مؤشرات التجارة العالمية للسلاح في العالم و العالم العربي
الطاهر المعز
يقوم معهد ستوكهولم لأبحاث السّلام ( سيبري – SIPRI) بجمع البيانات لقياس حجم واردات الأسلحة على الصعيد العالمي على فترات تمتد كل منها خمس سنوات، ومقارنتها، فقد زادت واردات الدول الأوروبية من الأسلحة الرئيسية بنسبة 47% بين فترة 2013-2017 و2018-2022، بينما انخفض المستوى العالمي لعمليات نقل الأسلحة الدولية بنسبة 5,1%، وانخفضت واردات الأسلحة بشكل عام في إفريقيا (-40%) والأمريكتين (-21%) وآسيا وأوقيانوسيا (-7,5%) والشرق الأوسط (-8,8%)، دون ذكر تفاصيل عن حدود هذا “الشرق الأوسط”، فهو بالتّأكيد يضم الكيان الصهيوني، لكن هل يضم إيران وتركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، ويُشير التقرير إلى “زيادة حادة في واردات السّلاح بمناطق التوتر الجيوسياسي، بما فيها شرقي آسيا”.
انخفضت عمليات نقل الأسلحة على مستوى العالم، لكنها زادت في أوروبا بسبب حرب أوكرانيا، إذ تستورد الدول الأوروبية المزيد من الأسلحة بهدف تسليمها ( بمقابل مُؤَجّل الدّفع، أي بمثابة دُيُون) إلى أوكرانيا، كما زادت واردات الأسلحة من شرق آسيا، بسبب التهديدات والضّغوطات الأمريكية والتحريض ضدّ الصين، ولا يزال مستوى الواردات من دول “الشرق الأوسط” مرتفعا، بسبب وجود الكيان الصهيوني والتوترات المختلفة التي أثارتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، في العراق وسوريا وتحريض دُوَيلات الخليج ضد إيران وشعوب المنطقة كاليمن وسوريا وفلسطين، وبيعها أسلحة لا تتناسب مع حجم هذه المَشْيَخات التي تحتلها القواعد الأمريكية.
بالنسبة للصّادرات، انخفضت حصة الولايات المتحدة من صادرات الأسلحة العالمية من 33% إلى 40%، وانخفضت حصة روسيا من 22% إلى 16%، خلال الفترَة 2018 – 2022، مُقارنةً بالفترة 2013 – 2017، وفقًا لبيانات حول عمليات نقل الأسلحة الدولية الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، يوم 13 آذار/مارس 2023.
اتّسعت الفجوة بين الولايات المتحدة وروسيا (أول وثاني أكبر مصدر للأسلحة خلال العقود الثلاثة الماضية) وضاقت الفجوة بين روسيا وفرنسا، ثالث أكبر مُصَدِّر للأسلحة، وزادت صادرات الأسلحة الأمريكية بنسبة 14% بين سَنَتَيْ 2013 و 2022، وتمثل الولايات المتحدة 40% من صادرات الأسلحة العالمية بين 2018 و 2022، في حين انخفضت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 31% بين سَنَتَيْ 2013 و 2022، وانخفضت حصتها من صادرات الأسلحة العالمية، من 22% إلى 16%، بينما تراجعت حصة فرنسا من 7,1% إلى 11%.
انخفض عدد كبار المُسْتَوْرِدِين للأسلحة الروسية من 10 إلى 8 بين 2013 و 2022 وتراجعت الصادرات إلى الهند، أكبر مستورد للأسلحة الروسية بنسبة 37%، بينما انخفضت الصادرات إلى 7 مُسْتَوْرِدِين آخرين بنسبة 59% في المتوسط ، بسبب الحظر الأمريكي الذي يهدف إلى انهيار الاقتصاد الروسي، ومع ذلك زادت صادرات الأسلحة الروسية إلى الصين (+ 39%) ومصر (+ 44%) ، وهما الآن ثاني وثالث أكبر مُستورد للأسلحة الروسية.
يُتَوَقَّعُ أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى استمرار انخفاض صادرات الأسلحة من روسيا التي ستكون أولويتها تزويد قواتها المسلحة التي تُحارب حلف شمال الأطلسي عبر أوكرانيا، كما يتوقع أن لا يرتفع الطلب على الأسلحة الرّوسية من قِبَل العديد من الدول الأخرى بسبب الحظْر ضد روسيا والضغط المتزايد من الولايات المتحدة وحلفائها لعدم شراء المحروقات والأسلحة والمنتجات الروسية.
زادت صادرات الأسلحة من فرنسا (عضو نشط للغاية وعدواني للغاية في الناتو) بنسبة 44% بين سَنَتَيْ 2013 و 2022، إلى دول آسيا وأوقيانوسيا وما سُمِّيَ “الشرق الأوسط”، وتلَقَّتِ الهند 30% من صادرات الأسلحة الفرنسية بين سَنَتَيْ 2018 و 2022، وحلت فرنسا محل الولايات المتحدة كثاني أكبر مُوَرِّد للأسلحة للهند بعد روسيا.
احتلت أوكرانيا المرتبة الرابعة عشر بين أكبر مستوردي الأسلحة بين عَامَيْ 2018 و 2022 وتمثل 2% فقط من واردات الأسلحة العالمية خلال خمس سنوات، وفي سنة 2022 لوحدها، أصبحت أوكرانيا ثالث أكبر مستورد للأسلحة الرئيسية، بعد قطر والهند، بفعل الكميات الضّخمة التي أرسلتها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو).
بلغت حصة آسيا وأوقيانوسيا 41% من عمليات نقل الأسلحة الرئيسية بين سَنَتَيْ 2018 و 2022، وكانت ست دول في المنطقة (الهند وأستراليا والصين وكوريا الجنوبية وباكستان واليابان) من بين أكبر 10 مستوردين عالميين، خلال نفس الفترة.
زادت واردات دول شرق آسيا من الأسلحة بنسبة 21% بين سَنَتَيْ 2013 و 2022، وزادت واردات الصين من الأسلحة بنسبة 4,1%، وجاء معظمها من روسيا، ومع ذلك، سجل حلفاء الولايات المتحدة أكبر الزيادات في شرق آسيا: كوريا الجنوبية (+ 61%) واليابان (+ 171%)، وزادت واردات أستراليا، وهي أكبر مستورد للأسلحة في أوقيانوسيا، بنسبة 23%، نتيجة تضخيم الولايات المتحدة ما يسمى بـ “الخطر الصيني”، كذريعة لِتْدَفَعَ حلفاءها لزيادة مشترياتهم من الأسلحة بعيدة المدى (الأمريكية)، وتجدر الإشارة إلى غياب أو نقص البيانات الخاصة بتَسَلُّح تايوان.
لا تزال الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم، رغم الإنخفاض بنسبة 11% بين سَنَتَيْ 2013 و 2022، بينما زادت واردات باكستان – المُكَبَّلَة بالدّيُون – ثامن أكبر مستورد للأسلحة بين 2018 و 2022، بنسبة 14%، ومعظمها من الصين، أكبر مستثمر أجنبي، في قطاعات توليد الكهرباء والنقل والبنية التحتية والموانئ، في باكستان، ضمن خطّة “الحزام والطّريق”.
تُعَدُّ السعودية وقطر ومصر من بين أكبر 10 مستوردين للأسلحة في العالم بين سَنَتَيْ 2018 و 2022، وتُعَدُّ السعودية ثاني أكبر مستورد عالمي للأسلحة، حيث استوردت 9,6% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية خلال هذه الفترة، كما زادت واردات قطر من الأسلحة بنسبة 311% بين سنتَيْ 2013 و 2022، وأصبحت، بين 2018 و 2022، ثالث أكبر مستورد عالمي للأسلحة.
تأتي الغالبية العظمى من واردات الأسلحة ب”الشرق الأوسط ” من الولايات المتحدة (54%) ، تليها فرنسا (12%) وروسيا (8,6%) وإيطاليا (8,4%). وتشمل أكثر من 260 طائرة مقاتلة و 516 دبابة و 13 سفينة حربية (فرقاطة)، وطلبت دول الخليج العربي أكثر من 180 طائرة مقاتلة إضافية، فيما طلبت إيران 24 طائرة من روسيا، وتجدر الإشارة إلى غموض مفهوم “الشرق الأوسط” وغياب المعطيات المتعلقة بالكيان الصهيوني (الذي يمتلك ترخيصًا لتصنيع العديد من الأسلحة الأمريكية، فضلاً عن مخازن السلاح الأمريكي بفلسطين المحتلة، أو المُتعلّقة بتركيا عضو حلف شمال الأطلسي “ناتو”، الذي يحتل شمال قبرص منذ 1974، دون أي عقوبة، ويحتل الشمال الغربي لسوريا وبعض مناطق بالعراق، وتُعتبر قاعدة “إنجرليك” البحرية بتركيا، واحدة من أكبر القواعد الأمريكية/الأطلسية…
ملاحظات:
ترتيب أكبر عشر دول مصدرة للأسلحة في العالم: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا والكيان الصهيوني وإيطاليا وكوريا الجنوبية.
زادت دول حلف الناتو الأوروبية وارداتها من الأسلحة بنسبة 65%، خلال الفترة 2018 – 2022 ، بهدف محاربة روسيا، بينما انخفضت واردات الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء من الأسلحة بنسبة 23%، أما المُسْتَوْرِدُون الرئيسيون فهم أنغولا ونيجيريا ومالي، وتفوقت روسيا على الصين كأكبر مورد للأسلحة إلى دول هذه المنطقة.
أما في الأمريكتين فقد زادت واردات الولايات المتحدة من الأسلحة بين سَنَتَيْ 2018 و 2022 بنسبة + 31% والبرازيل بنسبة + 48% وتشيلي بنسبة + 56%.
تُشكّل قاعدة بيانات معهد ستوكهولم الدّولي لأبحاث السّلام ( سيبري – SIPRI ) مصدَرًا هامًّا للمعلومات حول تجارة الأسلحة بما في ذلك المبيعات والتبرعات والإنتاج المرخص والتعاقد من الباطن، وتهتم هذه البيانات بحجم شحنات الأسلحة ولا تهتم بالقيمة المالية للصفقات، ويُصدر معهد سيبري ثلاثة نشرات سنوية، ووردت البيانات التالية في الإصدار الثاني وهو مُلَخّص، لا يتطرق إلى تفاصيل عمليات نقل الأسلحة التي تَرِدُ في الإصدار السنوي الرئيس (منتصف سنة 2023) فيما توفر النشرة الثالثة ( الكتاب السنوي) معلومات شاملة عن اتجاهات الإنفاق العسكري العالمية والإقليمية والوطنية…
المصدر: بيان “معهد ستوكهولم الدّولي لأبحاث السّلام” (سيبري – SIPRI) 13 آذار/مارس 2023 – قاعدة بيانات عمليات نقل الأسلحة (Arms Transfers Database )