خواطر رمضانية (2) (سلوكات مشينة في الشهر الفضيل)

–
رشيد مصباح (فوزي)
الجزائر
*
بعض الناس كأنّهم يمنّون على الخلق والخالق إسلامهم، لا يعرفون من الإسلام سوى الرّكوع والسجود. يتظاهرون بالخشوع وقلوبهم موبوءة بالكبر والنّفاق. سلوكيات تنفّر من الدّين. وصدق الرّجل الذي حمد الله على أنّه تعلّم الدين من الكتب، ولم يتعلّمه من هؤلاء المنتسبين إلى الدّين؛ ويقصد بذلك المسلمين الذين لا يعرفون من الدّين سوى الرّكوع والسجود فحسب، سلوكاتهم المنفّرة لا تدلّ على أنهم ينتمون إلى هذا الدّين العظيم. ويكأن مفهوم الدّين عندهم يقتصر على الشعائر التعبّديّة المعروفة لدى الجميع؛ من صلاة وصيام وركوع وسجود. نسوا حظّا ممّا ذُكّروا به؛ فأنساهم الله أنفسهم.
يعلمون أن الأخلاق هي أساس هذا الدّين، وحين تكلّمهم عن الأخلاق فكأنما تسبّهم أو يلعنهم. والأخلاق هي السبب في دخول الناس إلى الإسلام. لستُ أدري لماذا يتحاشى الخطباء الحديث عن الأخلاق وأهميّتها في حياة المسلمين خاصّة والخلق أجمعين، وكل المصائب التي لحقتنا في هذا الزّمان إنّما بسبب تركنا للأخلاق؟
لقد ألبسوا هذا الدّين ثوبا غير ثوبه، وأصبح المنتمون إليه لا يختلفون كثيرا عن أهل الكتاب، والهندوس والمجوس… في فهمهم للدّين. يريدون لهذا الدّين العظيم الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النّور أن يكون عبارة عن طقوس لا غير.
غابت الأخلاق من الدّين، وغاب التقارب والتواضع الجميل، وغابت البشاشة من الوجوه ومعها غابت المحبّة التي تجمع بين القلوب. بل إن الواحد منا لم يعد يتحمّل أخيه جنبه أثناء الصلاة، ومع هذا نتباكى ونتظاهر بالحزن العميق لمّا يدعو الإمام في الخطبة لغزّة ويلعن اليهود المغتصبين لأرض فلسطين، نقول ”آمين“، تردّدها أفواهنا ونحن عنها غافلون!
أولى بهؤلاء الأئمّة الوُعّاظ زجر هؤلاء الناس المنتسبين إلى دين محمّد صاحب الخلق العظيم- صلّى الله عليه وسلّم- ؛ عن تركهم الأخلاق، من الإطناب والمبالغة في كثرة الحديث عن شروط ونواقض الوضوء. لأنّنا سئمنا من السلوكيّات المريضة، وهذه التصرّفات المشينة داخل وخارج المساجد. فالمسجد اليوم يعاني من اللّغو، والقيل والقال… فقد حرمته، ولم يعد هناك من يلتزم فيه بالآداب وشروط النظافة. خاصّة في هذا الشهر الفضيل.
المسجد اليوم فقد حرمته بسبب هؤلاء المنتسبين إلى الدّين، وهم في حقيقتهم بعيدون كل البعد عنه. بسلوكياتهم المشينة وتصرّفاتهم المريضة داخل وخارج المساجد؛ تصرّفات لا تمت بصلة إلى الدّين القويم؛ ويكأنّهم حين يكونون في المساجد كأنّهم في أسواق عشوائيّة. وحين يكونون بين يدي مسئول ما، أو قاضٍ من القضاة، لا تحسّ منهم من أحد، ولا تسمع لهم ركزا. والله أنسب وأجدر بالخوف والاحترام.