حوار مع الباحث خضر البدري الذي تنوعت اهتماماته بين الفن والكتابة والرواية

حوار مع الباحث خضر البدري الذي تنوعت اهتماماته بين الفن والكتابة والرواية

حاوره: د. خالد القيسي

شهدت أروقة معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته الـ 24 للفترة بين 18 – 27 ايلول 2023 حفل توقيع واحد من أهم الكتب المميزة (قارىء الطين ) لمؤلفه خضر رشيد شمسي البدري ، والذي يتناول سيرة عالم الاثار العراقي الكبير ، وخبير اللغات الآرامية و السومرية والاكدية ” طه باقر “هذا الرجل الذي عرف بترجمته لـ “ملحمة جلجامش” من الاكدية الى العربية، اضافة الى اكتشافه ( قانون أشنونا) المتقدم على قانون”حمورابي “بما يقرب من قرنين من الزمن فضلا على اكتشاف وتنقيب طه باقر، في العديد من المواقع البابلية والسومرية القديمة، واكتشافه”تل حرمل”المعروف قديما بـ (شادوبوم).
حظي حفل توقيع الكتاب الذي حضره لفيف من الأكاديميين والإعلاميين والأصدقاء والمهتمين بالآثار وتاريخ الحضارات العراقية القديمة بالمتابعة والاهتمام في دورة يشارك فيها أكثر من 350 دار نشر مشاركة أصالة،وبحدود 250 دار نشر مشاركة وكالة، من 16 دولة عربية وأجنبية إضافة إلى العراق ، وكان لابد لنا وعلى هامش الدورة أن نجري حوارا مع مؤلف الكتاب للتعرف على مؤلفاته وسيرته المهنية، وعلى مسيرته الابداعية في عالم الكتابة والتأليف و بادرناه بالسؤال الأول :

•ماذا تقرأ بطاقتك الشخصية؟
-اسمي خضر رشيد شمسي البدري السامرائي ، من مواليد بغداد/ 1956، خريج أكاديمية الفنون الجميلة/ قسم السينما، بدأ شغفي في العمل التلفزيوني منذ نعومة اظافري، وفي إحدى المرات ذهبنا الى مبنى الاذاعة والتلفزيون للمشاركة في عمل برنامج تلفزيوني بعنوان “كاريكاتير”، ومن ثم واصلت العمل في قسم برامج الأطفال ،وكنت طالبا في فترة الستينات، أما عن أول عمل قدمته فكانت مسرحية “المطيرجي” في مدرسة المستقبل الابتدائية للبنين، وكانت تعرض على الهواء مباشرة في وقتها،وأذكر أن من بين من حضروا لمشاهدة المسرحية ، وزير المعارف أنذاك، كما عملت بمختلف البرامج وبمختلف الاختصاصات من مونتاج ، الى اعداد الحقائب الاخبارية وغيرها ، كما شاركت بدور صغير في فيلم “الجابي” والفيلم من انتاج عام 1968 ، كتب قصته والسيناريو والحوار جعفر علي .

*حبذا أن تعطينا نبذة مختصرة عن مطبوعك الأخير “قارئ الطين” ؟
-بداية سميت كتابي “قارئ الطين” نسبة الى ما قام به الدكتور طه باقر، في اكتشاف آثار حرمل ، وآثار عكركوف في العراق، وهو الاكتشاف الذي أنجز على يديه بعد الحرب العالمية الثانية، ولايفوتني أن أذكر بأن طه باقر وهو أحد خريجي الاعدادية التي تميزت بتخريج شخصيات عراقية مرموقة تركت أثرا بارزا في الساحة العلمية والادبية والفنية في العراق،وأعني بها الثانوية المركزية في بغداد ، وقد تخرج باقر فيها عام 1932 ، وكان من بين الأربعة الأوائل على مجمل الثانويات العراقية، وكان من ضمن طلبة المركزية الزعيم عبد الكريم قاسم، والدكتور كمال الخيال، وغيرهم ، وحدث أثناء تسنم عبد الكريم قاسم الحكم بعد ثورة 14 تموز أن أناط به مهمة تولي إحدى الحقائب الوزارية الا أن طه باقر اعتذر، وطلب منه أن يجعله مديرا للاثار.
ويعد طه باقر أول من أدخل ترجمة اللغات القديمة ، ولا سيما اللغة الاكدية، واللغة الاشورية والفرنسية والالمانية، وكان يجيد التحدث بأربع لغات، وكان يترجم تلك اللغات الى العربية، فضلا عن أنه كان يترجم الكتابات القديمة، ويحاول فك شيفراتها ورموزها، وكان هذا الانسان العبقري يهتم بآثار العراق، وكان حريصا على خدمة المجتمع وخدمة الحضارة وابرازها للأجيال اللاحقة وللعالم اجمع، ولقد بذل جهدا حثيثا في سعيه لذلك حتى أنه كان يبيت في الصحراء ، وينام على الرمال ، أو على الاحجار برغم قساوة الظروف البيئية والمناخية ، كل ذلك من أجل استخراج كنوز وآثار الحضارة العراقية من تحت الأرض.

*ماهي أهم الأبواب و المحاور والزوايا التي تناولتها في كتابك الأخير ” قارىء الطين ” وكم عدد الصفحات التي يضمها بين دفتيه ؟

  • كتابي ” قارئ الطين ” يقع في (400) صفحة من القطع الكبير ، وهو من مطبوعات المكتبة العربية في جمهورية مصر العربية، ويتطرق الكتاب بين طياته الى بروز حضارتين عظيمتين نشأت مع نشوء الارض؛ أما الأولى فهي حضارة وادي الرافدين، ويرجع نشوء هذه الحضارة الى ما بعد حادثة الطوفان في العراق، أما الأخرى فهي حضارة وادي النيل ، ويتناول الكتاب سيرة طه باقر ، ولمحة عن تاريخ العراق الجيولوجي ، وتاريخ التحريات والتنقيبات الأثرية في العراق ، والأدوار الحضارية ، ودول المدن السومرية أو عصر السلالات ، اضافة الى المملكة القديمة وعصر الاهرامات،والعلاقات الدولية بين ممالك الشرق الأدنى،والعقائد والعبادات الدينية آنذاك ، وتاريخ الجزيرة العربية وبلاد الشام ، فضلا على التعريف بملحمة كلكامش وأبطالها وأبرزهم انكيدو ، وغيرها من الأبواب والمواضيع وبأسلوب السهل الممتنع .

*دعنا نعرج قليلا على كتابك الثاني الذي يحمل عنوان “ينابيع المعرفة”.
-في الحقيقة أن كتابي الثاني الذي يحمل اسم “ينابيع المعرفة” يحمل في طياته (466) صفحة وقد سلطت الضوء من خلاله على أربع شخصيات عراقية بارزة؛ هي كل من (مصطفى جواد، احمد سوسة، الكرملي، عبد الرزاق الحسني)، وذلك من خلال عملي وحضوري الدائم في الاذاعة والتلفزيون نهاية حقبة الستينات،وانخراطي في برنامج “ضمن الاحداث” ولقد تأثرت كثيرا بتلك الشخصيات وبأعمالهم البارزة على الصعيدين العلمي والاعلامي، فمصطفى جواد على سبيل المثال كان قد أجاد في علوم النحو والبلاغة ، وكان له برنامج شهير هو ” قل ولا تقل ” الذي أذيع تلفزيونيا في حقبة السبعينات، وقد حقق نجاحا باهرا،وقد تأثرت كثيرا ببرنامجه هذا فدرست تلك الشخصية دراسة مستفيضة،ولاسيما وأن جواد كانت له آراؤه القيمة التي تتقاطع في بعض الأحيان مع آراء علماء النحو البارزين في العراق، ولا سيما منهم علماء الكوفة والبصرة و خاصة في تفسير المفردة اللغوية، وكان جواد يستند لإثبات صحة آرائه إلى القرآن الكريم والسنة النبوية.
أما الشخصية الثانية فهو” احمد سوسة” وقد برز في حقبة الثمانينات، ويعد سوسة من الوطنيين الذين عاشوا في العراق برغم أصوله غير العراقية فهو من منطقة سوسة في اليمن، ولكنه انتسب روحيا الى العراق، وقد حرص منذ طفولته على ايجاد حلول جذرية لمشاكل تصريف مياه الري والسقي من أجل الإسهام في نهضة العراق.
أما الشخصية الثالثة فهو الأب انستاس الكرملي، ويرجع أصله الى” آل كرمل”من أعالي لبنان، وهو من الاثوريين، وكانت أمه بغدادية من طبقة (النبلاء)، وكان أبوه رجل دين، وكانت تربط الكرملي علاقة وثيقة بكل من أحمد سوسة ، ومصطفى جواد، حيث كان لديهم أشبه ما يكون بـ “صالون ثقافي” يلتقون فيه باستمرار وكان يعد بمثابة برلمان مصغر للمجتمع آنذاك، يطرحون فيه آراءهم ويناقشونها على مكث وتؤدة وكانت تدور بشكل أساس حول كل ما يتعلق باللغة العربية، كما أن الكرملي قام بإنشاء مطبعة وأصدر مجلة فصلية اسماها “لغة العرب”.
اما الشخصية الرابعة فتحدثت فيها عن شيخ المؤرخين “عبد الرزاق الحسني” الذي يعد من أبرز المؤرخين العراقيين الموثوقين لأنه عمل في مجلس الوزراء الملكي ، وعاصر أربع حقب مختلفة، بدءا من الملكية ، وحتى عهد عبد الكريم قاسم، وكان يوثق كل يتعلق ويدور في فلك تلك الوزارات، ولديه عدة مؤلفات عن تاريخ الوزارات العراقية.

  • للبدري كتاب مهم آخر بعنوان “من سفر الخالدين ” ترى عن أي المواضيع يتحدث ، وفي أي الزوايا يبحث ؟
  • كتاب ” من سفر الخالدين ” يتناول سيرة حياة عالم الاجتماع الكبير علي الوردي ، صاحب المؤلفات الشهيرة “مهزلة العقل البشري ” ، “وعاظ السلاطين “، “خوارق اللاشعور “،” لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ” .

يشار الى أن الكاتب والباحث العراقي خضر رشيد البدري، كان قد صدر له كتابان مهمان سبقا كتابه الاخير” قارئ الطين”،الأول بعنوان “ينابيع المعرفة “والثاني بعنوان “من سفر الخالدين ” ، تناول الكتاب الأول الصادر عن مؤسسة ثائر العصامي للنشر والتوزيع ويقع في 466 صفحة من القطع الكبير ، سيرة أربعة من الاعلام ، أولهم اللغوي المعروف انستاس الكرملي ،وكان عضوا في المَجمعِ العلمي العراقي ، ومَجمعِ اللغةِ العربيةِ ،ولجنة التأليفِ والترجمةِ بوزارةِ المعارفِ ،وأهم مؤلفاته “مُعجم المساعد، و”أغلاط اللغويين الأقدمين” اضافة الى ” نُشوء اللغة العربية ونموها ” .
أما الشخصية الثانية التي تناولها الكتاب فكانت شخصية ” الدكتور احمد سوسة” وهو مهندس عراقي ،ولد في محافظة بابل وأتم دراسته في الجامعة الأمريكية ببيروت ،ومن ثم حصل على الدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز الأمريكية ، ويعد من أوائل المؤسسين للمجمع العلمي العراقي ، وعضو مؤسس لنقابة المهندسين العراقيين ، وقد اهتم سوسة بالحضارة العراقية القديمة وألف عن نظم القنوات المائيه والسدود في بلاد الرافدين .
أما الشخصية الثالثة التي تناولها الكتاب فهي شخصية المؤرخ العراقي المعروف عبد الرزاق الحسني ،صاحب المؤلفات الشهيرة ومن أبرزها “تاريخ الوزارات العراقية ” بعشرة أجزاء، وكتاب ” تاريخ العراق السياسي ” بثلاثة أجزاء ، وكتاب ” العراق بين دوري الاحتلال والانتداب” و ” تاريخ الصحافة العراقية” .
وكانت الشخصية الرابعة من نصيب علامة العراق ومؤرخه الأستاذ مصطفى جواد ،وهو صاحب البرنامج التلفزيوني والكتاب الأشهر”قل ولا تقل “وكتاب” المباحث اللغوية في العراق ” و ” دراسات في فلسفة النحو والصرف واللغة والرسم” و ” الاساس في الادب ” فضلا عن “دليل خارطة بغداد المفصل” بالاشتراك مع الدكتور أحمد سوسة .
أما الكتاب الثاني ” من سفر الخالدين ” فتناول المؤلف من خلاله سيرة حياة عالم الاجتماع الكبير علي الوردي ، صاحب المؤلفات الشهيرة “مهزلة العقل البشري “، “وعاظ السلاطين “خوارق اللاشعور “،” لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ” .
ومن الجدير ذكره أن الكتاب الأول قد شارك بمعرض القاهرة وأبو ظبي ، أما الكتاب الثاني والذي قدم له بطبعته الاولى الدكتور خالد القيسي ، فقد شارك في عدة معارض دولية ومحلية للكتاب، وأما كتاب ” قارىء الطين”فشارك في معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته عام 2023 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى