أخبارتعاليقرأي

 قيم حضارة مزيفة 

 قيم حضارة مزيفة 

 العالم يموج في عوالم المادة الموحشة ، فأصبح كل شيء لا ينفك عن هذه المزينات ،  ألوان زاهية لكنها بلا روح ولا قيمة ، حتى أشياءها   فقدت مذاقها الطبيعي ، أصبح المرء يعيش  في بيئتها  مسروق ، كل الحقائق  فيها  معدومة القيمة،  تبحث فيه عن الصفاء فلا تجده ، تبحث فيه عن الأنس فلا تجده ، على الرغم أن ما تطلبه موجود في علب مختومة ، تحمل السم القاتل. 

كل الأشياء  أفرغت من محتواها الحقيقي،  فلا عجب أن يصنع لك الموت البطيء في علب مكتوب عليها  ، التدخين مضر بالصحة  ، مع ذلك يروج له بدعابات مغرية تغزو الدنيا. 

ولا عجب أن يسمي لك  مغيب العقول بالمشروبات الروحية ، كأن تلك المواد تغذي العقل وتحفظه  ،  مع أن كل البلاوي تخرج من بين تلك القنينة ، حقا عالم مزيف ، يخادع العقول بتنظيم خاص .

عالم مخنوق ، باع قيمه في مواخير النخاسة ، فلا تعجب أن يسمي  العلاقات الخادشة  بأسماء   الفضيلة ، حتى يهدم السكن ، وتضرب المباني الصلبة للمجتمعات  بدعاوى قيم جميلة.

عالم يمارس الخداع والتنويم الناعم ، يبكي لموت قطة ويفزع ، مع أن حياة القطة محفوظة مكرمة  ، لكن لا عجب   أن تدوس دبابة أشلاء جسم بريء  ، فتلك حكاية أخرى ، يزينون الحقائق بموازين مختلفة. 

لا عجب  أن  يقنعوننا  بقوانين الجميلة  وإنسانية مكتوبة في الورق ، لكن عالم الشهادة يكذب كل ذلك ، عناوين براقة تزين السماء ، لكن المفرقعات والعاب الأطفال تهدم البيوت على الأشهاد  ، يدرسون الحياة الكريمة بحرقان الماء والدواء. 

إن زيف هذه الحضارة المادية ،  قامت على قيم الاستعلاء والاحتواء وطمس خصوصية الآخر ، بل سخرت مواردها لتزييف التاريخ ، سخرت مواردها لطمس ثقافة الآخر ، سخرت مواردها سرقة ثروة الإنسان  الحر ، قيم حضارة قامت على الهيمنة والاستغلال.

مع أن العالم ينشد السلام والمحبة ، ينشد السلم الاجتماعي الذي يشمل الإنسانية جمعاء ، ينشد حياة سعيدة قوامها تحقيق الرفاه و العيش الآمن في رحاب قوانين تنصف الضعيف ، ينشد قوانين عادلة ترد المظالم ، و تكف يد الظالم المعتدي.  

الأستاذ حشاني زغيدي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى