أخبارالحدث الجزائري

في الذكرى الثانية والستين لاستقلال الجزائر … تاريخ حافل بالبطولات والامجاد

المحامي علي ابوحبله
تحتفل الجزائر في الخامس من يوليو من كل عام بالذكرى الثانية والستين لاستقلالها بعد 132 عاما من الاستعمار الفرنسي الذي ما زالت ذكراه ماثلة في أذهان الجزائر والعرب جميعا ، في 18 آذار/مارس 1962، وبعد ما يقرب من ثماني سنوات من ثورة الجزائريين ضد المحتل الفرنسي ، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات “إيفيان” التاريخية التي مهدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من تموز/يوليو من العام نفسه.
اثنان وستون عاما مرت على استقلال الجزائر. ذكرى تتعدد أبعادها، وتتنوع دروسها وعبرها، ذكرى لثورة أشعلها بضعة مئات من الثوار وألتف حولها شعب يعشق المقاومة، ويرفض الظلم والاضطهاد. شعب أصيل متجذر في أرضه متمسك بها في مواجهة الاحتلال الفرنسي ناضل فصنع الانتصار ، ولا يزال مستمرا في مسيرة العطاء والبناء لتشييد دولة الجزائر العظمى بشعبها وتراثها وتاريخها . ثورة مسلحة بدأت بمشاركة 1200 مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط، وتركزت هجماتهم على مراكز الشرطة والجيش والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة، فاستولوا على مزيداً من الأسلحة وتزايدت أعدادهم وحجم التأييد الشعبي لهم واتسعت رقعة المواجهات، ودامت قرابة ثمانية أعوام، وكانت تتويجاً لثورات أخرى سبقتها، ولكن هذه الثورة كانت الأقوى من بين تلك الثورات، جسد خلالها الشعب الجزائري المؤمن بحتمية النصر فقد سطر أروع صور الصمود والبطولة والفداء، ورسم صفحات من المجد في سجلات الانتصارات العالمية ضد الاستعمار .. ثورة عظيمة بعظمة بثوارها وشهدائها، فأضحت رمزاً للثورة والحرية وحاملة شعلة الاستقلال والسيادة الوطنية، ثورة استشهد فيها أكثر من مليون ونصف المليون جزائري، توجت بالانتصار العظيم وإعلان الاستقلال على الرغم من تباين موازين القوى والإمكانيات، بين فرنسا وجيشها المدجج بالسلاح وبين أحد شعوب العالم الثالث المتسلح بالإرادة والعزيمة وإصرار الثوار ورصيد معنوي لا يضاهى ، لتضيف تاريخاً جديداً وهاماً في قاموس تواريخ مقاومة الشعوب ضد مستعمريها ..
تهاني فلسطين والفلسطينيين للجزائر الشقيقة ، رئيساً وحكومة وشعباً بذكرى يوم الاستقلال لنؤكد أن فلسطين على خطى الجزائر في مواجهة الاحتلال الاحلالي الاستعماري ،ونؤكد أن الفلسطينيين يفتخرون بالجزائر وشعبها وهناك وثاق يربط القدس بالجزائر منذ عهد الفتوحات الاسلاميه ومحاربة الصليبيين ، وعلى أرض الجزائر جرت أول عملية تبادل للأسرى عام 1968، وهي من احتضنت الثورة الفلسطينية وقياداتها بعد الخروج من بيروت، ومن داخل قاعة قصر الأمم بنادي الصنوبر أطلق الشهيد الراحل ياسر عرفات” أبو عمار ” إعلان الاستقلال ” والدولة الفلسطينية المستقلة
نقدر عاليا الدعم الجزائري لفلسطين دعما سيسجله التاريخ يضاف لسجل نضالها ودعمها للحركات التحررية و نقدر عالياً الاهتمام الجزائري الرسمي والشعبي بالقضية الفلسطينية ودعمهم ومساندتهم التاريخية للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني عامة.. وستبقى صرخة الرئيس المرحوم ” هواري بومدين ( نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) تصدح في آذاننا، لأنها ليست مجرد صرخة من رئيس غادر سدة الحكم وفارق الحياة، بل لأنها صرخة توارثتها الأجيال، ورددها الرؤساء المتعاقبين للجزائر الشقيقة وشعبها العظيم ويتمسك بها الرئيس عبد المجيد تبون الذي لا يتوانى عن تقديم الدعم كل الدعم للشعب الفلسطيني وإغاثة المنكوبين نتيجة حرب الإبادة التي تشنها اسرائيل
فلسطين حاضرة ولم تغبْ عن أذهان وعقول وقلوب الجزائريين كل الجزائريين ، لهذا لم ولن ننسى الجزائر التي اسمها سيبقى مخلدا في تاريخ الشعب الفلسطيني ، وها هو الرئيس عبد المجيد تبون على نفس الطريق والخطى لدعم فلسطين ولم يدخر جهدا في احتضان الحوارات واللقاءات الفلسطينية لإنهاء الانقسام والتوصل لاتفاق لم الشمل الفلسطيني وكانت فلسطين حاضرة في قمة الجزائر
الجزائر عظيمة بشعبها وقادتها تسجل مواقف متقدمه في دبلوماسيتها بمجلس الأمن ويتجلى ذلك في دعمها للشعب الفلسطيني ووقف حرب الإبادة وفضح ممارسات الاحتلال عبر موقف ديبلوماسي وسياسي غير مسبوق
وفي ذكرى الاستقلال يستذكر الجزائريّون أمجادهم وبطولاتهم ليشحنوا بها حاضرهم، ويواجهوا بها واقعهم وليجدّدوا أمانيهم في جزائر عظيمة بعظم من قاموا بتحريرها بالأمس والذود عنها، ولينقلوا المشعل لأبنائهم وأحفادهم من أجل مواصلة المسيرة، والدّفاع عن العرض والأرض وإِنِ اختلفت الأزمانُ وتبدّلتِ الأحوالُ والزمان
لا ينكر إلاّ جاحد أو حاسد المراحل التي قطعتها الجزائر في سبيل تحقيق كيانها وعلى مختلف الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بالرغم من الصعوبات والعراقيل التي صاحبت ذلك التحول، ففي الجانب السياسي تعد الجزائر دولة رائدة إقليميا وهي مثل يحتذى في تجربتها الديمقراطية ومؤسساتها السيادية، واستقرارها الأمني والسياسي.
وفي الميدان الاجتماعي عرف الفرد الجزائري تحسّنا ملحوظا في أوضاعه المعيشية والصحية على مدى ما يزيد من نصف قرن ارتفع فيه عدد سكان الجزائر لخمسة أضعاف من تاريخ الاستقلال، وعرفت أوضاعه التربوية والتعليمية إنجازات ضخمة في عدد المؤطرين، وفي الهياكل والمؤسسات التربوية والجامعية، فقليلة هي الدول التي تحظى بأكثر من خمسين جامعة ومثلها من المراكز والمعاهد.
وعلى الصعيد الاقتصادي، حقّقت الجزائر تقدّما ملموساً في مؤشرات التنمية الاقتصادية بفضل الإصلاحات والورشات والمخططات التي تمّ فتحها، برغم الممارسات البيروقراطية والتجاذبات المصلحية الضيقة التي شابتها وحدّت من عطائها ومردوديتها. ولا أدل على متانة الجزائر الاقتصادية اليوم من وباء وأزمة كورونا، وكيف تمكّنت الجزائر من التفاعل والتماسك اقتصاديا واجتماعيا مع ذلك الوضع برغم خطورته وحدته.
ونحن نعود للتاريخ ومن أسباب الاستعمار الفرنسي البغيض هي أطماعة الاستعمارية عامة وإن ذكرت دومًا حادثة المروحة حيث أن الجزائر كانت تدين فرنسا (كان لها على فرنسا) بمبلغ تقدر بـ 24 مليون فرنك . وبدلًا من أن تقوم فرنسا بدفع ديونها غزت أرض الجزائر ، ومن ثم اعتبرتها جزء من فرنسا الى أن قام الأبطال بعديد الثورات وصولًا للثورة الجزائرية المجاهدة عام 1954 بدحرها واقتلاع استعمارها الى الابد.
إنّ تخليد ذكرى الاستقلال للجزائر العظيم يعد مناسبة وطنية وعربية وأقليمية، لاستلهام ما تنطوي عليه من قيم سامية وغايات نبيلة، خدمة للوطن بالجزائر، وذات قيمة عليا لنا كفلسطينيين أيضًا باعتبار الثورة الجزائرية أحد اكبر حالات الالهام للثورة الفلسطينية حتى اليوم، وفي الذكرى إعلاء لمكانة الوطن وصيانة وحدته، والمحافظة على هويته ومقوماته، والدفاع عن مقدساته وتعزيز نهضته.
وفي هذه الذكرى، نبرق من فلسطين الجريحة التي تعاني من ويلات وقساوة الاحتلال وويلات حرب الإبادة ، التهاني للشعب الجزائري الشقيق التوأم بذكرى استقلاله الثاني والستين متمنين للجزائر مزيد من التقدم والازدهار مستلهمين من ثورة الجزائر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى