تعاليق حرةتقاريرتقارير وأخباررأي

خطورة التصدي للمناصب

خطورة التصدي للمناصب

وليد عبد الحسين جبر /كاتب و حقوقي عراقي

في الصف الثاني الابتدائي هربتُ من اختياري قدوة للصف حينما وجّهت مرشدة الشعبة قبل يوم من اختيار القدوة أن يختارني طلاب الشعبة، فقد انتابني الخوف من خطورة أن أكون قدوة لشعبة فيها الكثير من التلاميذ الذين هم أجرأ مني وأكثر حيوية وأكثر حركة إضافة إلى خجلي الكبير من أن أقف أمام تلاميذ الصف أمام قاعة الشعبة كي أناديهم بالنهوض والجلوس عند دخول المعلم ومسك دفتر الحضور والغياب ومراجعة إدارة المدرسة لقضاء شؤون الطلاب وهكذا فضّلت أن أتعمد الغياب في يوم اختيار القدوة وأتخلص من التصدي لمنصب القدوة!

مرت السنون والأيام وأصبحتُ محاميا أحب مهنتي ونقابتي وليس هناك من عمل والتزام أحب إلي منهما ، بل أصرف أكثر وقتي لهما بين قراءة ومتابعة وتواصل ، ورغم مرور عشر سنوات على وجودي في مهنتي إلا أنني كنتُ لا زلت ذلك المتردد الذي غاب عن يوم اختيار القدوة أخشى التصدي لموقع نقابي ولا أتقدم للترشح إلى أي منصب نقابي خشية الفشل في أداء مهامي وأن أخفق في خدمة المهنة التي أحب والنقابة التي أهوى .
إلا أنني تجرأتُ قبل ثلاث سنوات وتقّدمت للتضحية من أجل نقابتي والترشح لعضويتها وهكذا رحتُ أتنقل بين غرف المحامين في المحافظات أشرح أفكاري النقابية وأهدافي ومشروعي وأبث ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، واستطعت حصد (١٧٢٧) صوت وهو عدد مهم ومؤثر وإن لم يؤهلني للفوز بعضوية المجلس الذي يدير نقابة المحامين.
وفي آذار هذا العام قررتُ المشاركة ثانية في هذا التصدي النقابي وترشحت لعضوية المجلس أيضا رغبة مني في التضحية بما أملك من وقت وفكر وراحة في سبيل خدمة نقابتي والمساهمة في الحفاظ عليها وتطويرها واعلاء شأنها، وكتب لي بعض الإخوة يلومني على هكذا قرار مفضلا أن أبقى في نشاطي الإعلامي فحسب ، والانشغال في الكتب واعطاء المعلومات وعدم التقرب من نار النقابة الذي حرق ويحرق الكثير عند الاقتراب منها!
غير أنني مقتنع بهذه التضحية وأرى أنني أستطيع تقديم شيء لنقابتي ومهنتي ومستعد ان اكون شمعة تحترق في سبيل إنارة طرق نقابة المحامين .
وكم هدأ من روعي كلام الاخ والزميل المفضال من مدينة الديوانية الكريمة حسنين فاضل حينما كتب عبر صفحته قائلا :
” زميلي الاستاذ وليد الجبر ، ساهم كثيراً بدعم الشباب وارفادهم بالأسلحة الفكرية القانونية ، وهو متفان ، لم يكل او يمل عن حَمل ما يتلقاه من معلومات قانونية يراها مُهمة ، الا وأتى مُسرعاً ، لخلق المساحة الزمنية وطرحهُ على زملاؤه .
الانتخابات هي بادرة من زميلنا للمواجهة بدلاً مِنا ، في الخطوط الامامية لهذه النقابة العريقة ، وهي يومٌ يمكنه ان يشمل عدة احتمالات ، إلا إن وليد الجبر بمساراته مسارات قانونية لا يشمل سوى احتمال واحد ، وهو التفاني في تعليم زملاؤه والتعلم منهم ، فوليد الجبر لم يجد زكاة للعلم سوى نشره وتبادله ، وهو ما نتمناه على جميع زملاؤنا ممن لديهم الخبرة والامكانيات التي نتربص بها كمجتهدون ، نتلقاها كشهد وحتى احلى من ذلك .
شكرا لك أخ وزميل وحبيب ، وأتمنى على زملائنا أن يثمنوا هذه الجهود التي تبذلها دائماً”
علمتُ حينها أنني قد اتخذتُ قرارا صحيحا ولا يصلح مني أن أقوم الآن بما قمتُ به في بدايات دراستي الابتدائية حينما هربتُ من اختياري قدوة للصف فقد آن الأوان ان اسحق على مخاوفي واشترك في بناء نقابتي واضع ولو طابوقة في اعادة ترميمها وتطويرها ، لذلك تقّدمت ورشحت نفسي الى عضوية مجلس نقابة المحامين آملا أن أنال ثقة زملائي المحامين في يوم ٢٤ اذار ٢٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى