دراسات و تحقيقاتقانون وعلوم سياسيةقانون وعلوم سياسية و إدارية

المفاوضات والتفاوض في العلاقات الدولية .. علوم دبلوماسية

تحديـد مفهـوم علـم التفـاوض .

يعتبر علم التفاوض من أهم العلوم التي يهتم المتخصصون في علوم الاجتماع واللغويات وعلم النفس والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والعلوم الاقتصادية ، والتنظير له ، وتنبع أهمية هذا العلم من كونه علما يتعلق بقضايا جوهرية ومهمة لبناء المجتمعات على النحو الأفضل ، فهو علم حيوي لعملية التواصل بين أفراد المجتمع داخل كل دولة وبين أفراد المجتمع الدولي .
فمن خلاله نتعرف على أفضل وسائل تكوين الأرضيات المشتركة ، والتفاهم الفعال بين الشعوب والدول رغم اختلافاتهم وعقائدهم كما يمكن تجنب تفجير الصراعات والجدل في غير صالح الدول والشعوب .

أهــداف دراسيــة
إن الهدف من دراسة علم التفاوض فرضته ممارسة عملية المفاوضات بصورة لم يسبق لها مثيل من خلال التطورات التي أدت إلى جعل العالم مجرد ـ قرية كونية ـ بحيث يقدر عدد العمليات التفاوضية بنحو عشر آلاف عملية تفاوض رسمية أو شبه رسمية في جنيف وعدد مماثل في نيويورك في العام الواحد ، هذا بالإضافة إلى الحجم الضخم الرسمي لعمليات التفاوض في كافة المجالات السياسية الاقتصادية واستثمارية على المستوى العالمي ، إضافة إلى حجم التفاوض غير الرسمي الذي لا يمكن حصره في كافة قطاعات الحياة .
كل هذا يمثل بطبيعته حالة الشكل العام والمكثف لثقافة التفاوض من حيث الممارسة ، والتي قد تكون مبنية على الخبرة في عملية التفاوض ، أو مبنية على العلم و التدرب على تقنيات عمليات التفاوض .
إن العديد من الخبراء والمنظرين يحاولون في هذا المجال تقديم أسماءهم من أجل تأسيس علم التفاوض ، وفي هذا الإطار نجد العديد من الأدبيات التي تطرح مفاهيم وظواهر التفاوض وتقدم التحليلات المختلفة لها ونجد دراسات عديدة في الآونة الأخيرة عن هذا العلم . تصب نتائجها إما في مجال محدد بعينة كالمجال القانوني أو السياسي أو الاجتماعي والإداري أو الاقتصادي ، كذلك هناك دراسات تتعدى مجالا واحدا بعينة وتهم كل المفاوضين في أكثر من مجال .

ربما دفع هذا الأمر العديد من الدوائر السياسية والدبلوماسية وكذلك المؤسسات العديدة على مستوى العالم إلى تصميم وطرح برامج خاصة لتحسين أداء المفاوضين الممارسين بالفعل على عمليات التفاوض أو طرح برامج تدريبية لتقديم فن وعلم التفاوض لقطاعات من السياسيين والإداريين والاقتصاديين . ولعل أهم مشروع في هذا المجال هو مشروع جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية الذي نستعرض له لاحقا .

I ـ الأسس العامة لثقافة التفاوض .
تتمثل الأسس العامة لثقافة التفاوض على العموم فيما يلي :
1)- التركيز على حل المشاكل وتجنب التعرض للأشخاص بأي نوع من التشويه ، أي تحري الموضوعية
وتجنب الشخصيات في تناول المسائل .
2) -تنمية حاسة الاستماع الجيد للآخرين .
3) – إقامة الحجج وكيف نستخدمها إيجابيا لصالح التفاوض وليس لصالح هزيمة الخصم أو الطرف الآخر.
4) – الاستخدامات الإيجابية لعامل الوقت في عملية المفاوضات .
5) – تجنب الأسلوب الغير المباشر في الأمور التي تحتاج إلى توضيح دقيق ، وتجنب الغموض خاصة في اللحظات الحاسمة .
6) – تجنب أساليب المغالطات والدفاع عن الأوضاع الخاطئة أو عدم الاعتراف بالخطأ .
7) -تجنب التقوقع داخل الذات والخوف من المواجهة الإيجابية مع الآخرين .
8) – أهمية تحديد النقاط التي يمكن التفاوض بشأنها والتي تؤسس الأرضية المشتركة مع الآخرين بقدر
الإمكان .
9) – أهمية تحديد أولويات التفاوض ، بحيث علينا تحديد أهمية ووزن كل نقطة ومن ثم تحديد أولويات التحدث بشأنها وترتيبها على قائمة موضوعات انتعاش أو تهميشها أو السكوت عنها .

10) – أهمية تقييم الموقف التفاوضي دائما لتعرف المستجدات التي حدثت أثناء العملية التفاوضية والتكيف مع هذه المستجدات بالطريقة التي تجعل تحقيق الأهداف المرجوة والمراعاة أهداف الطرف الآخر .
11 ) – فهم وظائف وآليات الأسئلة تماما بهدف الاستفادة من دورها في إنجاح العملية التفاوضية .
12 ) – مراعاة أسلوب وطريقة الحوار مع الآخرين والملائمة لسياق العملية ، فإن الطريقة التي
تتحدث بها قد يكون لها قيمة أكثر من الكلام الذي تقوله .

  • مراعاة كم المعلومات التي يلقى بها في عملية التفاوض والتحلي بصفة أن لا نقول أكثر مما يتطلبه الحوار ولا أقل . II / ـ إسـتراتيـجيــات التفـــاوض .
    مضمـون مشـروع جـامعـة هـارفارد الأمريكيـة .
    يعتبر مشروع جامعة هاردفارد لدراسة العمليات التفاوضية المختلفة من أكبر المشروعات في العالم والهدف منه هو تنمية وتطوير طرق ووسائل ومهارات التفاوض والوساطة من أجل معالجة المشاكل القائمة في مجال العلاقات الدولية . وتصب جهود القائمين على هذا المشروع في الاتجاهات التالية :

· الإسهــام فــي بنــاء نظريــات للتفــاوض :
في هذا الإطار ساهم القائمون على هذا المشروع في تصميم طريقة مضمونها تقليل الهوة
( هوة الخلاف ) أو الفجوة بين الأطراف ، وذلك بالاعتماد على أهم نقاط التنازع أو الصراع والعمل على التقليل من شدة الصراع ، وقد تم العمل بهذه الطريقة من طرف الوسيط الأمريكي في اتفاقيات كامب ديفيد سنة 1978 بين مصر وإسرائيل .
· فــي مجــال التدريـس والتدريـب :
يتضمن المشروع تقديم وتطوير برامج تدريبية للتفاوض في المجالات المختلفة . وقد تم إعداد برامج خاصة لرجال الأعمال والعسكريين والدبلوماسيين وموظفي الحكومة ، وكذلك إعداد دورات خاصة لطلاب الجامعات .

· فــي مجــال النشــر :
قدم أعضاء المشروع نشرات هامة في هذا المجال منها كتاب ًً دليل الوساطة في المفاوضات الدولية ًً ، وكذلك كتاب ًً التفاوض من أجل إبرام الاتفاقيات ًً للباحثين روجر فيشر R.Fishr و ويليام أري W.Ury والذي يعد من أهم الكتب الحديثة في هذا الميدان .
وقد انطلق الكاتبان من فكرة أن الصراع والتناصر يبدوان كأنهما صناعة آخرة في النمو في عالمنا اليوم ، وأن الطرق التقليدية التي إعتادها الناس في تفاوضهم في كافة شؤون الحياة عادة ما تؤدي إلى حالات من عدم الرضا، وانطلاقا من هذا يرى الباحثان أن هناك طريقتين رئيسيتين للتفاوض وهما :

” التفاوض بتوظيف إستراتيجيات لينة أو متساهلة ” .
” التفاوض بتوظيف إستراتيجيات متشددة وعدوانية “.
ففي الحالة الأولى يحاول المفاوض تجنب الصراع الشخصي ، ومن تم تقديم تنازلات سريعة للوصول إلى اتفاق وإنهاء العملية التفاوضية خاصة إذا صاحب العملية نوع من التوتر ، وغالبا ما يشعر الطرف المتنازل بأنه قد تم استغلاله .
أما في الحالة الثانية ، المتشددون يرون في أي موقف تفاوض فرصة للتصارع مع إرادة الآخرين ومن هنا يتبنون المواقف الأكثر تشددا ، ويريدون كسب جولات التفاوض ، وهذا الأمر لا يتحقق دائما وعادة ما ينتهي بهم الأمر إلى تدمير العلاقات الإستراتيجية مع الآخرين وتكون خسارتهم على المدى الطويل .
وهناك نوعية ثالثة من المفاوضين تقع إستراتيجيتهم بين نوعي التفاوض ( المتساهل ،المتشدد ) هذه النوعية تحاول أن توازن بين الحصول على ما تريد وبين الحفاظ على العلاقات مع الطرف الآخر .
وهذه الطريقة يسميها الباحثان ـ فيشر و أري ـ ُُ إستراتيجيات التفاوض المبدئي ُُ وأساسها التقييم الموضوعي لقضايا التفاوض الحقيقية وتحديد نقاط تصارع المصالح لتفادي فرض نتائج التفاوض على إرادة الطرف الآخر ، وحتى تنجح هذه الطريقة لابد أن نستبعد الخداع من العملية التفاوضية وعدم استغلال النزاهة والعدالة لأحد الأطراف من قبل الآخر .
من الضروري لأطراف العملية التفاوضية أن يتبعوا الخطوات الرئيسية التالية :
– في حالة أي نزاع سواء كان على عقد ما ، أو اتفاق سلام فإنه ليس من الصواب أن يقوم كل طرف بتبرير مواقفه وتقديم الحجج والبراهين لإثبات مشروعية مواقفه ، أي انطلاق من مبدأ

ـ أنا صاحب الموقف السليم والطرف الآخر مخطئ ـ إن هذا الأداء التفاوضي لا يؤدي عادة إلى الوصول إلى نتائج إيجابية بل يجب التركيز على القضايا الجوهرية مع مراعاة المصالح المشتركة .
– ترتيب خطوات طريقة التفاوض وعدم استنتاج نوايا الآخرين بناءا على المخاوف الخاصة ، بل يجب التركيز على فهم الطرف الآخر للمشكلة والزاوية التي ينظر إليها للأمر .
-إتاحة الفرصة للطرف الآخر للتعبير عن إنشغالاته بقدر الإمكان وتجنب رد الفعل غير المناسب .
إضافة إلى ما سبق ذكره هناك كتاب للباحث Gerard Nierenberg بعنوان ” أساسيات التفاوض ” وكذلك كتاب ” كيف تتفاوض بنجاح ” للباحث Patrick Forsyth .
إن المفاوض الماهر حسب Nerenberg هو الذي يوظف عدة وسائل ليستفيد منها في تحقيق الحد المطلوب من المصالح للجهة التي يمثلها هذه الوسائل تشمل مجموعة من الإستراتيجيات لأن المفاوض الماهر يستعمل أكثر من إستراتيجية ليفلت من حصار الخصم .
ومن أهم هذه الإستراتيجيات حسب Nierenberg :
– الصمــت المـؤقــت : والمقصود به الامتناع عن الرد الفوري والانتظار أو تأجيل الإجابة عن سؤال معين بتغيير مجرى الحديث أو الرد بسؤال مضاد في هذه الحالة يمكن لاستفادة من الوقت لتقرير ما يجب أن نفعله .
إن هذه الإستراتيجية تعطي للمفاوض فرصة التفكير ودراسة مضمون السؤال وأهدافه ، بحيث يجب الاستماع للطرف الآخر . إن المفاوض الذي يبادر بالاستجابة إلى طلبات خصمه وتقديم التنازلات ، فإن هذا الأخير لا يتوقف عن طلب المزيد .
-المفـــاجئــة : تتضمن هذه الإستراتيجية التغيير المفاجئ في الأسلوب أو طريقة التفاوض بالرغم من أن هذا التغيير لم يكن مطلوبا وقد يؤدي هذا العنصر ( المفاجئ ) إلى الحصول على النتائج المطلوبة .

  • الانسحــاب الهــادئ : وتقوم هذه الإستراتيجية على استعداد انسحاب المفاوض والتنازل عن رأيه للطرف الآخر بعد أن يكون قد تحصل على بعض الامتيازات ، وهو في هذه الحالة يحاول إنقاذ العملية التفاوضية من التعثر مبديا استعداده لموافقة الطرف الآخر .
  • إستــراتيــجيـة التــدرج : ومضمونها هو ـ خطوة خطوة ـ وهي تفيد في حالة عدم معرفة الأطراف ببعضهم البعض ، أو أن خبرتهم في التعامل محدودة ، أو أنه لا توجد ثقة بينهم ، فيتم التطرق للقضية جزء بجزء إلى أن تصل الأطراف إلى الهدف النهائي .
  • إستــراتيــجيـة التـوكيـل : يقول نربرغ أنه كثيرا ما يلجأ المفاوضون لوكلاء للقيام بالعملية التفاوضية وتقل وجهات النظر قبل اجتماع الأطراف المعنية للتوقيع النهائي على الاتفاق ، أو العقد النهائي .
    وتفيد هذه الإستراتيجية في الحل المشاكل بطريقة واضحة وصريحة بعيدا عن ظروف الإحراج التي يمكن أن يقع فيه أطراف التفاوض في مواجهة بعضهم البعض مباشرة .

III / ـ تـحليـــل شخصيــة المـفــاوض .
يأتي تحليل شخصية المفاوض كعنصر مكمل للرؤيا الشاملة والمتكاملة للعناصر التي تم التعرض لها فيما سبق والمتعلقة بإستراتيجيات التفاوض أو العملية التفاوضية .
ضمن هذا الإطار يقدم الباحث Fred Greenstein من خلال كتابه ” الشخصية والسياسة ” حالات دراسية لعدد من الفاعلين السياسيين وتأثيراهم في مجرى السياسة المحلية والإقليمية والدولية . وهناك مجموعة أخرى من البحوث تقدم تفصيلات أكثر من خلال الأمثلة الفعلية والتجارب المعاشة لشخصيات معينة ، وكيف أثر أسلوبها التفاوضي ونظرتها للعالم في العملية التفاوضية ومسار التفاوض ، ولابد أن تشير هنا إلى كتاب مهم بعنوان ” خواص الشخصية الرئاسية ” للباحث جيمس باربر James Barber
بحيث يقدم أمثلة تفصيلية توضح إلى أي مدى أثرت الأساليب الشخصية والرؤية الذاتية لعدد من الرؤساء الأمريكيين السابقين في كثير من مسارات السياسة الأمريكية .
كذلك يجب أن نشير إلى كتاب ” هنري كسنجر شخصيته وسياسته” إذ أن شخصيته وتأثيراته مسار الديبلوماسية ، ومنذ أن كان يشغل منصب مساعد الرئيس يكون لشؤون الأمن القومي كانت أعمق وأكبر من تأثيرات أي مسؤول أمريكي آخر بما في ذلك العديد من الرؤساء . ويتعرض هذا الكتاب لشخصية كسنجر من خلال تحليل منظومة القيم التي كان يتبناها في تصريحاته وسياسته ، وكذلك قناعته الخاصة في فهم التاريخ ، ساهمت كثيرا في تحديد خطواته ونظرته للعديد من القضايا والصراعات ، أهمها ما كان يتعلق بالاتحاد السوفياتي سابقا وكذلك الصراع العربي الإسرائيلي .
هناك أراء عديدة متباينة عن دور تحليل الشخصية في عملية التفاوضية بين المبالغة في حجم التأثير الذي تلعبه طبيعة شخصية المفاوض ، والتقليل الشديد من شأن هذا التأثير . ولا تزال الدراسة في هذا المجال بحاجة إلى التعمق والدراسة والمنهجية العملية .
من المؤكد أن الإلمام بمهارات التفاوض من الناحية التقنية بالإضافة إلى عوامل الشخصية المتعلقة بالمفاوض تمثل أهم عناصر العملية التفاوضية .

2 ـ إسـتراتيـجيــات التفــاوض .

  • مضمـــون مشــروع جــــامعــة هارفـــارد الإمــريكيــة :
    يقبر مشروع جامعة هارفارد لدراسة العمليات التفاوضية المختلفة من أكبر المشروعات في العالم والهدف منه هو تنمية وتطوير وتطور طرق ووسائل ومهارات التفاوض والوساطة ومن أجل معالجة المشاكل القائمة في مجال العلاقات الدولية . وتصب جهود القائمين على هذا المشروع في الإتجاهات التالية : 1 ـ الإسهــام فــي بنــاء نظريــات للتفــاوض :
    في هذا الإطار ساهم القائمون على هذا المشروع في تصميم طريقة مضمونها تقليل الهوة
    ( هوة الخلاف) أو الفجوة بين الأطراف وذلك بالإعتماد على أهم نقاط التنازع أو الصراع والعمل على التقليل من شدة الصراع وقد تم العمل بهذه الطريقة من طرف الوسيط الإمريكي في اتفاقيات كامب ديفيد 1978 بين مصر وإسرائيل .

2 ـ فــي مجــال التدريــس والتدريــب :
يتضمن المشروع تقديم وتطوير برامج تدريبية للتفاوض في المجالات المختلفة . وقد إعداد برامج خاصة لرجال الأعمال والعسكريين والدبلوماسيين وموظفي الحكومة . وكذلك إعداد دورات خاصة لطلاب الجامعات .

3 ـ فــي مجــال النـشــر :
قدم أعضاء المشروع نشورات هامة في هذا المجال منها كتاب ” دليل الوساطة في المفاوضات الدولية ” . وكذلك كتاب ” التفاوض من أجل إبرام الإتفاقيات ” للباحثين
ـ روجر فيشر R.Fisher ووليام أري W. Ury والذي يعد من أهم الكتب الحديثة في هذا الميدان .
وقد انطلق الكاتبان من فكرة أن الصراع والتناحر يبدوان كأنهما صناعة آخرة في النمو في عالمنا اليوم وأن الطرق التقليدية التي إعتادها الناس في تفاوضهم في كافة شؤون الحياة عادة ما تؤدي إلى حالات من عدم الرضا . وانطلاقا من هذا يرى الباحثان أن هناك طريقتين رئيستين للتفاوض وهما :
ـ ” التفاوض بتوظيف إستراتيجيات لينة أو متساهلة ” .
ـ ” التفاوض بتوظيف إستراتيجيات متشددة وعدوانية ” .
ففي الحالة الأولى يحاول المفاوض تجنب الصراع الشخصي ، ومن تم تقديم تنازلات سريعة للوصول إلى اتفاق وإنهاء العملية[U1]التفاوضية خاصة إذا صاحب العملية نوع من التوتر . وغالبا ما يشعر الطرف المتنازل بأنه قد تم إستغلاله .
أما في الحالة الثانية ، المتشددون يرون في أي موقف تفاوض فرصة للتصارع مع إرادات الأخرين ومن هنا يتبنون المواقف الأكثر تشددا . ويريدون كسب جولات التفاوض ، وهذا الأمر لا يتحقق دائما وعادة ما ينتهي بهم الأمر إلى تدمير العلاقات الإستراتيجية مع الآخرين وتكون خسارتهم على المدى الطويل .
وهناك نوعية ثالثة من المفاوضين تقع إستراتيجيتهم بين نوعي التفاوض ـ المشاهل والمتشددة ـ هذه النوعية تحاول أن توازن بين الحصول على ما تريد وبين الحفاظ على العلاقات مع الطرف الآخر . وهذه الطريقة يسميها الباحثان ـ فيشر وأري ـ .
ـ ” استراتيجيات التفاوض المبدئي ” وأساسها التقييم الموضوعي لقضايا التفاوض الحقيقية وتحديد نقاط تصارع المصالح لتفادي فرض نتائج التفاوض على إرادة الطرف الآخر ، وحتى تنجح هذه الطريقة لابد أن نستبعد الخداع من العملية التفاوضية وعدم استغلال النزاهة والعدالة لأحد الأطراف من قبل الآخر . من الضروري لأطراف العملية التفاوضية أن يتبعوا الخطوات الرئيسية التالية :
ـ في حالة أي نزاع سواء كان على عقد ما ، أو اتفاق سلام فإنه ليس من الصواب أن يقوم كل طرف بتبرير مواقفه وتقديم الحجج والبراهين لإثبات مشروعية مواقفه ، أي الإنطلاق من مبدأ
ـ أنا صاحب الموقف السليم والطرف الآخر مخطئ ـ إن هذا الآداء التفاوضي لا يؤدي عادة إلى الوصول إلى نتائج إيجابية بل يجب التركيز على القضايا الجوهرية مع مراعاة المصالح المشتركة .
ـ ترتيب خطوات طريقة التفاوض وعدم إستنتاج نوايا الآخرين بناءا على المخاوف الخاصة ، بل يجب التركيز على فهم الطرف الآخر للمشكلة والزاوية التي ينظر إليها للأمر .
ـ إتاحة الفرصة للطرف الآخر للتعبير عن إنشغالاته بقدر الإمكان وتجنب رد الفعل غير المناسب .
ـ إضافة إلى ما سبق ذكره هناك كتاب للباحث Gerard . Nierenberg بعنوان ” أساسيات التفاوض ” وكذلك كتاب ” كيف تتفاوض بنجاح ” للباحث Patrick. Forsyth .
إن المفاوض الماهر حسب Niemenberg هو الذي يوظف عدة وسائل ليستفيذ منها في تحقيق الحد المطلوب من المصالح للجهة التي يمثلها هذه الوسائل تشمل مجموعة من الإستراتيجيات لأن المفاوض الماهر يستعمل أكثر من إستراتيجية ليفلت من حصار الخصم . ومن أهم هذه الإستراتيجيات حسب نرمبرغ :
ـ الصمـت المـؤقـت : والمقصود به الإمتناع عن الرد الفوري والإنتظار أو تأجيل الإجابة عن السؤال معين بتغيير مجرى الحديث أو الرد بسؤال مضاد في هذه الحالة يمكن الإستفادة من الوقت لتقرير ما يجب أن نفعله .
إن هذه الإستراتيجية تعطي للمفاوض فرصة التفكير ودراسة مضمون السؤال وأهدافه ، بحيث يجب الإستماع للطرف الآخر إن المفاوض الذي يبادر بالإستجابة إلى طلبات خصمه وتقديم التنازلات فإن هذا الأخير لا يتوقف عن طلب المزيد .

ـ المفــاجــأة : تتضمن هذه الإستراتيجية التغيير المفاجئ في الأسلوب أو طريقة التفاوض بالرغم من أن هذا التغيير لم يمكن مطلوبا وقد يؤدي هذا العنصر ( المفاجأة ) إلى الحصول على النتائج المطلوبة .

ـ الإنسحاب الهادئ : وتقوم هذه الإستراتيجية على إستعداد إنسحاب المفاوض والتنازل عن رأيه للطرف الآخر بعد أن يكون قد تحصل على بعض الإمتيازات ، وهو في هذه الحالة يحاول إنقاذ العملية التفاوضية من التعثر مبديا إستعداده لموافقة الطرف الآخر .

ـ إستراتيجية التدرج : ومضمونها هو ” خطوة خطوة ” وهي تفيد في حالة عدم معرفة الأطراف ببعضهم البعض ، أو أن خبرتهم في التعامل محدودة ، أو أنه لا توجد ثقة بينهم ، فيتم التطرق للقضية جزء بجزء إلى أن تصل الأطراف إلى الهدف النهائي .

ـ إستراتيجية التوكيل : يقول نرمبرغ أنه كثيرا ما يلجأ المتفاوضون لوكلاء للقيام بالعملية التفاوضية ونقل وجهات النظر قبل إجتماع الأطراف المعنية للتوقيع النهائي على الإتفاق ، أو العقد النهائي . وتفيد هذه الإستراتيجية في حل المشاكل بطريقة واضحة وصريحة بعيدا عن الظروف الإحراج التي يمكن أن تقع فيه أطراف التفاوض في مواجهة بعضهم البعض مباشرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى