مجتمع

يوم من حياتي في عام 2050

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

استيقظت كعادتي في الساعة الخامسة صباحا….أدركت مؤخرا أن النهار في القرية أطول…صرت استيقظ باكرا أكثر….في القرية ، تشرق الشمس باكرا….علمت بي حفيدتي ابنة كرم وابنة نور أنني هذا الصباح استيقظت باكرا… فتسللتا إلى مكاني في الحديقة ..هناك شي أبحث به وهو تعلق الحفيدة بجدها….وبدأتا في تحضير القهوة…ولحقتا بي إلى الحديقة….التي كنت قد جمعت زهراتها بعناية من كل بيت زهرة….سألتني حفيدتي من نور كيف كنت أجمع الزهور….قلت لها يا جدي الزهور لا تشترى دفعة واحدة …أجمل الزهور هي التي تنتقيها…كنت أذهب أنا وجدتك أم كرم خلال رحلاتنا في الجبال..وكلما وجدت زهرة جميلة أمام منزل ..كنت اوقف السيارة واترجل وأسلم على أصحاب الدار …واطلب فرعا أو شتلة أو غصنا….أما حفيدتي من كرم فسألتني..كيف طعّمت الورد…فقلت لها يا جدي…خطر ببالي مرة من الضجر أن أطعّم الورد كالشجر تماما..بدأ الأمر لعبة…ثم صار جديا…هذه الزهور طعمتها هكذا الصدفة….وصارت مثلا….

الهواء منعش هذا الصباح…بارد….قليلا…. بلدنا لا يزال يعاني تبعات الحرب التي شنها الأعداء علينا في عام 2011….هناك حركة لا عادة الاعمار….

خفت أن تسألني حفيداتي الجميلات عن الحرب…والخسائر التي تكبدتها سورية الحبيبة…رغم أنهما لمّحا لاستجوابي…لولا أن استيقظت جدتهما السوسنة…قائلة: شو فايقين قبل الديك؟

نزلت السوسنة إلى جواري في الحديقة، وتذكرت يوم كنا نستيقظ قبل الديك لنحتسي قهوة الصباح قبل استيقاظ الأولاد ونستمتع بالهواء المنعش ونكرر القهوة بعد استيقاظ الأولاد ونروي لهم الحكايات هاربين من الإستجوابات.

يقولون ما في أغلى من الولد إلا ولد الولد. يبدو لي أن هذه المقولة صحيحة وأشعر أن أحفادي يلونون حياتي ويصبغونها بالحب.

هذا اليوم هو الجمعة….
تجتمع العائلة لدي في منزلي الريفي …إخوتي وأولادهم وأخواتي البنات…

ونتحمل شقاوة الأطافيل طيلة النهار
للعائلة نكهة لا تضاهيها نكهة….

لازلت أحتفظ بالكثير من أسراري الشخصية والمهنية رغم محاولة استجوابي من الحفيدات والأحفاد…

لا أدري لماذا يحب الأحفاد قصصي التي صادفتها
في الحياة….

في الحقيقة هذا الجيل لا يشبه جيلنا في شيء والحياة بالنسبة له تختلف في معناها وإدارتها عن الحياة بالنسبة لنا وكما عشناها…

إن من لا يتقبل ما يجري يصاب بلعنة الخلود لأن كل شيء مختلف….

الحمد لله أنني أماشي الزمن وتغيرات المجتمع والقيم بحلوها ومرها.

وعندما أجد لحظات أنفرد بها مع نفسي أتساءل عما يجري ….وأقول إلطف يا لطيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى