حروب تكنولوجية
حيدر داخل الخزاعي
تمثل التقنية احدى أهم الوسائل التي تساهم في عملية الاستقرار الأمني والسياسي للدولة الحديثة بعد التطور الحاصل في مجالات التقنيات الأمنية والعسكرية برزت طريقة جديدة للهيمنة والصراع الا وهي استعمال الوسائل التقنية المختلفة في عملية الضغط على الدول ومحاولة فرض هيمنة دولة تمتلك التقنية العالية على الدول الأخرى المتخلفة الامر الذي قد يعرض امن هذه الدول واستقرارها للخطر لذلك تبرز الحاجة لتطوير هذا القطاع المهم للحفاظ على كيان الدولة وامنها .
فحياة الانسان في الماضي لم تكن بهذا الشكل من التعقيد بل كانت تتسم بالبساطة والبدائية في مختلف مجالات الحياة ومنها الأمنية والعسكرية فان عمليات الغزو والسيطرة لجماعة على أخرى أو غزوها كانت تتم بالأسلحة البدائية البسيطة فقد اتسمت العصور السابقة بالحروب أو الاستعمار العسكري واستعمال العنف والقوة والقهر بمختلف الأسلحة المتاحة لغرض السيطرة الا ان الأمور اختلفت بعد تطور الانسان وابتكاره لوسائل حديثة الامر الذي أدى لإدخال التقنيات الحربية الحديثة في صناعة الأسلحة فانتقل من استعمال السيف الى المنجنيق الى البندقية ثم الأسلحة الثقيلة كالدبابات والطائرات التي دخلت الحرب العالمية وأحدثت نقله نوعية في الحرب كما أدخلت التقنية في صناعة القنابل ومنها النووية الا ان الأمور اخذت بالتطور اكثر فاكثر بعد ظهور الحاسوب والتكنولوجيا الرقمية ولم تعد الأسلحة هي الوسيلة الوحيدة للهيمنة والسيطرة فعمليات التجسس والقرصنة واختراق المواقع الالكترونية من خلال الهاكر صارت احدى أدوات الغزو والسيطرة وفرض الهيمنة على الدول واجبارها الدول على القيام بفعل معين أو الامتناع عنه قد يتسبب ذلك بإسقاط حكومة أو انهيار دولة ناهيك عن استخدام التقنية في عمليات التجسس من خلال مراقبة الاتصالات وغيرها إضافة الى استخدام الطائرات المسيرة (الدرون) لذا صارت الهجمات الالكترونية أخطر من الهجمات العسكرية بفعل الاستهداف الدقيق للاماكن والمواقع الحساسة للعدو لذلك لجأت كثير من الدول الى تحصين المواقع الالكترونية والأماكن الحساسة وأجهزة حفظ المعلومات والوثائق التي تحوي اسرار الدولة خشية تعرضها للاختراق أو الاستهداف الامر الذي قد يسبب لها مشاكل ويوقعها بإحراجات .
كما استخدمت بعض الدول غزوات من نوع اخر للضغط على الدول الاخرى وتوجيه الراي العام فيها باتجاه قضية معينة وإثارتها للضغط على الحكومات او لإسقاطها وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي دون الحاجة لعمل عسكري ومثال ذلك ما حصل في الربيع العربي واحداث تشرين 2019 في العراق وغيرها ان ضعف الجانب التقني اثر سلباً على هذه الدول وفي مقدمتها دول العالم الثالث ومنها الدول العربية والإسلامية التي تعيش تخلفا في هذا المجال فهي مجرد مستهلك للتقنية التي تنتجها الدول الغربية والدول الحديثة ولم تستطع التحكم بهذه التقنية وادارتها بالشكل الصحيح بما يسهم في عملية تنمية للقطاعات المختلفة (المتخلفة) وتوجيه الأجيال الحديثة بشكل خاص الى ضرورة الاستخدام الامن والسليم لهذه التقنية بما ينسجم مع العادات والتقاليد وبما يخدم فئات المجتمع ويساهم في تطوير البلدان فخسارة أي انسان او هدم قيمه تعني خسارة جزء من الثروة الوطنية فدولنا بحاجة الى ثورة في مجال العلوم التقنية وادخالها في مختلف القطاعات لإعادة بناء الدولة بالشكل الحديث كون التقنية احدى أهم عناصر قوة الدولة واحدى وسائل الحفاظ على امن الدولة واستقرارها فمن يملك التقنية يمتلك القوة التي تمثل احدى وسائل الهيمنة .