خسائر البشرية في أية حرب نووية
احمد الحاج
خسائر البشرية في أية حرب نووية
ما زلت أذكر وسأظل تفاصيل ورسالة ذلكم الفيلم الرائع “The book of Eli ” وهو من انتاج عام 2010 ومن بطولة دينزل واشنطن،وتدور أحداثه حول حرب نووية دمرت كوكب الأرض وحولته الى صحراء قاحلة أخلاقيا وبيئيا وفكريا ومجتمعيا فيما أحدثت الحرب النووية ثقبا خطيرا في طبقة الاوزون أصاب معظم سكان الأرض بالعمى بينما يسعى بطل الفيلم الى ايصال محتوى كتاب مقدس يحفظه عن ظهر قلب بعد حرق معظم الكتب السماوية الى جهة ما بهدف نسخه والحفاظ عليه وذلك في اشارة ضمنية الى أن البشرية ومن دون دين ودستور سماوي ينظم شؤونها ويضبط إيقاعها ويكبح جماح شهواتها البهيمية فإنها ضائعة وتائهة مهما اعتقدت بخلاف ذلك، ليأتي الفيلم الثاني “أوبنهايمر” المقتبس عن كتاب “الإله الأمريكي: انتصار ومأساة العالِم روبرت أوبنهايمر” فيطلق صرخة على لسان بطل القصة ومدير مشروع مانهاتن لصناعة القنبلة النووية وخلاصتها”الآن أصبحت أنا الموت، ومدمر العوالم” .
كيف لا وهذا الطيار الأمريكي “بوب اثرلي” وكان واحدا من طاقم قاذفة القنابل (ب 29) التي ألقت القنبلة الذرية الاولى على هيروشيما وقد حاول الانتحار وأدخل الى مستشفى الامراض العقلية أربع مرات قبل أن يقود حملات شعبية مناهضة للتسلح النووي وقد كتب في وصيته التي عثر عليها تحت وسادته بعيد وفاته بمرض السرطان أواخر سبعينات القرن الماضي “لا تدفنوا جثتي بل احرقوها أسوة بضحايا هيروشيما الذين أحرقناهم قبل 33 عاما وهم أحياء !”ليكشف الكاتب الانجليزي” دافيد انجلش”عن نهايات أفراد طاقم القاذفة الامريكية وكلها كانت مأساوية حيث انتهى بهم الأمر بأمراض عصابية وذهانية وبعقد نفسية غائرة لازمتهم طوال حياتهم .
اليوم ومع تهديدات الرئيس الروسي بوتين أسوة بحليفه الكوري الشمالي كيم جونغ أون ،المتواصلة وتلويحهم بشن حرب نووية إذا ما تعرضت بلدانهم ومصالحهم للخطر والتي تأتي بالتزامن مع تكرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، وللمرة الثالثة بعد رونالد ريغان ، وبوش الابن ، تحذيراته من قرب موعد معركة “هرمجدون” أو معركة (نهاية العالم) في حال استخدمت روسيا السلاح النووي قد أثار جدلا وقلقا واسعا حول العالم ، ويجمع المراقبون على أنه ليس بوسعنا قياس الحروب النووية المقبلة وبأي حال من الأحوال على قنبلة “Little Boy” التي ألقيت على هيروشيما اليابانية في آب/ 1945 وقد قتلت 140 الفا، كما لا يمكن قياسها على قنبلة “Fat Man ” التي ألقيت بعد ثلاثة أيام على ناجازاكي لتقتل 39 الفا ، لأن بعض القنابل النووية الحديثة تعادل 3 أضعاف مثيلاتها القديمة وفقا للاندنبندنت ، فمع استخدام القنابل النووية الحديثة فإن أكثر من 220 ألف شخص سيقتلون وأكثر من 450 ألفا سيصابون باستخدام قنبلة نووية منفردة قوتها 140 ألف طن لاستهداف موقع واحد فقط وفقا لموقع فوكس الإخباري يصاحبه تبخر موضعي و تدمير شامل واحتراق أشمل يليه تلوث اشعاعي يقتل الالاف خلال فترة قياسية زيادة على تشويه الأجنة وانتشار السرطانات بأنواعها ولعقود مقبلة ،أما عن الغبار النووي فإنه سيصل الى الغلاف الجوي لينتقل الى مئات الكيلومترات وبما سيبقى تأثيره لسنين طويلة فهذه الضربة النووية التي ستخلف “سحابة الفطر ” ستقتل ما بين 50 – 90 % من السكان في مساحات شاسعة أما الهزات الناجمة عنها فستدمر مئات المباني بحسب مؤرخ الشؤون النووية أليكس ويليرستين، كما أن أية حرب نووية ستدمر جزءا كبيرا من طبقة الأوزون وفقا للمجلة الجيوفيزيائية الأمريكية وبما سيستمر تأثيره 15 عاما بحسب المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي (NCAR) ومعلوم بأن تآكل طبقة الأوزون التي تحمي الارض من الأشعة فوق البنفسجية الخطرة يعني تغيير النظم البيئية والمائية والزراعة وانتشار الامراض بأنواعها اضافة الى دخول الارض بما يعرف بالخريف النووي الممهد للشتاء النووي وبما يهدد بفناء كل أشكال الحياة على سطح الكوكب وفقا لجامعة روتجيرز الأميركية !
وللحيلولة من دون وقوع حرب نووية يتعين على الدول الأطراف بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بذل الجهود الحثيثة لتحقيق عالمية المعاهدة وفرض حظر نقل التكنولوجيا النووية ولاسيما للدول غير الأطراف بالمعاهدة وإخضاع كافة المنشأت النووية لنظام الضمانات الشاملة وبالاخص منشأت دولة الاحتلال التي ترفض التوقيع على المعاهدة وتطبيق نظام تحقق إقليمي أكثر صرامة من نظام التحقق الدولي الراهن مع السماح بالانشطة النووية للاغراض السلمية وفقا لبيان المجموعة العربية فهل من صلحاء وعقلاء وحكماء يأخذوا على عاتقهم مسؤولية انقاذ البشرية والوقاية من مرض”جنون البشر” لحماية الكوكب الازرق من جبروت المصابين به ومن عبثيتهم ولا انسانيتهم ولا اخلاقياتهم وساديتهم ومن طغيانهم وترساناتهم النووية المكدسة فضلا على حماية بقية المخلوقات من كل هذا الخطر ؟! أودعناكم اغاتي