أحوال عربيةاقتصادتقاريرفي الواجهة

روسيا و قطر .. هل بدأت حرب الغاز ؟

محمد رضا عباس

هل يستطع الغاز القطري ان يطرد الغاز الروسي من اوروبا وينهي تأثير روسيا السياسي عليها؟
المشروع القطري ليس بجديد , وانما يعود الى عام 2009 عندما اقترحت قطر على بشار الأسد بتمرير الانبوب عبر الأراضي سورية , ولكن الأسد رفض الفكرة , اعتقد المراقبون في وقتها ان الرفض جاء بضغط من ايران والذي يعارض مشروعها وهو مد أنبوب غاز من أراضيها الى سوريا عبر العراق وصولا الى موانئ البحر الأبيض المتوسط . الا ان الحقيقة هو ان روسيا هي الأخرى رفضت مرور الغاز القطري عبر سوريا لان المشروع سيكون منافسا قويا لها في أوروبا . يضاف الى ذلك اعتقاد الرئيس المخلوع ان تدفق الغاز الإيراني من موانئه سوف يعظم من مكانة سوريا دوليا بدلا من تركيا. ولهذا السبب تم بالفعل توقيع مذكرة تفاهم بين ايران والعراق وسوريا على المشروع الإيراني في تموز عام 2011 , وعلى ان يتم انجازه عام 2016 و بكلفة 10 مليارات دولار.
وحسب احاديث صحفية فان المملكة العربية السعودية كانت اول الرافضين للمشروع الإيراني , واعتبرته بانه سيقوي مواقف ايران السياسية في المنطقة . ويقال ان الأمير بندر بن سلطان اعتبر المشروع ” صفعة مباشرة في الوجه” خطط قطر , وحاول الأمير ” رشوة” روسيا بالقول ان أي حكومة قادمة في سوريا ستحسب على المملكة , و من اجل حماية المصالح الروسية في سوريا بعد التغيير , على روسيا منع المشروع الإيراني مقابل حماية المملكة المصالح الروسية هناك . وعندما لم تستجب روسيا ” للرشوة” , اشتعلت الحرب على بشار الأسد عام 2011, وهذا ما ذكره بشار الأسد في تصريح له في بداية هذا العام.
انتهى المشروع الإيراني مع انتهاء دور بشار الأسد , واستلام السلطة في سورية من جهات موالية الى قطر و تركيا , وبذلك سوف لن يكون مستغربا بإرجاع الحياة الى المشروع القطري والذي كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يحلم به , وليجعل من تركية مخزن للطاقة التي تحتاجها اوروبا.
بالطبع للمشروع فوائد عظيمة لكل من قطر وتركيا وسوريا أيضا . المشروع سوف يقلص كلفة نقل الغاز القطري بواسطة البواخر , وتقلص فترة وصوله الى المشتري , و تجنب بواخر نقل الغاز من المشاكل الأمنية . بالنسبة الى تركيا , فان المشروع سيضعها في مركز ثقل ” استراتيجي كمنصة توزيع غاز الى أوروبا وغيرها” . ولسورية مكاسب مالية ( أجور) تنفعها على تلبية بعض مطالب الشعب السوري .
ولكن هل ان الغاز القطري سيطرد روسيا من السوق الاوربية في الأمد القصير ؟ الجواب هو لا ,روسيا سوف لن تخسر السوق الاوربية من هذا المشروع و للأسباب التالية:
أولا. ان تنفيذ المشروع يعتمد على الاستقرار السياسي والأمني في سوريا . لحد الان الوضع لم يستقر وان الكثير من المراقبين يشكون بقدرة القيادة الجديدة السيطرة على البلاد بدون تفاهمات صعبة بين مكونات الشعب السوري .
ثانيا. حتى وان استقرت أمور سوريا فان المشروع عملاق وسوف يحتاج الى سنوات طوال لتنفيذه , على اقل احتمال في عام 2030. بين عام 2025 و 2030 أشياء لا يمكن التنبئي بها .
ثالثا. ان المشروع مكلفا جدا , وان تنفيذه يعتمد على موافقة مشتري الغاز لعقود طويلة الأمد , الامر الذي يقلق منه الاوربيون بعد مشاكلهم مع العقود الطويلة مع روسيا.
رابعا. علاقة المملكة العربية السعودية مع تركيا ليست بالعلاقة الحميمية وان احتمال رفض المملكة مرور انابيب الغاز القطري عبر أراضيها واردا جدا . ان تدخل تركيا في الشأن السوري لم يطمئن منه المملكة العربية السعودية ومصر ودولة الامارات العربية.
خامسا . ان انفراد قطر من بين دول الخليج العربية بدعم هيئة تحرير الشام ” أدت الى غضب عارم في الرياض” , الامر الذي قد يؤدي الى احياء العداء القطري الخليجي والذي دام بين عامي 2013 و 2021, وبذلك قد لا يحقق اردوغان حلمه الجميل . غاز روسيا سيبقى مطلوبا في أوروبا في الأمد القصير وربما المتوسط , لان بيوت الاوربيين لا تتحمل استخدام الخشب كما يستعمله الفلاح في الهند وباكستان وفيتنام وإندونيسيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى