رياح الحظ

قصة قصيرة
بقلم وليد عبدالحسين جبر
فشل في كل عمل ، بقي متسكعاً بين القصبات محل لسخرية المحيطين به ،هارباً
من الجندية في عهد نظام البعث ، ولم يدر في خلده يوماً ان هذا الهروب الجبان في
حينها سيخلق منه معارض شجاع بعد سقوط نظام الدولة ، واذا بذلك الهارب الجبان
، يكون مضطهداً سياسياً و يراجع دائرة حكومية ليقدم اوراق هروبه لإنه ضد
النظام البائد فيصبح له مرتب شهري نظير اضطهاده !
ابتسمت الحياة لشعيط و تأكد ان زمن الملاحقة والعوز والخوف قد غادره و ها هو
الان بين زمنه ووقته ، وحيث ان الموجة اسلامية ، فقد غيّر جلده ككثيرين وصار
اسلاميا يرتاد المساجد ويحافظ على الصلوات فيها بعد ان كان يغني في حفلات
الاعراس في الزمن الماضي .
و حرصا منه على اكمال دوره الاجتماعي فقد أسس مؤسسة خيرية شأنه شأن
الكثيرين كي يقبض منها الاموال و يشبع شهواته من النساء فيستغل المساعدات التي
تقدم لمؤسسته فيكون هارون الرشيد في توزيعها وابتزاز من يراجعونه !
وكي يكون اقوى واقوى في زمانه ، شعر ان العمامة صارت ملاذ امن ومصدر
سلطة في الحكم الجديد فلماذا لا يتعلم بضع مسائل فقهية واحاديث نبوية في المساجد
فيرتدي العمامة و اللباس الديني فيكون الشيخ شعيط فيكبر اسمه ولا احد يمكن ان
يحاسبه او يحاكمه مهما ارتكب !
صار مضطهدا سياسيا و رئيسا لمؤسسة وشيخا دينيا ! بعد ان كان هارباً و مطرباً
و منبوذا!
شع نجمه في مواسم الانتخابات إذ يقصده المرشحين كونه شخصية اجتماعية مؤثرة
فيغدقوا عليه الاموال كي يعمل لهم دعاية انتخابية و يبيع لهم اصوات الذين
يراجعونه الى مؤسسته الشريفة !
يبدو ان الحظ ضحك معه بمليء الفم فما دام يعرف مفردات من الفقه لماذا لا يكون
مأذونا شرعيا فيضيف لأمجاده امجاد اخرى و يقبض اموال جديدة من اوراق
الطلاق والزواج التي معّدة سلفا وما عليه سوى ان يكتب اسماء المراجعين له
فيقبض على ذلك مئات الالوف !

ان اضطهاده السياسي منعه من اكمال دراسته في شبابه وها هي المدارس مشرعة
الابواب بوجهه لماذا لا يشتري شهادة علمية فيكون أستاذا !
انتقل من منطقته التي تعرف تفاهته الى منطقة جديدة بعد ان اشترى بيتا حديثا
وسيارة فارهة و ترك العمامة الدينية بعد ان اكمل منها حاجته وصار استاذا افنديا
حاصلا على شهادة علمية و يتلاعب بالمال و يتصل به الكثيرين من النساء
والرجال كي يهبهم صك الخلاص من حياتهم التعيسة !
لا عجب ولا استغراب انه زمن شعيط الذي جعل منه من شخص مغمور جبان
هارب محل السخرية والاستهزاء الى شيخ واستاذ وصاحب اموال وسيارات وبيوت
ولله في خلقه شؤون …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى