أخبارتعاليقرأي

رشحة من فيض ذكرى 

سنة ماضية أن الموت حق ، وأن الكبير والصغير يرحل  ،  لكن هناك من يرحل فيترك ذكرى ، يرحل فيترك عبرة ، يرحل فتبكبه الجموع ،يرحل فيترك دروسا شاهدة للأجيال  ، فيحزن لموته القريب والبعيد. 

إن هذه الطينة من البشر شموع الأمة ،  إذا رحلوا  تذكرتهم الجموع ، تذكرهم الفضاءات  لفراغ   تركوه ؛   فهؤلاء  عاشوا ليسعدوا الناس ، عاشوا لهموم أمّة  ، عاشوا ليبنوا ويرعوا  الخير بين الناس ، عاشوا ليضمدوا الجراح ، عاشوا بهمم الرجال ، عاشوا لعظائم الأمور،  فهانت الصغائر في عيونهم،  رغم الظروف القاهرة لم يبالوا بالمخاطر والفتن ، رغم سهام اللئام الغادرة ، فلم يحيدوا عن رسمهم المرسوم،   فلم يجبنوا أو بخونوايخونوا ، ولم يضعفوا أو يستكينوا  ، بل كانت عيونهم صوب الهدف ، تحلق  عاليا ، تبصر الأفق البعيد  ، كانت مداركهم  تستمتع بحركة النجوم في السماء ، كأن بينهم وبينها رسالة وقضية .

إن طينة هؤلاء ترفض التخفي أيام البلاء ، ترفض التشفي حين تنزل الأرزاء ، فطينة هؤلاء ترفض الجبن عند اللقاء ، نفوس تذر بالسخاء ، تنفق الأوقات في البناء ، إن طينة هؤلاء  تحمل الخير ترعى الوفاء .

إن طينة هؤلاء تفيض بالبشر ، تنشر التبر في الفضاء ، تصنع الأفراح كي تسعد الناس أيام الجفاء ،  هم إشراقة فجر صادق ، يحمل  التباشير لليائسين القابعين في العراء ، صوتهم يطفئ حزن أيام البلاء ،  هم شمعة تحرق نفسها ، ليستفيد الجميع بالضياء. 

هي رشحة من فيض ذكرى لرجال مضوا ، ملأوا الروض بالعطاء ، هي رشحة عطشان  يقتله الظمأ  ، لحنين قد مضى ،  رغم الفراق لتبقى نفحة الذكرى تحرك فينا شوق اللقاء ، لتبقى عبير الذكرى  تحن لنهج   من مضوا ،حتى  يُكمل السير على خطاهم ، فنحمل راية مجد حملوها بالوفاء ، نحمل فكرهم ،  نحمي  نهجهم ، نكمل  مشروعهم. 

تلك المعاني وغيرها كانت لنا عرائس ماض مزهوة ،  تشربنا عبيرها  من مربّ وقائد  عرفته ساحات العطاء ، أيقظ  فينا الروح  لنحمل الخير للأوطان ،أيقظ  فينا الروح لنسير رفقة الأخيار في ميادين العطاء ذاك هو  شيخي وأستاذي فضيلة الشيخ محفوظ نحناح  رحمه الله تعالى .

الأستاذ حشاني زغيدي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى