لا يحدث إلا في دولة الإحتلال…اعتقال ومحاكمة حامل التابوت
راسم عبيدات
لا يحدث إلا في دولة الإحتلال،ان يعتقل ويحاكم حامل نعش الشهيدة شيرين ابو عاقلة، الذي رغم كل السياط والهروات التي نزلت وسقطت على رأسه وجسده،ورغم أيضاً كل الألم والوجع الذي شعر به، بقي متشبثاً بالنعش والتابوت لكي لا تسقط شيرين من مجدها..وهذا لا يروق للمحتل ولا لأجهزة امنه ومخابراته،فهذا يعني خلق ورسم معادلات جديدة في المواجهة مع المحتل …معادلة جديدة في الصمود والدفاع عن الحق والوطن …..اعتقل الشاب عمرو ابو خضير،وهو ينتمي لعائلة مقدسية عريقة من بلدة شعفاط،دفع العشرات من ابنائها ثمن صمودهم و م ق ا و م ت ه م للإحتلال سنوات من اعمارهم في سجون الإحتلال،….ولذلك كان منهم ش ه ي د الفجر الطفل محمد ابو خضير الذي اختطفه المستوطنين المشبعين بالحقد والكراهية في تموز/2014 ليعذبوه وليحرقوه حياً ….ومنهم ا ل م ن اض ل ناصر ابو خضير الذي رغم أنه امضى ما يزيد على 15 عاماً في سجون الإحتلال ويعاني من ظروف صحية صعبة…ما زال يخضع لسلسلة من الإجراءات العقابية،بالإقامة الجبرية وعدم التواصل مع الآخرين ..الخ،وما زال ابنه عنان معتقلاً ل م ق ا و م ت ه الإحتلال،ولم يسلم من اعتقالات الإحتلال لا زوجته ا ل م ن ا ض ل ة عبير ” أم عنان” ولا بناته ولا أبنائه ….عمرو ابو خضير اعتقل وسيحاكمونه لحملة النعش، لأنه من أسرة وعائلة م ن اض ل ة ،وتحت بند ملف سري،ليبرروا فيه كذبتهم وفعلتهم وجريمة الإعتقال ، بان عملية الإعتقال ليس لحمله نعش الشهيدة شيرين ابو عاقلة،بل هذا الشاب ينتمي لمنظمة فلسطينية “إرهابية”،قدم لها خدمات …خدمات حمل التابوت …والتهمة لا تستند الى أي مبرر او مسوغ سوى انها تعتمد على إرث وتراث العائلة في مقارعة الإحتلال …..أين القائلين بحقوق الإنسان ودعاة ما يسمونه بالحرية والديمقراطية والعدل وغيرها من القيم والمبادىء التي داسوها و”عهروها” فيما يجري في اوكرانيا ..؟؟؟،حيث هبوا بعد اسبوع واحد من شن روسيا لحربها الإضطرارية على اوكرانيا للدفاع عن امنها القومي، في حرب ورطتها فيها امريكا ودول اوروبا الغربية من أجل مصالحهم واهدافهم ولمحاصرة روسيا و” تقزيم” دورها ،لكي يدينوا روسيا ويصفوا حربها بأنها انتهاك صارخ لسيادة اوكرانيا،وبإرتكابها لجرائم حرب والخروج عن الشرعية الدولية والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني،و74 من معاناة الشعب الفلسطيني وما تعرض ويتعرض له من قمع وتنكيل وطرد وتهجير واقتلاع وتطهير عرقي وجرائم على يد دولة الإحتلال بعد إحتلال كامل أرضه وتهجير أكثر من نصف شعبه،لم تدفع بأمريكا ودول اوروبا الغربية المتشدقة بهذه المباديء والقيم،لكي تتخذ عقوبة واحدة بحق دولة الإحتلال،تلزمها بإنهاء الإحتلال لأراضي شعبنا ووقف كل الإجراءات والممارسات القمعية والتنكيلية بحقه،والتي تنتهك بشكل سافر ووقح كل مباديء وقيم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني،هي معايير مزدوجة وإنتقائية في التطبيق،بما يخدم مصالح تلك الدول،وحتى الشهيدة شيرين التي تحمل الجنسية الأمريكية،والتي جرى اغتيالها على يد دولة الإحتلال بقرار اتخذ في قمة هرم دولة الإحتلال، لن تتعدى مواقف أمريكا ودول اوروبا الغربية،سوى عبارة الإدانة والإستنكار والشعور بالقلق والصدمة،ولكنها لن تدعم تحويل ملف الشهيدة شيرين ابو عاقلة الى محكمة الجنايات الدولية،ومحاكمة من إرتكبوا تلك الجريمة من قادة وجنود الإحتلال،فأمريكا قالت بشكل واضح وبشكل رسمي،بأنها لا ترى بأن محكمة الجنايات الدولية،هي الإطار المناسب لمعالجة قضية الشهيدة شيرين ابو عاقلة،وامريكا ودولة الإحتلال ومعهم اوروبا الغربية،سيمارسون كل الضغوط على السلطة الفلسطينية لمقايضة هذا الملف وعدم تحويله للجنائية الدولية،بدعم مالي واقتصادي للسلطة الفلسطينية،ولعلنا نتذكر تقرير “غولدستون” الذي اتهم جيش ودولة الإحتلال بإرتكاب جرائم حرب أثناء محاصرتهم واقتحامهم لمخيم جنين في عام /2002 ،والذي لم يجر متابعته وملاحقته من قبل السلطة.
عمرو ابو خضير الذي جرى اعتقاله وتحويله لزنازين وتحقيق ” الشاباك” الإسرائيلي،كما صدر عن محاميه خلدون نجم ،ستجري محاكمته تحت بند سري ،والبند السري هو تاريخ وارث عائلته ،ولربما عدم القدرة على إدانته ستدفع بهم لتحويله للإعتقال الإداري،او انهم سيقولون انه شارك بحمل التابوت والجنازة للشهيدة شيرين ابو عاقلة،بقرار وخدمة لمنظمة ” إرهابية” لم نعرف حتى اللحظة ،من تكون تلك المنظمة.
لا تستغربوا من هذه الدولة وأجهزة مخابراتها التي تعتمد في اعتقالاتها ومحاكماتها لأبناء شعبنا،على بند الملفات السرية،والتي تتيح لأجهزة مخابرات الإحتلال إعتقال الكثير من أبناء شعبنا إدارياً وبدون محاكمات وتهم معروفة،ومدة محددة للإعتقال،او اتاحة الفرصة للمتهم والمحامي للإطلاع على ما يسمونه بالملف السري..ولذلك اتخذ أكثر من 500 معتقل إداري فلسطيني موقفا جماعيا يتمثل بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا).
دولة تعتقل رجل بعمر المحامي بشير الخيري يعاني من عدة امراض،وعمره فوق الثمانين عاماً إدارياً،اتخذ قراره بمقاطعة محاكم الإحتلال إحتجاجاً على استمرار اعتقاله إدارياً،رافضاً أي مساومة تنهي اعتقاله الإداري بالإعتراف بالتهم الملفقة له، لا نعتقد بانها ستعجز عن تلفيق تهمة للشاب عمرو ابو خضير حامي التابوت وحامل النعش، هي قوانين ” قراقوشية” تمتهنها دولة ظالمة، تجد الدعم والحماية والبقاء فوق القانون الدولي والشرعية الدولية،من دول الغرب الأوروبي الإستعماري وأمريكا،وعمرو ابو خضير،هو من يجب ان يحاكم الإحتلال على جريمة القيام بضربه الوحشي من قبل جنود الإحتلال والتنكيل به لحملة التابوت،وليس أن يحاكم بتهمة حمله للتابوت في مفارقة عجيبة غريبة لا تحدث سوى في دولة الإحتلال.
فلسطين – القدس المحتلة
20/5/2022