كيف تعمل البورصة و الدور الاقتصادي للأسهم المالية
الأسهم في سوق الأوراق المالية
مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد – جامعة دمشق
تعمل سوق الأوراق المالية كمرآة للاقتصاد الوطني (في غالب الأحيان) وذلك من خلال تفاعل قوى العرض والطلب في السوق وتأثر هذه القوى بالوضع الاقتصادي العام
سوق الأوراق المالية ” Stock Exchange Market “: هي سوق لكنها تختلف عن غيرها من الأسواق، حيث لا يتم فيها تداول البضائع والمنتجات، بل تعرض بيانات عن أسعار الأسهم والسندات. وتعرف سوق الأوراق المالية بالبورصة أو (المصفق بالسوق المقفلة)، والبورصة سوق خادعة أحياناً فالمتعامل فيها (البائع أو المشتري) قد يتعرض لخسارة كبيرة في أي عملية من العمليات لأنه استند في استنتاجاته وقراراته بالبيع أو الشراء إلى بيانات خاطئة أو غير دقيقة أو أنه أساء تقدير تلك البيانات. وبسبب جو المنافسة الحرة في البورصة تحدث فيها عمليات مضاربة شديدة تؤدي أحياناً إلى انهيار مؤسسات مالية كبيرة وشركات كبرى، كما حصل في الاثنين الأسود في وول ستريت في بورصة نيويورك، أو الاثنين الأسود الآخر الشهير في الكويت عام 1983 عندما بلغت الخسائر في سوق المناخ للأوراق المالية اثنان وعشرون مليار دولار. أو كارثة فبراير في سوق الأسهم السعودية حيث فقد المؤشر 50% من قيمته كما فقدت معظم المتداولين السعوديين 75% من رؤوس أموالهم وأيضا الثلاثاء الأسود يوم 14-3-2006.
وظائف سوق الأوراق المالية (البورصة): لسوق الأوراق المالية وظائف عديدة أهمها:
1 – تأمين سهولة تبادل الأسهم المطروحة في السوق الأولية:
فالمكتتب على السهم (مالك السهم)، يستطيع بيع سهمه في سوق البورصة التي تسمى السوق الثانوية على أساس العرض والطلب، أما قبل نشوء البورصة، فقد كان أي شخص يبيع أسهمه أو حصة له في شركة ما، عبر السماسرة والأصدقاء، بينما أصبح الآن قادراً على بيع الأسهم التي يملكها عبر تقنيات البورصة المعروفة وضمن سوق الأوراق المالية.
2 – تسهيل جمع السيولة النقدية لنمو الشركات:
تعد طريقة إصدار الأسهم من أسهل الطرق وأكثرها شيوعا لتمويل نشاطات الشركة التوسعية، ومن الأمثلة على نشاطات الشركة التوسعية الاستحواذ على شركات أخرى وضمها إليها وتوسيع الخطوط الإنتاجية وزيادة الحصة السوقية والإندماجات وغيرها.
3 – توجيه المدخرات نحو الاستثمار:
بدلاً من أن يضع المدخر نقوده في البنوك بعوائد منخفضة نسبياً فإن سهولة الاستثمار بسوق الأوراق المالية يحفز المدخر لوضعها فيه وبالقطاعات الاقتصادية المختلفة.
4 – توفير فرص استثمارية لصغار المستثمرين:
الاستثمار بالأسهم مفتوح لكافة المستثمرين (كبار أو صغار)، لأن المستثمر يستطيع شراء الكمية التي يرغبها من الأسهم وحسب قدرته، فلا يجب على المستثمر أن يملك أموالا طائلة للقيام بإنشاء شركة ما، بل يمكنه أن يملك جزءا يسيرا جدا من أي شركة، عبر شرائه أسهما فيها، ما يمكن صغار المدخرين من استثمار أموالهم.
5 – المساهمة في إعادة توزيع الثروة:
نظرا لاتساع الشريحة المتعاملة في سوق الأوراق المالية فإن المكاسب تساعد في تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأمور قد تسير بالاتجاه المعاكس.
6 – تحفيز الشركات الحكومية:
لأن سوق الأوراق المالية تساهم في توسيع قاعدة المساهمين فإن الشركات تسعى إلى استقطاب مساهمين أكثر لخدمة أهدافها التوسعية هذه و من أهم معايير استقطاب هؤلاء المستثمرين كفاءة الإدارة في تحقيق غايات المساهمين لذلك فإن الاتجاه العام أن شركات المساهمة العامة أكفأ من ناحية الإدارة من شركات المساهمة الخاصة.
من الممكن أن تفكر الحكومة باقتراض الأموال وذلك لتغطية تكاليف مشاريع البنى التحتية وتسهل سوق الأوراق المالية الأمر من خلال طرح سندات في هذه السوق.
أنواع الأسهم المتداولة في البورصة:
الأسهم، مفردها سهم، وهو مصطلح يستعمل بكثرة بسوق الأوراق المالية أو ما يعرف بالبورصة. ويمثل السهم ملكية في شركة ما، ويتم الإشارة إليها أحيانا بمصطلح حصة في شركة. تميل قيمة الأسهم إلى الارتفاع بمرور الوقت. كما أنها تتمتع بفرصة لتحقيق أداء أفضل من أنواع الاستثمار الأخرى على المدى الطويل. ورغم ذلك فإن الأسهم تكون عرضة لتقلبات سعرية أكبر من الأدوات المالية الأخرى. وهناك نوعان من الأسهم السهم العادي والسهم الممتاز.
الأسهم العادية Common stocks: يتميز هذا السهم بأنه يكون كل المساهمين فيه لهم نفس الحقوق في الأرباح وفي التصويت فلا يتميز أي مساهم على الآخر وللسهم العادي ثلاثة قيم: الأولى – قيمه أسميه، وهي المكتوبة على الصك، والثانية – قيمه دفتريه، وهي مساوية للقيمة الاسمية إلا في حالة وجود أرباح محتجزه ويكون نموها حسب نمو الأرباح المحتجزة، والثالثة – قيمه سوقيه، وتتحدد حسب قوى العرض والطلب على السهم. وتعد الأسهم العادية كما يشير اسمها الأكثر تداولاً بين الأسهم وهي مصدر أساسي من مصادر تمويل للشركة. وتتم المحافظة على مكاسب السهم العادي عن طريق:
• زيادة الإيراد من خلال رفع الكفاءة التشغيلية والتسويقية.
• ترشيد المصروف عن طريق ترشيد عناصر القيمة المضافة (مثل الإيجار والأجور والإهلاك والفوائد) بالإضافة إلى المواد.
• ترشيد الأموال المستثمرة مع تصفيه المهتلك منها من خلال تحسين إدارة المخزون وإدارة الدين وإدارة النقدية.
السهم الممتاز Preferred stock: يختلف عن السهم العادي بأنه يتميز بتحديد عائد ثابت يحصل عليه صاحب السهم الممتاز قبل إجراء أي توزيعات يحصل عليها أصحاب الأسهم العادية، وبعد ذلك تحصل معهم على نصيبها من الأرباح سواءً بسواء. وفي حال عدم تحقيق الشركة لربح يغطي مقدار التوزيعات التي يجب أن يحصل عليها حامل السهم الممتاز فان حقه لا يسقط لكنه قد يؤجل إلى سنوات قادمة.
أما في حال إفلاس الشركة فان حامل السند أو الدين بكافة أشكاله هم أول من يحصل على حقه من تسييل أصول الشركة ثم حاملو الأسهم الممتازة وفي نهاية الأمر حاملو الأسهم العادية. وصاحب السهم الممتاز لا يكون له قوة تصويتية وذلك لعدم تحمله نفس المخاطرة كما حامل السهم العادي.
سعر السهم في سوق الأوراق المالية:
يتغير سعر السهم في سوق الأسهم كنتيجة مباشرة لتغير نسب العرض والطلب على السهم، ففي حالة الإقبال الشديد على الشراء فإن طلبات البيع رخيصة الثمن سوف تنفذ، وتبدأ الطلبات الأكثر سعرا بالظهور ويبدأ معها السعر بالارتفاع، وهذا على عكس ما يجري في حال الإقبال على البيع. سعر الإغلاق هو سعر السهم عند نهاية الدوام في السوق أو البورصة ويتم التداول في اليوم التالي منذ بدايته بنفس السعر. ويشار إلى مستوى سوق الأسهم بما يسمى نقطة، ويتم إحصاء النقاط للخسارة والارتفاع بما يسمى سعر الإغلاق للسوق في اليوم. ويعتمد المتداولون عموماً على أسلوبين في التحليل لاختيار الأسهم وشرائها، التحليل الأساسي والتحليل الفني.
التحليل الأساسي (Fundamental Analysis): هو وسيلة للتكهن بتحرك الأسعار المستقبلي لأي أداة مالية بالاعتماد على البيئة الاقتصادية والسياسية وعوامل أخرى تتعلق بها، والإحصائيات التي سوف تؤثر على العرض والطلب الأساسي بالنسبة لكل ما يشكل الأداة المالية. يركز التحليل الأساسي على ما الذي يجب أن يحدث في السوق. العوامل التي تستخدم في تحليل السعر: العرض والطلب ودورات موسمية والمناخ الاقتصادي وسياسة الحكومة.
التحليل الأساسي هو تقييم دقيق أو استراتيجي عن مكان المتاجرة في العملة اعتماداً على أي معايير بل حركة سعر العملة ذاتها. تشمل هذه المعايير عادة الحالة الاقتصادية للبلد التي تمثلها العملة والسياسة النقدية وعناصر “أساسية” أخرى. متاجرات مربحة كثيرة تتم فوراً قبل أو بعد تصريحات اقتصادية كبرى بوقت قصير.
يستخدم الكثير من المتداولين في الأسواق التحليل الفني إلى جانب التحليل الأساسي لتحديد إستراتيجية المتاجرة. ميزة واحدة كبرى للتحليل الفني هو أن المحلل الخبير يمكنه أن بتابع أسواق كثيرة وأدوات سوقية كثيرة، بينما المحلل الأساسي يحتاج ليعرف السوق بشكل خاص وعن قرب. يدرس المحلل الأساسي أسباب تحرك السوق، بينما يدرس المحلل الفني التأثير.
التحليل الفني (Technical Analysis): يعتمد التحليل الفني على دراسة تغير سعر السهم خلال الزمن، ويستخدم برامج مختصة في تحويل تغيرات الأسعار إلى مخططات بيانية تربط السعر بالزمن. لذلك لا يهتم التحليل الفني بأداء الشركة أو أرباحها، لأن المتداولين يعتمدون على التحليل الفني للعثور على علاقات ونماذج محددة، منها ما يسمى: بخطوط الدعم والمقاومة، والمثلثات، والقيعان المزدوجة، والقمم المزدوجة، والرأس والكتفين وغيرها. وهذه النماذج تعد مؤشرات تنبه المتداول إلى مرور السهم بمنطقة سعرية حرجة، تؤدي غالباً إلى تغير في الاتجاه صعوداً أو هبوطاً.
المتاجرون بالأسهم:
يكون المتاجر بالأسهم أحد أثنين إما مستثمر أو مضارب. فالمستثمر هو الذي يشتري سهم شركة ما بعد أن يطّلع على أداء الشركة والتعرف على خدماتها وقوة منتجاتها، ويطّلع على قوائمها المالية الفصلية (ربع، نصف سنوي) والقوائم المالية في ختام السنة المالية. يقوم بالمقارنة بين أداء الشركة في فترات سنوية مختلفة أو بين أداء الشركة وشركة منافسة لها. هذا الأسلوب يُسمى بالتحليل الأساسي. من يتّبع هذا الأسلوب هو من يريد جني أرباح من خلال توقعه ارتفاع قيمة السهم خلال عدة شهور أو سنين أو حتى يتقاضى أرباح من الشركة مقابل حمله لسهم الشركة. وإستراتيجية اقتناء السهم بهذه الطريقة تسمى الشراء والاحتفاظ (Buy and Hold) أي امتلاك السهم وبقائه في المحفظة الاستثمارية لفترة.
الصنف الثاني من المتاجرين بالأسهم هو المضارب، وهو من يُحلل السهم باستخدام الرسم البياني الخاص بأداء السهم. لا يلتفت المضارب إلى منتجات وخدمات الشركة ولا إلى القوائم المالية في الغالب. كل ما يهتم به هو حركة السهم التي تتضح من خلال الرسم البياني. وهذا النوع من التحليل يُسمى بالتحليل الفني. والمضاربون ينقسمون لأقسام منهم المضارب المتأرجح (Swing Trader) والمضارب اليومي (Day Trader).
لشراء الأسهم يعتمد المتداولون على معدلات التحرك الوسطية، والمؤشرات التقنية. ويتابعون ويتصيدون أخبار المشاريع الجديدة للشركات أو مواعيد الإعلان عن الأرباح أو عمليات تقسيم الأسهم وغيرها من الأخبار للاستفادة من التغيرات السعرية التي قد تنتج عنها. فيبادرون إلى الشراء قبيل انتشار الأخبار الإيجابية عن الشركة والبيع بعيد انتشارها وانتعاش سعر السهم، أو أنهم يتسللون بتصريف ما يملكونه من أسهم عند تلقطهم لأنباء سلبية عن شركة ما.
وتساعد المخططات والرسوم البيانية المتداولين في سوق الأوراق المالية على اختيار نقاط الشراء المناسبة، ونقاط البيع أو الهروب. فمن المناسب لمتداول الأسهم أن يشتري السهم بأقل سعر ممكن وبيعه بأعلى سعر ممكن. ومن خلال المخطط البياني يسعى المتداولون إلى شراء الأسهم في أقرب مكان إلى قاع المخطط البياني وبيعها في أعلى نقطة ممكنة من ذلك المخطط، ثم معاودة الشراء بسعر منخفض ثانية والبيع عندما ترتفع الأسعار وهكذا.
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد