دروس تركية
من لم يفهم كيف تقدمت تركيا وأصبحت دولة قوية مهابة الجانب إقليميا فلينظر كيف جرت الانتخابات فيها…فالرئيس الذي حقق لها هذه المكانة اضطر لخوض جولة انتخابية ثانية وفاز بنحو 52 % بعيدا عن 99،99% المعتادة في المنطقة…إنها الديمقراطية غير المزيفة والاختيار الحر لشعب سلاحه الأقوى هو الوعي، شعب حمى النظام القائم من انقلاب بعض الجنرالات، لم يتابع أخبار الانقلاب أمام الشاشات بل خرج بنفسه يواجه الدبابات، خرج حتى المعارضون للرئيس لأن الجميع يؤمن حقا ببلده وبالديمقراطية وصندوق الاقتراع…بينما نعيش حالة غريبة من الذهول تجعل المواطن – حتى المثقف – يتهيب من وضع علامة إعجاب على منشور ينتقد السلطة !!! هذا هو السر وهذا هو الفرق…هناك شعب يصنع التغيير وهنا شعب ينتظر التغيير من غير مشاركة منه ولا جهد.
بمثل هذا الشعب استطاع أردوغان أن يتعامل مع أمريكا والاتحاد الأوروبي ليس كعميل كما هو معتاد في المنطقة ولكن كحليف وكندّ، ولأن الشعب لا يخاف على صوته من التزوير أو الضياع حمى مؤسساته التي يؤمن بها وانتصر للمرشح الذي تكالبت عليه الدوائر الخارجية العالمية والإقليمية، فلم يفلح الحشد الداخلي و الخارجي و الدعم الاوروبي و الأمريكي والصهيوني ومحور الشر العربي في ثني الأغلبية عن التصويت لصالح صانع تركيا الجديدة.
في النهاية الديمقراطية هي التي انتصرت، وهذا يبشر بتعاظم دور تركيا مستقبلا لاستنادها إلى مؤسسات دستورية ذات مصداقية يؤمن بها الشعب فيحميها، ويبقى اردوغان يمثل السياسي المارق المنبوذ من المحيط الإقليمي الذي تنتعش فيد الدكتاتورية ولا تسري فيه إلا الديمقراطية الصورية بينما – في المحيط العربية من الماء إلى الماء – تتفرج الشعوب وتنتظر المهدي…وسيطول انتظارها
عبد العزي كحيل