حقيقة ما يحدث في سوريا الآن

في سوريا لا إبادة و لا نظام إبادي
مازن كم الماز
لو أن المئات الذين قتلوا في قرى بانياس و جبلة كانوا من السنة لكنا نسمع الآن عن إبادة جماعية في سوريا و عن نظام إبادي لكن لأن الأطفال و النساء و الرجال القتلى هم من العلويين فالموضوع لا يتجاوز حالات فردية ، هذا إن وجدت هناك جريمة أصلًا … لا جديد في سوريا للأسف إلا أعداد الضحايا … ما كان يقوله بشار الأسد عن المؤامرة الخارجية و عن المندسين و الفئران أصبح يردده الجولاني اليوم ، و ما كان يقوله شبيحة الأسد بالأمس هو بالضبط ما يردده شبيحة الجولاني اليوم ، لا جديد في بلاد الموت و القهر إلا أسماء الضحايا و المقهورين … عندما قتل شبيحة الأسد 109 أو 130 مدنيًا في الحولة عام 2012 سمي ذلك وقتها بمجزرة ، بعد “المجزرة” هدد ما كان يسمى بالجيش السوري الحر بسحب التزامه بخطة كوفي عنان لحل الصراع في سوريا ، إذا لم تتم حماية المدنيين “فلتذهب خطة عنان إلى الجحيم” و بدأ طرد سفراء النظام الأسدي على إثر المجزرة من واشنطن و باريس و لندن و برلين و أنقرة و غيرها من العواصم بينما حمل الإخوان المسلمون في سوريا المجتمع الدولي و الأمم المتحدة المسؤولية عن المجزرة للتستر على جرائم النظام الأسدي و شدد برهان غليون رئيس المجلس الوطني يومها على مسؤولية المجتمع الدولي عن المجزرة و اعتبر بان كي مون المجزرة انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي أيضًا الخ الخ الخ … لكن النكتة الحقيقية هي فيما يردده اليوم معارضو الأسد بالأمس و شبيحة الجولاني اليوم ، عن محاولة ترويج أكاذيب عن “اعتداءات طائفية” في الساحل و ليس تصد لانقلاب عسكري في محاولة “لشيطنة الجيش السوري و الدولة السورية” بينما يؤكد آخرون أنه من الصعوبة بمكان معرفة ما جرى حقًا و إذا كانت قد وقعت انتهاكات بحق المدنيين أو لا ، السؤال الصعب و المحزن هنا كما في مثل هذه المصائب السورية التي لا نهاية لها ، أيهما أكثر وقاحة و وضاعة و سفالة : من يتحدث و كأن شيئًا لم يكن أو من يتهم الضحايا بالاعتداء على السلطة التي قتلتهم أم ذاك الذي يتحدث بطيبة مفرطة و عاطفة جياشة عن الضحايا بل و يتحدث عن جريمة قد ارتكبت لكن دون أن يسمي القاتل المعروف جيدًا و الذي لا ينكر جريمته أصلًا ، ببساطة عندما تقع جريمة و تكون هناك ضحية لا بد من مجرم من قاتل ، لكن هؤلاء المتعاطفين ذوي القلوب المرهفة حريصون كل الحرص على تجنب ذكر اسم القاتل و حمايته من فعلته و أقصى ما يفعلونه هو مناشدة القاتل التدخل لإنقاذ ضحيته … لا يوجد في سوريا إبادة و لا نظام إبادي ، و لا مجازر ، و لا قاتل ، هناك فقط ضحية قد تستحق بعضًا من دموع التماسيح بينما يستمر التصفيق و التهليل و الإشادة بالقاتل و حسن سيرته و سلوكه