أخبارمجتمع

سراق الأحلام

الْأُسْتَاذُ حَشَّانِي زُغِيدِي

سِرَاقُ الْأَحْلَامِ

فِي عَالَمٍ مَلِيءٌ بِالْأَسْرَارِ ، مَلِيءٌ بِالْفُرَصِ ، فِي هَذَا الْعَالَمِ الْمَمْزُوجِ بِإِيرَادَاتِ الْخَيْرِ وَنَوَازِعِ الشَّرِّ ، فِي هَذَا الْعَالَمِ تَتَرَصَّدُ السَّائِرِينَ الْأَلْغَامَ وَالْمَصَائِدُ .

بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ تَذُوبُ أَحْلَامُكَ ، فَوَاحِدٌ يُرِيدُكَ سُلَّمًا يَرْتَقِي بِهِ ، وَآخَرُ يُرِيدُكَ رَقْمًا فِي سِجِلِّهِ ، وَاحِدٌ يُرِيدُكَ رَقْمًا وَقْتَ الِاقْتِرَاعِ ، وَآخَرُ يُرِيدُكَ بَرِيدًا يُرْسِلُ مِنْ خِلَالِهِ رَسَائِلَهُ وَ بَرْقِيَّاتِهِ .

بَيْنَ هَذَا وَ ذَاكَ ، تَذُوبُ الْأَحْلَامُ ، فَالْكُلُّ يُرِيدُكَ وَزْنًا خَفِيفًا مَعْدُومَ الْقِيمَةِ ، حَتَّى ذَاكَ الَّذِي يَمُرُّ بِجَانِبِكَ ، يُرْسِلُ لَكَ رَسَائِلَ التَّعْزِيَةِ ، يُرْسِلُ لَكَ بَرْقِيَّاتِ شُؤْمٍ ، تُنْذِرُ بِقُرْبِ وَفَاتِكَ ، يُرِيدُكَ أَنْ تَنْدُبَ حَظَّكَ ، فَتَفْقِدَ الْأَمَلَ ، يُرِيدُ رَحِيلَكَ بِلَا عَزَاءٍ . يُرِيدُكَ مُفَرَّعَ الْبِضَاعَةِ ، يُرْسِلُ لَكَ الْوَعِيدَ إِنْ لَمْ تَتَخَلَّى عَنْ أَحْلَامِكَ ، سَيَهْجُرُكَ الْأَصْدِقَاءُ ، لِأَنَّ طَيْفَ الشَّرِّ ، لَا يُرِيدُ لَكَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ ، فَوَزْنُكَ يُقْلِقُهُ ، بَلْ يُفْزِعُهُ ، لِهَذَا بَرِيدُكَ وَزْنًا خَفِيفًا ، كَوَزْنِ الرِّيشَةِ ! يُرِيدُكَ صِفْرًا فِي الْمُعَادَلَةِ ، فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ ؛ عَلَيْكَ أَنْ تُحَدِّثَ نَفْسَكَ فِي الظَّلَامِ ، حَتَّى لَا يَرَاكَ طَيْفُ خَيَالِهِمْ الْمُزْعِجُ .

فَمَثَلِي وَأَمْثَالُكَ يُفَضِّلُونَ الْإِبْحَارَ فِي السُّكُونِ وَالْهُدُوءِ ، يَسِيرُونَ الْهَوِينَةَ ، بِخُطُوَاتٍ مَحْسُوبَةٍ وَمَعْدُودَةٍ ، لَيْسَ ضَعْفًا وَ لَيْسَ انْهِزَامًا ، وَلَيْسَ هُرُوبًا مِنْ الْحَلْبَةِ ، بَلْ هُوَ تَفْضِيلُ السَّيْرِ فِي التَّآنِي وَالسَّلَامَةِ ، بَلْ تَوْفِيرُ الْآمَانِ لِأَحْلَامِي وَأَحْلَامِكَ .

الْأَفْضَلُ أَنْ يَسِيرَ الْوَاحِدُ مِنَّا وَهُوَ يَعِدُّ الْمَسَافَاتِ الْمَقْطُوعَةَ بِعَدَادِ الْحَسَنَاتِ ، يَتَصَيَّدُ أَوْقَاتَ الْأَرْبَاحِ ، يَقْتَنِصُ فُرَصَهَا ، يَتَرَصَّدُ أَرْبَاحَهَا فِي أَمَاكِنِهَا الْمَحْجُوزَةِ . فَالْأَمَانِيُّ مُغْرِيَةٌ وَالْمُطْبِلُونَ لَهَا كَثِيرٌ ، وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْقَرْيَةِ الْمُزْعِجَةِ كَثِيرٌ ، هَؤُلَاءِ يَحْبِسُونَ الْأَوْقَاتِ الرَّابِحَةَ حَسَدًا ، حَتَّى لَا يَسْتَيْقِظَ أَمْثَالِي وَأَمْثَالُكَ ، وَالْأَوْقَاتُ الرَّابِحَةُ فِي مِيزَانِ النَّاجِحِينَ مُؤَشِّرُ الْعُبُورِ لِطَرِيقِ الرِّيَادَةِ وَالْإِبْدَاعِ .

وَالنَّاجِحُونَ دَائِمًا عُيُونُهُمْ نَحْوَ الْهَدَفِ ، لَا يَشْغَلُهُمْ الضَّجِيجُ الصَّاخِبُ عَنْ الْمَرَامِي ، يَغْتَنِمُونَ دَقَائِقَ الْأَوْقَاتِ فِي الْمَشَارِيعِ الْمُرْبِحَةِ ، فَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ ( الْوَقْتُ هُوَ الْحَيَاةُ )

الْأُسْتَاذُ حَشَّانِي زُغِيدِي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى