تقنية

تأملات في خوارزمية الوجود

محمد رياض اسماعيل
باحث

مقالي هذا استكمال لسلسلة مقالات كتبتها بهذا الصدد، موجه لكل الساسة ورجالات الإدارة في دول العالم، للحفاظ على البيئة قبل ان تلفظ الأرض أنفاسها الأخيرة..
هناك صانع داخلك، حين تتناول الطعام، ينظم نموك بحسب مقاييس اجدادك اي بتوارث صفاتهم البيولوجية لديمومة تواجدهم الفيزيائي في زمن جديد. الصانع مشغول بحاجات الاعضاء للنمو وفق التصميم الاساسي لحين استقراره في حجمه وشكله النهائي ثم يتوقف، ولا يستمر أكثر من ذلك ولو استمر لأصبحت مخلوقا اخر عملاقا تختلف مع اقرانك بحسب حجم الطعام الذي تتناوله! لكنه ليس كذلك، يتوقف نموك بحسب التصميم الاساسي وخوارزمية الصانع وهو داخلك وليس خارجك.
الانسان حين يأكل من الطبيعة، والصانع في داخلك يعمل ليحول الاكل الى الجسم ثم تنمو وثم تحول الفائض الى طاقة اي ان ذاكرة الصانع داخلك، وليس خارجك، فان وجدت مدخلا اليه access تتعرف على كل الاسرار، لأنه الوحيد الذي يعرف كيف تنمو وتتكون وتتكامل اعضاؤك، فاذا اردت معالجة نفسك من الخارج لن تكون مجدية كما تعالجها من الداخل بعد ان تجد ذلك المدخل access الى نفسك، آنذاك سيعود صحتك طبيعيا دون معالجة خارجية. القصد ان البرمجة software هي داخلك تنظم كل فعالياتك البيولوجية والسيكولوجية، فان وجدت ال access للبرنامج ستكون لك قدرة خارقيه.
قدرة الانسان فطري منذ الصغر حيث يتمكن من تمييز الظلام والنور والحلو والمر والخطر والامان. فعقلك يكره كل شيء خطر، ويحب كل شيء حسن. انه يحب من يسالمه ويكره من يعاديه لأنه يهدد بقاءه life survival ومن هنا يبدأ التمييز كما ينبع الحب من ذلك أيضا. من احساس الانسان بان حياته يحلو بوجود انسان اخر معه. التنازع في التملك هي الغيرة التي تأتي من فرط التعلق بالمحبة.
تعلم فن الملاحظة observing فن الخوف الذي يأتي من ملاحظة الاشياء. لاحظ مصدر الخوف ولا تحلله لان التحليل يحتاج الى محلل وشيء محلل، تعطي نظرة عميقة لإيجاد المصادر. حين تلاحظ زهرة تكتشف جمالها ورونقها وشكلها الانيق ورائحتها ولكنك إذا حللته فسوف تحتاج الى تقطيعه الى عشرات القطع يفقدها الرونق والرائحة والجمال.
كل شيء في الوجود متشبث بالحياة، الانسان والحيوان والنبات والتراب والماء، وبحاجة الى فهم خوارزميتها وتداولها بتأن وحذاقة وتفكير عميق وأسلوب سليم، الفواكه متشبثة بالحياة مثلنا، وتغطي نفسها بغلاف سميك او أكثر خشونة من اللب، للمحافظة على بذورها ونواها أي جنينها، وحين تسقط البذور على الارض تنمو منها شجرة، وتنتج مئات النوى او البذور… اما ما يقطف منها الانسان او الحيوان، فإنها تساعد في نموهم وبقاءهم أحياء متعافين. نحن جميعاً مرتبطين بوجود الاخرين من حولنا بشراً وأحياء وحجراً وشجراً…
قدرة الانسان فطري، يتمكن منذ الصغر تمييز الظلام والنور والحلو والمر والخطر والأمان والصوت العالي المزعج والمرتفعات. عقلك يكره كل شيء خطر، ويحب كل شيء حسن. انه يحب من يسالمه ويكره من يعاديه، لان الاخير يهدد بقاءه ووجوده، ومن هنا يبدأ التمييز، ومن هنا ينبع الحب أيضا. من احساس الانسان بان حياته يحلو بوجود انسان اخر معه. التنازع في التملك هي الغيرة التي تأتي من فرط التعلق بالمحبة.
عندما تكون تعيسا فان جميع خلايا جسمك تستقبل الرسالة او الايعاز بانك تريد ان تموت، وهي مصممة للاذعان لما يصدره العقل الذي تحمله انت. إذا ارسلت الايعاز او الرسالة الصحيحة فان الخلايا تستلم الرسالة وتتصرف بموجبها 100%، هذا هو تصميم الانسان، اما إذا ارسلت رسائل متباينة من عقلك الى جسمك فإنها تحتار! لذلك كن ايجابيا دائما. هناك عبارة في الشرق تفيد بأن العقل السليم في الجسم السليم، وفي الغرب يقولون بأن الماكنة النظيفة تعطي قدرة، لعمري هي الوصفة السحرية للحياة المثالية. الكراهية والحقد والعدوانية والضغائن والشجار، كلها تدمر صاحبها قبل ان تؤثر في المقابل المقصود، المطلوب ان تتأمل برمجة الانسان وخوارزمية الأنظمة (algorithm)التي تدار بها هيكلك النفسي، ما الذي يحصل في جسمك فيزيائياً عندما تكره شخصاً وتتشاجر معه بشكل ما، وتتمنى له الموت؟ يزداد نبض قلبك، تتعرق، تتقطع انفاسك وترتجف ويخار قواك.. ما الذي يحصل عندما تلدغك افعى؟ يزداد نبض قلبك، تتعرق، تتقطع انفاسك وترتجف ويخار قواك.. انها نفس النتيجة في الحالتين، ففي الأولى تفرز الغدة الدرقية هرمون T3,T4 ليسمم الدم بتركيز قليل، وفي الثانية أي لدغة الافعى، تتسمم أيضا لكن بتركيز اعلى، في الأولى هناك موت بطيء وفي الثانية موت فوري.. انت تقتل نفسك حين تكره الاخرين، ان جسمك مصمم للتصرف بموجب ما يقرره العقل. الانسان المحب الذي يعفوا عن الإساءة باستمرار، يشتري حياته بالسعادة، ويعيش حياتاً صحياً آمناً.. المشاكل التي تواجه الانسان ليست سيئة ان تأملت ذلك، المشكلة حين تأتي تكون كالحديدة الحارة، إن مسكتها تحترق، وإن بردتها تستطيع الإمساك بها. برد المشكلة عند وقوعها cool it when it comes، عباره انجليزيه، هذه العبارة تستخدم لدى بعض الشباب، هي حقا مدعاه للفرح، وعندما تستخدم على مستوى الامم تكون مدعاة للفخر والزهو، ان العبارة كلمتان (برد المشكلة) عندما تتعرض لمشكله ما تواجهك، حاول السيطرة على نفسك وبرده الى اكثر حد تتمكن من ذلك ذهنيا، وبعدها قل لنفسك تمام، هذه هي المشكلة دعنا نتفحصه بتروي، كل مفرداته وعوامله، ونتأمل كل نتائجه وتعقيداته، دعنا نفكر، ان نفكر بحق، وفقط نفكر ولا نتفاعل بالعاطفة، فانك بهذه الحالة تتقرب من المشكلة بعقلك الذي يذهب للتنفيذ مباشره، كل ذهنك و قدراتك المخفية ستتحرر و تعطي افكار كثيره، ويعلق المشكلة جانبا، كل الأفكار التي تحتاجها لمداولة مشكله، هي كلها تخصك انت في كلا الحالتين، فأنت خير من يضع حلولا لها. تذكران الاحياء فقط لديهم مشاكل، والاموات ليست لديهم مشاكل، فإن اردت الحياة، تقبل المشاكل، فكلما حييت ستوجهك مشاكل، ان وجود المشكلة في الحياة حالة صحية جيدة، وليست سيئة كما يدعي البعض، احصل على اسرار مشكلتك لتتعلم، فالمعلومات هو المفتاح لحلول ناجحة، عندما تأتي المشكلة لا تتفاعل معها بالعاطفة، برد المشكلة، ان العقل لا يعمل عندما يكون حارا، يعمل فقط عندما يكون باردا، فكر فان الافكار الناجحة هو دائما في عقلك انت، كن على ايمان بانك تستطيع ان تحل مشكلتك. وضع كل اعتقادك بانك تستطيع ان تحل مشاكلك. اعمل ما تبرهنه صحيحا، فإنك إذا فعلت ما تبرهن صحيحا فلا حاجه بان تنفعل وتتشنج، الانسان يثمر وينتج عندما يكون طبيعيا.
الأرض لها خوارزمية تستحق التأمل العميق أيضا، فهي متشبثة بالحياة، مثلها مثل باقي المخلوقات. الأشجار لها جذور وكل جذر لها قدرة لامتصاص الماء من التربة وضخها الى الأعلى لتصل الى الأوراق والثمار اللازمة لديمومة بقائها على الأرض، ومجموع قدرات امتصاص الجذور تحدد قدرة اجمالية تخلق فراغا حول الجذر كافية لسحب الماء من التربة المحيطة لعدة أمتار خالقا في التربة عروقا لمسار الماء الى الجذر. تأمل لو كانت هناك أكثر من شجرة، ستكون قدرة الامتصاص والفراغ vacuumed أعظم وتتمكن من سحب المياه من مسافات أكبر وتخلق عروقا طويلة في التربة لسحب المياه الجوفية، لذلك نرى الغابات قائمة منذ الاف السنين دون الحاجة الى الارواء الصناعي، هذه خوارزمية لوجود الغابات وديمومة بقائها. تصور وجود العروق والاخاديد في التربة لمسافة كيلومترات، جعلت المياه تجري اليها من الأنهار القريبة، تجري كجداول الى مسافة عشرات الكيلومترات لتساهم في بقاء النباتات والأشجار. ما الذي فعله الانسان؟ أزال الأشجار ليبني عليها العمارات، واحرق الأشجار او قطعها لأغراض شتى، فجفت العروق، وتركت الأرض تلك العروق والجداول بفراغها تحت ضغط جوي سلبي لها القدرة على الانهيار السريع عند أي تحرك للطبقات الأرضية بل الى زيادة شدة الحركة لتفريغ الضغوط الى الطبقات الأقل ضغطا. الأرض تعمل وفق خوارزميتها، والانسان يحصد نتائج ضعف وعيه لتلك القواعد التي تعمل بها منظومة الوجود.. يخزن الانسان مليارات الاطنان من المياه وتمنع سريان الأنهر ليبني عليها مئات السدود مستفيدا منها لإنتاج الطاقة الكهربائية والارواء او لأغراض جيوسياسية، متناسيا الاحمال على العروق والفجوات التي تنهار لتضاعف الضغوط وتسبب في زحف الطبقات بين الفوالق لتستقر على نقطة تعادل جديدة معايرة عليها مسبقا، وتخلف الزلازل القوية التي تفتك بالبشر أينما تواجد على تلك البقع من الأرض.. البيئة بحاجة الى الرعاية، ولا تأتي الرعاية الا بفهم دوال الوجود وخوارزميتها ومعايرتها. في النهاية نحن ينقصنا الوعي، وتستمر الأرض في ردعها من اجل البقاء الى ان تلفظ أنفاسها وتقضي على وجودنا عليها. فهل من متعظ!! واما ان الأوان لوضع قواعد وشروط اممية صارمة على هكذا عبث على الوجود ومكونات الحياة على الأرض، بدءا من اجراءات التغييرات البيولوجية غير المدروسة على الانسان، وانتهاءً بتدمير البيئة والفعاليات العبثية على الأرض، ووقف سباق التسلح وإنتاج اسلحة الدمار الشامل؟ وللحديث بقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى