أخبارثقافة

  معذبة بين يدي القانون

                   وليد عبدالحسين جبر  

قصة قصيرة 

رأيتها وقد اخفى الحزن بعضاً من جمال وجهها المائل للسمرة،  غير ان دمعتيها اختطت لها على طول وجهها المدور خطين متوازيين،  لا ادري هل هما يشيران الى الحزن ام نهرين أضافا جمالا وبهاءً لجمالها الأخاذ، ازدانت بالسؤاد لونها المفضل الذي لم أراها مرارا الا به ،  لعله جزء من سنخها وربما من عطايا  القدر لها أيضا أذ سوّد لها  حظها و رداءها وشعرها الحريري غير انها ازدانت كثيراً بذلك ، معّذبة نتيجة احكام قبلية ظالمة زُوّت من ابن عمها ظلما وجورا ، تاركة خلفها مستقبل جميل و حلم كبير تنتظره في دراستها المتفوقة فيها جدا ، وهكذا يقضي الطغاة دائما خلاف رغبات شعوبهم !

تفنن القدر في عذابها اكثر و أكثر حينما رزقها مزيد من الابناء في سنوات قليلة  فكانوا كالأغصان المتدلية من جذع شجرة برتقال فتية،  فساهموا في انحناءها الى الارض وهي في عز ريعانها ،  زوجها الذي جمع باستحقاق كل جوائز  التفاهة والسذاجة واللامبالية وعدم الاهتمام فكان مصداقا لمثلنا الدارج ” الله يعطي جوز للما عنده سنون” حينما رُزق بأميرة من اميرات النساء ففرط فيها واضاعها بغبائه !

بين أب مخدوع بمظاهر و زوج سادر في غيه وابناء ليس لهم سواها احتملت “مريم” كل ذلك ورغما عن شموخ علياءها ومهابتها وهي ترتدي العباءة العربية المهيبة دخلت المحكمة شاكية حظها عسى ان تنال بعضا من الانصاف الذي افتقدته طويلا.

تصّورت ان آهاتها التي سكنتها ليل نهار سيسمعها كل من تشكي له متناسية ان الجرح لا يؤلم الا من به ألمُ!

 دراهم معدودة هذا كلُ ما كسبته في دعواها لا تكفي لوجبة غداء رفقة ابناءها في مطعم فاخر !

سألت محاميها وهي خائبة ما هذا الظلم ؟ ما هذا الاستخفاف ، معقولة أنت مقتنع بهذا الحكم الجائر الاخر ؟

 اذهلها اكثر حينما اخبرها ان النفقة التي حصلت عليها قانونا هي اجرة الاكل والملابس والتطبيب والسكن!

 ما ازهد القانون والخبراء وما ابعدهم عن واقعهم اذن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى