عالم ما بعد الازمة الاوكرانية..!!..

اكرم هواس

ربما من السذاجة طرح تصورات ثابتة ازاء حالة تغيير فيها المعادلات بمستويات عالية السيولة رغم ان النمطية تظهر و كأننا ازاء انتقال الى مرحلة تاريخية عابرة لمسار التطور الاجتماعي السياسي منذ قيام الدولة الحديثة و مفاهيم الاستقرار و التعاون وووو.. من القيم الجميلة او القوانين التي تنظم حياة المجتمعات و افرادها..

اي اننا بشكل ما ازاء الانتقال الى عالم اخر يختلف في بنيته الثقافية و الاجتماعية و يمثل انقطاعا مع البنى السياسية و الاقتصادية المختلفة التي شهدتها التطورات المجتمعية منذ بدايات تكون المجتمعات البشرية الاولية مروراً بمختلف النظم السياسية و المنظومات الاقتصادية و مفاهيم التمركز الديني و الاثني و القومي … الخ

الازمة الاوكرانية ليست جديدة لانها تمثل تاريخ روسيا و قيم وجودها و لذلك فان العمليات العسكرية لا يمكن اختصارها الى نزاع حدودي او حتى حرب اقليمية … و بما ان روسيا تعلن عن تسخيرها كل قوتها العسكرية التي تستطيع ان تدمر الكرة الارضية كلها فان الحرب لابد ان تعني شيئا اخر غير التمدد الامبراطوري التقليدي او محاولة اخضاع الغرب كما يتصور البعض….

حدث بهذا الحجم يستدعي ظهور نظريات و افكار كثيرة تحاول البحث عن اسباب و ميكانيزمات ادت الى الوصول الى نقطة التماس التقاطعي او حدود الدم وفق نظرية صراع الحضارات لتوماس هونتنغتون … هناك العوامل الداخلية في التطور السياسي الاجتماعي في روسيا.. و هناك شكوك حول ما يمكن ان نسميه عوامل التجاذب الايوني Ionic Bond خلقتها القوى الغربية لدفع الرئيس پوتين و ايصاله الى تلك النقطة ..

بكلام اخر … تختلط الرؤية في المشهد العام قبيل انطلاق العمليات العسكرية تبدو و كأنها تراوحت بين استرضاء appeasement او فخ trap من الجانب الغربي و من الجانب الروسي كانت هناك ايضا مفاهيم اخرى منها احتمال قبول الغرب في الانتقال الى المشاركة partnership او تعدد القطبية multi-polarity في النظام العالمي السائد كحل وسط بديل للصراع الابدي نحو الهيمنة الاحادية التي تقودها الولايات المتحدة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.

شخصيا كانت اي مساهمة في هذه النقاشات من خلال مقابلتين على قناة كوردستان 24 باللغة الكوردية و قد نشرت ملخصهما على موقع الفيسبوك …المقابلة الاولى بتاريخ 26/2 و الثانية بتارخ 19/3 … لكن قبل ان اعود الى مناقشة النقاط العديدة التي وردت في المقابلتين او ان ابدي ملاحظتين تدعمان الفرضية العامة في هذه السلسلة من المقالات و هي :

اولا… ان الحرب و الوصول الى نقطة التماس الدموي لم تكن وليدة لحظة تاريخية مفاجأة بل نتيجة عملية تراكمية لعناصر كثيرة تحدث عنها العديد من الباحثين و اذا كان لابد ان اتحدث عن كتاباتي الشخصية فقد كتبت مقالات عديدة عن التطور السياسي الاجتماعي في روسيا و منها مقالتين سنة 2014 و 2015 (نناقشهما لاحقا) تتحدثان بشكل مباشر عن توسع النزاع الاوكراني و احتمال قيام روسيا باحتلالها و احتلال دول اوروبية اخرى و بالتالي العمل على تغيير النظام العالمي ..

السؤال هو: اذا كان باحث “عادي جدا” مثلي استطاع ان يتنبأ بهذا التطور … ماذا عن مؤسسات الدراسات الكبرى التي تملك كل الامكانيات و المعلومات الاستخبارية … كيف يمكن ان تقنعنا هذه المراكز الدراسية و الاستخبارية انها تفاجأت بالحرب..؟؟.

ثانيا… هذه الحرب ستكون مدخلا لتغيرات جوهرية في كل البنى السياسية و الاقتصادية في العالم كما ورد آنفا… لكن حتى ان نصل الى خلق ضرورة عالمية لهذا التغير لابد ان ندخل العالم كله في صيرورة هذه الحرب و تداعياتها..

بكلام اخر لابد من عولمة الازمة افقياً و عمودياً و هنا لابد من تجاوز مجموعة كبيرة من العوامل و العناصر التي تتحكم في شبكة العلاقات في النظام الدولي الحالي كما انه لابد من تفعيل الازمات التاريخية و القضايا الوجودية و مفاهيم اولية مثل الانسان و الحياة و الفرد و المجتمع و الغذاء و الهواء وووو.. هذه عملية طويلة جدا و لذلك يبدو المشهد و كأننا ازاء تحول دودة القز الى فراشة .. اي ان الحرب ستدوم و تتطور و تمدد … دعنا لا ننسى الكورونا و مفهوم الوباء نفسه كمظهر من مظاهرة عولمة الازمات افقيا و عموديا..

لكن كيف ان تترابط الاشياء المختلفة و لماذا يجب الوصول الى هيجيمونية فكرة التغيير الكونيHegfmony of Universal Change سنناقشها في المقالات القادمة… حبي للجميع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى