كل القوانين التي تسير الضمان الاجتماعي في الجزائر

ع شمور
تسير المنازعات القضائية المتعلق بتعاقدات الشمان الاجتماعي في الجزائر بمجموعة من من القوانين الخاصة ، صدرت ضمن مجموعة من المراسيم بعد القانون الصادر عام 1983 .
ـ القانون 83 – 15 المؤرخ في 02/07/83 المتعلق ب: منازعات الضمان الاجتماعي.
ـ القانون 83/ 11 المؤرخ في 02/07/83 المتضمن قانون الضمان الاجتماعي.
ـ المرسوم 84 .27 المؤرخ في 11_02 _1984 المتضمن كيفية تطبيق العنوان الثاني من القانون 83-11 .
ـ المرسوم 97-472 المؤرخ في 08 -12-1997 المتعلق بتحديد الاتفاقية ما بين الصناديق و الصيدليات.
ـ المرسوم التنفيذي 04-114 المؤرخ في 13-04-2004 المحدد لكيفيات التمثيل و التعيين وكذا سير لجان الطعن في مجال الضمان الاجتماعي.
ـ القرار المؤرخ في 08-08-1993 المتضمن الاتفاقية النموذجية مابين الصناديق و المراكز الطبية الاجتماعية.
ـ القرار المؤرخ في 08- 08 -1993 المتضمن الاتفاقية النموذجية ما بين الصناديق وعيادات الولادة التابعة للقطاع الخاص.
ـ التعليمة رقم 22 المؤرخة في 06-02-2000 المتعلقة باستعمال نظام الدفع من طرف الغير.
ـ المنشور رقم 02 المؤرخ في 06-02-2000 المتعلق بكيفية استعمال الدفع من قبل الغير.
ـ الاتفاقية الدولية 52-102 التي بدأ سريان العمل بها في 27-04-1954 الصادرة عن مؤتمر العمل الخامس والثلاثين المنعقد في جنيف، المتعلقة بالجد الأدنى للتأمينات الاجتماعية.
إن هذه الدراسة للموضوع ، ستتناول أساسا، التعريف بمفهوم الضمان الإجتماعي والمنازعات المتعلقة به ، مع التركيز على ما يهم الممارسة القضائية دونما التطرق للجوانب النظرية. وقد تم تصميم الدرس على نحو يشمل ثلاثة محاور اساسية هي: 1- نطاق تطبيق نظام الضمان الاجتماعي ( من حيث الفئات التي تشملها تغطية الضمان الاجتماعي، ومن حيث المخاطر والامراض التي تغطيها).
2- مفهوم منازعات الضمان الاجتماعي .
3- تسوية المنازعات المتعلقة بالضمان الاجتماعي.
مقدمة تستعرض نبـــذة عــن النصـوص وتطورهـــا .
أ‌- نطــاق التطبيق:
1 – الفئات الخاضعة للتأمينات الإجتماعيــــة :
– العمال الأجراء .
– الغير أجراء الممارسين لعمل مهني مستقل .
– ذوي الحقوق .
2 – المخاطر التي تغطيها التأمينات الإجتماعيـة :
– التأمين على الأمراض .
– التأمين على الأمومة
– التأمين على العجز .
– التأمين على الوفاة .
– التأمين عن حوادث العمل .
– التأمين عن التقاعد و البطالة .
ب – منازعات الضمان الإجتماعي :
– المنازعات العامة .
– المنازعات الطبية .
– المنازعات التقنية .
– المنازعات المتعلقة بالتعويض عن الخطأ .
– المنازعات المتعلقة بتحصيل المبالغ المستحقة .
ج – تسوية المنازعات المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية :
1- التسوية الداخلية :
** اللجنة الولائية للطعن المسبق( قانون99/10 المعدل والمكمل للقانون 83/15 )
– تشكيلتها .
– إختصاصاتها .
– سير أعمالها .
** اللجنة الوطنية للطعن المسبق :
– التشكيلة .
– الإختصاص و الصلاحيات .
– سير أعمالها .
** التكييف القانوني لقرارت لجان الطعن المسبق وأثارها
( قيد شكلي على رفع الدعوى القضائية ) .
2 – التسوية القضائية ( دور القاضي و إختصاصه في منازعات الضمان الإجتماعي) :
** إختصاص القاضي ( الإجتماعي ) .
– دوره في التحقق من طبيعة المنازعات .
– دوره في التحقق من صحة إجراءات رفع الدعوى .
– سلطة القاضي في التحيق من طبيعة الحادث أو المرض.
– سلطة القاضي في مراقبة مدى صحة إجراءات الملاحقة.
– دور القاضي في الدعاوى ذات الطابع المدني .
– دورالقاضي في فحص عناصر المسؤولية .
– سلطته في تقدير التعويض.
نبــذة تاريخيـــة عــن النصـوص التشـريعية
يتميز قانون الضمان الإجتماعي بذاتية ونوعية من حيث خصائصه ومصادره ، جعلته متميزا عن فروع القانون الأخرى .
ومن أهم خصائصه سرعة تطوره للتكيف مع الواقع الإقتصادي و الإجتماعي للدولة . ولذلك نجد النصوص القانونية التشريعية و التنظيمية متفرقة ومتبعثرة .
1- المرحـــلة ماقبل اإستقلال :
كان أساس تنظيم منازعات الضمان الإجتماعي في الجزائر هو قانون 30/12/1952 وقد عدل تباعا في 17/07/54 وفي 22/09/56 وفي 07/01/59
2- المــرحلة الإنتقاليــة :
و قـد صـدر في 31/12/62 القانون 62/157 فمـدد سريان العمـل بالتشريع الفرنسي مع مرعاة مبدأ عدم التعارض مع السيادة الوطنية .
المـــرحلـة مابعد الإستقــلال :
* في 11-03-65 صدر المرسوم 65 – 67 الذي عدل القانون ( 52 – 1403 المؤرخ في 30/12/52 ) الفرنسي سالف الذكر .
* في 21-06-66 صدر القانون 66-183 المتضمن التعويض عـن حـوادث العمل و الأمراض المهنية .
* في 02-07-1983 صـدر القانون 83/15 المتعلـق بالمنازعات في مجال الضمان الإجتماعي .
* في 29-12-86 عدل هذا القانون بقانون الماليـة 86-15 المتضمن قانون المالية لسنة (1987) .
* بعد صدور دستور 1996 تم تعديل القانون 83-15 للمرة الثانية بإصدار القانون 99-10 المؤرخ في 11 – نوفمبر 1999 .
الفصل الاول: نطاق التطبيق وطبيعة المنازغات
المبحث الأول ـ نطــاق تطبيــق قانون الضمان الإجتمـاعي
يهدف قانون الضمان الإجتماعي في النظام الدولي إلى تغطية كل الأفراد الذين هم بحاجة إلـى الحمايـة واللذين يعيشون ضمن إقليم الدولة وتغطية أكبر نطاق ممكن من المخاطر.
وتقـاس دائرة إتساعه سواء من حيث عـدد الأفراد أو المخاطر بثير من مدى الإمكانيات المتوفرة للدولة ودرجة تطورها . والحقيقة أن هذا التوسـع لايمكن أن يتم إلا في حدود النظام الإقتصادي ، لأن التعويضات التي يمكن أداؤها إلى المستفيدين تقتطـع من الدخل القومي، أي من إنتاج القوى العاملة حيث تحصل الفئات غير القادرة عن العمل بموجب نظام الضمان الإجتماعي، ممـا تنتجه الفئات القادرة عن العمل وأي إختلال في التوازن سوف يؤثر على المستفيدين .مما يترتب عليه في الكثيرمنا الاحيان الى مساهمة الدولة في الصناديق .
فبعـد أن كانت التأمينات الإجتماعيـة في أول عهدها لاتشمل إلا بعض فئات الإجراء ، أصبحت اليوم تشملهم جميعا وسـرعان ماتوسع مفهوم الأجيرولا يزال يتوسع .
وعلى إعتبار أن المبدأ المقرر هو التوسع في الحماية، فإن مفهوم حوادث العمل و الأمراض المهنية قد أصبح يشمل الحوادث التي تقع للمؤمن على الطريق من و إلى العمل ، كما أن الجداول المخصصة للأمراض المهنية يضم إليها باضطراد أمراضا جديدة يكتشفها البحث والتقدم العلمي ، يوما بعد يوم .
* هـذا التوسع في الحماية من حيث الأشخاص و المخاطر افرز من الناحيـة التطبيقية ،عدة أوضاع معقدة ،مردها سوء صياغة القوانين وسوء تطبيقها أو إليهما معا ، مما أدى إلى كثرة الإحتجاجات من طرف المستفيدين، و عقد عمل الهيئات المختصة و الجهات القضائية على السواء، حين فصلها في هذه المنازعات
وسنحاول تلخيص نطاق تطبيق نظام الضمان الاجتماعي في محورين:
اولا– الفئـــــات الخاضعة للتأمينات الإجتماعـــية:
كان القانون 66-183 المؤرخ في 21-06-66 والذي بقي ساريا إلى غاية صدور قوانين 1983 يستثني عالم الفلاحة غير أن القانون الجديد وحد نظام الإجتماعي مابين جميع القطاعات وعلى جميع العمال بما فيهم ( الأجانب) .
يفهم من التشريع الساري في مجال التأمينات الإجتماعية بأن الفئات التي يشملها هـــي :
1 – فئة العمال الأجراء : كان تحديد هذه الفئة في السابق يتم على أساس ( عقد العمل) غير أنها أصبحت الأن، تشمل كل الأشخاص الذين يقومون بنشاطات لحساب مشروع إقتصادي معين أو لصاحب العمل. وقد جاء في نص المادة (3) من القانون 83-11 المؤرخ في 02-07-83 ( المتضمن قانون الضمان الإجتماعي )، النص الآتي:
« يستفيد من أحكام هذا القانون كل العمال سواء كانوا أجراء أم ملحقين بالأجراء أي كان قطاع النشاط الذي كان يسري عليهم قبل صدور هذا القانون » .
2 – فئة الملحقين بالأجراء :
1 – العمال الذي يباشرون عملهم في المنزل
2 – الأشخاص الذي يستخدمهم الخواص كالبوابون و الخدم و الممرضات .
3 – الممتهنون الذين تدفع لهم رواتب شهرية تساوي 2/1 ا
4 – الفنانون و الممثلون الناطقون وغير الناطقون في المسرح و السينما و
المؤسسات الترفيهية الذين تدفع لهم مكافأت في شكل أجرة .
5 – حمالو الأمتعة الذين يستخدمون المحطات .
6 – حراس المواقف في المحطات .
ب – فئة الغير أجراء الممارسين لعمل مهني مستقل :
– التجار ، الصناعيون و الحرفيون .
– المشتغلون في المهن الحرة .
– مالكو الأراضي الفلاحية .
– أصحاب وسائل النقل
هذه الفئة تقرر بعض التشريعات إشتراكهم الإجباري ( التشريع الفرنسي ) و تترك لهم تشريعات اخرى حرية الإشتراك .
اماالقانون الجزائري، فتنص المادة 4 من المرسوم التنفيذي 93-119 المؤرخ في 15-05-1993، المحدد لإختصاصات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي لغير الأجراء ( CNAS ) على تمثيل هذه الفئات في تشكيلته . وهونضام يسير في اتجاه اجبارية التأمين الاجتماعي بالنسبة لكل الذين ينشطون في مجال شبكة الانتاج والعمل.
ج – ذوي حقوق المستفيد :
يقصـــد بهـــم :
1 – زوج المؤمن له و أولاده : إذا لم يكونوا يمارسون نشاطا مهنيا مأجورا .
2- الأولاد المكفولين : و يشمل مفهوم الاولاد في مفهوم تشريع الضمان الاجتماعي :
_ الأولاد ُ الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة.
_ الأولاد البالغون أقل من 25 سنة ( الذين لهم عقد تمهين بأجر يقل عن نصف الأجر الوطني الأدنى المضمون )
_ الأولاد البالغون أقل من 21 سنة الذين يواصلون دراستهم .
_ الأولاد المصابين بعاهة أو مرض مزمن تمنعهم من ممارسة أي نشاط
مأجور
3 – الأصول المكفولين ( أصول المؤمن له و أصول زوجه ( عندما لا
تتجاوز مواردهم الشخصية المبلغ الأدني لمعاش التقاعد .
4 – فئة الطلبة والعمال المقبولين في التكوين بالخارج .
ثانيا: النطــــاق الذي يشملـــه نظـام التأمينات الإجتمــاعية
( المخــاطر التي يغطيـــها)
تطور نظام التأمينات الإجتماعية بصورة كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية بشكل كان يتفق مع تطور فكرة المخاطر. فظهر في البداية التأمين عن حوادث العمل ، ثم ظهرت التأمينات عن المخاطر الأخرى بصفة تدريجية ( كالعجز – المرض – الوفاة ).
وقد نظم المشرع الجزائري في القانون 83-11 المؤرخ في 2/07/1983 والذي جاء بهدف إنشاء نظام موحد للتأمينات الإجتماعية ويشمل تغطية المخاطر التالية:
1– التــأمين علـى المرض :
المرض من العوارض التي تصيب الإنسان متتسبب في التوقف عن العمل لفترة قد تطول أو تقصر فيتعرض العامل خلالها إلى فقد دخله ، وقد يكلفه ذلك مصاريف تفوق دخله المعتاد ( مصاريف الأطباء- المستشفى – الدواء ) .
فالأصل في التأمين عن المرض أن يغطي المستفيد وذويه لكن بعض التشريعات قد تشترط للإستفادة من هذا التأمين ، مدة معينة من الإشتراك .
ويشـــمل التـــأمين عن المرض :
أ‌ الأداءات العينية : ( تغطية كل المصاريف المتعلقة بالعلاج و التنقل ) وتسحق بمجرد إيداع الملف الطبي كما تتقادم بمرور أكثر من 3 أشهر من تاريخ العلاج و الإ سقط الحق فيها .
ب – الأداءات النقدية : وهي مستحقة للعامل الذي توقف عن عمله بسبب
المرض و تحسب على أساس المرتب الذي كان العامل يتقاضاه قبل مرضه.
وتحسب على أساس نصف الأجر من اليوم ( 1 إلى 15 ) ثم يدفع له الأجــر
كاملا إبتداء من اليوم 16 و إلى غاية 3 سنوات كاملة ) .
وتستحق هذه الأداءات بإيداع المؤمن له، وصفة طبية بالتوقف، لدى المستخـدم
و الضمان الإجتماعي .
2 – التأمين على الأمومة :
يهدف إلى حماية المرأة وطفلها المولود ولذلك تعرض هيئات الضمان الإجتماعي رقابة على إحترام القواعد الطبية المقررة .
وتحصل المستحقة، بموجب التأمين على تعويضات عينية تشابه تلك الممنوحة في مجال التأمين عن المرض. أما التعويضات النقدية فهي لا تؤدي إلا إلى السيدات العاملات المؤمن عليهن، وتهدف إلى ضمان دخل بديل للعاملة خلال الفترة السابقة و اللاحقة على وضع الحمل .
أ – الأداءات العينية :
وتغطي مصاريف الحمل وتبعاته ( الطبية و الصيدلانية و الإقامة للأم والمولود بالمستشفى لمدة (8 أيام) ، ويكون التعويض على أساس 100 % ، وتجري هيئة الضمان الإجتماعي في هذا الشأن، مراقبة قبل وضع الحمل وبعده.
ب – الأداءات النقدية :
تستفيد المرأة التي تنقطع عن العمل بسبب الولادة من تعويض يساوي كامل أجرها لمدة 14 أسبوعا متتالية بشرط ان تتوقف عن مزاولة أي عمل مأجور.
3 – التأمين عن العجز :
العجز بمفهوم القانون هو حالة تصيب الإنسان في سلامته الجسدية فتؤثرعلى قواه البدنية ومقدرته على القيام بالعمل . ويقاس ذلك بالنظر إلى الشخص السليم المعافى، ويتم التقدير بواسطة جداول تحديد العجز .
يستفيد العامل الذي أصبح عاجزا عن العمل كليا أو جزائيا بنسبة لاتقل عن 50 % من منحة تسمى منحة العجز التي تقدر مابين 60 و 70 % من الأجرالسنوى المتوسط المناسب للمنصب في حالة عدم استيفاء شروط التقاعد .
و تنتقل المنحة إلى ذوي الحقوق في حالة الوفاة في شكل ( معاش) .
4 – التأمين عل الوفاة :
يهدف تأمين الوفاة إلى حماية ( أسرة المؤمن عليه) في حالة وفاته .فالأمر يتعلق أساسا بالدخل الذي كان يحصل عليه عائل الأسرة ،علاوة عما يقتضيه الأمر من مصاريف الجنازة وظروف الأشخاص الذين كان يعولهم وعددهم وبالرغم من أنه من الصعب تحديد مقدار التعويض بشكل فردي فإن التشريعات تكاد تجمع على أن الإستفادة من المعاش تقتضي توافر شروط في المؤمن له و كذا المستحقين .
في التشريع الجزائري يستفيد ذوي حقوق العامل من منحة وفاة ( تساوى 12 شهرا من الأجرالذي كان يتقاضاه ) ، و لا تقل عن ( 12 مرة الأجر الأدني المضمون ) وتدفع المنحة دفعة واحدة لمستحقه وعند تعددهم توزع عنهم بأقساط متساوية .
5 – التأمين عن الأخطار المهنية :
تتمثل الأخطار في لغة هذا القانون في :
1 – حوادث العمل
2- الأمراض المهنية .
1 – حوادث العمل :
أجمع الفقه على تعريف حادث العمل بأنه ( مايقع للعامل من حوادث أثناء أدائه لعمله أو بمناسبته ) بحيث يكون تحت إشراف ورقابة صاحب العمل أو ممثليه بمعني أن يكون الحادث مهني .
ويشترط أن يكون الحادث : مفاجئ / عنيف / وغير عادي / و أن يقع بسبب خارجي / وينتج عنه ضرر جسماني /.
و تعرفه المادة 65 من القانون 83/13 بما يلي:
« يعتبـر حادث عمل كل حادث إنجرت عنه أضرار بـدنية عن سبب مفاجئـي وخارجي طرأ في إطار علاقة العمل « .
2 – الأمــراض المهنية :
تصعب التفرفة بين المرض المهني و المرض العادي نظرا لصعوبة إثبات العلاقة مابين المرض و طبيعة العمل الذي يزاوله العامل وعلاقة السببية بينهما .
غير أنه ، ونظرا لما رتب القانون على كل نوع منهما فإن محاولات كثيرة بذلت من أجل تعريف المرض المهني .
ولقد تضمنت التوصية رقم 67 لسنة 1964 الصادرة عن المؤتمر الدولي للعمل تحديدا شاملا لنطاق حوادث العمل.
وجاءت المادة 63 من القانون 83-13 بالتعريف الآتي – » تعيبر كأمراض مهنية كل أعراض التسمم والتعفن والإعتلال التي تغزي إلى مصدر أو تأهيل مهني خاص « .
ويحدد التنظيم قائمة الأمراض ذات المصدر المهني المحتمل و قائمة الأشغال التي من شأنها أن تتسبب فيها ، و القابلة للمراجعة و التقييم بنفس الكيفية – القرار وزاري مشترك في 5/5/96 المحدد لقائمة الأمراض المهنية _.
وفي هذا الشأن نذكر أن صاحب العمل الذي يستخدم وسائل من شأنها أن تتسبب في أمراض مهنية ملزم بالتصريح بها لدى هيئة الضمان الإجتماعي / و المدير الولائي للصحة ومفتشية العمل .
ويصرح بالمرض المهني في مدة أدناها 15 يوما و أقصاها 3 أشهر . وترسل هيئة الضمان الإجتماعي نسخة على الفور إلى مفتشية العمل .
6 – التقــاعد و الحمـــاية من البطــالة :
أ – التقــاعد : يهدف الضمان على التقاعد إلى ضمان دخل يحقق حدا أدنى من مستوى المعيشة للأشخاص الذين بسبب بلوغهم سنا معينا أصبحوا غير قادرين على مواصلة العمل .
ويستفيد العامل مهما كان قطاع نشاطه من هذا الحق إذا توفر فيه شرطان :
– مدة معينة من العمل الفعلي .
– شرط بلوغ سن معين.

1 – سن التقاعد : يستفيد العمال من التقاعد عند بلوغهم :
60 سنة للرجال .
55 سنة لنساء .
( إذا أدوا عملا لمدة ( 15 سنة) على الأقل )
2 _ تخفيظ السن القانونية للتقاعد :
1 – بالنسبة لبعض مناصب العمل التي تتميز بظروف ينتج عنها ضرر خاص .
2 – بالنسبة للنساء اللائي ربين ولدا واحد أو عدة أولاد طيلة 9 سنوات على الأقل ( على أساس ولد لكل 3 سنوات ) .
3 – يستفيد المجاهدون بتخفيظات مرتبطة بمساهمتم في الثورة التحريرية وكذلك بالنظر لنسب العجز التي لحقتهم ( ويمكن أن يستفيد و من منحة تقاعد تساوي
100 % من أجرهم الشهري .
3 – التقاعد الغير الإداري المسبق :
تضمنه المرسوم التشريعي 94-10 المؤرخ في 26-5-1994 المتعلق بالحفاظ على الشغل و الحماية وهو كل تقاعد يقع قبل السن القانوني للتقاعد . ويشترط أن يكون العامل قد بلغ 55 سنة للرجال و45 سنة للنساء و أن يكون قد عمل لمدة 20سنة منها 10 سنوات دفعت فيها أقساط الضمان إلاجتماعي . و أن يكون العامل قد شمله – إجراء التقليص -.
ب – التأمين عل البطالة :
نظرا لأن خطر البطالة لايقف أثره عند العاطل عن العمل و أسرته ، كونه يمس نظام التأمينات في حد ذاته ، بحيث ان فقد المؤمن عليهم أجرهم يترتب عليه فقـد هيئـات التأمين مصدرا هاما من تمويلها، وينعكس ذلك سلبا على أنواع التأمين الأخـرى، كالأمراض و العجز إذا كانت البطالة عامة و إستمرت لمدة طويلة من الزمن .
وقد جاء المشرع الجزائري بموجب المرسوم التنفيذي 94/188 المنشئ( للصندوق الوطني للتأمين على البطالة ) وقرر أن يستفيد من منحة البطالة كل عامل :
1- فقد منصب عمله لأسباب إقتصادية .
2- إذا كان مثبت في منصبه ومؤمن عليه لدى ضمان الإجتماعي لمدة 3 سنوات على الأقل .
3- ان يكون مسجل في قائمة طالبي الشغل .
المبحث 2 . المنـازعــات المرتبطـة بالضمـان الإجتمـاعي
بالرغـم من أن المادة (1) من القانون 83-15 المعدل و المكمـل قد نصت على ما يلي : (يهـدف هذا القانون إلـى تعريـف طبيعـــــة المنازعــــات في مجـال الضمـــان الإجتماعــي و تسويتهـا وفقا لأحكام القانون و القوانين المعمول بهـا).
إلا أن الملاحظ هو أن النصوص التطبيقيـة قد قسمت أنـواع المنازعات المرتبطة بالضمان الإجتماعي إلـى 5 أنـواع هـــي :
1- المنــازعـــات العـامــــة.
2- المنــازعـــات الطبيــــة
3- المنــازعـــات التقنيــــة
4- المنـازعات المتعلقة بالتعويض عن الخطأ.
5- و المنـازعـات المتعلقة بتحصيل المبالغ المستحقة
1/ المنـــازعــــــات العـــامــــــة :
أ و لا : مفهــومهــــا :
تنص المادة (3) من القانون 83.15 على تعريفها كما يلي:
(تختص المنازعات العامة بكل الخلافات غير المتعلقة بالحالة الطبية للمستفديـن من الضمـان و المنازعات التقنيــة).
من خلال هذا التعريف يظهر أن المشرع الجزائري لم يعط مفهومـا دقيقـا و مضبوطـا لمضمون المنازعة العامـة و إنما عرفها بالإستثنـاء و الإقصـاء ووسع من دائرة المنازعـة العامة إذ جعل أن كل ما هو ليس في دائرة هاتين الطائفتيـن يدخل في إطـار المنـازعـات العـامــة.
و عليـه يجـد القاضي نفسه مطالبـا بتكييف المنازعة على أساس مقارنة النصوص بالنظر لهذا الأسلوب المستعمل من طرف المشرع والمشوب بالغموض و الإغفــال.
و بنـاء على مـا تقـدم فإنه يدخل ضمن دائرة المنازعة العـامة :
1- الخلافـات التي تثور ما بين المؤمنيـن و ذوي حقوقهـم وهيئـة الضمان الإجتماعي (حول إستحقاقات الأداءات العينـة و النقديــة ).
2- الخلافات المتعلقـــة بإثبـــات التكفـل و التغطية في حالات حوادث العمل و الأمراض المهنية ، كل المنازعات بين المستخدم و هيئـات الضمان الإجتماعي المتعلقة بعدم تنفيــذ المستخدم للإلتزاماتـه تجـــاه الصنــدوق : كالتصــريح بالأجـــور/ و النشاط/ دفـع الإشتراكـات).
2- الخلافات التي قد تثور ما بين هيئـات الضمان الإجتماعي و المتعاقدين معه بموجب الإتفاقيـات التي يبرمها هؤلاء مع الصندوق في إطـار نظـام الدفـع مـن قبــل الغيـــر . و بتعلق الأمر بالمؤسسات الإستشفائيـة و الهيئات العمومية المستخدمة كالمــديريات و الإدارات العمومية عندما يتعلق الأمر بإلتزاماتها تجاه هيئـات الضمان الإجتماعي (مرسوم 97-472(8/12/97 المتضمن تحديد الإتفاقية ما بين الصناديــق و الصيدليـــات) + قرارات ، تعليمات ، مناشيـر.
3- الخلافات التي تقــوم مــا بيـــن صناديـق الضمان الإجتماعي و المستخدمين لديها.
4- الخلافات التي تقــوم بين هيئات الضمان الإجتماعي و الموردين الذين تربطهم بها عقود توريد و خدمات ،و مختلف التعاقدات التي يبرمهـا الصندوق بإعتباره مؤسسـة عموميـة.
5- الخلافات التي تقــوم بمناسبة إصدار هيئات الضمان الإجتماعي لقـرارات منفردة تغير من الوضع القائم بما ينشئـه من حقوق و يفرضـه من واجبــات.
ثانيـــــا : مجـال تطبيـق المنـازعـات العامـة :
تقسـم الخلافات المتعلقـة بالمنازعة العامة من حيـث المجال إلى :
1/ الخلافـات المتعلقــة بحقوق المؤمـن لهـم و ذوي حقوقهــم.
2/ الخلافات الناجمـة عن عدم تنفيـذ المستخـدم للإلتـزاماتـه.
*1. الخلافـات المتعلقــة بحقوق المؤمـن لهـم و ذوي حقوقهــم :
و تشمل حالات التأمين علـى (المـرض ، العجـز ، الأمومة ، الوفاة التقاعـد) ، و حالات التكفل بالمؤمن له و ذوي حقوقـه عند (وقوع حادث عمـل أو مرض مهنـي) و نقسمها إلى قسمين:
أ/ في مجـال التأمين الإجتماعـــي :
تنصب المنازعة في هذا الباب أساسا حول : (إستحقاق الأداءات من عدمها سواءا إخلال هيئة الضمان الإجتماعي بإلتزاماتها في دفع التعويضات). أو (عدم أحقية المستفيد أو ذوي حقوقه في الإستفادة منها لعدم إستيفـاء الشروط المنصوص عليها قانونـا).
ب/ فـي مجـال التغطيـة عن حوادث العمل و الأمراض المهنيـة :
و تنصب المنازعة هنـا حول ( مهنية الحادث من عدمها) و تتعلق المسألة بالإثبات / و إجراءات التبليغ عن الحادث/ و التصريح به طبقا للإجراءات المنصوص عليها.
و يطرح الأمر بنفـس الشكــل بالنسبــة للمــرض المهنــــي.
*2. الخلافـات الناجمـة عن عدم تنفيـذ المستخـدم للإلتـزاماتـه :
يلتـزم أصحاب العمل الطبيعيون و المعنويـــون الذيـــن يستخدمـون عامــلا ،و الخـــواص و المهنيون الصناعيون و التجار و الحرفيون و الفلاحون بالإلتزامات الاربعة الآتيـة تجاه صناديق الضمان الإجتماعي و هـي :
أ/ التصريـح بالنشـــاط :
في ظرف عشرة (10) أيـام من تاريخ شروعهـم في ممارسة العمل و يترتب عليه غرامة قدرها 5000 دج + 20 % منهـا عن كـل شهـر تأخيـــر.
ب/ الإنــتســـــاب :
ينسب إلى الضمان الإجتماعي وجوبـا كل الأشخاص الذين يمارسون نشاطا مأجورا أو نشاطا مهنيـا غير مأجور مهما كان قطاع النشاط أو طبيعة العقـد و مدتـه.
كما ينسب وجوبـا الطلبـة و تلاميذ التعليم العالي و يعتبر التصريح بالنشاط بمثابة طلب إننتساب و يترتب عن عدم الإنتساب في أجل 10 أيـام الموالية للتوظيـف أو قبول تسجيـل الطالب . و توقع غرامة 1000 دج عن كل عامل تضاف إليهـا نسبـة 20 % عن كل شهـر تأخير و عن كـل عامـل.
ج/ التصريــح بالأجــــور :
يلزم القانون 83.14 صاحب العمل بأن يوجه في 30 يوم الموالية لكل سنة كشفـا إسميـا إلى هيئة الضمان الإجتماعي يتضمن : أسماء الأجراء و الأجور المتقاضاة في أول و آخر يوم من الأشهر الثلاثة الأخيرة لكل سنـة و كذا مبالغ الإشتراكات المستحقـة.
و في حالة عدم القيام بذلك يمكن لهيئة الضمان الإجتماعي أن تحدد تلك الإشتراكات على أساس الإشتراكات المؤداة خلال السنة السابقة + 05 % . كما يترتب على عدم التصريح بالأجور توقيع غرامة تساوي 15 % من مبلغ الإشتراكات تضاف إليها زيادة قدرها 05 % عن كل شهر تأخير.
د/ دفع الاشتراكات:
و هو التزام يتحمله المستخدم، الذي يتعين عليه أن يقتطع عند دفع الراتب الشهري لكل عامل القسط المستحق لصندوق الضمان الاجتماعي، وذلك في اجل 30 يوم الموالية للثلاثة أشهر الأولى من دفع الراتب.أما بالنسبة لغير الأجراء فيكون الدفع سنويا.
وفي حالة عدم الدفع فقد خول القانون 83/14 توقيع زيادة قدرها خمسة في المائة عن كل شهر ، علاوة عن متابعة المستخدم لتعويض الاداءات المستحقة.
الفصـل الثـانـي :
تسوية منــازعــات الضمــــان الإجتمــاعي
و دور القــاضي فيهــا
إن حق الطعن في حالة رفض التقديمات أو في حالة النزاع حول طبيعتها أو قيمتها يعتبر مبدأ مكرس في الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية إذا نصت المادة 70 من الاتفاقية 52/102 (1) على ما يلي:
« Tout requèrant doit avoir le droit de former appel en cas de refus de la présentation ou de contestation sur sa qualité ou sa quantité ».
و رغم أن هذه الاتفاقية لم تحدد ماهية طرق المراجعة ، لكن من خلال الأعمال التحضيرية تمت الإشارة إلى ضرورة الفصل في المنازعات بواسطة سلطة مستقلة عن السلطة الإدارية التي أعطت القرار الأساسي كي لا يكون معني المراجعة وهميا، كما أضافت التوصية رقم 23 /25 لمنظمة العمل الدولية و المتعلقة بالقضاء المختص بحل منازعات طوارئ العمل ما يلي : ((يجب عرض المنازعات المتعلقة بالتعويض عن حوادث العمل و الأمراض المهنية أمام المحاكم الخاصة أو لجان تحكيمية تتضمن عددا متساويا من القضاة و العمال و أصحاب العمل تتم تسميتهم من قبل الهيئات التابعين لها (2) )).
و حق الطعن مبدأ كرسته تشريعات غالبية الدول إلا أن ممارسة هذا الحق و أصول ذلك تختلف من بلد لآخر حسب اختلاف الأنظمة و في حالات كثيرة ينص التشريع على حق الاستئناف أمام سلطة مستقلة عن السلطة الإدارية التي أصدرت القرار الأول.
و في هذا الشأن فلقد أقام المشرع الجزائري نظاما أوليا للتسوية على غرار نظام مكاتب المصالحة المعمول به لتسوية منازعات العمل الفردية و الجماعية في قانون العمل فلقد وضع المشرع في ميدان الضمان الإجتماعي آليات للتسوية الداخلية و لهذا الغرض و بموجب القانون 83/15 و التعديلات اللاحقة به فلقد تم إنشاء عدة لجان للطعن المسبق و التي تم تنظيم سير أعمالها و صلاحيتها بموجب المراسم التنفيذية و من أهمها :
– المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرخ في 09/08/2004 المحددة لتشكيلة اللجنة التقنية.
– المرسوم التنفيذي 05/433 المؤرخ في 08/11/2005 المحدد لقواعد تعيين أعضاء اللجنة الولائية للعجز.
و قد جعل المشرع الجزائري نظام التسوية الداخلية هو الأصل لحل منازعات الضمان الاجتماعي كما جعل اللجوء إلى القضاء استثناء على هذه القاعدة ، غير أن ما يلاحظ على هذه اللجان من حيث عضويتها و تشكيلتها أنها لم تعطي للقاضي أي دور قد يلعبه في هذه المرحلة على عكس بعض التشريعات التي أوكلت مهمة التسوية إلى هيئات مستقلة عن الإدارة.
المبحث الأول : التسوية الداخلية لمنازعات الضمان الإجتماعي
كما سبقت الإشارة إليه فإن المشرع الجزائري جعل من نظام التسوية الداخلية هو الأصل لحل كل المنازعات في مجال الضمان الإجتماعي و لهذا الغرض تم تنصيب عدة لجان للفصل في جميع الاعتراضات التى ترفع ضد مختلف القرارات الصادرة عن هيئات الضمان الاجتماعي و تتنوع هذه اللجان من حيث تشكيلتها و صلاحيتها بحسب اختصاصها النوعي المرتبط بطبيعة كل نزاع.
المطلب الأول : إجراءات تسوية المنازعات العامة
لقد أنشأ المشرع لهذا الغرض لجنتين هما : اللجنة الولائية للطعن المسبق و اللجنة الوطنية للطعن المسبق بعدما كانت لجنة واحدة قبل تعديل المادة 09 بموجب القانون 86/15 المؤرخ في : 29/12/1986 المتضمن قانون المالية لسنة 1987 (1).
حيث كانتا تعرفا باسم لجنة الطعن الأولى و اللجنة الوطنية للطعن الأولى لتصبح بعد صدور القانون 99/10 المعدل و المتمم لقانون 83/15 بلجنة الطعن المسبق.
الفرع الأول : اللجنة الولائية للطعن المسبق
تنص المادة 09 من القانون 83/15 المعدلة و المتممة بالمادة 03 من قانون 99/10 على ما يلي: ((تنشأ في كل ولاية لجنة طعن مسبق تتولى البت في الطعون التي يرفعه المؤمن لهم و أصحاب العمل على إثر القرارات المتخذة من قبل هيئات الضمان الاجتماعي)).
-1- من حيث التشكيلة و العضوية :
تتشكل هذه اللجنة حسب القانون 83/15 و كذا المرسوم التنفيذي
رقم 04/115 من :
– ثلاثة (03) ممثلين عن العمال يختارون من المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا في الولاية.
– ثلاثة (03) ممثلين عن أصحاب العمل و يختارون من منظمات أصحاب العمل الأكثر تمثيلا في الولاية.
– ممثل واحد عن الإدارة و هو الوالي رئيس اللجنة أو من ينوب عنه.
– إطار من هيئة الضمان الاجتماعي تعهد له أمانة اللجنة.
– و يعين أعضاءها لمدة (04) أربع سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار من الوزير المكلف بالضمان الإجتماعي (2).
-2- من حيث الاختصاص و الصلاحيات :
تختص اللجنة الولائية للطعن المسبق بالنظر في الطعون المتعلــقة
بتخفيض الغرامات و الزيادات المتعلقة بتحصيل الاشتراكات و المنازعات المتعلقة بالانتساب كما تنظر اللجنة في الطعون المرفوعة إليها من المؤمنين أو من أصحاب العمل ضد القرارات التي تتخذها هيئات الضمان الاجتماعي.
أما صلاحياتها فتتمثل في مراجعة هذه القرارات لاسيما في مجال الأداءات العينية و النقدية المستحقة للمؤمن له أو ذوي حقوقه ، كما تكون قراراتها التي تتخذها بشأن طلبات الإعفاء من الغرامات و الزيادات المقدمة من طرف المستخدمين بصفة إبتدائية و نهائية أي تفصل فيها كأول و آخر درجـة.
3- من حيـث سيـر أعمالهـا :
تجتمع هذه اللجنة في دورة عادية مرة كل 15 يوما بناءا على استدعاء من رئيسها ، و يمكنها أن تجتمع في دورة غير عادية بناءا على طلب من رئيسها أو من ثلثي 2/3 أعضائها و تصح اجتماعاتها إذا حضرها غالبية الأعضاء و تصح كل الأحوال بعد إستدعاءان و مهما يكن عدد الحاضرين و تتخذ قراراتها بالأغلبية و يرجح صوت الرئيس عند تساوي الأصوات.
و تبت اللجنة في الإعتراضات المرفوعة إليها خلال شهر (01) الموالي لتاريخ إستيلام أمانتها للعريضة و ذلك بواسطة رسالة موصي عليها مع إشعار بالوصول أو بواسطة طلب يودع لدى الأمانة مقابل وصل إستيلام.
الفرع الثاني : اللجنة الوطنية للطعن المسبــق :
أنشأت هذه اللجنة بموجب القانون رقم 86/15 المؤرخ في 29/11/1986 المتضمن قانون المالية لسنة 1987 تحت إسم اللجنة الوطنية للطعن الأولى و التي أصبحت بعد التعديل بموجب المادة 04 من القانون 99/10 تعرف بإسم (( اللجنة الوطنية للطعن المسبق)) . و تعتبر هذه الهيئة بمثابة جهة إستئناف تنظر في الإستئنافات المرفوعة إليها بشأن القرارات الصادة عن اللجنة الولائية للطعن المسبق.
1- من حيث التشكليلـة و العضويـة :
تتشكل اللجنة الوطنية للطعم المسبق من ممثلين يعينون من بين أعضاء مجلس الإدارة و يكون مقرها المديرية العامة لكل هيئة للضمان الإجتماعي.
نصت المادة 09 مكرر/2 المعدلة بالمادة 04 من قانون 99/10 على ما يلي : (( و تتشكل من :
– ثلاثـة ممثليـن (03) عن العمـال.
– ثلاثـة (03) عن أصحاب العمـل.
– ممثـل واحـد (01) عن الإدارة.
يتولى أمانة كل لجنة أحد أعوان الضمان الإجتماعي …..)).
يعين أعضاء اللجنة الوطنية للطعن المسبق لمدة أربع (04) سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار من الوزير المكلف بالضمان الإجتماعي و يتولى ممثل الإدارة لجنـة.
2- من حيث الإختصاص و الصـلاحيـات :
تنظر هذه اللجنة في جميع الإستئنافات المرفوعة ضد القرارات الصادرة عن لجان الطعن الولائية و من ذلك القول بأن لجنة الطعن الوطنية تعتبر بمثابة درجة ثانية من درجات الطعن الإداري و يتمثل دورها أساسا في مراجعة قرارات اللجان الولائية للطعن المسبق و ذلك إما بتأكيد صحتهـا أو بإلغائها في حالة عدم تطابقها مع تشريع الضمان الإجتماعي (1).
3- مـن حيـث سيـر أعمالها :
تجتمع اللجنة الوطنية للطعن المسبق في دورة عادية مرة كل شهر بناءا على استدعاء من رئيسها و تتجمع كذلك عند الضرورة في دورة استثنائية بطلب من الرئيس أو من 2/3 الأعضاء و تصح اجتماعاتها بالأغلبية.
و تبت اللجنة في الاستئناف أو الاعتراض في أجل شهر يحسب من تاريخ تمكننا من عريضة المعني بقرار يتخذ بالأغلبية ، و تختم أعمالها بمحضر مداولات يتضمن كل القرارات المتخذة يرسل للمصادقة عليه في أجل 15 يوما إلى السلطة الوصية و لهذه الأخيرة أجل شهر 01 للبث في محضر المداولات (2).
الفرع الثالث : التكييف القانوني لهذه اللجان و قراراتها
1- إلزامية الطعن قبل اللجوء إلى القضاء : ألزم المشرع المؤمن لهم و كذا أصحاب العمل باللجوء أمام لجان الطعن المسبق قبل اللجوء إلى القضاء و عدم سلوك طريق الاعتراض أمام هذه اللجان يعرض دعواهم لعدم القبول إذ نصت المادة 06 من القانون 83/15 المعدلة بموجب المادة 02 من قانون 99/10 على ما يلي : ((ترفع الاعتراضات التي تتعلق من حيث طبيعتها بالمنازعات العامة إلى لجان الطعن المسبق المنصوص عليها أدناه قبل اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة)).
فهذا الإجراء هو قيد على رفع الدعوى و اثر تخلفه يؤدي إلى عدم القبول ، و المشرع لما أقره جعله كوسيلة افترض فيه أن يحقق الغرض و الهدف المسطر له ألا و هو تسوية النزاع من جهة و التسهيل على المؤمن من جهة أخرى ، و بالتالي يشبع حاجة هذا الأخير من الحماية القانونية مما يجعل الدعوى المرفوعة بدون استيفاء هذا القيد دعوى قائمة على مصلحة محتملة فهي غير مقبولة (3). و هذا ما نقرأه من اجتهادات المحكمة العليا ، و كذلك ما كرسته بعض التشريعات العربية في قوانينها و من بينها المشرع المصري (4).
2- التكييف القانوني لقرارات لجان الطعن : إن لجان الطعن المسبق المختصة بالنظر و فحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الضمان الاجتماعي ، و إن كانت بحكم تشكيلها لجانا إدارية إلا أن المشرع حدد اختصاصاتها في تسوية المنازعات.
3- التي تنشأ ما بين هيئات الضمان الاجتماعي و المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم و أصحاب العمل بالطرق الودية بقصد تصفيتها و لم يعهد إليها سلطة الفصل في ذلك ، فإنها بالتالي لا تعد من قبيل الجهات الإدارية و لا يمكن اعتبار قرارتها قرارات إدارية ذلك أن القرارات الإدارية هي تلك التي تفصح بها الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القانون و اللوائح بقصد إحداث مركز قانوني معين و يكون ممكنا و جائزا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة.
4- الآثار المترتبة على الطعن في قرارات اللجان : نصت المادة 11/1 من قانون 83/15 المعدلة بالمادة 06 من قانون 99/10 على ما يلي : ((في حالة تقديم الإعتراض على القرار الصادر عن هيئة الضمان الاجتماعي يتوقف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى أن يتم البت فيه نهائيا….)) ، يفهم من هذا النص أن للطعن أمام اللجان اثر موقف ما عدا نصت عليه ذات المادة في فقرتها الثانية: (( لا يوقف رفع الإعتراض إلى اللجنة الولائية للطعن المسبق أو اللجنة الوطنية للطعن المسبق ، دعوى الصندوق في حالتي عدم التصريح بالنشاط أو عدم طلب الانتساب المنصوص عليها في القانون رقم : 83/14 المؤرخ في 02/07/1983 و المتعلق بالتزامات المكلفين في مجال الضمان الاجتماعي)).و معنى هذا أن قرارات الضمان الإجتماعي لا تسري آثارها في حق الأطراف إلا حين الفصل إداريا و بصفة نهائية في النزاع و تبليغ القرار المتخذ من قبل اللجنة للمعنيين به ما عدا حالات عدم التصريح أو عدم الإنتساب فالإعتراض بشأنها أمام اللجان ليس له اثر موقف و يمكن من خلال ما سبق أن نحصر أثار الطعن أمام اللجان في مايلي:
أ‌ إن آجال الطعن أو الاعتراض أمام لجان الطعن المسبق لا تسري إلا من تاريخ تبليغ القرار للمعني.
ب‌ إن الاعتراض أو الطعن أمام اللجان له اثر موقف إلا ما استثناه القانون.
المطلب الثاني : إجراءات تسوية المنازعات الطبية.
لما كان سعي المشرع هو إعطاء أكثر سرعة و مرونة في تسوية المنازعات الطبية التي تنشأ ما بين المؤمن له و ذوي حقوقه و مختلف هيئات الضمان الاجتماعي فإنه لم يتأخر عن تنظيمها بإجراءات و أجهزة خاصة جعلها الأصل في تسوية المنازعة الطبية و لهذا الغرض هناك إجراءين أقرهما المشرع لفحص هذه الاعتراضات هما : الخبرة الطبية و لجنة العجز.
الفـرع الأول : الخبـرة الطبيـة:
تعتبر الخبرة الطبية و اللجوء إليها بمثابة التحكيم الطبي و كإجراء أولي وجوبي لتسوية النزاع الطبي داخليا و نكون بصددها عندما يرفع إحتجاج ضد القرارات الصادرة عن هيئة الضمان الإجتماعي و التي تتخذ بناءا على رأي الطبيب المستشار حول حالة العجز أو المرض أو الإصابة اللاحقة بالمؤمن لـه إذ نصت المادة 07 من قانون 83/15 على مايلي : ((تتم تسوية الخلافات التي تلحق من حيث طبيعتها بالمنازعات الطبية في إطار إجراءات خاصة بالخبرة الطبية)).
كما نصت المادة 17 من ذات القانون على ما يلي : (( تخضع وجوبا جميع الخلافات ذات الطابع الطبي و ذلك في المرحلة الأولية لإجراءات الخبرة الطبية الواردة تحديدها في مواد هذا الباب)).
1- اجــراءاتـهـا:
المبدأ أن هيئة الضمان الاجتماعي تشعر المصاب بجميع القرارات المتخذة بشأن حالته الصحية في ظرف 08 أيام (1) التالية لتاريخ صدور رأي الطبيب المستشار و ذلك لتمكينه من طلب الخبرة و لابد أن يكون التبليغ صحيحا بمعنى أن يبلغ المعني به شخصيا و أن يتم ذلك بصفة رسمية إذ نصت المادة 08 فقرة 02 من المرسوم التنفيذي رقم : 05/171 المؤرخ في 07/05/2005 المحدد لشروط سير المراقبة الطبية على ما يلي: ((…يسلم الإستدعاء للمراقبة الطبية إما مباشرة للمؤمن له اجتماعيا على مستوى صندوق الضمان الإجتماعي الذي ينتمي إليه مقابل وصل استلام أو إذا تعذر ذلك يرسل بواسطة البريد المضمن مع الإشعار بالإستلام ، يجب أن يجدد الاستدعاء مرة واحدة بعد 15 يوما في حالة عدم الرد)). و عدم ثبوت (2) التبليغ بصفة رسمية بقرار الهيئة يجعل المؤمن له في المطالبة بإجراء الخبرة حقا قائما ، و الملاحظ كذلك أن أطراف الخبرة هما المريض و هيئة الضمان الاجتماعي و السؤال الذي يطرح في هذا الشأن هو هل يجوز لصاحب العمل طلب إجراء الخبرة على المؤمن له المصاب طالما انه يقوم بدفع الاشتراكات عن ذات العامل؟ و بالنتيجة هل يخول له الاعتراض على نتائج الخبرة ؟ الأصل أن أطراف الخبرة هما المريض المؤمن له و هيئة الضمان الاجتماعي، و الثابت كذلك أن في فترة المرض أو العجز فإن الهيئة التي تتكفل بدفع التعويضات اليومية للمريض، و لها الحق خلال هذه الفترة في مراقبة حالته الصحية و تطورها بإجراء خبرة طبية إذا رأت ضرورة لذلك و لا يدخل في اختصاص المستخدم طلب إجراءها، و هو الأمر الذي استقرت عليه اجتهادات المحكمة العليا (3).
2- تعيين الخبير و إنجاز الخبرة:
يتم اختيار الطبيب الخبير باتفاق الطرفين من ضمن قائمة الخبراء المعدة من قبل مديرية الصحة ، لكن في حالة عدم الاتفاق يعين الطبيب الخبير من قبل مدير الصحة في ظرف 10 أيام تحسب مإستيلام المديرية للإشعار من هيئة الضمان الإجتماعي ، و يباشر الطبيب الخبير أعماله بعد تمكنه من بعض المعطيات التي تخص المريض و كذا المتعلقة بمهمته كطبيب خبير و التي تزودها به هيئة الضمان الاجتماعي و هي تتعلق بالعناصر التالية:
رأي الطبيب- رأي الطبيب المستشار- الغرض المحدد لمهمته كخبير.
يقوم الطبيب باستدعاء المريض في ظرف 08 أيام التي تلي تبليغه بالمهمة و يحدد في الاستدعاء اليوم و الساعة و المكان المحددين لإجراء الفحص ، و عند الانتهاء من عمليات الخبرة يقوم الطبيب الخبير بإعداد تقريره الطبي الذي يتضمن خلاصة النتائج المتوصل إليها بشأن حالة المريض و نسبة العجز اللاحق به مع اطلاع كل من المؤمن له و هيئة الضمان الاجتماعي بهذه النتائج في اجل 03 أيام تسري من تاريخ إجراء الخبرة و يجب أن تكون أعمال الخبير معللة و مسببة.
3- إلزاميـة نتائـج الخبـرة :
نصت المادة 25 من القانون 83/15 على مايلي : (( يلزم الأطراف نهائيا بنتائج الخبرة التي يبديها الطبيب الخبير)) . إذا فالنتائج التي يتوصل إليها الخبير في نهاية تقريره ملزمة للطرفين أي للمؤمن له وذوي حقوقه ولهيئة الضمان الاجتماعي إلا ما استثناه القانون 83/15 في نص المادة 30 وهي الاعتراضات المتعلقة بحالات العجز والتي يمكن الطعن فيها أمام اللجنة الولائية للعجز مع بقاء حق كل طرف في اللجوء إلى القضاء إذا تعلق الأمر بالحالات المذكورة في المادة 26 من القانون 83/15 ، وهي تخص المسائل التالية :
– سلامة إجراءات الخبرة.
– مطابقة قرار هيئة الضمان الاجتماعي لنتائـج الخبـرة.
– الطابع الدقيق والكامل وغير مشوب باللبس لنتائج الخبرة.
– ضرورة تجديد الخبرة وتتميمها.
-الخبرة القضائية في حالة استحالة الخبرة الطبية على المعني بالأمر .
وفي هذه الحالة أي حالة اللجوء إلى القضاء لابد على هيئة الضمان الاجتماعي أن تمكن المعني بنسخة من تقرير الخبرة حتى يتسنى له الدفع بها أمام القضاء ، إذ أن احتجاز الخبرة كوثيقة يعد وجه من أوجه الالتماس (01).
5- طبيعة اللجوء إلى الخبرة الطبية :
أوجبت المادة 17 من القانون 83/15 أن تخضع جميع الخلافات ذات الطابع الطبي في مرحلة أولية لإجراءات الخبرة الطبية ، وذلك بأن يقدم المعني طلبه إلى هيئة الضمان الاجتماعي ، في أجل شهر واحد من تاريخ تبليغه بقرار هيئة الضمان الاجتماعي والذي يكون في خلال 08 أيام تسري من تاريخ صدور القرار ، لكن ماذا لو فضل المؤمن له اللجوء إلى القضاء مباشرة دون المرور على طلب إجراءات الخبرة الطبية ، فما مصير دعواه؟
إن المشرع الجزائري ، ومن خلال القانون 83/15 لم يجيبنا على هذا الإشكال لكنه على الأرجح أنه لن تقبل دعواه لعدم استفائها للقيد ألا وهو المرور على إجراءات الخبرة الطبية مادام أن المادة 17 من ذات القانون قد أوجبت أن يخضع كل نزاع طبي في مرحلته الأولى إلى إجراءات الخبرة الطبية .
غير أن المشرع المصري (02) اتخذ في شأن هذه المسألة موقفا أخر إذ جعل قرار لجنة التحكيم ملزما للمعني به متى طلبه، لكن هذا لا يسلب حق المؤمن له في اللجوء مباشرة إلى القضاء ، بمعنى أن الالتجاء إلى التحكيم الطبي هو طريق اختياري للمؤمن له .
الفـرع الثـانـي : الطعن أمام اللجنة الولائية للعجز:
تم إنشائها بموجب المادة 30 من قانون 83/15 المعدلة بالمادة 10 من القانون 99/10 و تم تنظيم سير أعمالها بموجب المرسوم التنفيذي رقم: 05/433 المؤرخ في 08/11/2005 و تتولى هذه اللجنة النظر في الاعتراضات و الطعون التي ترفع إليها ضد القرارات الصادرة عن هيئات الضمان الإجتماعي و المتعلقة بحالات العجز المتخذة طبقا لنتائج الخبرة الطبية باعتبارها لجنة طعن و هي مكلفة قانونا بتحديد سبب و طبيعة المرض أو الإصابة تاريخ الشفاء أو حالة العجز و نسبته.
1- من حيـث التشكيلة و العضويـة: تتشكل اللجنة الولائية للعجز (1) من :
– مستشار لدى المجلس القضائي يعينه رئيس المجلس القضائي المختص إقليميا و هو رئيس اللجنة.
– طبيب خبير يعينه مدير الصحة بالولاية من قائمة يعدها الوزير المكلف بالصحة بعد أخذ رأي مجلس أخلاقيات المهنة.
– ممثل عن الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي يعين من بين الأعوان التابعين لقطاع الضمان الاجتماعي.
– ممثلين اثنين (02) عن العمال الأجراء من بينهما عامل ينتمي للقطاع العمومي بناءا على اقتراح من المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني.
– ممثل واحد عن العمال الغير أجراء بناءا على اقتراح المنظمة المهنية التي تضم أكبر عدد من المنخرطين في نظام غير الأجراء على المستوى الوطني.
– يتولى أمانتها أحد أعوان هيئة الضمان الاجتماعي له صفة الطبيب المستشار يعينه المدير العام لهيئة الضمان الاجتماعي.
– و يعين هؤلاء الأعضاء لمدة 04 سنوات قابلة للتجديد بقرار من الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي بناءا على اقتراح من السلطات و الهيئات التي يتبعونها و تعقد اللجنة اجتماعاتها كلما دعت الضرورة إلى ذلك بناءا على استدعاء من رئيسها بمقر الوكالة، و لا تصح مداولتها إلا إذا حضر اجتماعاتها أربعة (04) من أعضائها على الأقل تحت طائلة بطلان قراراتها و منهم خاصة الرئيس و الطبيب الخبير (2) و تتخذ قراراتها بالأغلبية و في حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس.
2- من حيث اختصاصاتها و سير أعمالها :
تبت اللجنة الولائية للعجز في الاعتراض خلال شهرين (02) اعتبارا من تاريخ استلامها له و تصدر قراراتها معللة.
ويجيز القانون للجنة عند مباشرة أعمالها أن تستعين بأي طبيب أخصائي لفحص صاحب الاعتراض كما يجوز لها أن تأمر بإجراء كل فحص طبي إضافي للمؤمن له كلما رأت ضرورة لذلك وفي هذا الشأن فاللجنة صلاحيات واسعة للقيام بجميع الفحوصات اللازمة على المؤمن له صاحب الاعتراض بهدف تحديد أصل المرض وطبيعته وكذا التحقق من تاريخ الشفاء ونسبة العجز كما تقوم اللجنة عند اختتام أعمالها بإرسال محاضر اجتماعاتها إلى مدير وكالة الضمان الاجتماعي المعاينة في اجل 20 يوما من تاريخ انعقاد اجتماع اللجنة يوقع عليها كل من الرئيس وتبلغ قراراتها إلى المعنيين بها في اجل 20 يوما مقابل وصل استلام من قبل أمين اللجنة.
3- من حيث القرارات التي تصدرها :
لقد حدد المشرع مهلة (02) شهرين للجنة الولائية للعجز لكي تصدر قراراتها في الاعتراضات المرفوعة إليها تحسب من تاريخ استلام أمانتها لعريضة الاعتراض في قرار الهيئة وأوجب القانون كذلك بأن تكون قراراتها معللة ومسببة وخالية من أي تناقض أو إغفال لتطبيق القانون وذلك بتقديم الأسباب والأدلة المعتمدة في اتخاذ القرار وهذا لأجل تمكين القاضي عند نظره في النزاع المعروض عليه من الوقوف على مدى إلمام قرار الجنة بظروف النزاع انطلاقا من الوثائق التي يحتويها الملف الطبي المتضمن لنتائج الفحوصات الطبية وكذلك أراء الطبيب المعالج والطبيب المستشار ونتائج الخبرة مع مراعاة الأحكام المتعلقة بتشكيل اللجنة (1) وتسمية أعضائها وصفتهم عند إعداد القرار، بمعنى أن يكون قرار اللجنة سليما من حيث الشكل والموضوع ويبقى القرار الذي تصدره هذه اللجنة قابل للطعن أمام الجهة القضائية المختصة كما أنه قد يشبع حاجة الأطراف من الحماية القانونية ويؤكد لهم حقوقهم و مراكزهم القانونية وبالتالي يمكن لهم الاستغناء عن استعمال هذا الحق في اللجوء إلى القضاء، ويشبه قرار هذه اللجنة من حيث الشكل والمضمون إلى حد بعيد الأحكام القضائية على اعتبار أنها تصدر مسببة والطعن فيها جائز.
المطلب الثالث : إجراءات تسوية المنازعات التقنية
لقد اسند المشرع الجزائري مسألة تسوية الاحتجاجات التي قد تثور بشأن تقصير الأطباء الممارسين بمناسبة تدخلهم في إطار العلاقات التي تربطهم بهيئات الضمان الإجتماعي وأثناء قيامهم بمهامهم بفحص المؤمن لهم إجتماعيا إلى لجنة أطلق على تسميتها اللجنة التقنية حيث نصت المادة 40 من قانون 83/15 على ما يلي : » تنشأ لجنة تقنية تختص بالبث الأولى في كل الخلافات الناتجة عن ممارسة النشاطات الطبية التي لها علاقة بالضمان الإجتماعي ويمكن الطعن في قراراتها أمام الجهات القضائية المختصة « ، ونظم كيفية سير أعمالها المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرخ في 09/08/2004 والذي سماها » اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي « .
لكن التساؤل الذي يثار هنا كيف كانت تحل هذه المنازعات قبل صدور المرسوم المذكور؟ بالنظر إلى خصوصية هذه المنازعات من حيث طبيعة الخلاف ذو الطابع الطبي والتقني من جهة وبالنظر إلى أنه لا يمكن السكوت عن الأخطاء والتجاوزات التي قد ترتكب عند ممارسة العمل الطبي وجد المشرع الحل في مدونة أخلاقيات الطب لتغطية هذا الفراغ الذي لم يغطه القانون 83/15.
حيث نصت المادة 02 من المرسوم 92/276 المؤرخ في 06/07/1992 المتضمن مدونة أخلاقيات الطب على ما يلي: » تفرض أحكام هذه المدونة لأخلاقيات الطب على كل طبيب أو جراح أسنان أو صيدلي أو طالب في الطب أو في جراحة الأسنان في صيدلية مرخص له بممارسة المهنة وفق الشروط المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما » ومن ثم فأن هذه المدونة وما تتضمنه من قواعد وأحكام فإنها تطبق على كل الأطباء وجراحي الأسنان أو صيدلي أي كان اختصاصهم أو صفتهم أو مكان عملهم وبالتالي يمكن في هذا الإطار لهيئات الضمان الاجتماعي (1) والمؤمن لهم أن يرفعوا دعاوى تأديبية أمام الفروع الجهوية المختصة ضد أي طبيب أو صيدلي أو جراح أسنان يرتكب خطأ، تجاوزا أو غشا في إطار ممارسته لنشاطه الطبي وذلك عند فحص المؤمنين اجتماعيا.
الفرع الأول : إجراءات الإدعاء أمام المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب :
يمارس الفرع النظامي الجهوي في حدود إختصاصه ويحرص على جعل كل الأطباء يحترمون قـواعـد أخلاقيـات المهنـة مـن خلال سهـره على تنفيـذ قـرارات المجلس الجهـوي و الـوطنـي لأخلاقيات المهنة و في هذا الإطار يمارس الفرع سلطاته التأديبية من الدرجة الأولى ، إذ يمكن إحالة أي طبيب أو جراح أسنان أمام الفرع الجهوي المختص (1) عند إرتكابه أخطـاء خـلال ممارسة مهامه إذ يقوم رئيس الفرع فور تلقيه الشكوى بتسجيلها وتبليغها للمعني خلال 15 يوما.
1 – السلطات التأديبية للجان المجلس الجهوي : يستمع المجلس للمعني بالشكوى الذي يستدعي للمثول أمامه في أجل 15 يوما و إذا لم يرد على الإستدعاء الثاني يحكم عليه في غيبته ويكون المثول أمام المجلس شخصي ويكمن للطبيب المعني أن يستعين بزميل له مسجل في قائمة الأطباء أو محام معتمد ويبت المجلس في الشكوى في أجل أربعة 04 أشهر من تاريخ إيداع الشكوى ويمكن للمجلس في حدود سلطاته التأديبية (2) إتخاذ العقوبات التالية :
الإنذار – التوبيخ – المنع من ممارسة المهنة – غلق العيادة .
2 – الطعن فـي قرارات اللجان الجهـوية : يحوز لكل من الهيئات الضمان الإجتماعي و المعنيين بالقرار أن يرفعوا طعنا في القرارات التأديبية الصادرة عن لجان الفرع الجهوي وذلك أمام المجلس الوطني سواءا لعدم تمكين المعني من الـدفاع و لعـدم إطلاع اللجنة على ملفه الطبي أو عدم البث في الشكوى خلال مهلة أربعة أشهر المنصوص عليها في المدونـة أو عـدم إحترام الإجراءات و الأشكال المنصوص عليهـا طالمـا و أن مـن صلاحيات المجلس معالجة كل المسائل المتعلقة بتطبيق أحكام المدونة .
الفــرع الأول : اللجنة التقنية ذات الطابع الطبـي :
– من حيث التشكيلة و العضوية : تتشكل اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي من :
– طبيبان 02 يعينهما الوزير المكلف بالصحة .
– طبيبان 02 يمثلان هيئات الضمان الإجتماعي .
– طبيبان 02 يمثلان مجلس أخلافيات مهنة الطب .
– عون إدارة مـن الوزارة المكلفـة بالضمـان الإجتمـاعي يمسك أمانة اللجنة و يعين أعضاء هذه اللجنة لمدة 04 سنوات قابلة للتجديـد بقرار مـن الوزير المكلف بالضمان الإجتماعي و تجدد تشكيلتها بالنصف كل سنتين. وتجتمع على مستوى الوزارة في دورة عادية كل شهر بناءا على طلب من رئيسها أو في دورة غير عادية بطلب من ثلي 2/3 أعضائها أو من الرئيس .
2 – من حيث إختصاصاتها و سير أعمالها :
تبت اللجنة بقرار أولي في النازعات الناتجـة عن ممـارسة النشاطات الطبيـة ذات الصلـة بالضمان الإجتماعي لاسيما الحالات الأتية :
أ – حالات الغش و التعسف أو المجاملة التي قد تقع عند تسليم الوصفات أو الشهادات الطبية أو الوثائق الطبية الأخرى و التي يتم إعدادهـا من قبل الأطباء الممارسين ومهني الصحة ، وهذا بغرض الحصول على إمتيازات إجتماعية غير مبررة لفائـدة المؤمن لهم أو ذوى حقوقهم في مجال الإستفادة من الأداءات (1) .
ب – تجاوز المهام القانونية و التنظمية لمصالح المراقبة الطبيـة لصناديـق الضمـان الإجتماعي إتجاه المؤمن لهم إجتماعيا أو ذوي حقوقهم .
– حالات التأهيل المهني للأطباء فيما يخص الوصفات و ممارسة بعض الأعمال التقنية ذات الصلة بالتكفل الضمان الإجتماعي بالعلاج الصحي .
وتبت اللجنة في النزاع في أجل 30 يوما إبتداء من تاريخ إيـداع الملـف الطبـي و تبليغ القرار لأطراف المنازعة في أجل ثمانية (08) أيام ، و تتخذ قـرارتها بالأغلبية البسيطـة لأصوات الأعضاء الحاضرين و في حالـة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس ، و تحرر تبعا لذلك محاضر تتضمن قرارات اللجنة و تدون في سجل مرقم و مؤشر عليه من قبل رئيس اللجنة .
3– إلزامية الطعن أمام اللجنة التقنية :
نصت المادة 08 فقرة 01 من المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرح في 09/08/2004 المحدد لتشكليلة اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي و صلاحياتها و كيفية سيرها على ما يلي : » يجب أن ترفع تحت طائلة عدم القبول المنازعات التي تلحق من حيث طبيعتها بالمنازعات التقنية أمام اللجنة » ويتم هذا الطعن في الأجال التالية :
– من المؤمن له في أجل 15 يوما من تاريخ تبليغه بقرار الهيئة .
– من هيئـة الضمـان الإجتماعـي في أجل 15 يـوما في تاريخ إيـداع المؤمن له الملف الطبي محل النزاع. مما سبق يتبين لنا أن المؤمن له أو هيئة الضمان الإجتماعي المتضررين من أي خطأ أو تجاوز أو غش يكونون أمام طريقين للطعن وبالتالي إزدواجية في العقوبة ، فمن جهة له الحق في اللجوء إلى المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب كما يمكنه من جهة أخرى أن يرفـع إحتجاجـه أمـام اللجنـة التقنيـة ، وهذا ما نقـرأه من نص المـادة 10 مـن المـرسـوم التنفيـذي 05/171 المـؤرخ فـي 07/05/2005 و التي نصت على مايلي : في حالة معاينة تعسف وتجاوزات أو غش أو تصريحات مزورة تعلم صناديق الإجتماعي مقدمي العلاج … أو الهياكل الصحية المعنية مسبقا … وتخطر عند الأقتضـاء اللجنـة التقنية ذات الطابع الطبي…. » و المقصـود بالهياكل الصحية المعنية هي الهيئات التنظيمية لمهنة الطب و لا تخطر اللجنة التقنيـة حسب نص المادة إلا عند الإقتضاء خاصة إذا علمنا أن اللجنة حسب المرسـوم 04/235 المنظم لها أنها تضم ضمن تشكيلتها طبيبان 02 يمثلان مجلس أخلاقيات المهنة لـذلك نجد أن المشرع الفرنسي أو كل مهمة النظر في مثل هذه المنازعات في مرحلة تسويتها إلى لجان تعرف بـ: » فرع التأمينات الإجتماعية للمجلس الجهوي للتأديب (1) » يتولى مهمة الفصل كدرجـة أولى في كل الإحتجاجـات المرفوعـة ضد الأطباء الممارسين بمناسبة نشاطاتهـم الطبية في علاقاتهم مع هيئة الضمان الإجتماعي و هـذا المسلك الذي سلكه المشرع الفرنسي نابع من طبيعـة تصنيفه لمثل هذه المنـازعات إذ يعرفها :
Le contentieux disciplinaire des praticiens ou du contrôle technique (2) وهي التسمية الصحيحة لهذا النوع من المنازعات و المطلوب من المشرع الجزائري التدخل مرة ثانية لضبط هذه المسألة ، و تبنـي موقفا واحدا فإما أن يكون الطعن أمام المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب ثم استئناف القرار أمام اللجنة التقنية و إما التوجه بالإعتراض أو الطعن مباشرة أمام اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي ثم اللجوء إلى القضاء بعد ذلك و هذا تفاديا لازدواجية الطعن .
المطلب الرابع : تسوية المنازعات الناجمة عن تحصيل الإشتراكات :
يشكل تحصيل اشتراكات الضمان الإجتماعي إحدى الإنشغالات الرئيسية الدائمة لهيئات الضمان الإجتماعي لأنها المورد الوحيد لضمان الأداءات التي يقدمها يوميا للمؤمن لهم اجتماعيا .
و لضمان تحصيل هذه الإشتراكات خول القانون لهيئات الضمان الإجتماعي بعض الإمتيازات تتمثل في إجراءات استثنائية لها طابع قسـري لأجل تحصيـل الأموال المستحقـة إذ تعتبر هذه الوسائل من امتيازات السلطة العامـة و يعتبر القرار المتعلق بالتحصيل قرارا نافذا بحد ذاته و ملزما للمدين ، يصدر عن إدارة الصندوق ، كعمل تلقائي لا يحتاج إلى موافقة الغير و لا لحكم قضائي .
فإذا لم يبادر أصحاب العمل إلى تسديد الإشتراكات و المبالغ المستحقـة ضمن الآجـال القانونية المحددة يصبح الصندوق مضطرا إلى إتباع الإجراءات التي خولها إياه القانون لتحصيل أمواله و ذلك بإتباع الطرق التالية :
الفـرع الأول : إنـذار المديـن :
إذ إنتهت الفترة المحددة للتسديد يتوجب على الصندوق و قبل أي إجراء بأن يوجه إنذار إلى المدين المتخلف عن التسديد ، وهو الإجراء الذي نصت و أكدت عليه المادة 57 فقرة 01 من القانون 83/15 المعدلة بالمادة 16 من القانون 99/10 إذ جاءت بمايلي :
« يجب أن تسبق كل متابعة أو دعوى تحركها هيئـة الضمان الإجتماعي الدائنة بإنـذار يدعو المكلف بتسوية وضعيته في ظرف خمسة عشر 15 يوما التالية لإستلام الإنذار « . و هو الإجراء نفسه المتبع في فرنسا (1) .
لم يحدد المشرع الجزائري شكل هذا الإنذار أو مضمونه ، إلا أن من بين البيانات التي يجب أن يتضمنها نذكر مايــلي :
– مقدار مبلغ الإشتراكات المطالب بها .
– الزيارات التأخيريــة .
– الفترات التي تعود إليها المبالغ المطالب بها .
– مهلة 15 يوما – مهلة التسوية .
– توقيع مدير الهيئة .
– إسم المدين و عنوانه بالكامل .
كما أن المشـرع و من خلال قراءتنـا لنـص المادة 57 من القانــون 83/15 يتبين لنـا أنه لم ينص صراحة على الطريقة التي يتم بها تمكيـن المدين من الإنذار غيـر أن عبـارة » لاستلام الإنـذار » تعني أن مهلة التسوية لا تسري إلا من تـاريخ تمكين المعني من الإنذار وذلك بإرساله بموجب رسالة مضمنة الوصول مع إشعار بالإستـلام ، لكن ماذا عن حالة أن يتسلـم الإنـذار شخص غيـر مدين ؟ أو في حالة الإستحالة المادية لا بلاغه كأن يكون المدين مسجونا مثلا ؟ ففي هذه الحالات هل تسري أعمال التحصيل ؟ المشرع الجزائري لم يجيبنا على هذه الوضعية لذلك نجد في واقعنا العملي الكثير من القضاة عند التأشير على الملاحقات يشترطـون في تبلـغ الإنذار أن يكون عن طريق محضر قضائي .
أما المشرع اللبناني فوجد الحل في التبليغ عن طريق مأمور التبليـغ مقابل محضـر يحرره ويبقى الإنذار صحيحا لكل ما يتضمنه حتى و لو تضمن عبارة (2) » دون المساس بزيادات التأخير التي تستمر في السريان حتى تاريخ الدفع النهائي. » ويبقى صحيحا حتى و إن وقع خطأ على مقدار الإشتركات .
الفـرع الثــاني : طلب التحصيل عن طريق الضرائب
وهو الإجراء المنصوص عليه في المادة 59 من قانون 83/15 المعدلة بالمادة 18 من قانـون 99/10 وطلب التحصيل مماثل » للإكراه البدني » LA CONTRAINTE » الوارد ذكره في المادة 244 فقرة 02 من قانون الضمان الإجتماعي الفرنسي (1) .
إذا يوقع مدير الهيئة كشف المبالغ المستحقة ثم يؤشر عليه والي الولاية في أجل 20 يوما وبذلك يصبح نافذا ويرسل إلى قابض الضرائب مباشرة بمحل إقامة المكلف – المدين – ويمكن تحديد إجراءات طلب التحصيل في مايلي :
– أن يكون الدين مثبت ومعلوم ويتضمن جميع الديون .
– يستوجب وجود إنذار مبلغ حسب الأصول إلى المدين .
– أن يرفق الطلب ببيان عن الدين يتضمن : مقداره ، نوعه .
– لا يجوز أن يتضمن طلب التحصيل مبالغ تفوق تلك الواردة في الإنذار .
– لابد أن يصدر بعد إنقضاء مهلة الإنذار .
وفور وصوله إلى إدارة الضرائب تقوم هذه الأخيرة بإخطار المدين بوجوب دفع مبلغ الدين بواسطة إخطار ترسله إلى المدين شخصيا في محل إقامته الحقيقي.
الفرع الثالث : الملاحقـة القضائيــة :
نصت المادة 60 من قانون 83/15 المعدلة بالمادة 19 من قانون 99/10 على مايلي : » عند إعتماد إجـراءات ملاحقة المكلف يوقع كشف المبالغ من قبل مدير هيئة الضمان الإجتماعي الدائنة ، ثم يؤشره رئيس المحكمة المختصة بالقضايا الإجتماعية في غضون 15 يوما وبذلك يصبح تحصيل هذه المبالغ نافذا « .
أ/ – إعداد كشف المستحقات : يتم إعداد كشـف المستحقات من قبل مصالــح
الضمان الإجتماعي الذي لا يتعلق إلا بالاشتراكات المصرح بها أو المحـددة
من طرف العون المراقب بالإضافة لغرامة التأخير و زيادات التأخير ويتضمن
الكشف (2) مايلي :
– يجب أن تكون المستحقات ثابتة نقدا وحالة الأداء .
– أن لا يكون المدين قد تحصل على جدول دفع بالتقسيط .
– أن يكون المدين قد إنذاره طبقا لأحكام المادة 57 من القانون 83/15 .
بعد ملئ الكشف يتم إمضاءه من قبل مدير الصندوق طبقا للمادة 59 من القانون 83/15 .
وبعد إعداد الملاحقة التي تأخذ شكل أمر الأداء المنصوص عليه في المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية وتوقيعها من قبل المدير تقدم للقاضي للتأشير عليها لتحوز الصيغة التنفيذية .
ب – تبليغ الملاحقة للمكلف : عند إكتساب الملاحقة الصيغة التنفيذية يتم تبليغها للمكلف من طرف عون مراقب محلف تابع للهيئة ومعتمد من قبل الوزارة ويكون للمكلف حق الأعتراض أمام لجنة الطعن الأولى في أجل مدته 15 يوما من تاريخ التبليغ عن طريق رسالة خطية ، وإذا أصبحت الملاحقة نهائية تنفذ بنفس الشروط التي تنفذ بها الأحكام القضائية طبقا للمادة 63 من القانون 83/15.
إلا أن الكثير من القضاة عمليا يمتنعون عن التأشير على الملاحقات لأن في نظرهم أن التصريحات الواردة فيها لاتعتبر إعترافا بالدين ، وهناك من يشترط لتصبح ممهورة بالصيغة التنفيذية أن تبلغ عن طريق محضر قضائي.
المبحـث الثانـي : دور القـاضـي في منازعات الضمان الإجتماعي
إن تكريس المشرع الجزائري للتسوية الداخلية لمنازعات الضمان الإجتماعي و جعلها هي الأصل في تصفية هذه المنازعات جعل دور القاضي سلبيـا في هذه المرحلة ، ما عدا ظهوره من خلال ترأسه للجنة العجز الولائية و ماعدا ذلك لا نجد أي دور للقاضي قد يلعبه في هذه المرحلة ، و هو الأمر الذي يتنافى و ما تسعى إلى تكريسـه المواثيــق و التوصيات الدولية خاصة منها توصيات منظمة العمل الدولية ، التي تنص على وجوب أن تعرض المنازعات على هيئات مستقلة عن السلطة الإدارية التي أصدرت القرار محل الإعتراض و هذا حتى لا تصبح المراجعة وهمية.
و على عكس المشرع الجزائري فلقد أعطت بعض التشريعات مهمة التسوية الداخلية و الودية لمنازعات الضمان الإجتماعي إلى محاكم خاصة يترأسها قضاة بمساعدة ممثلين عن العمال و أصحاب العمل و هو ما كرسه القانون الفرنسي بإنشائـه ( ( لمحكمة شـؤون الضمـان الإجتمـاعي (1) )) و هي المختصة بحل جميع المنازعات كدرجة أولى يرأسها قاضي يساعده ممثلين إثنين و تكون قراراتها قابلة للإستئناف أمام الغرفة الإجتماعية لمحكمة الإستئناف. و نفس الطريق سلكه المشرع اللبناني بإنشائه (( لمجلس العمل التحكيمي (2) )) الذي ينظر في منازعات الضمان الإجتماعي كدرجة أولى و الذي يترأسه قاضي يعينه وزير العــدل و يساعده ممثلين إثنين واحد عن أصحاب العمل و الآخر عن الأجـراء.
لذلك فالحديث عن دور القاضي في منازعات الضمان الإجتماعي في ظل تشريع الضمان الإجتماعي الجزائري لا يظهر إلا عند لجوء أطراف النزاع إلى القضاء ، و هنا لا يقتصر دوره على مجرد الفصل و البت في موضوع المنازعة فحسب بل يتعداه إلى أكثر من ذلك ،و هذا ما سوف نبينـه من خلال هذا المبحث ، بعد معرفة إختصاص كل قاضي بحسب طبيعـة كل منازعـة.
المطلـب الأول : دور القاضـي في المنازعات العامـة :
لقد منح القانون 83/15 المؤمن له أو ذوي حقوقه و أصحاب العمل الحق في اللجوء إلى القضاء في حالة عدم تسوية النزاع وديا من قبل اللجان المختصة بحسب طبيعة كل منازعة ، و لم يضع المشرع لذلك إجراءات خاصة في رفع هذه الدعاوي بل العكس من ذلك فلقد جعل إجراءات التقاضي مبسطة ماعدا إحترام إجراء رفع الطعن المسبق أمام اللجان المختصة.
و تخضع هذه الدعاوي من حيث الإختصاص إلى المحاكم الفاصلة في المسائل الإجتماعية و ذلك نظرا للطابع المميز للمنازعات العامة ، غير أنه يتعين الإشارة إلى وجود بعض المنازعات حتى و لو كانت من حيث وصفها
تدخل في مجال المنازعات العامة غير أنها من حيث الإختصاص يؤول النظر فيها إلى القاضي المدني و الإداري و الجزائي (1) كما سيأتي شرحه لاحقــا.
الفـرع الأول : إختصـاص القاضي الإجتماعـي :
نصـت المادة 13 من قانون 83/15 على ما يلـي :
((ترفع الخلافات من قبيل المنازعات العامة كما جاء تعريفها في المادة 02 و 03 أعلاه إلى المحكمة المختصة بالقضايا الإجتماعية )).
كما نصت المادة 14 من ذات القانون و المعدلة بالمادة 08 من قانون 99/10 في فقرتها الثانية على ما يلي : (( ترفع الإعتراضات على القرارات الصادرة على لجنة العجز المسبق في مرحلة إبتدائية إلى المحكمة الفاصلة في القضايا الإجتماعية في ظرف شهر (01) بعد تبليغ قرار اللجنة أو في غضون 03 أشهر إبتداءا من تاريخ إستلام العريضة إذا لم تصدر اللجنة قرارها)).
و نصت المادة 15 من القانون 83/15 كذلك على أنه : (( يجوز لهيئات الضمان الإجتماعي أن تحيل الأمر إلى المحكمة المختصة بالقضايا الإجتماعية بالنسبة لجميع الدعاوي و الملاحقات التي ينص عليها القانون)).
و يتعلق موضوع الدعاوي في هذا الإطار حول منح الأداءات العينية و النقديـة و إستحقاق المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم لها من عدمه أو حول الأداءات الناتجة عن حوادث العمل و الأمراض المهنية ، و كذا المنازعات المتعلقة بالإنتسـاب.
أما الدعاوي التي يكون طرفيها هيئات الضمان الإجتماعي و أصحاب العمل فهي في الغالـب تنصب حـول الملاحقات القضائيــة و الغرامات و الزيادات التأخيريـة.
و في كل هذه الحالات و غيرها يجوز لكل من المؤمن له و ذوي حقوقه أو أي مستفيد آخر و كذلك لهيئات الضمان الإجتماعي و أصحاب العمل اللجوء إلى المحاكم الفاصلة في المواد الإجتماعية للمطالبة بحقوقهـم.
الفـرع الثانـي : دور القاضي الإجتماعي في المنازعات العامـة :
إن دور القاضي الإجتماعي لا يقتصر على الفصل في النزاع فحسب لكن تدخله أثناء سير الدعوى هو تدخل إيجابي من أجل السهر على حسن تطبيق القانون و حماية حقوق المؤمن لهم و يمكن إبراز هذا الدور من خلال النقاط التاليــة :
أ‌ دوره في التحقق من طبيعـة المنازعة : كثيرا ما يخطأ القضاة عندما لا يفرقون ما بين المنازعة العامة و المنازعة الطبية ، و هذا راجع إلى تميز منازعات الضمان الإجتماعي عن غيرها من الدعاوي لكونها أكثر تقنيـة و أكثر تعقيدا و في غالبية الحالات تتداخل الإجراءات ، و هذا لتعلق هذه المنازعات بآجال متعددة و بالطعون أمـام اللجان المختصة ، إلى جانب عدم ضبط مفهومها و مجالها بدقة من قبل المشرع ، مما يجعل عملية تحديد طبيعة المنازعة مسألة صعبة بالنسبة للقاضي لكن هذا لا يعفيه من التحقق من نوع و طبيعة النزاع المطروح أمامه لأن تحديد ذلك يرتب أثار هامة نذكر منهـا :
ـ تحــديـد القـــاضـي المـخـتــص.
ـ تحديد مراكز الأطراف و صفتهم في الدعوى.
ـ تحديد جهة الطعن التي يجب أن يرفع إليها الإعتراض.
و مسألة تحديد طبيعة المنازعة من طرف القاضي و الدور الإيجابي الذي قد يلعبه في ذلك من المسائل القانونية الهامة التي أكدت عليها إجتهادات المحكمة العليا (1) في هذا الشأن و التي ترى ضرورة تحديد طبيعة النزاع قبل أي إجـراء آخـر.
ب‌ دور القاضي الإجتماعي في التحقق من صحة إجراءات رفع الدعـوى : بعد أن يتأكـد القاضي من طبيعة المنازعة و من إختصاصه للنظر فيها ينتقل إلى التحقق من مدى مراعاة صاحب الدعوى للشكل المطلوب و من إستيفاءه القيد الذي وضعه القانون إذ نصت المادة 06 من القانون 83/15 المعدلة بالمادة 02 من القانون 99/10 على ما يلي : » ترفع الإعتراضات التي تتعلق من حيث طبيعتها بالمنازعات العامة إلى لجان الطعن المسبق المنصوص عليها أدناه قبل اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة » ، إذ لا يجوز للمؤمن له أو ذوي حقوقه و كذا أصحاب العمل من اللجوء إلى القضاء دون تقديمهم للإعتراض أمام لجان الطعن المسبق المشكلة لهـذا الغـرض و هو إجراء من النظام العام يثيره القاضي من تلقاء نفسه ، و أثر تخلفه هو عدم قبول الدعوى شكلا.
و دور القاضي هنا هو التحقق من مدى إستيفاء الدعوى لهذا القيد الذي وضعه المشرع ، و عليه في ذلك أن يفرق ما بين الإعتراض أو أي شكوى أو طلب آخر من النوع الذي يرفعه المؤمن له إلى مدير هيئة الضمان الإجتماعـي.
لذلك فسلطته الواسعة تخول له تفحص أوراق الملف و مستنداتــه و البحث في ما إذا كان الطلب المرفوع إلى الهيئة هو طلب إعتراض أم شكوى عادية ، فقد تتشابه الأمور على القاضي و قد يعتبر أي شكوى إعتراض و بالتالي يقبل الدعوى فالحكم بهذه الصفة هو خرق للقانـون.
و يقع عبأ تقديـم الدليل على عرض النزاع على لجان الطعن على عاتق أطـراف الدعوى.
ج ـ سلطة القاضي الإجتماعي في التحقق من طبيعة الحادث أو المرض :
عند قيام منازعة حول تحديد طبيعة و صفة الحادث أو المرض الذي
أصاب العامل و الظروف المحيطة به ، أو أن تكون المنازعة حول عدم التصريح في الآجال المنصوص عليها ، فإن للقاضي دور كبير يناط به في تقرير ذلك و هذا نظرا للآثار الهامة التي يرتبها القرار الذي سوف يتخذه في هذا الشأن ، فبمجرد أن يقرر بأن الحادث أو المرض الذي أصاب العامل ذو طابع مهني ينشأ للعامل المصاب الحق في الآداءات و التعويضات اليومية دون أي قيد (1) و هو الأمر الذي تكون له أثار سلبية على الطرف الآخر أي الصندوق الذي سوف يتحمل كل الأعباء المالية و هو الذي من شأنه أن يؤثر على توازنه المالي.
إذ يبحث القاضي من خلال أوراق الملف في ملابسات و ظروف الحادث أو المرض الذي أصيب به العامل ، و في هذه المسألة فهو غير ملزم بما يقدمه الأطراف من حجج أو أوجه دفاع ، بل له السلطة التامة في تقرير أدلة الدعوى و البحث في مستندات الملف لإستخلاص الصحيح منها ، و له في هذا الشأن أن يجري تحقيقا في الأمر أو أن يستعين بأهل الخبرة و الإختصاص ليستكمل جمع الأدلة و القرائن و له في ذلك السلطة التقديرية الكاملة ، و عند ذلك يبقى التقرير الذي يعده الخبير بعد تعيينه مجرد عنصر من عناصر الإثبات في الدعوى ، و لا يقيد القاضي في شيء و تقدير نتائجه من السلطات التي يستقل بها قاضي الموضوع و لا معقب عليه متى أقام قضاءه على أسباب صحيحة ، و كذلك الشأن إذ أمر بإجراء تحقيق مدني ، فإستخلاص الواقع من شهادة الشهود هو من الأعمال المخولة للقاضي دون أن يلزم ببيان ترجيحة لشهادة على أخرى ، و في هذا الصدد أقرت محكمة النقض المصرية في قرار لها حول واقعة إثبات حادث عمل ما يلي :
((…. و لما كان تقدير أقوال الشهود و إستخلاص الواقع منها هو ما تستقل به محكمة الموضوع و لا سلطان لأخر عليها في ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليها مدلولها و كانت محكمة الموضوع قد إطمأنت إلى أقوال شهود المطعون ضدهم و إستخلصت أن الحادث وقع أثناء العمل و بسببه فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيـا في تقدير الدليل و هو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض (2) )). (الطعن رقم : 1261 لجلسة 26/05/1986.)
الفـرع الثالث : سلطة القاضي الإجتماعي في مراقبة مدى صحة إجراءات الملاحقـة :
لقد أجاز القانون 83/15 لهيئة الضمان الإجتماعي بموجب المادة 58 منه المعدلة بالمادة 17 من قانون 99/10 في حالة إنقضاء الأجل الممنوح للمكلف و عند عدم تسوية وضعيته بتسديد مستحقات الهيئة و عدم عرض أمره على لجنة الطعن الأولى باللجوء إلى إجراءات الملاحقة القضائيـة قصد تحصيل المبالغ المستحقة المطالب بها ، و هو إجراء يشبه من حيث شكله و إجراءاته إلى حد بعيد أمر الأداء المنصوص عليه في المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية ، و حتى لا يكون هناك تعسف في إستعمال الحق ، فلقد تم إخضاع مراقبة مدى صحة إجراءات الملاحقة إلى القاضي الإجتماعي لأنه هو الأدرى بقوانين الضمان الإجتماعي من جهة ، و هو القاضي المختص و إثارتنا لهذه النقطة ماكانت لتكون إلا لأن بعض المحاكم مازالت تعطي إختصاص التأشير على هذه الملاحقات لرئيس الجهة القضائية أي لرئيس المحكمة معتبرين إجراءات الملاحقة مثلها مثل إجراءات أمر الأداء.
و يكمن دور القاضي الإجتماعي هنا في مراقبة مدى صحة الإجراءات السابقة للملاحقة و شكل و مضمون الملاحقة ذاتها و في هذا الشأن عليه التأكد من توافــر و مراعاة الهيئة لما يلـي :
1) ـ التأكد من وجود الإنذار و صحة تبليغه للمعني تبليــغا صحيـحا
ينفــي الجهالة عن علمـه بـه.
2) ـ يتأكد من المبالغ المستحقة بما فيها الغرامات التأخيرية و تطابـق
ذلك مع ما هو مذكور في الإنـذار.
3) ـ يتأكـد مـن ذكـر الهيئـة للفتـرات المطالـب بهـا.
4) ـ التأكد من وجود الكشف التفصيلي للمبالغ المستحقة الذي يجــب
إرفاقه مع الملاحقة و الذي يوقعه مدير الهيئة و ما مدى مطابقـة
المبالغ المذكورة فيه للمبالغ المذكورة على ظهر الملاحقـة.
5) ـ يتأكد من تاريخ إمضاء الملاحقة من قبل مدير الهيئة على إعتبـار
أن أجل 15 يوما المذكور في المادة 60 من قانون 83/15 يسـري
من تاريخ توقيع الملاحقة من قبل المدير فقد تعرض الملاحقة على
القاضي خارج الآجال و هنا ترفض شكـلا.
6) ـ كما يتأكد القاضي من صحة هوية المكلف ـ المدين ـ و ما مدى
مطابقتها لتلك الموجودة في الإنذار ، مع وجوب ذكر مهلــة 15
يوما و هي مهلة التسوية و كذا المواد و الأحكام القانونيـة التـي
تحكم قواعد و إجراءات الملاحقة و التي يجـب أن تذكـر علـى
ظهرهـا.
بعد الإنتهاء من مراقبة القاضي يؤشر عليها و من تاريخ التأشير تمنح للمدين مهلة 15 يومـا للتسوية أو عرض أمره على لجنة الطعن الأولـى.
إذا و على ما سبق ذكره فإن دور القاضي الإجتماعي عند النظر في المنازعات العامة المرفوعة إليه هو دور إيجابي يتحلى بوضوح في حرصه على إحترام الإجراءات و المواعيد التي جاء بهـا تشريع الضمان الإجتماعي مع سهره على التطبيق السليم لنصوصه خاصة مع تعلق هذه الأحكام و القواعد بالنظام العام.
المطلـب الثانـي : دور القـاضـي في المنـازعات الطبيـة :
لقد حاول المشرع الجزائري من خلال الترسانة القانونية المنظمة لمنازعات الضمان الإجتماعي بصفة عامة و المنازعات الطبية بصفة خاصة تحقيق أكبر قدر من السرعة في الفصل ، حتى أنه جعل من الخبرة الطبية قرارا فاصلا و بصفة نهائية تلزم نتائجها كل الأطراف ماعدا بعض الحالات الإستثنانية ، لكن مع كل ذلك قد يحدث و أن لا توفق التسوية الداخلية للمنازعات الطبية في تحقيق الغرض المرجو ألا و هو تسوية النزاع نهائيا مما يجعل اللجوء إلى القضاء أمرا لا بد منه (1).
الفـرع الأول : إختصــاص القاضـي الإجتماعـي :
نصت المادة 26 من القانون 83/15 على ما يلي : (( مع مراعاة المادة 25 أعلاه يجوز رفع دعوى إلى المحكمة المختصة بالقضايا الإجتماعية فيما يخص : سلامة إجراءات الخبرة ـ مطابقة قرار هيئة الضمان الإجتماعي لنتائج الخبرة ـ الطابع الدقيق و الكامل و غير المشوب باللبس لنتائج الخبرة ـ ضرورة تجديد الخبرة و تتميمهـا ـ الخبرة القضائية في حالة إستحالة إجراء الخبرة الطبية على المعني)).
كما نصت المادة 37 من ذات القانون المعدلة بالمادة 14 من القانون 99/10 (( يجوز الطعن في قرارات اللجان المختصة بحالات العجز أمام الجهات القضائية المختصة)).
بدون شك أن القاضي المختص للنظر في الحالات المنصوص عليها في المادة 26 هو القاضي الإجتماعي بالمحكمة غير أن التساؤل يثار بشأن الطعن في القرارات الصادرة عن لجان العجز فمن هو القاضي المختص ؟.
فقبل التعديل كانت الجهة المقصودة منصوص عليها صراحة متمثلة في المجلس الأعلى للقضاء بالنظر إلى أن قرارات لجنة العجز ليست من قبيل القرارات الإدارية فالمقصود بالجهة القضائية هي جهات القضاء العادي مجسدا في الغرفة الإجتماعية للمحكمة العليا و هذا ما إستقر عليه قضاء المحكمة العليا (2) في أحد قـراراتهـا.
الفـرع الثانـي : صلاحيات و دور القاضي في لجنـة العجـز :
للقاضي دور أساسي في اللجنة الولائية للعجـز و يظهر ذلك من خلال النقاط التالية :
1 ـ إن القانون 83/15 أو كل مهمة ترأس هذه اللجنة إلى قاض برتبة مستشـار
بالمجلس بخلاف اللجان الأخرى التي يترأسها ممثليـن عن الإدارة.
2 ـ إن مداولات هذه اللجنة لا تصح إلا حضرها أربعة (04) من أعضائها منهم
الرئيس بمعنى لا يمكن أن تنعقد اللجنة بدونه.
3 ـ لا تجتمـع اللجنـة إلا بنـاءا علـى إستدعـاء منـه.
4 ـ في حالة تساوي الأصوات يرجح صـوتـه.
كما أن المشرع لم يقيد صلاحيات هذه اللجنة مما يجعل رئيسها أي القاضي يمارس سلطات تكون لها أثار هامة على القرار المتخذ خاصة عند تساوي الأصوات و ترجيح صوته ، إذ يصبح له الأثر البالغ في أي قرار قد تتخذه خاصة إذ علمنا أن عدم حضوره أو عدم تسميته في القرارات المتخذة من قبل اللجنة يؤدي إلى بطلان أعمالها كما تصبح هذه القرارات بهذه الصفة وجه من أوجه النقض (1).
الفـرع الثالث : تدخل القاضي الإجتماعي لحماية حقوق المؤمن لهم :
أ‌) ـ في مجـال الخبرة الطبيـة : لقد علق المشرع الجزائري على إلزامية نتائج الخبرة و جعلها نهائية في مواجهة الأطراف على شرط سلامة إجراءاتها ففي حالة ما إذا كانت هذه الإجراءات مشوبة بأي عيب كأن تقوم هيئة الضمان الإجتماعي بتعيين الطبيب الخبير دون علم أو موافقة المؤمن له يمكن لهذا الأخير اللجوء إلى المحاكم الإجتماعية للطعن في هذا القرار لمخالفته القانون ، فيتدخل القاضي الإجتماعي لتصحيح الوضع و حماية حقوق المؤمن له ، و كذلك الحال إذا كانت الخبرة المنجزة غير دقيقة و غير كاملة أو يكتنفها الغموض الذي يمنع من الوقوف على الحالة الصحية للمؤمن له بدقة ، فدور القاضي هنا يكون بإصداره لحكم تمهيدي بتعيين خبير قصد الوقوف على حالة المؤمن (أنظر الملحق حكم محكمة سطيف فهرس رقم 237) ، كما تكون للقاضي على غرار ذلك سلطة إلغاء قرارات هيئة الضمان الإجتماعي عند مخالفتها للقانون كحالة عدم مطابقة القرار الذي تصدره للنتائج التي توصلت إليها الخبرة إذ أن القانون يلزم هيئة الضمان الإجتماعي بأن تكون قراراتها المتخذة في هذا الشأن مطابقة لنتائج الخبرة.
ب‌) ـ فـي مجــال حـالات العجـز : في القرارات الصادرة عن هيئات الضمان الإجتماعي المتعلقة بحالات العجز الناتج عن المرض ، أو حادث العمل أو تاريخ الشفاء و العجز أو نسبته فإن سلطات القاضي تنصب أساسا حول التحقق من المسائل التاليـة :
1 ـ من إستيفاء هذه الدعاوى للقيد المقرر قانونا المتمثل في عرض هذه النزاعات على اللجنة الولائية للعجز قبل اللجوء إلى القضاء و أثر ذلك هو عدم قبول الدعوى لكون الإجراء من النظام العـام.
2 ـ في حالة عدم البت من طرف اللجنة في مسألة تحديد تاريخ الشفاء أو العجز أو تحديد نسبته أو في حالة عدم صدور قرارا من اللجنة يتدخل القاضي حماية لحقوق الطرف المتضرر بتعيين خبير لفحص المعني و تقديـر العجـز و نسبتـه.
فالدور الإيجابي للقاضي الإجتماعي في مجال المنازعة الطبية يشكل حماية قضائية لحقوق المؤمن لهم و ذوي حقوقهم من هيمنة هيئات الضمان الإجتماعي التي قد تتعسف في إستعمال إمتيازات السلطة العامة بوصفها مرفق عام ، و هي الغاية التي كان يرجوها المؤمن لهم عند لجوءهم إلى القضاء.
المطلـب الثـالث : دور الـقاضي في المنـازعات التقنيـة :
قد لا يقتصر النشاط الطبي الذي يتم من طرف المتدخلين في إطار منازعات الضمان الإجتماعي على تلك العقوبات المسلطة في إطار الدعاوى التأديبية ، و إنما تذهب أحيانا إلى أبعد من ذلك في حالة ثبوت قيامهم بالأفعال المنصوص عليها بموجب مدونة أخلاقيـات مهنة الطب ، إذ تقوم في هذا الصدد المسؤولية الجزائية في حالة إرتكاب المتدخل بفعل من الأفعال المجرمة بموجب قانون العقوبات ، أما المسؤولية فتتمثل في الإلتزام بتعويض الغير في حالة قيام أي فعل ضـار (1).
الفـرع الأول : إختصـاص القاضـي الجـزائـي :
إن قيام مسؤولية الطبيب المتدخل في إطار النشاط الطبي المتعلق بمنازعات الضمان الإجتماعي يمكن أن تترتب عليها دعوى جزائية و من ثم يقوم إختصاص القاضي الجزائي للنظر في مثل هذه المنازعات و هي الأفعال المجرمة بنصوص قانون العقوبات أو بنصوص خاصة و منها نذكـر :
ـ إفشاء السر المهني و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه بنص المادة 301
من قانون العقوبات.
ـ إعطاء بيانات كاذبة و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه بنـص المـادة
226 من قانون العقـوبـات.
ـ تحرير إقرار أو شهادة تثبت وقائع غير صحيحة و هـي الأفعال المعاقـب
عليها بنص المادة 228 من قانون العقوبات . و هي الأفعال التـي يجرمـها
و يعاقب عليها قانون حماية الصحة (2).
الفـرع الثانـي : سلطة القاضي في إستخلاص عناصر المسؤولية الجزائية :
أـ في المسؤولية الجزائية عن إفشاء السر المهني : يبحث القاضي هنا في قيام أركان الجريمة و تبيان عناصرها ثم في إسناد الفعل إلى الفاعل و تتمثل أركان الجريمة في :
ـ الركن المادي و الذي يشتمل على العناصر التالية : السر الطبي ، فعل الإفشاء و صفة الجاني.
ـ الركن المعني و هو القصد الجنائـي لأنهـا من الجرائـم العمدية.
إذ أن الطبيب لا يستطيع مقدما أن يعلم بما قد يرتبه فعل الإفشاء من أضرار أم لا ، فقد يكون لصاحب السر مصلحة في أن لا يعلم أحد ، كأن تكون هيئة أو جهة معينة عن حالته الصحية لأن مصلحته تتضرر إن علمت هذه الجهة بأنه خال من أي مرض في حين أنه يدعي عدم القدرة على القيام بعمل معين ، و أن ظروفه تقتضي تغيير نوع عمله أو مكانه فضلا عن أن نفي مرض معين يعني فعلا إصابته بمرض آخر إذا كان بدا عليه أعراض مرضيين.
إن السر الطبي لا يقتصر على المعلومات الخاصة بنوع المرض أو الإصابة التي يعاني منها المريض ، و إنما يشمل كل ما يتصل بالعمل الطبي من فحص و تشخيص كإجراء التحاليل و الأشعـة.
و في ذلك قضى في فرنسا : (( أن الخاضع للإلتزام المهني بالكتمان يلتزم بالصمت الكامل ليس فقط بالنسبة لما أودع لديه و لكن كذلك أيضا بالنسبة لكل ما كان في إستطاعته أن يعلم به بسبب ممارسته لمهنته أو بمناسبتها أن يراه أو يسمعه أو يفهمـه أو يستنتجـه (1) .)).
و لا يمكن للطبيب أن يتحجج بأي عذر عند مساءلته أمام المحكمة ، حيث علق المستشار (تانو) على حكم محكمة النقض الفرنسية في قضية الدكتور (( watelet )) جاء في تعليقه ما يلي : إن الطبيب لا يحق له أن يستند لتبرير فعلته على أن السر أصبح معروفا للعامة إذ أن محيط العامة و أقوال الصحف لا يعتمد عليها كثيرا و من الناس من لا يصدق روايتها ، أما إذا تقدم الطبيب المعالج و أفشى السر فإنه يؤكد الرواية و يحمل المترددين على تصديقها (2) …)). و إذا توافرت أركان جريمة إفشاء السر وجب تطبيق العقوبة المقررة لها بحسب ما نصت عليه المواد : 235 من قانون الصحة و المادة 301 من قانون العقوبات و التي نصت على ما يلي : (( يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و بغرامة من 500 إلى 5000 دج……..)).
و من المسائل التي يجب أن يراعيها القاضي في تقديره للعقوبة من حيث التشديد أو التخفيف الباعث (3) على إفشاء السر فإذا كان هو الإضرار بالمعني عليه و التشهير به فإن العقوبة تشدد ، إلى جانب الإعتبارات الأخرى كمقدار الضرر اللآحق بالمريض ، و مدى إتصال الواقعة بشرفه و سمعته و مركزه الإجتماعي كما قد يكون الباعث سببا في تخفيفهـا.
ب ـ المسؤوليـة الجزائيـة المترتبة عن تقديـم الوصفـة الطبيـة : يتولى الأطباء مهمة تسليم الشهادات و المستندات و التقارير الطبية التي تخضع في الحقيقة إجراءات تسليمها لقواعيد صارمة حددها القانون و التنظيم ، و هي ليست مجرد إجراء مادي بدخل ضمن النشاط الطبي و إنما عمل خطير قد تتجاوز آثاره الإطار الضيق للعلاقة الطبية ما بين الطبيب و المريض و إنما قد ترتب في ذمة الغير آثار مالية بالغة و المقصود بالغير هنا هيئة الضمان الإجتماعي.
حيث نصت المـادة 238 من قانون الصحـة علـى ما يلـي :
(( يمنع كل طبيب، جراح أسنان، قابلة من الإشهاد خطأ أو عمدا قصد تأييد أو إلحاق ضرر بشخص معنوي أو طبيعي)) فيقع على الطبيب أن ينقل بصدق ضمن مختلف الشهادات و المستندات و التقارير الطبية التي يحررها بصــدق و أمانة دون تزوير أو تزييف الذي من شأنه أن يعطي إمتيازات للمؤمن له الذي من شأنه الإضرار بميزانيـة الصندوق ، و يبحث القاضي هنا من خلال تفحصه لمضمون الوصفة في العلاقة السببية ما بين الخطأ و الضرر و يقوم بتحديد الخطأ و تكييفه و له في ذلك أن يدعم عمله برأي الخبير.
و يستخلص الخطأ من الوقائع الواردة في الملف و لا بد أن يكون ثابتا ثبوتا كافيا لدى القاضي ، بمعنى أن يكون ظاهرا لا يحتمل المناقشة أي بصفة قاطعة و لقد ربطه المشرع الجزائري بالضرر في المادة 239 من قانون حماية الصحة ، و يبحث القاضي هنا في تبيان العناصر التاليـة :
ـ أن يكون التزوير بهدف إعطاء إمتيازات غير مبررة للغيـر.
ـ أن يكون هذا الإمتياز قد ألحق ضررا بهيئة الضمان الإجتماعي ، أي لا بد
أن يكون الضرر محقق الوقوع مادي و معنوي و في إتجاه إرادة الجانـي
لإرتكاب هذا الفعل المجرم.
ـ و أن يتأكد كذلك من أن التزييـف للحقيقة كان عمدي (1) .
و عند تقرير القاضي لقيام أركان الجريمة و إدانة المتهم عنها يكون له دور في تقدير العقوبة إذ نصت المادة : 226 من قانون العقوبات على ما يلي :
(( كل طبيب أو جراح أو طبيب أسنان أو ملاحظ صحي أو قابلة قرر كذبا بوجود أو بإخفاء وجود مرض أو عاهة أو حمل أو أعطى بيانات كاذبة عن مصدر مرض أو عاهة أو عن سبب الوفاة و ذلك تأدية أعمال وظيفته و بغرض محاباة أحد الأشخاص يعاقب بالحبس لمدة سنة إلى ثلاث سنوات)). كما يمكن الحكم على الجاني بحرمانه من حق أو أكثر من الحقوق الوارد ذكرها في المادة 14 من قانون العقوبات.
المطلـب الرابع : دور الـقاضي في الدعاوي ذات الطابع المدني :
ليست كل المنازعات التي يثيرها تطبيق قانون الضمان الإجتماعي هي منازعات عامة ، طبيبة و تقنية و فقط بل هناك من المنازعات ما هي ذات طابع مدني و تشمل الدعاوي التي يرفعها المؤمن له أو هيئة الضمان الإجتماعي للمطالبة بالتعويض و التي يؤول إختصاص النظر فيها إستثناءا للقضاء المدنـي و كذلك المنازعات ذات الطابع الإداري و التي يكون موضوعها إلغاء القرارات الصادرة عن السلطة الوصية لتجاوزها السلطة ، كما يختص القاضي التجاري بالنظر في المنازعات المتعلقة بالإتفاقيات التي تبرمها هيئات الضمان الإجتماعي بوصفها تاجرة مع الغير في إطار نظام ما يعـرف ((بالدفـع من قبل الغير)) (( Le système du tiers-payant )).
الفـرع الأول : إختصـاص القاضـي المدنـي و دوره :
أ/ من حيـث الإختصاص : يختص القاضي المدني بالنظر في المنازعات الضمان الإجتماعي و ذلك في الدعاوي التي يكون موضوعها المسائل التالية :
– المنازعة التي ترفعها هيئة الضمان الإجتماعي على صاحب العمل المتسبب في الحادث لتسترد المبالغ التي تكون قد دفعتها للمؤمن له إجتماعيا أو حالة أن لا يفي صاحب العمل بإلتزاماته في دفع الإشتراكات تأسيسا على نص المادة 85 فقرة 02 من 83/11 و التي جاء بشأنها في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 22/11/1993 في الملف رقم 101131 ما يلي : (1) : (( من المقرر قانونا أنه عندما لا يفي أصحاب العمل بإلتزاماتهم يتعين على هيئات الضمان الإجتماعي أن تدفع الأداءات للمؤمن له و الرجوع بعد ذلك على هؤلاء (أي أصحاب العمل) للمطالبـة بهـا)).
– الدعوى التي ترفعها هيئة الضمان الإجتماعي ضد المؤمن له أو المستفيد لتسترد المبالغ و الأداءات التي دفعتها له خطأ بناءا على تصريحات مزيفـة على غرار حقها في اللجوء إلى متابعته جزائيا (2) بناءا على شكوى تقدمها أمام وكيل الجمهورية كما يمكن للصندوق رفع دعوى مدنية ضد الطبيب الذي يسهل للغير الحصول على إمتيازات مالية و آداءات لا يستحقها و ذلك بتزييفه للفحوصات الطبية و نتائجها بناءا على إقرار كاذب بوجود أو بإخفاء وجود مرض أو عاهـة.
– الدعوى التي يرفعها المؤمن له ضد صندوق الضمان الإجتماعي للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء تماطل و تأخر الصندوق في دفع الأداءات المستحقة له تأسيسا على نص المادة 84 من قانون 83/15.
– الدعوى التي يقيمها المؤمن له أو ذوي حقوقه على الغير المتسبب في حادث العمل طبقا للمادة 43 من قانون 83/15.
– المنازعة التي قد تثـور ما بين المؤمن له و صاحب العمل حول الخطأ المتعمد و المنصب حول عدم مراعاة صاحب العمل لشروط الصحة و توفير وسائل الحماية و الوقاية و الأمن داخل أماكن العمل و هذا إعمالا بنص المادة 44 من قانون 83/15 و يمكن لهيئة الضمان الإجتماعي أن تحل محل المؤمن له في ذلـك.
ب‌) ـ من حيث سلطته في فحص عناصر المسؤولية : يدرس القاضي كافة أوراق الملف و يحقق في توافر أركان المسؤولية المدنية من عدمه لأن تقرير ذلك هو الذي يفتح للمضرور الحق في التعويض ، و يتحقق القاضي من قيام الخطأ الذي يشترط فيه أن يكون ثابتا وواضحا كما يبحث في الضرر الذي أصاب الضحية و في توافر عناصره من أن يكون موجودا أكيدا ، و مباشرا إذا لا تقوم المسؤولية إلا بقيام ركن الضرر و في هذا الصدد لا يكتفي القاضي بما يقدمه الخصوم من إفتراضات ، بل عليه أن يستخلص وقوعه بنفسه لأنها مسألة موضوعية ، و أخيرا يبحث في قيام العلاقة السببية ما بين الخطأ و الضرر إذ يجب أن تكون هذه العلاقة مباشرة فإذا إنتفت الرابطة إنتفت المسؤولية و إذا توصل القاضي إلى ثبوت الضرر و قيام المسؤولية بأركانها وجب عليه أن يحكم بالتعويض للمضـرور.
ج‌) من حيث سلطته في تقديـر التعويـض : القاعدة العامة في تقدير التعويض عن الضرر أن يكون في حدود جبرا كاملا ، و يشترط على القاضي أن لا يحكم بالتعويض زائد عن الضرر فكل زيادة تعتبــر ((إثراء بلا سبب)). و يكون التعويض هنا عن الفعل الضار بسبب الخطأ و للقاضي الحرية الكاملة في تقديره و يراعي في ذلك ما هو أنسب لإصلاح الضرر معتمدا في ذلك على ما نصت عليه المادة 132 من القانون المدني ، و مسألة تقدير التعويض هي مسألة موضوعية ينفرد بها قاضي الموضوع الذي يمكنه الإستعانة في ذلك بأهل الخبرة و الإختصاص و عند تقديره للتعويض يراعي القاضي القواعد التاليـة :
1- معيـار ما لحقه من خسارة و ما فاته من كسـب : و المقصود هنا الخسارة اللاحقة و هي الضرر المباشر الذي لحق المضرور أما الكسب الغائب فهو كل ما كان سوف يتحصل عليه لو إستمر في عمله قبل وقوع الحادث أو كان سوف يتحصل عليه لو لم يقعده الفعل الضار عن هذا الكسب.
2- معيـار الظـروف الملابســة : أن يراعي القاضي كذلك في تقديره جميع الظروف الشخصية و العائلية و المالية التي تحيط بالمضرور ، فالأعزب ليس كالمتزوج مثلا ، كما يأخذ القاضي في التقدير سن الضحية دخلها و مهنتها.
الفـرع الثاني : إختصاص القاضي التجاري و دوره في منازعات الضمان الإجتماعـي :
أ/ من حيـث الإختصاص : تنص المادة 02 الفقرة الثانية من المرسوم التنفيذي 92/17 المؤرخ في 02/01/1992 المتضمن الوضع القانوني لصندوق الضمان الإجتماعي و التنظيم الإداري و المالي لها على ما يلي ((…. و تخضع في علاقاتها مع الآخرين للتشريع التجاري ، و كذا القوانين و التنظيمات السارية المفعول و لأحكام هذا المرسوم)).
فالصيدلي و كذا المؤسسة الإستشفائية ليست لهم صفة المؤمن له و لا صفة صاحب العمل بمفهوم تشريع الضمان الإجتماعي فهي تربطها بصناديق الضمان الإجتماعي إتفاقيات في إطار نظام الدفع من قبل الغير و التي يتم إبرامها وفق إتفاقيات نموذجية حددها تشريع الضمان الإجتماعي بموجب المرسوم التنفيذي 97/472 المؤرخ في 08/12/1997 المحدد للإتفاقية النموذجية مع أصحاب الصيدليات و القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 27/12/1995 المتضمن لنموذج الإتفاقية مع المؤسسات العمومية الصحية ، و بإعتبار أن الصندوق هنا يتصرف مع هذا الغير كتاجر فالقاضي التجاري هو المختص في حالة قيام نزاع بين الأطراف المتعاقدة طالما و أن الأمر يتعلق بإتفاق و ليس تقديم أداءات أو تعويضـات.
ب‌) ـ سلطـة القاضي التجاري في التحقق من عدم تنفيذ الإلتزام : يتحقق القاضي من خلال مراجعة بنود الإتفاقية و إطلاعه على أوراق الدعوى من البحث على طبيعة الإلتزام الذي تم الإخلال به ، و ما إذا كان الفسخ هو الجزاء المقرر له ، فالإلتزام هيئة الضمان الإجتماعي هو في دفع مستحقات الصيدلية و في المقابل تقع على هذه الأخيرة الإلتزام بتقديم الدواء مجانا للمؤمنين إجتماعيا مقابل و صفات طبية تمسكها للتسديد فعدم دفع المستحقات في الآجال المحددة هو إخلال الإلتزام و كذلك عدم تسليم الدواء من قبل الصيدلي للمؤمن الذي يحمل بطاقة الدفع (أنظر الملحق حكم محكمة سطيف القسم التجاري رقم 272).
ج‌) سلطـة القاضي في التحقق من شروط الفسخ : عند الإخلال بالإلتزامات تقدم دعوى طلب الفسخ أمام القاضي الذي يقع عليه عبأ التحقق من توافر شروط دعوى الفسخ ، و هي الشروط الواردة في نص المادة 119/2 من القانون المدني و عليه التأكد من توافر الشروط التالية :
أن يكون العقد ملزم لجانين – أن يكون أحد المتعاقدين قد أخل بإلتزاماته – أن لا يكون طالب الفسخ مقصرا في تنفيذ إلتزاماته.
كما يتأكد القاضي من وجود الإعذار و بتبليغه للمدين و تكليفه بالوفـاء و لكن عند عدم وقوع الإعذار لا يمكنه الحكم برفض دعوى الفسـخ حتـى و لو كان الإعذار سيساعده في إقناعه بتعنت المديـن.
و يكون تقرير الفسخ من قبل القاضي بموجب حكم قضائـي يصــدره و يكون منشأ أما في الفسخ الإتفاقي فللقاضي السلطة التقديرية في خيارات ثـلاث :
– أن يقضي بالفسخ ، أو أن يرفض الفسخ ، أو أن يمنح أجل التنفيذ إذا و في المدين بالقليل فيحكم عليه بتنفيذ الباقي ، و هذه الرخصة المخولة للقاضي بأن يمنح أجل للتنفيذ ما هي إلا تطبيقا للقاعدة العامة التي تبيح للقاضي في حالات إستثنائية أن يمنح للمدين أجلا معقولا كي ينفذ إلتزامـه.
د‌) دور القاضي في تفسير العقد و تكييفـه : إن تفسير العقد من عمل القاضي (1) و قد ألزمه المشرع في ذلك بأن يتبع قواعد معينة لضمان عدم خروجه عن مهمته الأصلية ، و في هذا الشأن لا يجوز للقاضي الإنحراف عن عبارات العقد متى كانت واضحة ، و إذا ما كانت غامضة و تعذر عليه معرفة إرادة المتعاقدين تعين عليه في هذه الحالة الأخـذ بقواعد العـدالـة و حسن النية ، كما يقوم القاضي بدوره في تكييف العقد بإعطائه وصفا قانونيا صحيحا لتحديد القواعد التي تحكم كل وصف ، و هو عمل قانوني من صميم مهمة القاضي ، يقوم بإستخلاصه من عبارات العقد و تفسيره لإرادة المتعاقدين المشتركـة.
الفـرع الثالث : إختصاص القاضي الإداري و دوره في منازعات الضمان الإجتماعـي :
أ/ من حيث الإختصاص : نصت المادة 15 من القانون 83/15 على ما يلي :
(( تدخل الخلافات التي قد تطرأ بين الإدارات العمومية و المجموعات المحلية بصفتها هيئات مستخدمة و بين هيئات الضمان الإجتماعي في نطاق إختصاص القضاء الإداري)).
إن المشرع الجزائري هنا قد إستند للمعيار العضوي لتحديد إختصاص القاضي الإداري و ذلك على أساس المادة 07 من قانـون الإجـراءات المدنيـة و المقصود بالإدارات العمومية و الجماعات المحلية الولاية و البلدية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري بإعتبارها هيئات مستخدمة و مكلفة قانونا بتنفيذ إلتزاماتها المقررة بموجب القانون 83/14 من تشريع الضمان الإجتماعي كالتصريح بالموظفين و النشاط و الأجور و دفع الإشتراكات فأي إخلال بهذه الإلتزامات يعطي الحق للهيئة في اللجوء إلى الغرف الإدارية الجهوية إذا كان المدعي عليها هي الولاية و إلى الغرفة الإدارية بالمجلس إذا كانت البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري هي المدعي عليها كما ينعقد الإختصاص للقضاء الإداري في إلغاء القرارات التي تصدرها السلطة الوصية و يكون موضوعها تجاوز السلطة ، فمراقبة مدى شرعيـة هذه القرارات و إلغاءها يعود إلى القاضي الإداري. كما يختص القاضي الإداري في النظر في المنازعة المتعلقة بالعقود الإدارية التي يبرمها الصندوق و هي تلك العقود التي تتعلق بالضمان الإجتماعي كمرفق عـام.
ب‌) ـ دور القاضي الإداري في التحقق من توافر الشروط الشكلية في الدعوى : و هي النقاط التي يراقبها القاضي قبل التطرق لموضوع النزاع الذي ينصب حول مدى شرعية القرار الإداري محل الطعن بالإلغاء و هذه الشروط (1) هـي :
– شرط أن تكون دعـوى الإلغاء منصبـة حـول قرار إداري نهائي لـه
مواصفات القرار الإداري بإعتباره عملا قانونيا إنفراديا صادرا عن سلطة
إدارية مختصة بمعنى أنه يكون قرارا منشأ و معدلا و لاغـيا لإلتزامـات
و حقوق أو لمراكز قانونيـة.
– يتأكد القاضي من وجود التظلم الإداري التدرجي سواء أمام نفـس الجهة
المصدرة للقرار أو أمام الجهة التي تعلوهـا مباشـرة.
– أن يتأكد من توافر شروط المدة و هو ميعاد شهرين طبقا للمادة 275 من
قانون الإجراءات المدنيـة.
– يبحث القاضي في توافر شرط الصفة و المصلحة في رافع الدعوى و لا
يشترط في المصلحة أن تكون ذاتيـة.
– التأكد من عدم وجود طريق موازي للطعن أو دعوى موازيــة.
ج‌) دور القاضي في البحث في مدى مشروعية القرار : بعد أن يتحقق القاضي من توافر الشروط الشكلية لقبول الدعوى و إنعقاد إختصاصه للنظر فيها يقوم بالبحث عن مدى مشروعية القرار محل الإلغاء و ذلك في التحقق من مدى سلامته و خلوه من العيوب التي تمس المشروعية و التحقيق في أهدافه و متى ثبت للقاضي أن القرار غير مشروع أو مشوبا بعيب ما قرر إلغاءه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى