رثاءُ زميل!!
د. صادق السامرائي
رِثاءٌ يا زَميلي مِنْ هُلوعِ
ومِنْ ألمٍ تَنامى في الضُلوعِ
*
ذَكرتُكَ يومَ كُنا في رياضٍ
تُداعِبُنا نِداءاتُ الذيوعِ
*
ومِنْ دَرْسٍ إلى دَرْسٍ ذَهَبْنا
نُنازلُ مُبْهماً بينَ الجُموعِ
*
تَدارَسْنا بمَكْتبةٍ ونُزلٍ
وأفْنينا شَباباً بالقروعِ
*
هيَ الدُنيا تُعللنا بوَهْمٍ
وتُلقينا على جُرْفٍ جَزوعِ
*
وتُطعِمُنا مِنَ الآهاتِ راحاً
وتَدفَعُنا لأوْهِدَةِ النزوعِ
*
رَفَعْنا رأسَ أحْلامٍ بعَزْمٍ
وكُدْنا بأسَ راعيَةِ الرُكوعِ
*
وإنْ خَبَأتْ بها نيرانُ وَجْدٍ
توَّقِدُها مَجاميعُ الشموعِ
*
رَجَمْنا كلّ صَدّاحٍ بفِكْرٍ
بأحْجيَةٍ مُعَطِّلةِ القنوعِ
*
وكُنّا في مَحافِلها هُيامى
بأشْعارٍ مؤجّجَةِ الوُلوعِ
*
لنسرينٍ وهيفاءٍ عَشِقْنا
ووادعَةٍ بأحْضانِ النِصوعِ
*
وحينَ توافَقتْ نَبَضاتُ حُبٍّ
تَواصى ما جَنَيْنا بالهُجوعِ
*
ومِنْ أفُقٍ إلى أفُقٍ تَداعَتْ
مَشاعِرُنا بأرْوقةِ الرجوعِ
*
فما شَفَعَتْ بها أشْلاءُ كُنّا
ولا نَسَجَتْ لنا بَعضَ الدُروعِ
*
تَرَنَّمْ شاعرُ الأيّامِ إنّا
كهادلةٍ على ساجي الفُروعِ
*
عَبَقنا من عَواصِفها أريْجاً
وذبْنا في تَراتيلِ السُجوعِ
*
أ يُحْلبُ تَيْسها والضِرعُ يُنْسى
وإنَّ حَليبَها نَضْحُ الفزوعِ
*
تَساقاهُ الثَرى ومَضى عَليلاً
يُخاطبُنا بصَمْتٍ من خُروعِ
*
خَوافِقُنا تَوَجُّدُها اضْطرامٌ
يُؤازرُهُ التَشوّقُ بالهُروعِ
*
إذا الأبدانُ تُدْحى في تُرابٍ
فما بَذرَتْ سَيَبْقى بالربوعِ
*
بها الأمواتُ تَحْيا في قبورٍ
وأحْياءٌ كباليَةِ الجِذوعِ
*
مَلأنا كأسَ دُنيانا بوَهْمٍ
يُبشِّرنا بخادعَةِ الطلوعِ
*
تشنّجَ وَجْهُنا والعَينُ تُدْمى
وتُسْقى مِنْ ينابيعِ الدُموعِ
*
توافدَتِ المَنايا والأرضُ ثكلى
مُضَرَّجةٌ بمَنزوفِ النُجوعِ
*
وكُنّا بعدَ مُحْتَرَبٍ مُريبٍ
كحائرةٍ بغيْهبها اللذوعِ
*
وسِرْنا نَحْوَ طالعةٍ بغَمٍّ
ودمْنا في مُطاردةِ الوجوعِ
*
نُخيِّبُ حَيَّنا فيَنالُ سوءاً
وفي مَوْتٍ نُداعي بالشفوعِ
*
إذا بَصَرَتْ فؤادَ الصَبِّ ظبياً
تَعنّتْ مِنْ تَباريحِ الطُموعِ
*
حَقائبُنا كتذْكرةِ اغْتنامٍ
وَهبْناها لأرْصِفَةِ الشروعِ
*
مَحَطّاتُ الوجودِ بلا دليلٍ
سَننزلُها بمَرْغومِ القلوعِ!!
***
د. صادق السامرائي