أحوال عربيةأخبار العالم

أحداث السويداء… ومحاولات الاصطياد في الماء العكر!

أحداث السويداء… ومحاولات الاصطياد في الماء العكر!

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

منذ فترة نشاهد في السويداء بعض المحاولات لبث الفتن ومحاولات استغلال أي حادث وربطه بأبعاد سياسية لاتهام فريق دون آخر بما يوتر الأجواء ويبث حالة من الاضطراب بين المواطنين، فهناك من يخرج ليبث السموم ومحاولة الاصطياد بالماء العكر وتوجيه الاتهامات الى الحكومة لتشويه صورتها في محاولة لإشغالها بالداخل.

اليوم يتم اختزال ما يحدث في السويداء بمواقع فيسبوكية تبث من الخارج صور ومقاطع فيديو من خلالها يلصقون الشائعات والأكاذيب بالمؤسسات الحاكمة للوطن، حتى نكاد نتقين إن كل ما يجري في الجنوب السوري تقف خلفه بعض الغرف السوداء لخدمة مشاريع معينة والانتهاء بخلاصات لا تخدم إلا جهات معينة ومعروفة في الداخل والخارج، فلدينا سؤال محوري، من المستفيد من كل هذه الامور والمحاولات لإشعال نار الفتن في هذا البلد؟ ولماذا تدعم أمريكا والغرب النشطاء، ومنظمات المجتمع المدني، في الوقت الذى تفرض فيه سياسة العقوبات ضد سورية في إطار قانون قيصر؟

الحقيقة أن أمريكا والدول الغربية تمول بعض الاعلاميين والسياسيين والنشطاء لينشطوا في تخريب البلاد وإثارة الفوضى، ويمدوها بتقارير وهمية عن حجم المعتقلين في السجون، وكبت الحريات، لتتخذها ذريعة للتدخل في الشأن الداخلي السوري، للهدم والتدمير وليس للبناء والتعمير

فإسرائيل والولايات المتحدة لديهما هدف مشترك في الجنوب السوري هو إقامة حزام أمني في الجولان وتمرير مشروع لإقليم إنفصالي في السويداء و إشغال الجيش السوري وحلفائه وحرف أنظارهم عن تطورات هامة تحصل شمال شرق سورية، وبالتالي فإن الهدف الأساسي من تحريك الولايات المتحدة لأدواتها هو تعطيل سورية وإنشغالها بحدودها التي تشتعل كل يوم، والبعض يسعى لنقل الصراع إلى مدن أخرى حتى يجعل المنطقة ساخنة ومتوترة.

أمريكا وحلفاؤها لا يهمهم الشعب السوري في أن يجد لقمة عيشه بسهولة، أو توفير فرص عمل للشباب، أو مسكن لائق، ومستشفيات ومدارس وجامعات متطورة، لذلك لا ترصد دعماً حقيقياً لهذه المجالات، ولكن ترصد مبالغ طائلة، للمنظمات الحقوقية، ونشطاء الفيس بوك ومدعى الثورية، ومثيري الفوضى والتخريب، والذين سخروا أنفسهم للترويج للشائعات والأكاذيب لإشعال الفتن.

أمريكا وحلفاؤها لديهم أهداف ومخططات، ولا يعنيها رفاهية ورخاء واستقرار سورية، لذلك ترصد الملايين، لمن ينفذ مخططاتها، وتدعم منابر حقوقية، وجماعات، وحركات تدعى نشاطها الثوري، وتستضيفهم في فنادقها لتدريبهم على كيفية إسقاط الدولة، ومحاربة المؤسسات الحامية، وعلى رأسها القوات المسلحة ووزارة الداخلية، ومن هنا فأصابع الولايات المتحدة موجودة في كل ما يجري في المنطقة وخاصة في سورية ، فهي اللاعب الرئيسي الخفي والذي لديه اتصالات مع جميع الأطراف، حيث يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة فاعل أساسي في إطالة حرب الإستنزاف على سورية.

ما من مرة تدخّلت أمريكا في دولة إلا وعبثت فيها ومزقت مكوناتها وأثارت فيها الحروب والفتن، فأمريكا تغتنم الفرصة عند أية أزمة داخلية في بلد ما كي تحقق مصالحها وإستراتيجياتها، وتدخل طرفاً ضد طرف آخر، فالأزمات التي تواجهها العديد من الدول العربية حالياً، لم يكن لها أن تتفاقم على ما عليه من إقتتال وفتن، وتتحول إلى ساحات للمواجهات الدموية وإنتشار للأفكار التكفيرية والإرهابية، وإلى معاقل للمرتزقة، لولا يد أمريكا التي تجد عوناً لها في الداخل يعمل في خدمتها معتقداً أن أمريكا تحقق له مصالحه، ويغيب عن باله أنه مجرد أداة يتم استغلالها، وعندما تنتهي صلاحيته يتم التخلي عنه.

إن استمرار شلال الدم في سورية مصلحة أمريكية اسرائيلية يريدونها مقسّمة حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي، لكن العالم بات يعرف التناقض المفضوح التى تتصف بها سياسة أمريكا في المنطقة، وأن هناك سياسة مزدوجة تقوم بها أمريكا، ففي الوقت الذي رفضت فيه تسليح الجيش الليبي خوفاً من وقوع الأسلحة في أيدي المتطرفين، تدعم وبقوة الجماعات المتطرفة ضد الجيش السوري، كما أن مخطط أمريكا لتفتيت المنطقة وتقسيمها وخلق منها دويلات صغيرة أصبح واضح للجميع، لأن الولايات المتحدة تخطط من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل.

يبقى ان نؤكد لمن يعمل على تنفيذ السياسات الأميركية في الداخل التنبه ان هذا الاميركي لا يهمه سوى مصالحه فقط والحفاظ على أمن كيان العدو الإسرائيلي، فهو سيبيعكم كما باع كل أدواته وعملائه في العراق وأفغانستان وفيتنام وغيرها، فالأجدى للسوريين البحث فقط عن مصالح وطنهم التي تتحقق بالتضامن الداخلي والبحث عما يجمع لا ما يفرق، فكل ما يفرق ويقسم هو مصلحة أمريكية اسرائيلية بحتة ولا يستفيد منها إلا أعداء سورية وخصومه لا غير، وبالتالي على الشيوخ والمثقفين والفعاليات الرسمية والاجتماعية ووسائل الاعلام المختلفة اعتماد الخطاب العقلاني للحفاظ على الدولة ومؤسساتها، خاصة ان الاوضاع في البلاد لا تحتمل أي مغامرة او مكابرة من قبل أحد تحت أي ذريعة من الذرائع.

أختم بالقول: لقد آن الأوان لنطوي الصفحات السوداء لهذا التاريخ ونبدأ عهداً جديداً تنتهي معه كل أسباب وعوامل التصارع والتقاتل ليحل بدلاً عن هذه الويلات التصالح والتسامح والمحبة والتآخي ويسود التآلف والوئام النابع من إدراك واع أن سورية وطننا جميعاً وليس لنا وطناً غيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى