أحوال عربيةالعالم

لم تنكسر الإرادة الفلسطينية

حمدى عبد العزيز

لم تكن معركة السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ إلا جولة (ليست الأخيرة وليست النهائية) من جولات صراع تاريخى طويل يناضل فيه الشعب الفلسطينى من أجل استعادة حقوقه ووطنه السليب
، وهى معركة (أياً كانت حساباتها وآلامها وتضحياتها) لم تؤد إلى هزيمة كما يزعم البعض سواء من أنصار الصهاينة وبهاليل التبعية فى المنطقة العربية أو حتى اولئك المخلصون من المحبطين الذين هالهم حجم الضحايا والتدمير الذى أصاب بنية الحياة فى قطاع غزة ..
لم تكن هزيمة لأن إرادة الشعب الفلسطينى لم تنكسر ومقاومته لم تهمد ودولة العصابات الصهيونية لم تحقق هدفها الأساسى المعلن وهو (اجتثاث العشب) بمعنى اجتثاث مقاومة الشعب الفلسطينى وكسر إرادته للأبد بل على العكس فقد أد عمليات الإبادة إلى انكشاف الطبيعة النازية للصهيونية أمام قطاعات واسعة من شعوب العالم ، وأصبحت قيادة سلطة الدولة الصهيونية مطلوبة لدى المحكمة الدولية بغض النظر عن أن هذا الإجراء سيظل إجراءاً شكلياً ذو طابع معنوى ودلالى باعتباره لن يتحقق ولن تسمح موازين القوى الدولية بتنفيذه بأى حال من الأحوال ..
ولكن كل ماسبق لايعنى أن المقاومة الفلسطينية ومعها قوة الإسناد الرئيسية المتمثلة فى حزب الله لم يرتكبا أخطاء فى التقدير وبناء حسابات وتكتيكات المعركة سواء على ضوء تحديد يمتلكه العدو من قدرات تكنولوجية تقتضى ابتكار وسائل تحييدها أو الحد من تأثيراتها ، أو سواء على ضوء ماكان يسهل توقعه من محيط اقليمى هش لايمكن وضع أية حسابات تتعلق بالتعويل مساندته ولو بقدر ضئيل أو على ضوء ضعف ووهن وهشاشة الفعل الشعبى فى هذا المحيط مقابل المبالغة فى تقدير مابدا من شروخ وانقسامات داخل المجتمع الصهيونى فى اللحظة التى سبقت السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والتى دعت الشهيد حسن نصر الله أن يطلق عبارته الشهيرة (أوهن من بيت العنكبوت) كخلاصة لتقدير قام بوضعه فى صيف ٢٠٢٣ لموازين قوى الداخل الصهيونى وهو تقدير اتضح أنه لم يكن مبنى على حسابات صحيحة ..
ولايعنى فشل العصابات الصهيونية فى كسر إرادة الشعب الفلسطينى أن الشعب الفلسطينى قد أحرز نصراً حاسماً مابعده انتصار ذلك لأن حسابات الخسائر والمكاسب فى حالات المقاومة لاتقاس بمكاسب وخسائر معركة تقليدية بين جيشين نظاميين وانما الحرب هى حرب مقاومة شعبية ضد جيش تحكمه عقيدة عصابات القتل والإبادة والخسائر والمكاسب عملية تحتاج إلى حساب تداعيات المعركة على المجتمع الصهيونى ومجتمعات داعميه الدوليين وقبل ذلك على شعوب ودول المنطقة المحيطة به وهذا معناه أن المعركة لازالت طويلة ولازال هناك وقت أمام رفع رايات النصر والاحتفال به قبل تحققه ذلك بالرغم من أن هناك ما يدعو للاعتزاز ببطولة شعب قدم تضحيات غير مسبوقة من حيث حجم الضحايا وحجم التدمير وحجم الألم والمرارة لكنه أثبت أنه شعب لاتنكسر له إرادة وهذا يبعث على الإيمان بمستقبل هذا الشعب وقدرته الاستثنائية على الصمود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى