وروائية، نموذج لطبقة جديدة من المتحدثين ببلاغة. كتابها الأفضل مبيعا حاز على اللقب الحديد ” الاشتراكية شيء عظيم”. نشأت أثناء الحملات الفوضوية للثورة الثقافية، وسافرت لتعيش في أوروبا وأميركا. قالت إن عددا كبيرا من الأميركيين يتصورون ان “شعب الصين يعيش حياة بؤس وحياة قمع بلا حرية”. لم يتخلوا عن فكرة “الخطر الأصفر”، وليس لديهم فكرة أن خمسمائة مليون صيني انتشلوا من الفقر ، والبعض يقول ستمائة.
منجزات الصين المعاصرة ، إلحاقها الهزيمة بالفقر واعتزاز شعبها ورضاه عن منجزاته ( تقاس بأجهزة رقمية من قبل أجهزة الاستطلاع الأميركيية مثل (بي أي دبليو) مازالت مجهولة عمدا في الغرب او انه لا يدركها. وهذا وحده شهادة على حالة الصحافة بالغرب وتخليها عن النقل الأمين.
إن الجانب المظلم القمعي بالصين ، وما نود أن نطلق عليه ” السلطوية ” الصينية هي الواجهة التي يسمح لنا بمشاهدتها بصورة شبه مطلقة. كما لو أننا نتزود بحكايات لا نهاية لها عن الوغد دكتور مانشو. وحان الوقت ان نسأل: لماذا؟ قبل ان نتأخر عن إيقاف هيروشيما ثانية.