زحام شديد في رؤسنا
حنان بديع
كاتبة وشاعرة
من منا لا يبدأ يومه في الصباح بمتابعة سريعة للأخبار ولحساباته على منصات التواصل وتطبيقات الأخبار مروراً برسائل البريد الإلكتروني؟
في زمننا هذا نسابق الوقت لنعرف المزيد من المعلومات حول الأزمات التي نعيشها مثل تأثيرات الحروب وأخبار ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، والحوادث العجيبة الغريبة التي تصدمنا عاطفياً ونصعب أن نجد لها ما يبرهها، لكنها تحدث على أي حال.
وفي حين أن الإنترنت كان نعمة من نواح كثيرة، فقد كان أيضًا نقمة، إذ بفضل عالم الإنترنت، بتنا نتعرض لكميات هائلة من المعلومات الجديدة كل يوم، ولكن ليس لدينا وقت كافٍ لمعالجة معظم ما نأخذه..
حتى رجال الأعمال الأكثر نجاحًا يعانون من شلل التحليل، فهم غير قادرين على اتخاذ القرارات بسبب الكميات الهائلة من المعلومات، مما يؤثر في النهاية على أدائهم في العمل.
وقد وجدت الدراسات أننا حتى إن لم نتابع الأخبار فتكفي المقاطع الترفيهية لتشتتنا ذهنياً! نعم، مقاطع الفيديو القصيرة بمثابة فوضى عارمة تقتحم ذهنك، ربما نجدها طريفة وممتعة ولا تحتاج إلى المزيد من التركيز، وتستحق المشاركة أيضا مع الأصدقاء لنضحك سوياً، لكن في الحقيقة تساهم تلك المقاطع في تشتيت أذهاننا وضياع تركيزنا، بل وشعورنا الدائم بالازدحام من دون أن يكون هناك شيء مهم بالفعل يشغل تفكيرنا..
ذلك أنك قبل أن تبدأ في شرب فنجان القهوة تكون قد ملأت رأسك بزحام شديد من الأفكار والأخبار التي تثقل ذهنك، وتُشعرك بالضيق من دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك. لست وحدك، فالملايين من البشر يتبعون نفس العادات ويشعرون بذات الضيق. إنها حالة “دووم سكرولنغ”، وتعني الانغماس في متابعة الأخبار السلبية!
هذا ما أكدته الدراسة التي نُشرت بمجلة التكنولوجيا والعقل والسلوك التابعة للجمعية الأميركية لعلم النفس، عندما طورت تقنية لقياس التمرير المتكرر لأخبار المصائب والحوادث، لذا قرر علماء النفس أن استخدام الإنترنت لأكثر من ساعتين يوميّاً هو حالةً من حالات الإدمان التي تحتاج إلى علاج، وهو إدمان حقيقي تماماً كإدمان الكحوليات والمخدّرات، فإذا كنا بغالبيتنا مدمنين، هل علينا نقلق بشأن الأجيال القادمة التي حتماً سترث إدماننا الإلكتروني كأحد المسلمات، أم أن وقت القلق قد فات أوانه وانتهى؟