للمهتمين من وعاظ التراويح في رمضان
د.وسام الكبيسي
(تجربة شخصية)
تعاني العديد من المساجد في كل عام من مشكلة التذمر من الوعظ الذي يقدم بين ثنايا صلاة التراويح.. وهي مشكلة ليست جديدة، فقد كانت موجودة حتى قبل عصر السرعة وتدفق سيول المعلومات بصور متعددة. مما يفاقم من المشكلة اليوم ويرفع مستوى المسؤولية الملقاة على عاتق الواعظ ليأتي وعظه بمستوى لائق ونافع.
هذا يعتمد على توقيت وزمن الوقفة وعناوينها المطروحة…
بداية علينا أن نؤكد بأن رمضان فرصة لتثقيف الناس (دينيا وشرعيا) وخصوصا الذين لا يرتادون المسجد في غير رمضان ولا يسمعون محتوى يعزز الهوية الإسلامية للفرد والأسرة المسلمة.
ولذلك فعلى الإمام أن يوازن بين الأمور ليحقق الهدف مع السعي لمنع أو دفع الضجر والملل عند المتلقين…
تجربة سابقة
أذكر أننا كنا في جامع الإخوة الصالحين من عامرية بغداد أعزها الله، في منتصف تسعينات القرن الفائت، وكنت أقدم وقفة قصيرة بعد الأربع ركعات الأولى من التراويح في موضوع متسلسل طوال أيام الشهر، ومدة كل وقفة لا تزيد عن خمس دقائق… وكانت الموضوعات التي نتناولها فيها معلومات شيقة ومفيدة.
على سبيل المثال تناولت الحلقات في أحد الأعوام موضوع تربية الأبناء وكيفية التعامل معهم في كل مستوياتهم العمرية.
وكنت أحضر لها بشكل جيد حتى أن كل حلقة منها قد تأخذ مني من ٣- ٥ ساعات تحضير من كتب التفسير والسيرة وعلم النفس والعلوم الإنسانية عموما..
وأذكر أن بعض المصلين كان يتذمر في الأيام الأولى، ولكنهم بعد أيام قليلة صاروا يرتاحون للمواضيع ويتفاعلون معها ويأتي بعضهم ليناقش أو يستفسر بعد الصلاة لأنها لامست مشاكل فعلا يواجهونها مع أبنائهم ولا يجدون لها حلولا…
وقد استفدت شخصيا من هذا البحث بشكل كبير لنفسي وبيتي، وأرجو أنه كان مفيدا للكثير من المصلين. وخصوصا التعامل مع الطفل الخجول والطفل المعاند والطفل المدلل والتفريق في التعامل بين الأولاد وأثره على تكوينهم وأكثر التفاعل كان في التعامل مع مرحلة المراهقة. وقد كانت فرصة لتقديم العديد من القيم العليا في ثنايا طرح الموضوعات.
وقد رأيت أنها تجربة من المهم الاطلاع عليها..
والخلاصة فيها:
١- أن اختيار الموضوعات التي تلامس مشاكل المجتمع،
٢- والتحضير الجيد لها،
٣- وتركيز الموضوع بوقت قصير ولغة بسيطة،
٤- مع طرح بعض عناصر التشويق..
ستضمن للواعظ إقبالا وإصغاء بلا ملل.
في سياق النص: أذكر أن أحد طلاب الدراسات العليا من الجزائر الشقيقة إسمه “ميلود” كان يحضر لرسالة في الدراسات العليا في مجال قريب مما يطرح في الوقفات. وقد التقى بي أكثر من مرة للنقاش حول الأفكار المطروحة والمصادر التي تم الاستقاء منها… فكانت المعلومات مفيدة لعامة الناس وللمتخصصين والحمد لله رب العالمين.
ويعلم الله أنني ما ذكرت ذلك إلا لينتفع الجيل الجديد من تجارب من سبقهم.
والشكر موصول لصديقي وابن صديقي عبدالحميد خالد الذي ذكرني بهذه التجربة وتدوينها لعل فيها فائدة أو تذكرة.
والله من وراء القصد.