حروب الوكالة و الاشتباك بالقوات غير النظامية
احمد الحاج
لو سئلت يوما عن معنى حروب وانقلابات الوكالة التي كثر الحديث عنها مؤخرا ولكن بعيدا عن تعريفاتها اللغوية والاصطلاحية لقلت ،بأنها ” عبارة عن تحريك الدول لكل أو بعض أذرعها السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية بمختلف الميادين والجبهات ، وعلى الصعد كافة ليعتلي ممثلوها و دبلوماسيوها بعد ذلك المنصات وما تزال غمامات الدخان لم تنقشع بعد ، وبرك الدماء لم تجف بعد ، لينبروا بالحديث عن مخاطر الحروب، وضرورة تحكيم لغة العقل،وأهمية إرساء دعائم الأخوة والمحبة والسلام بين الدول والشعوب، ولافرق في ذلك بين دول المشرق والمغرب ” .
تناقلت العديد من وسائل الاعلام بما فيها وكالة سبوتنيك الروسية ،خبرا فضفاضا ومقتضبا يفيد بأن “أجهزة الاستخبارات الامريكية تعتقد بأن إيران لا تسعى حاليا للدخول في نزاع مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها تحاول الضغط من خلال وكلائها في المنطقة” على حد وصفها ، سبقها بعام تقريبا صدور تقرير أشد ضبابية لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية كشف عن وجود إتفاق سري بين روسيا وكوريا الشمالية لزج 100 الف مقاتل كوري للقتال بالنيابة في أوكرانيا مقابل حصول كوريا الشمالية على الطاقة والحبوب الروسية ، والحق يقال بأن الجيوش النظامية لطالما اعتمدت على جيوش دول أخرى أقل شأنا منها ، أو على تنظيمات وأذرع مسلحة غير نظامية إلا أنها ضليعة بحروب العصابات التي تتحاشاها الجيوش النظامية عادة للقتال بالنيابة عنها في – زمكان – ما ، وليس هناك على الإطلاق كالكيان الصهيوني المسخ وكيلا ونائبا عن أوربا وأمريكا لخوض جل أو كل حروبها في عامة الشرق الأوسط منذ أن تم زرعه كغدة سرطانية خبيثة في قلب العالم العربي بوعد بلفور المشؤوم عام 1917 !
أما عن تعريف حروب الوكالة وفقا للموسوعات العسكرية فهي تلك الحروب التي تستخدم فيها الأطراف المتحاربة طرفا ثالثا للقتال بالنيابة عنها من دون الانجرار إلى حرب شاملة أو مباشرة بينهما تجنبا لمخاطر جمة لا تؤمن عواقبها، ولايشترط في القوى الوكيلة أن تتوافق عقائدها،وأعراقها ،ومصالحها الجيو – السياسية ، وخططها التكتيكية،وأهدافها الاستراتيجية مع الدول التي تعمل لصالحها مقابل حصولها على الدعم العسكري أو الاقتصادي أو اللوجستي ، حدث ذلك في أفغانستان وأنغولا وكوريا وفيتنام وعامة الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية .
الحرب الاهلية اليونانية بين 1946-1949 كانت حربا بالوكالة بين الحكومة اليونانية المدعومة امريكيا وبريطانيا ، وبين الجناح العسكري للحزب الشيوعي اليوناني بدعم من حلفاء موسكو ، كذلك الحرب الاهلية الاسبانية 1936 – 1939 كانت بدورها حربا بالوكالة بين الفاشية القومية العنصرية وبين الماركسية اللينينية الاممية ، حيث وقفت المانيا النازية وايطاليا الفاشية الى جانب الفاشيين الاسبان ، فيما دعم السوفيات نظرائهم الإسبان من الشيوعيين !
الحال لم يختلف مع الحرب الفيتنامية بدءا من عام 1955م وحتى سقوط سايغون 1975م ، كذلك الحرب الافغانية 1979- 1989 ، والحرب اليوغسلافية 1991-2001 ، والحرب الفيتنامية- الكمبودية 1977-1991 ، والحرب الاهلية اللبنانية 1975 – 1990 ، والثورة الكوبية التي انتهت بخلع نظام باتيستا 1953 – 1958، كذلك الحرب الاهلية اليمنية المندلعة منذ عام 2015 ، والحرب الليبية الاهلية المستعرة منذ عام 2014 ، والحرب الاهلية السودانية عام 2023 ، وكلها عبارة عن جملة من الحروب بالوكالة بين القوى الدولية والاقليمية عبر أذرعها المسلحة محليا وإقليميا ، بهدف التقليل من خسائرها من جهة، والحيلولة من دون دخولها في حرب شاملة ومباشرة ضد بعضها بعضا من جهة أخرى وبما لا تحمد عقباه !
ومؤكد أن الحروب ليست وحدها التي تخاض بالوكالة ، بعض الانقلابات العسكرية كذلك فكثير من “الانقلابات العسكرية معدية “هكذا تزعم الموسوعات السياسية والاكاديميات العسكرية ، وكل انقلاب ناجح في دولة ما سيشجع على حدوث إنقلاب مماثل في جاراتها ذات النظم السياسية الرخوة ، والانظمة الحاكمة الهشة، وجل الانقلابات العسكرية الـ ٨٢ التي شهدتها إفريقيا بين عامي 1960 – 2000 فضلا على موجة إنقلابات الأعوام الأخيرة في كل من مالي وتشاد وغينيا والسودان وبوركينا فاسو والنيجر هي في حقيقتها وبصرف النظر عن المعلن في البيانات “رقم واحد” مجرد انقلابات عسكرية بالوكالة نيابة على الدول الكبرى في صراعها على ثروات وموارد افريقيا ومواقعها الستراتيجية وفقا لموقع مركز افريقيا ، ولايختلف الحال كثيرا مع انقلابات جمهوريات الموز في امريكا الجنوبية والوسطى والشمالية فكلها انقلابات بالوكالة ، حدث ذلك في جمهورية الدومينيكان بين 1961- 1965 ، وغرينادا بين 1979 – 1983 ، و تشيلي عام 1973 ، وغواتيمالا 1954، وهايتي 1915 ، والمكسيك 1913- 1914 ونيكاراغوا للاعوام 1912 و1933 و 1981 ، وبنما 1988- 1989 وكولومبيا 1903 وكوبا 1909 – 1917، وبوليفيا 2019 ، وكلها انقلابات عسكرية بالوكالة ، يقابلها حتما – وهذه نقطة في غاية الاهمية – معارضات شعبوية ، وانتفاضات جماهيرية، وحركات ثورية مسلحة ولكن بالوكالة أيضا ، تخمد حين يراد لها من خلف الكواليس أن تخمد ، وتنشط حين يراد لها أن تنشط ، وأحيانا من دون مقدمات ولأسباب غير واضحة بشأن أسباب هذا النشاط الفجائي المشحون ، أو ذاك الخمول والخمود الشامل المحزون !
حروب الوكالة تشمل أيضا منظمات المرتزقة ، بلاك ووتر الأميركية ، وفاغنر الروسية ، وG4S البريطانية ، و هاشميرا الاسرائيلية وأشباهها ونظائرها ، وكلها عبارة عن مجموعة من شركات خاصة للمرتزقة تخوض حروبا دولية بالوكالة لصالح حكومات تستأجرها حول العالم عنوانها العريض المموه هو شركات أمنية خاصة ، الا أن واقعها ومضمونها والعبرة بالمضامين لا بالعناوين ، هو بندقية مستأجرة ، ومنظمة شبه عسكرية تضم مرتزقة من جنسيات مختلفة معظمهم عبارة عن جنود محترفين وضباط سابقين في جيوش وأجهزة مخابرات واستخبارات العالم وفقا لكتاب ” بلاك ووتر..أخطر منظمة سرية في العالم” ، فالمرتزق هو أي شخص يجند خصيصاً محليا أو في الخارج للقتال في نزاع مسلح وهو ليس من طرفي النزاع ، ولا من المقيمين بمناطق أحدهما ، ولا من أفراد قواتهما المسلحة للإطاحة بحكومة ما أو لتقويض النظام الدستوري والسلامة الإقليمية مقابل المال والمغانم وفقا للاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة الصادرة عن الأمم المتحدة وتضم 21 مادة ، وقد حظرت الامم المتحدة استخدام المرتزقة للإطاحة بحكومات أية دولة ذات سيادة ولاسيما في الدول النامية وانتهاك حقوق الإنسان للشعوب ، وإعاقة ممارسة تقرير المصير ، والقتال ضد حركات التحرير الوطني والتحايل على القوانين الدولية التي تجرم الارتزاق .
ضباط سابقون في جيوش الدول العظمى شرعوا وفي أماكن مختلفة بتأسيس شركات أمنية وجيوش سرية للقتال بالنيابة في أية بقعة في العالم لتُزَج في نزاعات ومواجهات مسلحة تتطلب الإنكار مقابل المغانم المختلفة وفي مقدمتها المال ، ولاتكاد حروب الوكالة تذكر قطعا إلا ويقفز الى واجهتها ” مجموعة فاغنر ” الروسية التي تأسست على يد عميد سابق في الاستخبارات الروسية يدعى ديمتري أوتكين ، قبل أن يترأسها يفغيني بريغوجين ، وهو رجل أعمال روسي كان وثيق الصلة بـ (فلاديمير بوتين) ويمتلك سلسلة مطاعم حتى لقب بـ (طباخ بوتين ) وفقا للأسوشيتد برس، لينتهي به المطاف جثة متفحمة بحادث سقوط طائرة خاصة في آب 2023 لتوجه اصابع الاتهام الى بوتين وذلك بعد سلسلة من التصريحات المستفزة ، والتحديات الميدانية التي أطلقها بريغوجين ضد بوتين ، متوعدا اياه بانقلاب عسكري أو بثورة ستطيح بنظام حكمه في روسيا، وتضم فاغنر الاف المقاتلين معظمهم من دول الاتحاد السوفيتي السابق ،وفاغنر هي كلمة جرمانية معناها “سائق أو صانع العربة” ويلقب عناصرها بـ” الموسيقيين ” و” الاوركسترا “على خلفية التنسيق والتناغم فيما بينهم وبما يشبه أداء الجوقة الموسيقية وفقا لروسيا اليوم ، اضافة الى أن اسم المجموعة مشتق من اسم الموسيقار الالماني الشهير ” ريتشارد فاغنر” الذي ارتبطت مقطوعاته الموسيقية بالحماسة والجيوش ، وكانت موسيقاه معشوقة زعيم الرايخ الثالث ” ادولف هتلر ” حتى أنه قضى أيامه الاخيرة داخل مخبأه السري في برلين وهو يستمع اليها بشغف !” وفقا لدويتشه فيله .
(مجموعة فاغنر) نشطت في كل من أوكرانيا وسوريا وعدد من الدول الأفريقية وارتكبت العشرات من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وفقا لبي بي سي، وقد باشرت (فاغنر) مهامها خلال ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 بحسب (جامعة كينغز كوليدج) البريطانية ، بينما صنفت وزارة الخزانة الأميركية مجموعة “فاغنر” الروسية كـ “منظمة إجرامية عابرة للحدود ” بداية العام 2023 ذاهلة عن ” ذراعها الارتزاقية الابشع “منظمة بلاك ووتر” .
عادة ما يحصل مرتزق (فاغنر) على (3690) دولاراً شهريا في حال مشاركته الفعلية في المعارك اضافة الى مكافأة للمهام الناجحة والتي تقدر بـ 11070 دولارا للضابط الواحد ، و31 ألف دولار لقائد الكتيبة وفقاً لصحيفة “التايمز” البريطانية .
أما عن النسخة الامريكية المضادة لفاغنر وأعني بها “بلاك ووتر ” والتي برأ ترامب -ابو كذيلة وشعر سارح – معظم قتلتها ومجرميها ، فقد أسسها ضابط سابق في البحرية الأمريكية يدعى إريك برنس ، عام 1997 وشاركت بمهام أمنية وعسكرية كان أبرزها في العراق قبل أن يتحول اسمها الى شركة أكاديمي في 2011 ، وبلاك ووتر لها سجل حافل من الأعمال الإجرامية والدموية في كل بقاع العالم ، وما مجزرة “ساحة النسور” التي ارتكبها شذاذ أفاق هذه المنظمة الاجرامية العابرة للحدود في الـ 16 من أيلول 2007 وسط العاصمة بغداد ، والتي أسفرت عن مقتل واصابة عشرات المدنيين العزل ، منا ببعيد !
ولايختلف الحال مع “جي فور” البريطانية ،التي توصف بأنها أكبر”جيش خاص” في العالم وتمتد نشاطاتها في 125 دولة ،وهناك ايضا 300 شركة أمنية اسرائيلية خاصة حول العالم تضم عناصر في الموساد وضباط سابقين في الجيش تمارس مهام ، نقل الأسلحة والمرتزقة ،التجسس وجمع المعلومات حماية الشخصيات والشركات والمستوطنات ،زيادة على إدارة السجون، والاختطاف والتعذيب وقتل المتظاهرين السلميين العزل ، والقرصنة الالكترونية وأخطرها ” هاشميرا” .
مكافآت العمليات الخاصة تتراوح بين 800 دولار لتدمير معدات عسكرية و300 دولار لأسر ضابط و400 دولار لقتل مطلوب وبما وصفه الخبير الامني الكندي روبرت يونغ “بأنه الجنون فى السوق والطلب على المرتزقة وكثير منهم جنود سابقون صار كبيرا ما يترك المجال واسعا للأخطاء والفوضى ” بحسب صحيفة التايمز البريطانية .
العروض الكورية الشمالية المغرية لدعم روسيا في حربها على الجبهة الاوكرانية دفعت قادة روس للقول “لا ينبغي أن نخجل من قبول اليد التي يمدها إلينا كيم جونغ أون ، واذا كان الكوريون الشماليون بأنظمتهم المدفعية وخبرتهم الكبيرة في البطاريات المضادة وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة المصنوعة في بلادهم يريدون المشاركة في الصراع في اوكرانيا ، حسنا فلنعطهم الضوء الأخضر” هكذا أطلقها مدوية خبير الدفاع الروسي العقيد إيغور كوروتشينكو ، تعقيبا على عرض تقدمت به كوريا الشمالية يتضمن إضافة إلى توفير اليد العاملة لإصلاح أضرار الحرب في اوكرانيا استعدادها لتزويد الروس بقوة قتالية كبيرة وفقا لوكالة ريجنوم الروسية للأنباء ، و ليس ذلك بأمر مستغرب على دولة نووية عظمى مثل روسيا فقوة “قاديروفتسي” الشيشانية أو ” رجال قديروف ” سبق لها وأن قاتلت الى جانب الروس بالوكالة عام 2014 لإحتلال شبه جزيرة القرم فيما عاد هؤلاء ثانية وبقوة تقدر بـ 10 الاف مقاتل لمساندة الروس في غزوهم الحالي لأوكرانيا بوجود قوات شيشانية معادية لهم على الجبهة المقابلة تقاتل الى جانب الاوكران بالوكالة ايضا فهناك كتيبة “جوهر دوداييف” نسبة الى أول رئيس للشيشان بعد استقلالها في تسعينات القرن الماضي يقودها آدم عثماييف، القيادي الشيشاني الذي يعيش في المنفى اضافة الى كتيبة “الشيخ منصور” الشيشانية نسبة الى الإمام منصور الشيشاني ، الذي قاد المقاومة ضد حملة ملكة روسيا كاترين الثانية في القوقاز اواخر القرن الثامن عشر، وكلاهما يصف غرمائهم الشيشان بأنهم خونة ودمى من أتباع روسيا بينما يصفون أنفسهم بأنهم الشيشانيون الحقيقيون الذين يقفون مع الاوكران ويدافعون عنهم كما فعلوا طيلة السنوات الثماني الماضية !
وألفت الى أن كل المنظمات والمجموعات سالفة الذكر إنما تعد امتدادا لتكتيك وربما ستراتيجية “خوض الحروب والانقلابات العسكرية بالوكالة” والتي بدأت تاريخيا بـ” فرسان مالطا ” أو الهوسبيتاليين الغامضين ” وقد عادوا الى الواجهة مجددا بعد وفاة كبيرهم الذي علمهم السحر ماركو لوتزاغو ، في حزيران 2022 حيث ظلت منظمة (فرسان مالطا) من دون ضابط ولا رأس ليحتدم الصراع بين أعضائها القدماء والجدد قبل أن يتدخل بابا الفاتيكان فرانشيسكو شخصيا ليحل وبقرار مفاجىء قيادة فرسان مالطا أو “نظام السيادة العسكري لفرسان مستشفى القديس يوحنا الأورشليمي” ويضعها بوصفها نظاما دينيا تحت إشراف الفاتيكان في قرار أعاد الى الواجهة واحدة من أكثر المنظمات ريبة وأشدها غموضا في العالم وقد نالت اعترافا رسميا من الفاتيكان عام 1113م لجمعها بين الرهبنة والفروسية ولها علاقات دبلوماسية بأكثر من 100 دولة بينها 8 دول عربية و 28 دولة إسلامية ولها عضوية في الأمم المتحدة اضافة الى 80 منظمة دولية بصفة مراقب وفقا لتي ار تي ، وسبق للصحفي الامريكي المعروف (سيمور هيرش ) أن كشف عن أن قيادة العمليات الأميركية المشتركة مخترقة من قبل كاثوليكيين متعصبين يعتقدون أحقيتهم بإكمال الحروب الصليبية ويعد الجنرال ستانلي ماكريست ، قائد القوات الأمريكية السابق في أفغانستان ، اضافة إلى عدد من كبار العسكريين الاميركان أعضاء بارزين أو من المؤيدين الفاعلين لفرسان مالطا بحسب مجلة فورين بوليسي ، هذه المنظمة التي أعيد إحياؤها في ايلول من عام 1990 بمؤتمر مالطة الذي حضرته 500 شخصية من 22 دولة في خطوة وصفت بأنها تأتي لإنعاش (منظمة الفرسان الصليبيين) وفقا لصحيفة هيرالد تريبيون ، ويعمل بمعية المنظمة 95 ألف متطوع و52 ألفا من العاملين في المجال الطبي ولها ثلاثة أعلام ورئيس واحد يعين مدى الحياة اضافة الى دستور ثابت ينوي بابا الفاتيكان تغييره حاليا ، فضلا على سفارات في اكثر من 100 دولة اضافة الى حصن في مالطا وقصر في روما وجوازات دبلوماسية لتكون بمثابة دولة معترف بها رسميا الا انها بلا ارض ولا شعب ولاحدود وفقا لكتاب (فرسان مالطا ) لمؤلفه منصور عبد الحكيم ، بقي أن تعرف بأن ” فرسان مالطا ” نشأت بداية في القدس سنة 1048 م بتمويل من تجار ايطاليين لعلاج الحجاج الاوربيين القادمين الى الأراضي المقدسة قبل أن يحمل أفرادها السلاح بزعم الدفاع عن الحجاج الاوربيين ليشكلوا بذلك أخطر تنظيم عسكري عالمي يقاتل بالوكالة عرف بـ”رهبان مستشفى القديس يوحنا او الفرسان الهوسبيتاليين” انتقلوا بعدها إلى قبرص ، ومن ثم الى رودس ليحطوا رحالهم في مالطا ومنها أخذت المنظمة اسمها لتؤسس اسطولا بحريا ضخما مارس القرصنة والارهاب البحري لقرون قبل أن يطردهم نابليون خلال حملته على مصر عام 1798 فأنتقلوا الى سانت بطرسبرغ الروسية ومن ثم الى ايطاليا واستقروا بها ، علما بأن منظمة “فرسان مالطا ” على علاقة وطيدة بمنظمة “بلاك ووتر” وقد كشف عن ذلك النقاب الصحفي الأميركي جيرمي سكيل ، في مقال له بعنوان (جيش بوش في الظل) كما أن للمنظمة علاقة وطيدة بمنظمة (كوكلوكس كلان) العنصرية الشهيرة باضطهاد الزنوج وقتلهم ، وفرسان مالطا اساسا كانوا قد انبثقوا من منظمة (فرسان المعبد) تلك المنظمة التي كشف سفاح نيوزلندا “برينتون تارنت” عن اتصاله بها للحصول على دعمها قبيل ارتكاب جريمته النكراء التي اودت بحياة 50 شخصا في آذار 2019 أما عن مصادر تمويل (فرسان مالطا) وطريقة تعيين رؤسائها ونوابهم فغير معروفة وتعد عائلة بوش و توني بلير اضافة الى كل مجرم حرب وسقط متاع أوربي وامريكي كان قد أسهم ودعا الى احتلال العراق وتدميره كليا عام 2003 هم من أبرز أعضائها وأشدهم اخلاصا لها !
ولكي لا يقولني أحد ما لم أقله ، أشير الى أن “حركات المقاومة الفلسطينية ” بما فيهم حماس هي حركات نضالية تحررية ، وليست ارهابية كما يصفها الكيان ومن يقف خلفه من الاوربيين والاميركان ، كما أن هذه المنظمات لا تخوض حروبا بالوكالة نيابة عن الدول التي تتلقى بعض الدعم العسكري واللوجستي منها ، كما يحاول بعضهم اثارة تلك الشبهات حولها بين الفينة والفينة للطعن فيها والتقليل من شأنها لأن الواقع الفلسطيني الخاص ، وظروفه الموضوعية مختلفة تماما عن كل ما يحيط بها عربيا واقليميا ودوليا ولايمكن فصلها عن سياقها التاريخي وتاريخ الثورات والانتفاضات الشعبية والحركات النضالية التحررية الفلسطينية ليست وليدة اليوم لتتهم بدعم هذه الجهة أو تلك ، والعمل لصالحها ، وتنفيذ أجندتها ،فحركات التحرر والنضال والمقاومة الفلسطينية أصل وكل البقية ومهما علا شأنهم ، وارتفع صوتهم مجرد فروع، فالثورات الفلسطينية المباركة تمتد بجذورها الى الربع الاول من القرن العشرين حيث ثورة 1920 ، وثورة البراق 1929 ، وثورة الشيخ عز الدين القسام 1935 ، والثورة الفلسطينية الكبرى 1936 ، وثورة 1948 ، وانطلاق شرارة المقاومة الفلسطينية عام 1965، ومن ثم ثورات وانتفاضات الحجارة الاولى التي انطلقت عام 1987 حتى عام 1993، وانتفاضة الحجارة الثانية بين 2000 – 2005 ، وانتفاضة القدس الثالثة بين 2015 – 2016 ، لتعقبها عشرات المواجهات والصدامات والانتفاضات ضد الكيان المسخ ولاسيما في قطاع غزة والضفة الغربية قدم الفلسطينيون خلالها الآفا مؤلفة من الشهداء ، وأضعافهم من الجرحى والمعاقين والاسرى والمعتقلين ،فلا يزايدن أحد على تلكم الانتفاضات والثورات الفلسطينية ورجالها وقادتها ومنظماتها منذ انطلاقها قبل 100 عام والى يومنا هذا ، ومن كان له قول آخر فهذا الميدان ياحميدان فأرونا ولكن بعيدا عن كيبورد الشاشة ، والعالم الافتراضي ، ألوانا واقعية لا افتراضية من شجاعة الشجعان وفروسية الفرسان ! اودعناكم اغاتي