حوادث قتل مُتتالية إجرامية رهيبة عنيفة، وغريبة
حوادث قتل مُتتالية إجرامية رهيبة عنيفة، وغريبة، عن مجتمعنا العربي، والمسلم صِرنا نراها، ونسمع عنها يوميًا هزت كيان الأُمة ووجدانها وقد ازدَادَت تلك الجرائم بشاعةً وشراسةً، وعدوانية، ووحشية في هذهِ الأيام!. والحقيقة المُرْة أن أكثر الناس في هذا الزمان ينطبق عليهم المثل القائل: ” من أَمِّنِ العِقَاب أَسَاء اَلأدَب “.. إن جُلْ الناس قد سمعت، وشاهدت وتابعت جريمة قتل الطَالِبة الجامعية في مصر ذبحًا من زميلها!؛ ثم جريمة قتل بشعة ثانية لطالبة في الأردن رميًا بالرصاص، وجريمة ثالثة لِزوج مُجِرم يقتل زوجته بعدة طعنات قاتلة بالسكين في الإمارات!؛ وجرائم قتل هُنا، وهناك، وتهديد لأُخريات بالقتل في بعض الدول العربية، والإسلامية!!.. كَثُر الهرج، والمرج، وكأننا نعيش أحوال آخر الزمان، من فِتن كقطع الليل المُظلم تجعل الحليم حيران؛ حتي إن شيطان الجن ابليس اللعين كيدهُ ضعيفًا، وصغيرًا، وحقيرًا، أمام كيد شياطين الإنس من المفُسدين في الأرض من الذين فاق قُبح أفعالهم، وسوء تخطيطهم، وكثرة إفسادهم، وإرهابهم، وجرائمهم _ فعِل شياطين الجِن!!.. فما الخطب يا قُومي، وما الذي يحدث في عالمنا العربي، والإسلامي؟!؛ والجواب بسيط، وواضح وجلى، ونعرفهُ جميعنُا، ونَراه عيانًا في قوله تعالى: ” وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ، فَحَاسَبْنَٰهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَٰهَا عَذَابًا نُّكْرًا”؛ والتفسير: ( وَكَأِيِّن ) كلمة للكثير، وهي اسم لعدد كثير من الناس، فعذبناها عذابا نُكرًا في الدنيا بالجوع، والقحط، والسيف، والقتل، والخسف، والمسخ، وجُور الحاكمِ، والسلطان، وفي سائر المصائب، وتسلط الأعداء، وحاسبناها في الآخرة حسابًا شديدًا؛ لآنهم خالفوا شرع الله، وعَطَلُوه وخالفوه، وابتعدوا عنهُ!. وإن القلوب كالقدور تغلي بما فيها وكل إناء بما فيه ينضَح؛؛ فنحن العرب، والمسلمين حُكامًا، ومَحكُومين حينما ابتعدنا عن تطبيق شرع الله في أرضهِ، وعطلنا الحكم بما أنزل الله!؛ وتكلمنا بِقُول خير البرية صلى الله عليه وسلم، ولكن فعل الأغلبية من الناس كان عكس ذلك تمامًا!؛ فالبعض حينما يتكلم تحسبه مَلاكًا، ويعجبك قولهُ، وشكله ولحيتهِ ولباسهِ الشرعي؛ ولكن حاله كالمثل القائل: ” النَصَ نَصَ عُلمَاءَ، والفِعَل فِعَل شياطين”!؛ وعلى الرغم من كثرة ذنُوب العباد المسلمين، وطُغيانهم في البلاد، وكثرة انتشار الفساد!؛ لكن الله جل جلاله بِنَا رحيمًا حليمًا غفورًا، يغفر لمن تاب، وأناب، وهو سبحانه، وتعالى يُغيّر، ولا يُعيّر، ويغفر، ويصفح، ويمسح، ويسامح، ويرحم، وهُو الستار يستُر ولا يفضح، إلا من تمادي بالمعاصي، والذنوب كثيرًا، ولم يتوب!.
أكثر الناس اليوم مُسلمين، وليسوا بمؤمنين قال تعالى: ” قَالَتِ ٱلْأَعْرَابُ ءَامَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ”؛ فالناس يُعيرون، ولا يغُيرون، ويظلمون، ويفضحون، ويَقَتَتِّلونَ، ويَقَتُلون!؛ ونَعزو سبب ذلك كله لِتعطيل شريعة الله عز وجل، وعدم العدل، وكثرة الظلم، وعدم تطبيق حدود الله، وخاصةً حَدَ القصاص الذي فيه حياة للناس يقول الله عز ، وجل: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” “سورة البقرة” الآية : (179)؛فعن سعيد, عن قتادة: ” ولكم في القصاص حياة “، لذلك جعل الله هذا القصاص حياة، ونكالًا، وعظةً لأهل السفه، والجهل، والغدر من الناس، وكم من رجل قد هَمّ بداهية ولولا مخافة القصاص لوقع بها، ولكن الله حَجز بالقصاص بعضهم عن بعض؛ وما أمر الله بأمر قط إلا، وهو أمر صلاح في الدنيا، والآخرة، ولا نهي الله عن أمر قط إلا وهو أمر فساد في الدنيا، والدين, ولكم في القصاص حياة أي: بقاء, فلا يقتل إلا القاتل بجنايته؛ والله أعلم بالذي يُصلح خَلقه؛؛ ولولا ستْر الله جل جلاله على الناس ما جَالسَوا بعضهم بعضاً من كثرة المعاصي والذنوب؛ وما أكثرهم أمثال “أبى جهل” في وطننا العربي في هذهِ الأيام!. ولا حَلَ لِماَ حَل بالناس من وَحَل، وزُحَل إلا بِالعودة للحل الأمثل، والوحيد، وهو أفضل الحُلول _ من خلال تطبيق شريعة الله جل جلاله في الأرض، لأنها شريعة ربانية عادلة سمِحة، وسطية، وفي تطبيقها يتحقق كل العدل والخير، والبركة، والحق، والسؤدد، والتمكين، والنصر، والفوز بالدارين، وبتطبيق شرع الله على الناس سواسية على الغني قبل الفقير _ ليتحقق الأمن، والأمان، ويسود السِلم، والسلام بين جميع الناس؛ جاء في الحديث الشريف الصحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ فَقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالوا: ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”.
ولنعتبر مما وقعَ، وصار، ومما سوف يصير، وما هو صائِرْ، فالكل منا يسير للمصير، فأحسنوا العمل، والفعل، والمسار، خلال المسير في الدنيا لتصلوا حسن الخاتمة بسلام في الأخرة، وتدخلوا جَنة الحرير بدلاً من سوء الخاتمة، وجهِنم، وسوء المصير، قال تعالى:” فاعتبروا يا أولى الأبصار “…
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي
الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية