شمس اليوم الثامن
بانضمام رواية “شمس اليوم الثَّامن” إلى مشروع “الملهاة الفلسطينية” يكون
إبراهيم نصر الله قد أضاف مذاقاً مختلفاً تماماً عن كلّ ما سبق أن قدَّمه في روايات
“الملهاة” من قبل؛ بل مختلفاً عن كلِّ ما قدَّمه في أيّ من رواياته.
في فلسطين عام 1900 تدور أحداث هذه الرواية القصيرة، التي تجيء محتشدة بفتنة
سرديَّة قادرة على توحيد أرواح القراء بمختلف مستويات وعيهم وأعمارهم، في عمر
واحد؛ هو عمر الرّوح الصافية في براءتها واتساع جوهرها وبحثها عن أجوبةٍ مؤسّسةٍ
لمعنى وجودها؛ بكل ما في الخيال من معنى وجمال وحريّة وسِحر، من خلال استلهام
عذبٍ للموروث الشّعبيِّ باعتباره وافداً للهوية ومكوِّناً أساسيّاً للذات البشرية وجزءاً
مضيئاً في عملية تشكُّل خصوصيتها وخصوصية المكان الذي يحتضن هذه الذات
وتحتضنه.
عن هذه الرواية يقول الأديب إبراهيم نصر الله:
“سمعتُ حكاية جدّي مع جَمَلِه أكثر من مرّة من أُمّي، خلال طفولتي، إذ كانت تفتخر
بها كإرثٍ شخصيٍّ لا يملك أحدٌ مثيلاً له، وسجَّلتُها في مطلع التسعينيّات من القرن
الماضي، فكان عدد كلماتها 498 كلمة، واستخدمتُ أجزاءَ من أحداثها في رواية “طيور
الحذر، 1996″، ثم كانت موضوعاً لواحدة من قصائد ديوان “بسم الأم والابن، 1999”.
حين رحلتْ أُمّي في نهاية تشرين الأوّل، أكتوبر، 2019، كانت هذه الحكاية هي
الأكثر حضوراً بالنّسبة إليّ، إذ بتُّ – مثلما كانت أُمّي – أفتخرُ بها كإرث شخصيٍّ. وربما
ما يجعلني أقول إنّها إرثٌ شخصيٌ – حتى الآن – هو أنّني لم أقرأها من قبل؛ وقد قرأتُ
الكثير جدّاً من الكتب الّتي تضمّ حكايات شعبيّة. ولم أسمعْها من أحد؛ رغم أنّني سجَّلتُ
الكثير من القصص من أفواه النّاس مباشرة.
لسببٍ ما، أحسستُ أنّ كتابةَ هذه الحكاية، روايةً، أجملُ هديّة يمكن أن أُقدِّمها لروح
أُمّي. ولكنّني أدركتُ بعد كتابتها، أنّ هناك شيئاً نسيتْ أُمّي أن تقوله لنا؛ لأنّ الحكاية بقيتْ
مُعلَّقةً، بل تحتاج إلى نصف آخر، وربما تعمَّدتْ ألا تقول لنا القصّة كلّها، لعلّ أحد أبنائها
يُكملها على طريقته، وبذلك يخلِق إرثاً جديداً لمن سيأتون من بعده من أفراد العائلة! وها
أنا قد فعلت حينما كتبتُ ما سمعته منها وكتبت النصف الثاني، مُتمّماً ما رأيتُ أنّه قد غاب
من أحداث قصّة يبدو أنّها لا تنتهي…”.